الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هجمات شُرَطية !
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
2024 / 11 / 22
القضية الفلسطينية

كنا نعتقد دائما أن لبنان حقل تجارب دولية تدبيرا للمؤامرات و الانقلابات من أجل إعاقة حركات التحرير الوطني عن التقدم نحو إقامة الدولة الوطنية في أقطار المشرق العربي ، لكن بعد أن كانت الدول الاستعمارية الغربية التي تقودها منذ الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة الأميركية ،تستخدم انطلاقا من الساحة اللبنانية ، أدوات أصلها في تلك الأقطار ، لإثارة الاضطرابات فيها ، أشعلت غداة حرب تشرين أول , أكتوبر 1973 ، في لبنان بواسطة أدوات محلية ،محرقة تمددت نارها إلى الأقطار المحيطة ، نجم عنها متغيرات و متبدلات هائلة لم تتوقف عجلتها بعد ، ربما لأن نتائجها اقتصرت حتى الآن على سفك الدماء و هدم المساكن و أسواق المدن و إتلاف الزرع. حيث إذا استثنينا دولة إسرائيل المأزومة سكانيا و جغرافيا و أخلاقيا ، لم يتسن لهذه الدول أن تجد لنفسها موطئ قدم ثابت و مفيد . فأغلب الظن أن مرد ذلك إلى أن هذا المشرق لن يعرف الاستقرار ما لم يتأت عن تفاعل عوامل ذاتية ، ثقافية و اجتماعية و تاريخية ، تُمثل دعائم ضرورية لركائز وجوده .
من نافلة القول إذن أن الحرب في لبنان لم تندلع في 17 أيلول سبتمبر الماضي و إنما في نيسان إبريل 1975 ، مثلما أن انفجار برميل البارود في قطاع غزة في 7 أكتوبر تشرين أول 2023 ، ليس السبب الحقيقي لحرب التطهير العرقي الإسرائيلية في فلسطين و في لبنان . فمن وجهة نظرنا اتضحت الغاية من الحروب الإسرائيلية في سنة 1967 ثم في سنة 1982 من خلال الغزو الإسرائيلي للبنان و احتلال أكثر من نصف مساحته ، ضمنا عاصمته بيروت . و لكننا لسنا هنا بصدد التذكير بفصول هذه الحرب ، لذا نكتفي بالتوقف عند مميزاتها الأبرز التي تجلت في رأينا في ثلاثة مجالات رئيسية :
ـ منها أولا التعاون بين القوات الغازية من جهة و فريق من اللبنانيين ، تمثل أساسا بالقوات اللبنانية ، و لكنه لم يقتصر بالقطع عليها ، من جهة ثانية . تجدر الملاحظة إلى أن هذا الفريق يطالب اليوم بشرعية الانفصال " عموديا " ، و بحقه في طلب الصلح مع دولة إسرائيل التي رحلت لبنانيين ، جنوبا و شرقا و في بيروت أيضا ، و أزالت قراهم و دمرت أحياء المدن التي يقطنون فيها ، تحت ذريعة أن أبناء هؤلاء الناس يتصدون لمقاومة عدوانها على الفلسطينيين في قطاع غزة و الضفة الغربية . و لعل الزيارات المتبادلة بين الديبلوماسيين الأميركيين من جهة و ممثلي " المنفصلين عموديا " عن المقاومين من جهة ثانية دليل على استمرار رهان الإسرائيليين و حلفائهم الأميركيين على "المنفصلين " ، استناد إلى التمييز بين اللبنانيين على أساس طائفي . يكاد المشهد اليوم يحاكي الذي سبق في العام 1982
ـ الهدف الاستيطاني الرئيسي المتمثل بمحو الوجود الفلسطيني في سياق التطهير العرقي ، تمظهر ذلك في لبنان في تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ، حروب المخيمات ، مجازر المخيمات ، و في قطاع غزة على شكل إبادة جماعية ، و مجازر ، و في الضفة الغربية على شكل طرد العائلات من منازلهم ، مصادرة الأرض ، توسع رقع الاستيطان ، الاعتقال الإداري أو " الاحترازي " ، و أساليب التنكيل و العقاب على أساس " المسؤولية الجماعية " و " المسؤولية العائلية " التمييز العنصري على أساس الدين بحسب قانون " إسرائيل دولة القومية اليهودية " حصريا .
