الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الله والصفر العربى
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
2024 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الإنسان المصرى كان إنسان حضارياً كبيراً تشهد له أعماله حتى اليوم بل عظماء العلماء يحتارون فى أعمال كثيرة صنعها المصرى القديم ويقفون أمامها عاجزون عن فك أسرارها، ومنذ دخلت الأديان مجتمع المصريين وعقولهم حتى تحولوا إلى مجرد هياكل عظمية لا تفقه شيئاً فى علوم عصرها ولا تستطيع ان تأتى بأقل القليل مما أتى به أجدادها، لأنها تنازلت عن البحث والحفر عن علوم أجدادهم وأهتموا بالأعمال العظيمة التى صنعها الأجداد وتركوا علومهم والبحث عنها!!
كان تفكير المصرى محصور بين خيام العربى وحياته البدوية وأنشغل بها وتماهى معهم حتى فى غزواتهم وأصابته أمراض الفقر والتخلف والجهل والنظرة الدونية للمرأة وعنصرية البدو الصحراوى، تفكير المصرى الذى كان يمرح ويعيش فى المدن الحضرية أستهزأ وأستخف بها ليعيش سجين أفكار الغزاة من هكسوس وأغريق ورومانيون وعرب وفرنسيون وبريطانيون وغيرهم، ليظل أسيراً لأفكارهم عبداً لما تركوه من تراث وتاريخ، بل تنازل عن حضارته وثراءها وغناها العلمى وريادتها التى كانت تتمتع بها وأصبح تابعاً للجهلاء والمحتلين يستورد منهم فضلاتهم الصحراوية والزراعية والصناعية!!
تراجع المصرى ليبحث ويصنع لنفسه صفراً مثل بقية الأصفار العربية التى تحيط بمجتمعه ويعانون مثله من أنظمة التخلف والأستبداد وقهر المرأة والأفتخار بأنه رجلاً ذكراً ينشد الأشعار فى مدح كبرياءه وتخلفه المهين أمام التقدم العالمى العلمى وأمام من يصنعوا حقاً واقع اليوم من حضارات سيتذكرها التاريخ الحديث وفى مستقبل البشرية، التى بدأت بواكير الثورة العلمية الكبرى فى أيامنا هذه بذكاء الإنسان القادر على تحويل مسار البشرية نحو عالم جديد لا نعرف إلى أين يقودنا، لكن الأصفار تعرف مصيرها ومصير تابعيها ولهم حسن القرار.
يعيش المصرى فى أنفصام ثقافى ليس جديداً عليه لكنه مأزوم الهوية وهى مشكلة أو قضية متجددة يتعارك ويصارع فيها ومعها، هل هويته مصرية التى توارثها من أجداده أم هويته عربية التى جاءت مع الغزو العربى؟
قضية وضع المصرى نفسه فيها ليضيف إلى أصفاره صفراً جديداً يقنع نفسه بأنه موجود فى عالم وأمة عربية، تلك الأمة التى تصارع بدورها لتضع لنفسها موطئ قدم على خريطة العالم الحديث، لكنها تثبت للجميع يوماً بعد يوم أنها تفكر خارج العالم الواقعى وتعيش مع نفسها فى عالم خاص بها وأقنعت نفسها وشعوبها أن لهم ثوابت لن يتركوها تقع بل هى صلبة صامدة فى وجه الزمن والحداثة والعقل العلمى الحديث!!
هياكل عظمية خالية من الحياة تصارع الموت بأسم الموت والأموات يصارع حاضره بأسم ماضيه ويحاكم الأحياء بتعاليم وحكاوى الماضى الغابر ويفرضها عليهم بقوة السلام، لأنه مصرى فقد حياته الحضارية وتنازل عن علومه أمام الماضى الإستعمارى وركع يطلب ويستجدى منهم الحكمة والموعظة الحسنة، وتناسى أن أجداده هم أصل العلم والحضارة الحقيقية وعليه أن يتعلم منهم ومثلهم علوم الحاضر التى ترتفع به فى سماء الحداثة بدلاً من تعاسة البكاء على أطلال الماضى الهزيل، لكنه على يقين بأن الرجعية الدينية فى أيديها مفاتيح سحرية لحلول كافة مشاكلها لهذا فالمصرى أو العربى الصفر الكبير يعتمد كلياً عليها ويعيش لها!!
لو أستعنت بمناظير ورادارات وأقمار العدو الصناعية لتجول بعينيك وعيون البؤساء من العرب ستجد بقعة أرض صحراوية يطلقون عليها الوطن العربى يسكنها أصفاراً بالملايين والمليارات يسيرون بين الامم فى خيلاء تتبختر مثل جراد البيداء الذى يأتى على الأخضر واليابس يدمرون كل شئ، وهذا ما يفعلونه أبناء وأحفاد الأجداد الذين لا يملكون إلا ما يسمونه علوم وثقافة الماضى التراثى حتى تتكاثر مجتمعات الأصفار العربية.
أصفار العرب أما الأرقام الحقيقية فتصنع لك عوالم حقيقية لكن الصفر بذاته يبقى صفراً شامخاً يتباهى به العربى ضئيل القيمة والقامة، يطوف العرب العالم يتعلمون من علوم الشعوب الأخرى ويبتكرون مثلهم لكنهم فى بلادهم لا يتغير حالهم يبقى مجرد صفر عابر عارى العقل والجسد مثلما كان أجداده، يركع أمام أصنامه يتذلل إليها ويدعوها أن تغير حاله وترزقه ما يزيل به الجوع عن عياله، لكن الصفر مصمم أن يركع أمام أصنامه يطلب العفو والغفران حتى ينصلح حاله ولكن هيهات للصنم أن يستجيب دعاءه!!
نحن فى العصر الحديث ولسنا فى عصور الظلام والجاهلية وعلينا أن نفهم الماضى والحاضر حتى ننطلق ممن يغزون عقولنا بماضيهم وحاضرهم، لكنه صفراً يخشى من أنوار العلوم أن تبهر أبصارهم فيظل مربوطاً مثل الحمار فى أعناق أصنامهم البائدة، لا يستخدمون عقولهم للتفكير بل يتركونها يعلوها التراب
إلى متى التمسك بثقافات الماضى المقبور والمراحيض والنجاسة؟ حتى الفساد الذى أرتكبه رجال الماضى لم يتخلى عن عبادتهم أهل الأصفار وقاموا بتقليدهم حتى يتمثلوا بأبطال ماضيهم والأجيال الحاضرة تختلط عليها الأمور ويسيرون على خطى زمان غير زمانهم وبيئة غير بيئتهم، ويتناسى الجميع أن الحداثة والتنوير الحقيقى أن تنظر إلى الأمام ولا تلتفت إلى الوراء ضع عينيك على العلوم التى تنقل حياتك من التخلف والجهل إلى الحاضر بكل مقاييسه الإنسانية، وأن تترك حياة الإفلاس الثقافى التى فتكت وتفتك بكل جيل يتمسك بأصفاره من خرافات الماضى والتاريخ المزور بجدارة!!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رئيس شعبة أوقاف القرداحة بالطائفة العلوية يدين استهداف عناصر
.. ماذا نعرف عن اليهود الليبيين؟
.. ماذا نعرف عن اليهود الليبيين؟
.. حتى لا ننسى جرائمهم.. سنوات من الأمان بعد هزيمة إرهاب الإخوا
.. 9-At-Tawbah