الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة الثانية: الإسلام وفق الفهم الأمريكي :

جعفر عبد المهدي صاحب
متخصص أكاديمي في شؤون منطقة البلقان

(Jaffar Sahib)

2024 / 11 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


رغب زيمرمان أن يكشف لماذا الولايات المتحدة قبلت بالمتطرفين والأصوليين من طراز عزتبيغوفيتش. ويقر زيمرمان بأن الرجل كان متطرفاً يدعو المسلمين ويحرضهم ضد الشعوب غير المسلمة التي تعيش معهم في البوسنة، الصرب والكروات، ولكن النقطة التي أعجبته فيه هي أنه لم يخطر في ذهنه- أي ذهن عزتبيغوفيتش- أن يوجه كلاماً جارحاً أو عنيفاً ضد الولايات المتحدة الأمريكية كما فعل الخميني مثلا. ويمدح زيمرمان صاحبه ليقول عنه: "كان نظام عزتتبيغوفيتش نظاما كوكبياً وحيداً يريد الرجل من خلاله أن يكون مسلماً جيداً وصديقاً لأمريكا بنفس الوقــت" .وحسب رأي السفير الأمريكي أن المسلم الجيد هو الصديق الجيد للولايات المتحدة. وبهذا المعنى حاول زيمرمان أن يكشف أسباب التدخل الأمريكي في الأزمة اليوغسلافية وذلك عندما "أوضح" لماذا غيرت الولايات المتحدة سياستها إزاء كرواتيا عام 1991 بعد بضع أشهر من اندلاع الحرب في البوسنة والهرسك، وبهذا الشأن كتب زيمرمان بطريقة ساخرة ولكنها دعائية إذ قال: "لقد كانت الأمور في كرواتيا غامضة جداً رغم أن هناك أحداث كانت أشد عنفاً وتم الاستعداد لها بقوة، إلا أن الأمر في البوسنة وموقف قيادتها كان واضحاً منذ البداية، واتضحت الصورة أكثر بعد سنة من حدوث ما حدث في كرواتيا" . إن طريقة زيمرمان الرخيصة هذه تهدف إلى قلب الحقائق، لأن نوايا الولايات لا يمكن ان تتطلب ولو جزءً قليلا من العناء لتحليلها لأنها واضحة جداً. ولكن من الواضح أيضاً كان الصراع في البوسنة أكثر تعقيداً من بين جميع الصراعات التي حصلت في يوغسلافيا الاشتراكية السابقة، وكانت من الحروب الأهلية المعقدة على المستوي العالمي.
حارب الكروات ضد جماعة عزتبيغوفيتش وجماعة عزتتبيغوفيتش ضد الصرب والصرب ضد الكروات وهناك صراع بين طرفين مسلمين (عزتبيغوفيتش ضد فكرت عبدتش في جمهورية غرب البوسنة ). وقد تحملت بلغراد لوحدها العقوبات بسبب صرب البوسنة، على أي حال، كان الصراع في البوسنة أكثر تعقيداً مما حصل في كرواتيا عام 1991 وهذا عكس ادعاء زيمرمان.
لجأت السياسة الأمريكية طوال فترة الحرب في البوسنة 1992 - 1995 والعدوان على جمهورية صرب البوسنة منذ عام 1992 إلى الوقوف وراء ستار حلفائها المطيعين، ألمانيا وبابا الفاتيكان يوحنا بولص الثاني. لقد أنهوا هؤلاء واجبهم ومهدوا الطريق للتدخل الأمريكي في البوسنة بعدما حطموا جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية. لقد مهدوا الطريق لتصبح واشنطن في خط المواجهة الأولى المعادي للصرب، وان وسائل الإعلام الغربية والأمريكية قادرة أن تحمل الصرب مسؤولية كل ما حصل. وبهذه الطريقة أصبح الصراع في البوسنة يأخذ طابعاً عالمياً.
