الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الله وهلوسات البشر
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
2024 / 11 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ ولادتنا وجميع الآباء والأمهات يحرصون على تربية وتعليم أطفالهم ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم من معلومات يعتبرونها أنها اليقن المطلق، وهذا حقهم الطبيعى والذى يمارسه الآخرون أيضاً ويفرضون على أطفالهم وأبنائهم ذلك التراث السابق والذى أصبح من الزمن الماضى، لكننا نحن الجيل المعاصر الذين نمارس القمع على أبنائنا حتى فى تقييد حريتهم فى أختيار ما يشاءون من ذلك التراث أو ترك ما لا يعجبهم منه والأحتفاظ بما يعجبهم ويتفق مع ميولهم العصرية والعقلية.
هذا القمع الذين يمارسه الوالدين على أبنائهم يأتى طبيعياً وكأن أولادهم ملكية خاصة لآبائهم وليس من حق الطفل أو الطفلة أمتلاك عقل خاص بها، عقل تستطيع التفكير به والتمييز بين قضايا الحياة وما يصلح لها فى زمنها الجديد أو رفض ما ترى أنه لا يتطابق مع ظروف حياتها التى لا تستخدم تلك الأفكار الموروثة لبدائيتها وتعارضها مع طبيعة علوم وفنون والمجتمعات الجديدة التى لم يكن لها وجود فى تلك الأفكار التراثية، هذه المشكلة التى يمارسها الوالدين بسلطة دكتاتورية وبدون أن يشعروا لأنهم يمارسونها بطريقة تلقائية تنفى أحقية وحرية الأبن فى أختيار طريقة تفكيره، ولا تعطيهم حتى مجرد وجود التوجيه والإرشاد الإنسانى الذى يمكن أن ينجح فى إنقاذ الأبناء من الكثير من مشاكل حياتهم وأفكارهم التى قد تكون خاطئة وبطريقة أفضل من فرض السلطة القسرية للوالدين وجبرية تنفيذ أوامرهم بدلاً من النصح الذى يعطى الأبناء فرصة النضوج العقلى بطريقة صحية وآمنة لحياته المستقبلية.
الكثير وإن لم يكن غالبية الأسر والعائلات المصرية يعيشون فى مرض الهوس بالماضى وما يرثونه ويقدسونه من أفكار ذلك الماضى بغض النظر عن مدى صحته أو قدرته على التماشى مع أفكار عصرنا الحالى وما يحدث من قفزات هائلة فى العلوم والتكنولوجيا، إلى الدرجة التى رأينا أننا خلال سنوات قليلة ماضية أقتحمت حياتنا تكنولوجيا الأتصالات بدءاً بالراديو والتلفزيون والكمبيوتر والموبايل وغيرها من علوم وأجهزة قلبت حياتنا اليومية رأساً على عقب، ويعنى هذا أن هذا التقدم العصرى من المؤكد أنه أعطانا وله تأثير إيجابى كبير على حياتنا اليومية وقدراتنا العقلية ومع ذلك له جوانبه السلبية أيضاً والتى تحتم علينا أستخدام عقولنا بوعى كبير فى تجنب ما لا يليق بحياتنا الأخلاقية التى تحترم إنسانيتنا وإنسانية من حولنا فى المجتمع.
لا شك أن تراث الماضى من كتبه ونقله لنا خلال عقود كثيرة كانت المعرفة فيها بدائية والعقول نفسها كانت محدودة بحدود ما تملك من معرفة لم تتجاوز المجتمع المنغلق على نفسه ولا يملك معارف جديدة يمكن أن يضيفها إلى تاريخه وتراثه، فكان الفارق رهيب بيننا اليوم وبين ما ورثناه من تراث تراكم منذ آلاف السنين بل ويحاول الكثيرين فرضه وأستخدامه ويؤكدون صلاحيته لزماننا الحاضر، وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثيرون بسبب هذا الهوس برجال الماضى وتقدس أفكارهم التى قامت بتخدير عقولهم وحواسهم وجعلها هى التى تقود حياتهم ويرجعون إليها لتكون هى أصل كل مرجعية ثقافية ودينية وإجتماعية وعلمية فى حياتهم.
