الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اولويات النقد الفكري
محمد القطاونة
2024 / 11 / 4العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فنجد مثلاً د. عبد الوهاب المسيري في نقده وتفكيكه للمناهج الغربية في كتابه "العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية" فقد ذهب المسيري الى وضع تقسيمات للعلمانية راعى فيها فقه الأولويات من حيث إعادة فهم العلمانية من جديد في ضوء ممارساتها وتمددها على أرض الواقع، في محاولة منه وضع تصور لهذه الحالة وتوضيح أولي في تعريف العلمانية يسبق نقدها والحكم عليها ثم مواجهتها، وجاء ذلك من خلال ارتكاز المسيري في تعريفه للعلمانية على تقسيمها الى: شاملة للعالم ذات بُعْد معرفي (كلِّي ونهائي)، تحاول بكل صرامة تحديد علاقة الدِّين والمطْلَقات والماورائيات (الميتافيزيقية). "ورؤية جزئية للواقع (إجرائية)، لا تتعامل مع أبعاده الكليَّة والنهائية (المعرفية)، ومن ثمَّ لا تتسم بالشمول، وتذهب في هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد، وربما بعض الجوانب الأخرى من الحياة العامة، وهو ما يعبَّر عنه أحياناً بعبارة (فصل الدين عن الدولة)، ومثل هذه الرؤية تلزم الصمتَ بشأن المجالات الأخرى من الحياة، كما أنَّها لا تنكر بالضرورة وجود مُطلَقات وكلِّيات أخلاقية وإنسانية وربما دينية، أو وجود ما ورائيات وميتافيزيقا؛ ولذلك لا تتفرع عنها منظومات معرفية أو أخلافية..." كذلك انطلق المسيري من فكرة أساسية وهي "الواحدية المادية" المعتمدة على مركزية المادة والتي ينتفي معها وجود إله مفارق للمادة، وأن ثمة جوهراً، أو عنصراً واحداً في الكون تُرد إليه الظواهر كلها، مهما بلغ تنوعها، ألا وهي الطبيعة أو " المادة" وأن العالم بأسْره مكوَّن أساساً من مادة واحدة، ليست لها أية قداسة ولا تحوي أيَّة أسرار، وفي حالة حركة دائمة لا غاية لها ولا هدف، ولا تكترث بالخصوصيات، أو التفرُّد أو المطلقات أو الثوابت، هذه المادة تشكِّل كلاً من الإنسان والطبيعة.
هذه القراءة للمسيري تعتبر معرفة إنتاجية جديدة في فهم الحقل المعرفي للعلمانية وقراه تجديدية لمحاولة تفكيكها وفهما في ضوء فقه الأولويات في الفهم والنقد، وأن ما يتشكل على أرض الواقع أبعد ما يكون عن فصل الدين عن الدولة، وإنما هو أمر أكثر شمولا من ذلك. فآليات العلمنة لم تعد الدولة وحسب وإنما آليات أخرى كثيرة لم يضعها من وضعوا تعريف العلمانية في الحسبان، من أهمها الإعلام والسوق والدولة المركزية القوية. ومع هذا كله ظل التعريف القديم قائماً، ولذا حينما نستخدم لفظ "علماني" فهو لا يشير إلى الواقع وإنما للتعريف الذي تخطاه الواقع، ويدور الحوار بشأن العلمانية في ضوء التعريف القديم وليس في ضوء معطيات الواقع الذي تحقق. من ثم في ضوء هذه التعريفات الجديدة نستطيع وضع تصورات لمواجهة العلمانية على الصعيد الفكري والعملي.
بل أن هذه القراءة التجديدية من شأنها بناء الوعي الإسلامي المعاصر بالإشكاليات التي تواجهها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مشاهد خاصة للعربية من أجواء سوق الحميدية والجامع الأموي
.. المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
.. عبد الجواد الرشد يدخل إلى ساحة الجامع الأموي في المدينة القد
.. كاميرا العربية ترصد أعمال إزالة القمامة من أمام بوابة الجامع
.. مشاهد جوية خاصة لـ-العربية- من المسجد الأموي وسوق الحميدية ف