عبديتش: لقد زج مسلمو البوسنة في الحرب زجاً لأن معظم المؤمنين بالديانة الإسلامية كانوا ضد فكرة الحرب، وهذه حقيقة يعرفها كل اليوغسلاف. والدليل على ذلك فوز السياسي المعروف والمسلم اليوغسلافي المعتدل فكرت عبديتش في انتخابات أول مجلس للرئاسة في البوسنة والهرسك وحصل هذا الرجل على أصوات تفوق على أصوات عزتبيغوفيتش كثيراً، وهو عنصر مسالم ووطني ومحترم عند المسلمين والصرب والكروات ولكن واشنطن دفعت بمن تفضله وهو المتطرف المغامر عزتبيغوفيتش وأبعدت فكرت عبديتش.
خطة كوتلير*: لقد غُرر بعزتبيغوفيتش ليتورط بدخول الحرب رغم انه يعرف ماذا ستكون نتائج استعجاله في إعلان استقلال البوسنة(لذا انه وافق على خطة كوتلير للسلام في نوفمبر سنة 1992)، وسحب توقيعه الذي وقعه على الخطة في لشبونة ليصطف إلى جانب الجهة التي ترغب باندلاع الحرب في البوسنة.
تلك هي الولايات المتحدة وممثلها السفير المخادع. إن السفير الأمريكي زيمرمان نفسه الذي قام بهذا الدور ونجح في ان يغرر عزتبيغوفيتش بسحب توقيعه من خطة كوتلير فصورها له بأنها ملغومة، ووعده بأن الولايات المتحدة ستكون إلى جانبه. وبدون أدنى شك فإن خطة كولتير التي تم التوقيع عليها في نوفمبر عام 1992 ووافقت عليها كل الأطراف المتصارعة كانت كافية لإنهاء الحرب الأهلية في البوسنة وبوقت مبكر.
ولكن زيمرمان يذكر: "سألني عزتبيغوفيتش لماذا اعتبرتم في لشبونة خطة كوتلير تسوية شاملة في حين تنتقدونها الآن؟ قلت له لأنها ليست اتفاقية نهائية" .
اعتراف: سارعت بعد ذلك الولايات المتحدة الأمريكية في الاعتراف بالبوسنة دولة مستقلة وذلك في ابريل عام 1992، (وهذا تسويف يختلف تماما عن حالة التسويف التي لازمت حالة الاعتراف بكرواتيا وسلوفينيا) مع ضخ إعلامي كبير جداً مهد لاتخاذ خطوتين سياسيتين أمريكيتين ليس لهما أي تبرير منطقي (إذا تأملنا الوضع السائد آنذاك في البلقان) رغم إعلان جمهورية يوغسلافيا الاتحادية بأنها مستعدة لسحب جنودها من البوسنة في غضون مايو عام 1992 وليس لديها أية مطالب أو ادعاء مع الدول المجاورة. الخطوتان الغريبتان التي صدرتا عن الجانب الأمريكي هما سحب السفير زيمرمان من بلغراد وإعلان العقوبات ضد يوغسلافيا الاتحادية.
العقوبات: لقد بررت العقوبات القاسية التي اتخذت ضد يوغسلافيا الاتحادية بالادعاء على أنها جزاء بسبب عدوان بلغراد على البوسنة. فقد ذكرت المؤرخة الروسية يلنا غوسكوفا الطريقة التي جاءت بها العقوبات: لقد صدرت العقوبات قبل كل شي بإملاءات أمريكية خالصة وبذلك فأن بطرس غالي وقف معارضاً لتلك الإجراءات القاسية واقتراح عقد مؤتمر دولي موسع، وأعد تقريراً كان ينبغي أن يوزع على أعضاء مجلس الأمن خلال مناقشة مشروع القرار الخاص بالعقوبات، وأن ذلك التقرير يتضمن انسحاب وحدات الجيش الفدرالي من البوسنة والهرسك وفيه تأكيد على أن معظم الجنود قد تم سحبهم إلى صربيا والجبل الأسود وعلى أن لا يتعرضوا لأي هجوم، وفي حالة ظهور جيش صربي في البوسنة والهرسك فأنه ليس ذا صلة بالجيش الفدرالي، كما وأن الجنرال ملاديتش ليس تابعاً لبلغراد. لقد أعطى تقرير بطرس غالي الصورة النهائية للحالة المعقدة في البوسنة وانتهى بخلاصة عدم ضرورة اتخاذ العقوبات ضد صربيا والجبل الأسود. لقد ضاع هذا التقرير في احد مكاتب بناية الأمم المتحدة إذ إن أعضاء مجلس الأمن ناقشوا وصوتوا على قرار العقوبات دون الاطلاع على تقرير الأمين العام للمنظمة، ولكن من الغريب أن يصل التقرير بعد التصويت ويأخذ طريقه إلى قاعة المجلس إذ وضع على طاولات الأعضاء.
