الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الفرنسية على ضوء قرار اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء: -هل أصبحنا أصدقاء حقا؟-
بن سالم الوكيلي
2024 / 11 / 10كتابات ساخرة
لطالما كانت العلاقات المغربية الفرنسية تمثل مزيجا من التعاون المتحفظ والتوترات الدبلوماسية، حيث اتسمت بالعديد من التحولات منذ مرحلة الاستعمار وحتى يومنا هذا. كان المغرب دائما في علاقة شبه غريبة مع فرنسا، تكاد تكون بين الشريك الاستراتيجي والعدو غير المباشر. ولكن، ومن المفاجئ للجميع، جاء قرار فرنسا في عام 2021 بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ليغير من هذه الديناميكية بشكل غير متوقع، ويطرح السؤال: هل تحولت فرنسا من "العدو المزمن" إلى "الصديق الحميم" للمغرب؟
عندما أعلنت فرنسا رسميا دعمها لمغربية الصحراء، كانت تلك بمثابة مفاجأة للجميع، لأن فرنسا لم تكن في أي وقت من الأوقات تميل إلى اتخاذ موقف واضح بهذا الشأن، خاصة في ظل حساسيات الملف الصحراوي والمواقف المتضاربة مع الجزائر. القرار الفرنسي جاء بعد عقود من الحياد المدروس، وكأن باريس أخيرا قررت أن تنهي لعبة "التوازن" الدبلوماسي لصالح الرباط. وهنا تكمن المفارقة: كيف يمكن لدولة كانت تعتبر استعمارية في الماضي أن تصبح اليوم "أقرب صديق" لدولة كانت تعتبر ضحية لهذا الاستعمار؟
إذا كانت العلاقات بين المغرب وفرنسا قد خضعت لعدة تجارب صعبة، فإن هذه اللحظة تعتبر نقطة تحول حقيقية. من ناحية، يمكن اعتبار الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء انتصارا دبلوماسيا للمغرب، لا سيما وأنه جاء في وقت كان فيه الضغط الدولي يتزايد على فرنسا لتغيير موقفها. ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار هذا الموقف بمثابة "هدية" دبلوماسية من فرنسا، التي سعت لتحسين صورتها في المنطقة وتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية في شمال إفريقيا.
إلا أن السؤال يبقى: هل هذا التحول في العلاقة بين المغرب وفرنسا يعني حقا "تحولا استراتيجيا" أم أنه مجرد تكتيك سياسي من باريس لضمان مصالحها؟ ببساطة، العلاقات الدولية لا تبنى على الثقة المطلقة، بل على الحسابات المتقلبة التي قد تعيد الأمور إلى نقطة الصفر في أي لحظة. لهذا، وعلى الرغم من التفاؤل المغربي، قد تكون هذه الديناميكية الجديدة ما هي إلا حلقة جديدة في سلسلة من التفاعلات السياسية التي قد لا تدوم طويلا.
المغرب، الذي كان قد بذل جهدا كبيرا طوال عقود من الزمن للحصول على دعم دولي لقضيته في الصحراء، يعتبر هذا القرار نقطة فاصلة في سياسته الخارجية. لكن، كما هي عادة الأمور السياسية، يبقى الأمل في استمرار هذا الموقف الفرنسي مشوبا ببعض الشكوك، إذ لا يمكن ضمان أن يبقى هذا التحالف راسخا على المدى البعيد في ظل التقلبات الجيوسياسية في المنطقة.
أما بالنسبة لفرنسا، فقرار الاعتراف بمغربية الصحراء يفتح الباب أمام علاقات جديدة مع المغرب، لكنه يحمل أيضا في طياته مسؤوليات إضافية. ففرنسا لا تستطيع أن تظل محايدة في قضايا تتعلق بالمنطقة المغاربية، خاصة وأن مصالحها الاقتصادية والأمنية تتداخل مع الأوضاع في شمال إفريقيا. ولكن هل سيظل هذا الموقف الفرنسي ثابتا في مواجهة الضغوط الدولية أو الإقليمية؟ هذا سؤال معلق على تقلبات السياسة الفرنسية، ولا يبدو أن فرنسا ستظل بمنأى عن تحديات جديدة قد تطرأ في المستقبل القريب.
في الختام، يمكن القول إن قرار فرنسا بالاعتراف بمغربية الصحراء قد يمثل بداية جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، لكنه أيضا يثير العديد من الأسئلة حول استمرارية هذه الديناميكية. هل سيظل المغرب وفرنسا في "التحالف القوي" الذي بدأ يتشكل، أم أن هذه العلاقات ستخضع للعديد من المتغيرات والمفاجآت السياسية التي قد تغير مجراها في أي وقت؟ الحقيقة أن السياسة الدولية لا تسير وفقا للتوقعات، ولكنها تدور حول حسابات دقيقة قد تتغير بين عشية وضحاها.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فكرة جميلة علشان الجماهير تروح الملاعب وتشجيع فرق كرة القدم
.. الفنان السوري فارس الحلو: أرفض حكم العسكر
.. مواقف أبرز الفنانين السوريين بعد سقوط حكم الأسد
.. لحظة وصول الفنانة بدرية طلبة إلى عزاء زوجها بدار مناسبات الم
.. كيف عبر الفنانون السوريون عن مواقفهم بعد رحيل الأسد؟