الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الإصلاح الديني بين المسيحية و الإسلام
الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي
(Altaib Abdsalam)
2024 / 11 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المسيحية دين ركنه الأساسي هو "المؤسسة" اي "مؤسسة الكنيسة" و المؤسسة هي المعادل الموضوعي "للمدينة" و "policy" اي أخلاق إدارة المدينة و لكي نقترب من العقل الأوروبي لا بد من الإقتراب من المفهوم الحضاري و التاريخي "للمدن اليونانية" التي إقتبستها الحضارة الرومانية و اقامت عليها إمبراطوريتها الهيلنية.. المهم أن الإصلاح الديني توجه في نقده لا إلى النص الأنجيلي الذي هو "سرد تاريخي و مواعظ أخلاقية" فهو نص في حد ذاته متسق إلى حد كبير و "يخلو من المتشابه" بل و الأهم أنه نص يقدم نفسه بإعتباره اقرب إلى "البيلوغرافيا"، لذلك فهو لم يشكل بحد ذاته "عقبة" بقدر ما شكلت مؤسسة الدولة الرومانية و الأوروبية و البابوية "العقبة الحقيقية".
و لذلك فالإصلاح الديني في اوروبا لم تكن مشاكله فيما "قاله المسيح او ما لم يقله" بل كان توجهه المباشر نحو " حدود سلطات الكنيسة" و بالتالي "عالم المدينة" و بالتالي ال "policy" التي يتبناها و يفرض تنفيذها و هو إصلاح دائما ما كان يصطدم بالدولة التي هي الصورة المكبرة للكنيسة او الدولة الإلاهية ايام "الإمبراطورية الرومانية المقدسة" او كنيسة "الفاتيكان" حينما تحولت الكنيسة في إطار الصراعات و الاحداث في اوروبا إلى "روما جديدة" و "إقطاعية" للبابا.
لذلك فإنك تجد "صراع الإصلاح" إما يكون "إنشقاقا على كنيسة إيطاليا" او تمردا ضد الدولة سواء اكانت كاثوليكية او بروتستانتيه.
فعلى سبيل المثال فإن مارتن لوثر في إصلاحه ثار على "سلطات الكنيسة و صكوك الغفران" و لم يكن المحك هو "هل وردت صكوك الغفران في الإنجيل ام لا" بل أنه نظر إليها بوصفها "تمظهر من تمظهرات سلطة الكنيسة".
الأصلاح الثاني تم ايضا عبر الكشوفات الجغرافية التي أبتعدت من أجواء الكنيسة و سلطتها مع إستثناء الكشوفات الجغرافية البرتغالية و الإسبانية و هي أمم شديدة "التمسك بعقيدتها" و بالوحي "الإنجيلي" و لذلك أسباب عدة يمكن إيجادها في تاريخ هاتين الأمتين و أيضا إستخدام التحليل الأنثربلوجي للتعمق.
المهم فهذه الكشوفات البروتستانتيه هي التي أنجبت دول العصر الحالي كأمريكا و كندا و أستراليا و هي أمم خالية الضمير من "ذنب الصليب".
نمط الإصلاح الثالث خرج من "المؤسسات" الجامعية التي كانت تدرس "الحقائق الكنسية" و "تصوغ مناهج مهنية و تقنيه يهتدي بنور الكنيسة" لذلك فمسألة عدم مركزية الأرض التي اثارها جاليلو و كوبر نيكس لم تكن حقائق علمية بحثية مجردة بل كانت طعنة في صدر "عالم الحقيقة" الذي اقامته الكنيسة.
و أمتدادا لهذا السلسلة ظهر الفلاسفة الاوربيين جيلا بعد جيل علما بأنني هنا اراني قد إستوثقت في بعض ما قلت و أجتهدت فيما تبقى و ذلك لعدم تعمقي الكبير في "لحظات التنوير و الثورات" الكبيرة التي ادى تراكمها للثورة الفرنسية و ظهور اوروبا الحديثة و ذلك دأب و بحث كبير ما زلت اتريث في دروبه.
اما الإسلام فعلى العكس فهو نص يتمحور حول "الوحي" او "النص القرآني" و اما المدن و الدول و الإمارات فهي "فانية و سريعة الزوال" و طبيعة عمرانها وفقا لإبن خلدون "مؤقته" لإنه دائما ما تخفي "الصحراء" التي ينتشر فيها "البدو" المتاخمين لكل "الحواضر الإسلامية" اسباب فناء و خراب "العمران"، بل و حتى النص القرآني نفسه يشدد على خراب المدن و عدم جدواها في حفظ "الإلاهي و الديني " فتلك عاد و ثمود و أثارهم الذين "كانوا أشد منكم قوة" و النص القرآني عموما تجده ينأى عن المدن لإنها تفتن الإنسان و "تنسيه ذكر ربه".