الاستعجال: ذكرت غوسكوفا بأن الاستعجال كان بذلك الشكل لأنه: "في 30/5/1992 وعلى تمام الساعة الثانية وخمس وعشرين دقيقة بعد الظهر تم افتتاح جلسة مجلس الأمن والتي استمرت فقط ساعة واحدة وخمس وعشرين دقيقة لتقرر مصير يوغسلافيا الاتحادية. لم يشترك ممثل يوغسلافيا الاتحادية بالمناقشة، وتم التصويت بعجالة على القرار الخاص بتطبيق العقوبات على صربيا والجبل الأسود (القرار رقم 757) بدون مناقشه مستفيضة، إذ لم تعط فرصة للأعضاء بالمناقشة بما فيه الكفاية، ولكن القرار كان تفصيلياً فقد ورد بصورة ملفته للنظر، رغم أن يوغسلافيا لم ترتكب خطأ جدياً يستحق ذلك الردع. فقد نص القرار على منع استيراد وتصدير البضائع من وإلى يوغسلافيا ومنع مرور (ترانزيت) أي مادة خام أو بضاعة عبر أراضيها ، وقطع النقل الجوي ويلزم كل الدول تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي والقنصلي مع صربيا والجبل الأسود وقطع جميع أنواع التعاون العلمي والثقافي والفني وكذلك منع مشاركة الفرق الرياضية اليوغسلافية في المسابقات الدولية. ومع هذا كله فلا يحق ليوغسلافيا أن تتحجج بالمطالبة بأي التزام وفق اتفاقيات سابقة وقعتها مع أي دولة من الدول .
إذن يمكن أن نرى بوضوح أن العقوبات المتخذة ضد يوغسلافيا انطلقت لسببين : الأول - نتيجة للدعاية ذات الطبيعة الإعلامية بحيث تم لفت انتباه الرأي العام للصراع البوسني، وبأن الطريقة الوحيدة هي الردع الشامل لكي تضمن العقوبات (المجالات الرياضية والعلمية والثقافية) وهذه لم تذكر في حالة العقوبات المتخذة ضد كوبا أو العراق. وتم تصوير يوغسلافيا بأنها العدو الإيديولوجي "المرعب" ضد الإسلام ليس فقط في البوسنة بل في كل أنحاء العالم تقريباً، في حين أن الواقع يشير إلى أن الارثدوكس لديهم علاقات تاريخية طيبة مع المسلمين. والثاني - بان العقوبات كانت ذات طبيعة عسكرية ولذلك اعتقد عزتبيغوفيتش بأن الولايات المتحدة ستقف إلى جانبه وتدعمه تماماً في الحرب الأهلية، وبناءً على ذلك، فأنه طرح موضوع العدوان العسكري اليوغسلافي ضد البوسنة. وذكرت غوسكوفا بأنه: " قد توقف عن خوض أي مفاوضات سلمية والغي كل الاتفاقات الموقعة سابقاً في إطار المؤتمرات الدولية والتي عقدت بشأن البوسنة والهرسك
استمرار الحرب: من البديهي الاقرار بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي أشعلت فتيل الحرب في البوسنة والهرسك ولكن مهمة استمرارها أوكلت إلى عزتبيغوفيتش ونظامه وذلك من خلال التأثير عليه واقناعه بأن يلغي كل خطط السلام السابقة (وغالباً ما كانت لمصلحته ومصلحة كل الأطراف في حقن الدماء). لم تقدم الولايات المتحدة، في هذه المرحلة، بالعدوان بشكل علني ضد صربيا، وهذا لا يعني بأنها لا تمتلك الامكانية الفنية والقابلية للقيام بالعدوان بل أن ذلك يجسد أسلوب الخداع الذي تسلكه من أجل استمرار الحرب لأطول مدة ممكنة، وبذلك أخذ الناطقون الرسميون الأمريكيون يصرحون تصريحات مختلفة وظهرت الادعاءات بأن أوروبا أعاقت عمل الولايات المتحدة أو أن الأمم المتحدة قامت بعمل مشابه للعمل الأوربي دون الوصول إلى حل.
