الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة وخرافة الخلق: وخرافة الأديان الإبراهيمية

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2024 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما إن يحتدم أو ينطلق أي نقاش ديني، حتى يدفع كثير من المؤمنين والمتدينين ومواليهم، على الفور، بفرضية وقصة أو حقيقة "أسطورة الخلق" للتدليل على وجود خالق للكون وأن هناك من خلقه، وأن هذه الكائئات الموجودة على سطح الكوكب هم مجرد "مخلوقات" من خلق وصنع كائن عظيم عملاق جبار قادر على كل شيء (لكنه في بعض الديانات بحاجة لبعض البشر لنصرته على أعدائه)، وأبدع في صنعه، وهو موجود أزلي وساكن في السماء يسيطر على الكون، من هناك، ويديره ويراقب كل شاردة وواردة فيه و"يسجل" للمخلوقات كل تحركاتهم وأقوالهم وأفعالهم، بانتظار يوم "الحساب" حيث سيعود الأموات للحياة وسيحاسبون على كل ما قاموا به أثناء وجودهم على سطح الكوكب، فالناس الطيبون (الذين آمنوا به) سوف يثابون ويكافؤون بإرسالهم لمكان اسمه "الجنة" حيث تتواجد فيه كل أنواع المتعة والسعادة والترفيه اللا متناهي، وأما أولئك المسيؤون والأشرار (الذين كفروا به)، فسيتم إرسالهم إلى مكان مرعب اسمه جهنم حيث سيكابد صنوف التعذيب والحرق الأزلي المؤبد بلا رحمة أو شفقة والذي لا ولن ينتهي على مر الزمان.
وعلى الفور، ومستنداً لأسطورة الخلق البابلية، سيبادرك المؤمن والمتدين بالسؤال من: "خلقك أنت؟"، مقرراً سلفاً أنك مخلوق وهناك من خلقك، وخلق الكون وهنا انتهى الموضوع والقصة، وقضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وأقفل النقاش بالنسبة للمتدين وكفى الله لمؤمنين شر النقاش.
ولكن هل لنا ها هنا أن نتساءل من أين أتت فرضية الخلق؟ وكيف توصل المؤمنون بأن الكون مخلوق؟ ومن قال لهم أن هناك كائناً خارقاً أطلقوا عليه اسم الله هو من "خلق" وأوجد هذا الكون والكائنات؟
أن أسطورة أو فرضية الخلق أو ما تعرف بـ"إنوما إليش"، Enuma Elish)) هي قصة الخلق البابلية ويأتي اسمها "إنوما إليش" من أول كلمتين فيها، اكتشفها هنري لايارد في 1849 في آثار مكتبة آشوربانيبال في نينوى العراق وطبعها جورج سميث في 1867 وتتحدث عما قبل الأديان السماوية كقصة الطوفان العظيم والخلق البابلية وآدم وحواء وهابيل وقابيل وكل تلك القصص القرآنية والتوراتية التي تعرفونها مذكورة هناك، وهناك أساطير الطوفان الأخرى التي تتشابه في العديد من الأوجه مع البابلية وهي القصة السومرية قصة مانو ملك درافيدا في ماتسيا بورانا، وجزء أوتنابشتم في ملحمة جلجامش، وقصة طوفان التكوين من هناك للعبرانيين من أيام السبي البابلي ووصلت الكتاب المقدس "العهد القديم" Old Testament)) والتي تناقلتها معظم الأساطير والخرافات ثم وجدت طريقها للأديان السماوية المزعومة حيث التقطها أيضاً الرسل والأنبياء وباتوا يسوقونها كجزء من معجزاتهم وأديانهم. كما توجد أسطورتان مشابهتان عند الإغريق القدماء تعودان لتاريخ لاحق هما أسطورة ديوكيليان وأسطورة إغراق زيوس للعالم في الكتاب الأول من التحولات لأوفيد ومعظمها يتحدث عم تحديد زمن الخلق بسبعة أيام، وهناك العديد من قصص وأساطير الخلق التي تعود كلها لآلاف السنين قبل الميلاد، أي قبل بزوغ عصر الأديان الإبراهيمية "السماوية" التي اتخذت، هي الأخرى، من هذه الأساطير مرجعية لها في التسويق والترويج لوجود "خالق مفترض" للكون، وأن الكون مجرد مخلوق و"إبداع" من إبداعات ومعجزات ذلك الخالق، وصارت هذه "الخرافة" والأسطورة البابلية والسومرية والإغريقية حجة للمؤمنين وسلاحاً بيدهم يرفعونه للتدليل على أحقية وصوابية معتقدهم وهم من "سرقوه" وأتوا به من مجرد روايات ومحكيات وقصص شعبية سادت قبل ظهور الأديان الإبراهيمية بزمن طويل. وقد اعترف القرآن صراحة بذلك، وأقر بأنه لم يأت بجديد، بوجود هذه الأساطير التي أوردها القرآن قبل كتابته بزمن طويل، وحين بدأ مؤسس الإسلام بسرد "معجزاته" وحكاياته التلمودية والتوراتية والبابلية والسومرية على أهل مكة، صاح المتنورون والمدركون والخبراء بهذه الخرافات قائلين له: "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آياَٰتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا إِنْ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰاطِيرُ ٱلْأَوَّلِينَ" (الأنفال 31)، أي نحن نعلم بكل هذا الكلام وعرفناه قبلك، وهي مجرد أساطير متداولة، ولذلك لم يؤمنوا به رغم دعوته لهم طيلة ثلاثة عشر عاماً قضاها في مكة قبل الهجرة والهروب ليثرب ليتم تشكيل ميليشيات مسلحة أجبرت الناس لاحقاً على الاعتراف بنبوته بعد ما يسمى بـ"فتح مكة".
