الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حملات اجتثاث المواطنين من جذورهم

كاظم فنجان الحمامي

2024 / 11 / 6
المجتمع المدني


تخيل انك ولدت ونشأت وترعرعت وتعلمت وسكنت وتزوجت وانجبت وصار عندك أولاد وبنات وأحفاد. وتعمقت علاقاتك الاجتماعية وكبرت أسرتك. وأفنيت عمرك كله في ذلك البلد. وفجأة تجد نفسك (بعد عمر طويل) منفيا خارج ارضك ووطنك من دون ان ترتكب جرما او تقترف إثما. .
وتخيل انك تعيش في بلد يتبنى تصنيفات لا مثيل لها في منح الجنسية، وفي منح جوازات السفر، فسجلات الأحوال المدنية في ذاك البلد مصنفة ومقسمة الى فئات ودرجات وطبقات: أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة وسابعة، ولكل فئة قيودها وحقوقها ومزاياها التي تختلف من فئة لأخرى. لكن تلك التصنيفات قد تنهار بين ليلة وضحاها، وتُسحب منك الجنسية انت وأولادك لتهيم على وجهك في أرض الله الواسعة لأسباب ودوافع ومبررات عنصرية مقيتة. .
لقد تصاعدت وتيرة هذه الحملات في الكويت في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وصرنا نسمع عن قرارات سحب الجنسية بشكل يومي امام انظار منظمات المجتمع المدني، وامام انظار الكون كله. .
أنا شخصيا اعرف مجموعة من الأشخاص ولدوا في الكويت، والتحقوا بالخدمة العسكرية، وكانوا في طليعة المقاتلين الذين وقعوا في اسر القوات العراقية، لكنهم ما ان افرج عنهم وعادوا من الأسر حتى قررت الكويت نفسها طردهم وترحيلهم بعدما منحتهم مكافئات مالية، فغادروها مهانين مضطهدين، بدعوى انهم من فئة (البدون). .
سمعت قبل مدة مكالمة هاتفية مسجلة بين وزير الداخلية ومواطن كويتي من الدرجة السابعة يطلب منه الوزير العودة إلى الكويت لان المواطن يعمل منذ مدة في بريطانيا، وربما يسحبون جنسيته فيفقد انتماءه الوطني، ليتحول إلى كائن مجهول الهوية. .
اللافت للنظر ان الحملات الكويتية تزامنت مع ترشيح كامالا هاريس إلى رئاسة البيت الأبيض التي ربما يحالفها الحظ لتتحكم باكبر دولة في العالم من دون ان يقولوا لها انك من اصل جامايكي. وتزامنت أيضا مع توجهات معظم بلدان مجلس التعاون الخليجي نحو استقطاب اصحاب المهارات والكفاءات والأدباء والمفكرين والفنانين ومنحهم الجنسية والسكن اللائق، وشاهدنا بعض الرياضيين العرب والأجانب يلعبون في صفوف المنتخبات الخليجية ويحرزون الفوز والميداليات. بينما عادت الكويت إلى تطبيق الإجراءات العنصرية، وترويع مواطنيها بتصنيفهم إلى فئات وطبقات، فاصبح المواطن مهددا بالتنكيل والحرمان والترحيل. .
الطامة الكبرى ان بعض البلدان العربية سبقت الكويت في تنفيذ مشاريع التهجير القسري، واستولت على أموال المهجرين وممتلكاتهم، وتعاملت معهم بمنتهى القسوة والتعسف. .
عندما ننظر إلى الكويت نتذكر كلمات أنشودة وطنية ظلت عالقة حتى يومنا هذا في ذاكرة الوجدان العربي. أنشودة تقول كلماتها:
كان أصل الكويت دعوة حبٍ
أينعت حولها قلوبٌ ندية
كان حكامها بنيها فأضحى
شعبها حاكما وكان الرعية
ختاما نأمل ان لا تنتقل عدوى التهجير إلى العواصم العربية القريبة من الكويت. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين صراع الظلم والمجاعة: الفلسطينيون يواجهون قسوة الأزمات ال


.. رسالة #الجولاني لـ #بشار_الأسد ورؤيته لمستقبل #سوريا ووضع ال




.. مندوب العراق في الأمم المتحدة: أحكمنا السيطرة على حدودنا مع


.. مسلحون يقتحمون سجن السويداء المركزي جنوب شرق سوريا ويطلقون س




.. لحظة خروج معتقلين من سجن السويداء المركزي بعد سيطرة فصائل مس