ليس هناك أي معنى لهذا النوع من الكلام لأن واشنطن لديها الكلمة العليا داخل الأمم المتحدة وفي أوروبا منذ عام 1991 فصاعداً، على سبيل المثال تذكر غوسكوفا إن ما تسمى بإدارة كلينتون وضعت الألغام أمام خطة أوين فانس* التي تم التوصل إليها في يناير عام 1993: "بعد عدة أيام من وصول كلينتون للحكم وأدائه لليمين الدستوري فأن الرئيس الأمريكي الجديد أعلن بأنه لم يلتزم بخطة السلام ، هكذا علم اللورد أوين . إن هذا الموقف الأمريكي سيستفز أوين وستمارس الضغوطات ضد مسلمي وكروات البوسنة ، كما أن اجتماع سايروس فانس ودافيد أوين مع وزير الخارجية الأمريكي الجديد وارن كرستوفر في نيويورك في بداية فبراير، فقد توضح بجلاء لدى الوسيطين بأن الولايات المتحدة الأمريكية مصرة على نسف خطة السلام" . وفي النهاية ، وبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب الأهلية في البوسنة فأن الولايات المتحدة قد هجمت على صرب البوسنة بشكل علني إذ استخدمت قوة رهيبة في عدوانها على أحد الشعوب الذي لا يتعدى عدد سكانه (1.3) مليون إنسان.
هولبروك: لم يخف ريتشار هولبروك على أحد بأن الأمريكان ليس لديهم أي مصلحة ذات أهمية في البوسنة ماعدا مصلحة واحدة وهي أن تظهر أمريكا بأنها تدافع عن المسلمين في العالم " ولم تؤثر تلك النقطة تأثيراً كبيراً على الناخبين الأمريكيين لأن غالبية الناخبين أعتقدوا بأن البوسنة تتعرض لحرب إبادة ولكن بسبب التشويش بشأن البوسنة أو بسبب الصحوة المحلية فأن غالبية الأمريكيين لازالوا لن يتقبلوا في السابق عمق الالتزام الأمريكي في البوسنة ومنذ الأسبوع الماضي تم فهمها بشكل آخر" .
يعد هولبروك نسخة طبق الأصل لكيسنجر ولكنه يمثل في الحقيقة النسخة البدائية الساذجة لأستاذه. لقد ذكر لنا هولبروك في كتابه الدافع الأول الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية ان تتدخل في البوسنة فقال: "أرسلت قبل أسبوع من تعييني بمنصبي الجديد في 13/1/1993 مذكرة إلى وارن كرستوفر، ذكرت فيها أن واحداً من أهم أسباب بقاء مسلمي البوسنة يتطلب استمرار حصولهم على شحنات أسلحة ذات معنى من الدول الإسلامية، وكما يبدو أن إيران قد بدأت بذلك إذ أخذت الشحنات تصل لهم عن طريق كرواتيا، وبمساعدة كرواتيا نفسها. والآن تتوفر لدينا معلومات مؤكدة حول وصول أعداد قليلة من المقاتلين المتطوعين من أجل تحرير البوسنة أو كما يطلقون على أنفسهم "مجاهدين" والذين سينخرطون مع القوات البوسنية على الرغم أن من المتوقع مستقبلاً ان يكون ذلك قوة للمتطرفين في الشرق الأوسط. ومعلوم أن هؤلاء ومسلمي البوسنة لا يعرف احديهما الآخر. وأن عمليات تسليم الأسلحة ووصول المقاتلين مستمرة ومتزايدة ".