وقصة العرش الإلهي، أي أن "الخالق" المفترض لديه عرش يجلس عليه وتحمله ملائكة تماماً كما يفعل ملوك الأرض، هي قصة مسروقة أيضاً من عروش أولئك الملوك الذين ورد ذكرهم في الأساطير القديمة كالإله "الملك" مردوخ في أسطورة الخلق البابلية وتحول لإله بعد قتال مع ملوك آخرين وانتصر عليهم واستوى على "عرش" كإله مطلق معبود.
الأديان الإراهيمية وكتبها المقدسة، إذن، لم تأت بشيء جديد ولم تعد اختراع العجلة، كما يقال، ولم تقدم أي دليل سوى الاعتماد على هذه الأساطير المتداولة فيما يتعلق بقصة الخلق التي هي مجرد فبركة وخيال تصور بشري أرضي أي من صنع البشر وفي الأرض وليس من السماء التي هي –أي السماء- مجرد خرافة ووهم وتصور بشري بوجود "سقف" فوقاني بالفضاء أطلقوا عليه اسم "السماء" مرفوعة بلا "عمد"، حددها كاتب القرآن بسبع سماوات طباقاً (الذي خلق سبع سماوات طباقاً - الملك 3)، كما ورد بالقرآن وفي سورة لقمان 10: "خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا"، وفي سورة الرعد 2: "اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ.." فإن مجرد الدفع والطرح بقصة وأسطورة الخلق، وأن هناك خالقاً للكون هو عملياً، إقرار بالجهل والعجز عن تفسير كيفية نشوء الكون، لأنه بساطة اتكاء واعتماد على أساطير الأولين ليس إلا، تماماً فما هو إلا تكرار واجترار لنمط تفكير بدائي ساد قبل آلاف السنين يحاول المتدينون والمؤمنون العجزة الخاوون والمفلسون من خلاله التدليل على وجود "معبودهم" وإلههم المفترض وإقناع الناس بوجوده معتمدين على خرافات وقصص وحكايات كان يتداولها البشر البدائيون فيا بينهم قبل آلاف السنين، ما يعني العودة بك إلى آلاف السنين للوراء، وقبل ظهور الأديان الإبراهيمية التي تدفع هي الأخرى بفرضة الخلق، للتدليل على شرعيتها وصوابيتها، فحين تقول أن الكون مخلوق وهناك خالق فأنت لا تفعل شيئاً، ولا تأتي بجديد سوى ترديد أساطير الأولين، والجزم بأن الكون مخلوق وهناك خالق وهذا قرار نهائي وحاسم بكيفية نشوء الحياة لا حاجة بعده لأية نظرية أو فرضية لا علمية ولا غيرها حول تفسير نشوء الحياة على الأرض وهو إعلان وقف ونهاية أي تفكير وبحث حول الأمر وطبعاً هذا مناف لأي بحث ونهج علمي استقرائي واستدلالي حول أية ظاهرة حياتية حيث يقتضي البحث العلمي الرصين والجاد تقديم دلائل وقرائن ومعطيات استنتاجية مادية وملموسة للتدليل على صحة وصوابية أية فكرة وظاهرة وهو ما لا تفعله الأديان ولا قصص وأساطير وخرافات الخلق البابلية التي باتت المرجعية والركيزة الأولى و"الحجة الدامغة" لما تسمى بـ" الأديان الإبراهيمة" (الخرافية)، وما بني عللى خرافة فهة خرافة، وفي قلب هذه الخرافة تقبع خرافة الخرافة وهو الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوهم ؟
على سالم ( 2024 / 11 / 24 - 19:37 )
استاذ نضال تحيتى , مقالك اكيد قوى ويثير التساؤلات والشكوك والاستعجاب وحاسه البحث والدراسه والتأمل , لاشك ان ثوره الاتصالات الاجتماعيه والنت والقنوات الفضائيه العديده بدأت بطرح الاسئله الهامه بخصوص هذا الوجود الغريب الغامض المجهول ولماذا نحن هنا والهدف من وجودنا ؟ بدأ البشر حول العام نقاش هذا الموضوع الازلى بصراحه وجرأه وشجاعه وتخلوا عن الخوف والرعب من القاء اسئله حيويه ومفصليه , بدون جدال البشر يعيش فى معضله متجذره منذ ازمان سحيقه واولها كيف نشأ هذا الكون الشاسع وماهو الهدف منه وهل له خالق ام لا ؟ اسئله اخرى وهى لماذ البشر يعانى من حروب ظالمه غاشمه وقتل النساء والاطفال والعجزه العزل بدون سبب وكأن الله لايهمه شئ وايضا من اخطاء فى الطبيعه مثل الزلازل والبراكين والحرائق والاعاصير والفيضانات والفقر المدقع والمجاعات والامراض المستعصيه ومحابه الطبيعه لبعض الدول بالخير الوفير ودول اخرى معدمه جائعه مظلومه وفقيره وكتب عليها البؤس والشقاء والعذاب واستفراس الدول القويه البلطجيه بالدول الفقيره واستعمارها ومص دماؤها ؟ اكيد نحن مازال امامنا طريق طويل صعب ومضنى لفك طلاسم وجودنا الظالم الغامض

اخر الافلام

.. هل هبط رجال من السماء وأسسوا الحضارة البشرية ؟ ومن هم الأنون


.. وجهاء وعشائر الطائفة العلوية يطالبون بإصدار عفو عام يشمل كل




.. شيرين عبد الوهاب تحيى حفلاً غنائيًا فى دبى الأسبوع المقبل


.. 146-Al-araf




.. 146-Al-araf