لذلك فالإصلاح الديني في الإسلام ظل بإستمرار يتوجه نحو "النص" بإعتباره مركز الثقل السلطوي هذا الثقل الذي عبر عنه و بقوة و جلاء محمود درويش في قصيدته الخالدة "هذه لغتي" في هذا الإطار فإن محاولات "عقلنة و أنسنة" الإسلام إتجهت رأسا إلى النص و تعددت هذه المحاولات، فالمعتزلة على سبيل المثال جادلوا في "أزلية النص" و "أنه لاحق" و "أنه لا يشتمل على كامل المشمول الإلاهي الذي هو دائم التجدد و العطاء الخلاق دون التقيد بلحظة "نهائية".
التصوف ايضا بوصفه إصلاح ديني و لكن داخل ابعاد العنصرين الأساسين الذي ينقسم إليهما المشروع النبوي و هذين العنصرين هما عنصر "النبوة" و عنصر "الشريعة" الذي هو كناية عن البعد المادي للوحي و لمعنى النبوة التي تريد إقامة مجتمع "رباني" ولاؤه "للوحي".
المهم أن المتصوفه و حتى لا يصطدموا ب "اليوم أكملت لكم دينكم" فإنهم يستأنفون البعد النبوي عبر شخصيات ك الولي و الشيخ و المهدي حتى، فهم و حتى يجدوا مشروعية لوعيهم و حياتهم في الحاضر الإنساني بل و ذاكرة الوحي يميلون للتعلق بالنصوص و الأيات المستقبلية و الإستئنافية في الوحي و السنة مثل قوله تعالى "و اتقوا الله و يعلمكم الله" بل و شخصية الخضر نفسها التي تشكل التجسيد الحي لمن يكسرون قوانين الشريعة لإنهم يطلون على عالم الحقيقة، بل و قول النبي صلى الله عليه و سلم نفسه "طوبى لإخوان لم يأتوا من بعدي".
و هناك ايضا تجارب سلطوية كانت أقسى تجاه النص و الوحي كتجربة اتاتورك الذي "هدم المعبد على من فيه" و ترجم القرآن للتركية و أستأصل "العربية".
محاولة أركون كانت الاهداء و الأصوب لإنه توجه إلى اركلوجيا النص و المجتمعات التي دانت به و بين أن كل مجتمع فهم الإسلام على طريقته و ذلك باب يفتح العقل للكثير من الدأب و البحث و التفكر في "انثربلوجيات الإسلام"، هذا "التنقيب الأنثربلوجي" سيجعلنا نكتشف العوامل المادية و الجغرافية و التاريخية التي أدت لبلورة "العقل الديموغرافي" و الذي بدوره "فهم الوحي" و اعاد مركزته حول "ذرى و قيم معينة" أقوى من بقية الذرى و قد بينت مرارا هذا الأمر في حديثي عن الإسلام المصري و العراقي و الفارسي و السعودي.. حيث تلعب مثلا قيمة "الشفيع" و "الضامن لسعادة ما بعد الموت" و المتمحوره حول النبي الأكرم في قيمة الصدارة في الإسلام المصري، بينما تلعب شخصية "الحسين" و هو في حقيقته "دموزي القتيل" القيمة الأبرز في الإسلام العراقي بينما تلعب قيمة "الجهاد و الإستشهاد" الفكرة الأبرز في إسلام شبه الجزيرة العربية و الموجود في بيئة قاسية و صعبة تحتاج دوما للخروج و البحث عن المرعى و الماء و بالتالي الغزو و الفتوحات.
كل هذه التنقيبات و البحوث التي "تفكك عالم النص" ستجعلنا نعيده إلى حرارة أديمه و نستعيده من برود القدسية.
لذلك فأي إصلاح في الوعي الإسلامي الذي يشكل الافاق الروحية و العقلية لزهاء مليار و نصف شخص هو مدعو ليتوجه إلى "بيت القصيد".
طبعا هذا لا ينفي التداخل الوثيق بين المؤسسات الدينية و النص او الوحي و لكنني هنا "وقفت على يابسة التفريق المؤقته" لأبين حضور و "كثافة ذلك الحضور" في المسيحية وفي الإسلام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - مقاربة غريبة جدا
مجدي محروس عبدالله
(
2024 / 11 / 28 - 08:44
)
فالكاتب يجهل الكثير جدا عن الإصلاح الديني في الغرب
والإصلاح الديني في الغرب نقل مركزية المسيحية من سلطان الكنيسة إلى سلطان الكتاب المقدس
و بالتالي استطاع إزاحة سلطان الكنيسة المدني
بينما في الاسلام لو طبقنا نفس المنهجية
ستؤدي إلى تبني مرجعيات أكثر تطرفا و تشددا
بناء على نصوص إسلامية تشجع الإرهاب و التطرف
.. وجهاء وعشائر الطائفة العلوية يطالبون بإصدار عفو عام يشمل كل
.. شيرين عبد الوهاب تحيى حفلاً غنائيًا فى دبى الأسبوع المقبل
.. 146-Al-araf
.. 146-Al-araf
.. الاحتفالات بسقوط نظام بشار الأسد مستمرة في الجامع الأموي بدم