وبناءً على ذلك فقد أخبر هولبروك زملائه الدبلوماسيين الأمريكيين والسياسيين بالسماح لوصول شحنات سرية من الأسلحة إلى جماعة عزتبيغوفيتش وهذه السياسة تتطلب التهيئة من قبل الحكومة.
التأييد العلني لوصول المجاهدين: لقد كان هولبروك صقيعاً إلى درجة إعلان سروره لدور بلاده في مساعدة جماعة عزتبيغوفيتش وبشكل علني، لأنه يعتقد بأن لا مفر من تسرب الأخبار إذ يقول: "سوف تتسرب الأخبار كما هو حال مساندتنا للمقاومة الأفغانية التي تسرب خبرها قبل أن نعلنها".
بعد ذلك يستنتج هولبروك بأن هذه السياسة المخادعة ستكون ناجحة "إذا استطعنا أن نجد طرفاً ثالثاً يقوم بها كما حصل في أفغانستان"، ( ويقصد بالضبط العربية السعودية).
سياسة الحزبين: لم يخف هولبروك بأن ما تسمى بإدارة كلينتون هي تكملة لسياسة الإدارة الأمريكية السابقة والتي قام بها إغلبيرغر، ولذلك تم اعطاء أهمية خاصة لانقسام الرأي قبل سنتين من انتهاء فترة إدارة بوش، وذلك كان بعلم السفارة الأمريكية في زاغرب وعلم ممثل الأمم المتحدة في العاصمة الكرواتية حتى أن نوايا الحكومة الأمريكية نشرت في الصحف في ذلك الوقت .
الولايات المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي: أشار هولبروك إلى توصيته ثانية رفعها إلى كرستوفر بأنه يتطلب كسب واستدراج منظمة المؤتمر الإسلامي لغرض تامين المساعدات الإضافية فيما يتعلق بحرب البوسنة. وكتب بهذا الخصوص "سوف يكون لقاء ممثلي منظمة المؤتمر الإسلامي في جنيف وسيلة لحصولنا على دعم إسلامي لسياستنا". لقد نجح تماما هذا النفاق الأمريكي، وإن منظمة المؤتمر الإسلامي في اجتماعها المنعقد في إسلام أباد 13/7/1993 عرضت مساعدة تتمثل بإرسال ( 17000) مقاتلاً يذهبون للبوسنة .
الأمن في الشرق الأوسط: ينقل لنا هولبروك كيف كانت عملية السماح للمجاهدين في القتال بالبوسنة قد سهل المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لأن عدد من أولئك المجاهدين كان مرتبطاً بالجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط والتي كانت قد نفذت نشاطات إرهابية ضد الجنود الأمريكيين .
السبب الحقيقي لحرب البوسنة: ويذكر هولبروك بأن بيل كلينتون كتب أيضاً حول السبب الرئيس لتدخل الولايات المتحدة في حرب البوسنة وذلك: "عرضت على الشعب الأمريكي بتاريخ 27 نوفمبر وجهة نظري حول مشاركة وحدات الجيش الأمريكي في البوسنة، وفيما عدا البراهين التي تناولتها في خطابي والتي تبرر مساعدتنا للبوسنة هو أن من وراء تدخلنا مصلحة أخرى للأمريكيين وهي: نريد أن نبرهن للمسلمين في العالم بان الولايات المتحدة مهتمة بهم، وتحترم الإسلام وسوف تستمر بدعمهم لوتركوا الإرهاب وتقبلوا فكرة السلام بثقة" . (وهذا يعني التوقف عن الهجوم ضد إسرائيل وتكييف أسعار النفط وفق المتطلبات الأمريكية).
ألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة: أن كامل سياسة الغرب بشأن البوسنة تتبع الاملاءات الأمريكية ، فإذا غيرت الولايات المتحدة سياستها في جزئية معينة فعلى الآخرين أن يسمعوا ويطيعوا حتى أن قيادة توجمان * الكرواتية التي كانت تحسب ألمانيا الحليف الذي يدعمها من غير شروط ، قد جعلتها (أي ألمانيا) تغير في موقفه بسبب أن الولايات المتحدة أخذت تدعم مسلمي البوسنة فمن غير المنطقي أن تتجرأ ألمانيا وتخالف السياسية الأمريكية في البلقان.