ـ ملاحقة و معاقبة المتضامنين مع الشعب الفلسطيني و مقاومته ، على أساس اعتبار التضامن مع المقاومة الفلسطينية في المفهوم الاستيطاني " جريمة إرهابية " تستدعي مسؤولية فردية و عائلية و جماعية . طبق الغزاة الإسرائيليون هذه المعايير ضد حركة المقاومة الوطنية اللبنانية ثم ضد. المقاومة الإسلامية.
من البديهي أن جيوش الدولة الصهيونية لم تستهدف فلسطين و لبنان و حسب و انما تعدت حدود هذين البلدين بكثير ، كما لا يخفى ، فإن جغرافية الأطماع الاستيطانية واسعة جدا و هي لم تعد مكتومة بعد الإعلان عن عزم الولايات المتحدة الأميركية و حلفائها إعادة رسم الحدود القطرية في المشرق و بعد مبادرات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة إلى عرض الخرائط الجغرافية لمشروعهم الاستيطاني .
يبقى أن نشير إلى أن الجيوش الإسرائيلية لا تكون عادة و حيدة في ميادين الحروب ، فجيوش الحلف الأطلسي ترافقها عن قرب ، عديدا و إمدادا ، جوا و بحرا و برا . كما أنها تقوم عندما تقتضي الحاجة بالتمهيد لعملياتها العسكرية عن طريق حظر السلاح و المؤن وتدمير البني التحتية و " إعادة الناس إلى عصر الحجر " ، خذ مثالا على ذلك ما جرى و ما زال يجري في العراق و سورية و ليبيا و السودان و اليمن و الجزائر و تونس ، أما عن مصر فحدث و لا حرج .و لا يفوتنا في السياق نفسه التذكير بأن جيوش " إعادة الناس إلى عصر الحجر " توظف الفساد و الدين و الفقر و البؤس ، لبلوغ مآربها ، نقصد هنا عملية " تفريخ " التنظيمات الإرهابية الإسلامية ، و توفير الشروط الملائمة لنهوضها و اٍستغلالها .
قصارى القول أنه في ظل عدم التكافؤ في المواجهة الدائرة في المشرق العربي تجري منذ عدة عقود زمنية ، عمليات إبادة جماعية ، متنقلة من قطر إلى قطر ، ما نشهده في قطاع غزة نموذجا عنها . نحن لا نعرف في الحقيقة ، عما ستسفر عنه هذه العمليات ، هل ستكون الإبادة نهائية ، كاملة وشاملة ،أم انها ستفشل ، و لكن نصمها بالفظاعة و الوحشية البوليسية ، و كون السلطات الأوروبية الغربية و الأميركية ،هي التي تمارسها بدم بارد ، وهي قادرة على كل شيء فهذا أمر خطير جدا ، لأنه من المحتمل أن تطال هذه الابادات بشكل او بآخر جميع الشعوب لاسيما الشعوب التي ترزح تحت وطأتها ، ليس في المستعمرات السابقة و حسب و لكن في أوروبا وأميركا نفسها أيضا فالمؤشرات على ذلك تظهر اكثر فاكثر ، يجسدها تزايد أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية و طبية و سكنية لم تعد متوفرة في الدول الغنية ، فلاشك في اننا حيال سلطات بوليسية قابضة على مصير العالم ، تكشف أمرها في مناسبات مثل مواجهة جائحة الكوفيد بأساليب خشنة ، و في سلوك شركات انتاج و تصنيع الغذاء و في تهشيم البيئة المتواصل .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. العالم يستذكر مذبحة سريبرينيتشا في ذكراها السنوية

.. النصر يتعاقد مع جورجي جيسوس.. والمدرب يشيد بكريستيانو

.. إسرائيل تقدم خريطة ثالثة للتواجد العسكري في غزة ضمن مقترحات

.. القضاء الفرنسي يطلب تحديد مكان بشار الأسد و20 من رموز نظامه

.. ترمب لصحفي: عليهم أن يبدأوا بدفع مليارات الدولارات لك وللناس