من أجل ذلك ستستمر جذور مرض الهوس بالماضى فى التجذر أكثر وأكثر ويخترق ذاكرته وينسى أن المجتمع الصحراوى البدائى والمدنى فى تاريخهم لا يصلح لمجتمع اليوم جملة وتفصيلاً، وليس عيباً أو خطأً فينا لو تركنا تراثاً وتاريخاً وعلوماً عمرها أكثر من ألفى سنة والأستفادة منها بما يكفى للأسترشاد به فى أختيار ما يصلح لعصرنا وحياتنا الحاضرة بكل ما تحتويه من أشياء جديدة لم تطر على بال بشر فى يوم من الأيام الماضية.
هنا العقل هو وسيلتنا للوصول إلى طريق التقدم الحقيقى لأنه لن يتركنا عرضة لسلبيات الماضى وتأثيرها التخريبية على أخلاقنا، حيث أن أفكار التراث تفرض علينا التسيب والإنحلال الأخلاقى بالتحلى بأفكار الماضى العتيق وتسجننا فى عقلية التمييز بين البشر وتصنيفهم حسب ذلك الفكر التراثى إلى بشر صالحين وإلى بشر مجرمين، نعم بهذا المعنى تنحدر أخلاقنا وتنحط إلى مستوى إزدراء الآخرين الذين لا يؤمنون بنفس أفكارنا بل ويصل الأمر إلى درجة نبذهم من حياتنا، بل ونتعامل معهم على أنهم مجرد مجرمين أساءوا وأخطأوا الأختيار لذلك يستحقون الإهانات والتعذيبات بل والقتل أيضاً، وفى كل هذا نمارس سلوكياتنا هذه بدون وعى حقيقى بالأخلاق ولا يؤنبنا ضميرنا عما نرتكبه فى حق الآخرين، ولا نترك الزمن أو حق الله فى معاقبة من يخطئ ومكافأة من يفعل الصالحات، أى أقمنا أنفسنا فى هذه الحياة قضاة وحكام وآلهة مكان الله الذى نؤمن به دون تعقل وإدراك سلوكياتنا الخاطئة البعيدة عن فكر الله الحق.
معذرة للقراء عن محاولاتى التعبير والتنفيس عن مشاعرى التى أفكر بها فى هذا المقال عن الزهق والسأم والقرف مما أقرأه وأسمعه وأشاهده من أخبار وأحداث وأفكار تخرب وتدمر حياتنا وعقولنا يومياً، لا أحد يريد تغير أو التفكير فى فهم أفكاره ومحاولة تغييرها وتهذيبها للأحسن لتتناسب مع الخلق القويم، الكل يخطئ إذ يعتبر نفسه ورث الصلاح والأخلاق عن أجداده أو عن طريق ما يؤمن به من أديان، فما يحدث فى مجتمعاتنا اليومية ما هو إلا إنعكاس لتلك الأفكار الخاطئة التى ما زال الكثيرين يتمسكون بها بأعتبارها الحق المطلق رغم أنها هى سبب التخلف العلمى والأخلاقى الذى يسود مجتمعاتنا، لكنه الكبرياء الذى يمنع الجميع من الأعتراف بالخطأ والأنحراف عن الطريق الصحيح وعدم قدرتهم النفسية على تصحيح مسار تفكيرهم نحو الأكثر إنسانية!
أفتحوا أبواب ونوافذ عقولكم حتى تتحرروا من عبودية الماضى وأنكم أقل منهم ذكاء وعلم، بل تملكون الآن ما يجعلكم تتقدمون أكثر وأكثر ولن يقارن بتراث الماضى البدائى، أترك هلوسات الوهمية المرضية حتى لا تضيع حياتك فى أحلام أستعلائية مستحيل تحقيقها، فقط آمن بقدراتك على تحقيق ذلك!!!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حريق ضخم وأضرار جسيمة في كنيس يهودي بأستراليا والشرطة تحقق ف
.. إعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس هل تم استخدام رموز شي
.. 107-Al-araf
.. 117-Al-araf
.. #شاهد يهود كنديون يقتحمون مبنى البرلمان ويردّدون شعارات مندّ