وأثناء اجتماع توجمان مع رئيس جمهورية كروات البوسنة ( هيرسك بوسنة) في 8/3/1992 قد بين لأتباعه بأن ألمانيا تقف الآن إلى جانب المسلمين.لماذا؟ لأنه من خلال وقوفها مع مسلمي البوسنة تريد أن تقول للعالم الإسلامي بأنها متحالفة مع المسلمين كما كانت منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى إلى يومنا هذا. ومن جانب آخر أخذت تحرج كرواتيا على أساس أنها تسعى نحو تحطيم البوسنة، كما يقال، ولكي يثبتوا بهذه الطريقة بأن ليس لديهم مع كرواتيا أي شيء مشترك .
بيرغالوا: ليس لدى الجنرال الفرنسي بيرغالوا (وهو أحد أتباع ديغول) مشكلة في تشخيص السبب الحقيقي الذي أدى إلى الحرب الأهلية في البوسنة فيقول: تتطلب المصالح بعيدة المدى الحذر والحيطة بشأن مسلمي البوسنة من أجل أن ينسى المسلمون في العالم الدعم الطويل الذي قدم لإسرائيل، إلى جانب ذلك تظهر الولايات المتحدة بمظهر الصديق للإسلام أو حتى الحامية له.
لم يلاحظ الجنرال غالوا إلا العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الأزمتين البوسنية والشرق الأوسطية بل وحتى الدور الأمريكي الجديد الذي سيفهم على أنه تحول في سياسة الدعم التي توليها واشنطن لإسرائيل ضد الفلسطينيين. وفيما عدا ذلك فأن دعم البوسنة سيذكر بشكل قبيح على تلك الطريقة التي ينظر لها في حرب الخليج. وسيؤدي إلى كسب ميول العالم الإسلامي. وستكسب الولايات المتحدة كل الآخرين بمجرد دعمها حكومة مسلمي البوسنة في سراييفو. وتحاول بهذه الطريقة أن تحصل ـ ولو جزئياً ـ على نوع من الصفح أو الغفران بسبب دعمها الدائم لإسرائيل. وباختصار يجب على أوروبا أن تدفع ثمن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وتتوافق مصالح ألمانية باعتبارها القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا مع مصالح الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة العالمية الأولى ، مع الرغبة في دعم سياسات الدول ألمصدره للنفط في الشرق الأوسط،على أساس أنهم اتخذوا خطوة عادلة و محترمة بالنسبة للجميع، إلى جانب ذلك فأن كل من الولايات المتحدة وألمانيا لا يحب كل واحد منهما أن يظهر بأنه شغوف بحب الحرب .
وبعد ذلك يقول الجنرال الفرنسي: " سوف يسمح في المستقبل بانهيار يوغسلافيا، وأن الولايات المتحدة من خلال وجودها في البوسنة ستتعاون مع العربية السعودية وتركيا والباكستان وألبانيا (بموافقة أو عدم موافقة إيران) وهي بذلك قد بذلت جهداً كبيراً من أجل أن تخلق دولة إسلامية في قلب أوروبا. لا يمكن تأنيب الأمريكان لاستفادتهم الكبيرة من هذه العملية . واختتم غالوا كلامه بسخرية قائلا: إلى أي حد تم استغلال عبارة أن أمريكا "حامية حمى الإسلام"في البوسنة وهذا ما سنتناوله في النقطة التالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع العقبة ..أي أهمية للأردن والمحيط الإقليمي لسوريا؟


.. طائرة شحن روسية تغادر قاعدة حميميم في سوريا إلى ليبيا




.. هل ينتقل سيناريو سوريا إلى العراق؟ | #ملف_اليوم


.. صور حصرية توضح اعتراض شاحنات المساعدات عند نقطة تفتيش جديدة




.. استئناف العمل بميناء اللاذقية التجاري‏