الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للمفتي رأي في موته : عن صدام والحكام العرب

محمود الزهيري

2007 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أشد الأمور التي ينفر منها الإنسان التدخل في أمور وأحوال الموتي وذلك بالحكم عليهم بأن لهم الجنة أو أن مصيرهم النار , لأن الجنة والنار من الأمور الغيبية التي لم يطلع الله عليها أحد من خلقه أياً كانت درجة تقواه وإيمانه لأن الجنة والنار تعتبران من الأسرار العلوية القدسية التي إختص بها الله سبحانه وتعالي ذاته العلية القدسية بها ومن ثم فلايجوز لأي إنسان ان يتألي علي الله سبحانه وتعالي بالتدخل في مصائر الناس الأخروية سواء كانت المتعلقة بالجنة أو بالنار علي حد ٍ سواء .
وما أدهشني ما قرأته في جريدة المصري اليوم العدد 934 والمتضمن فتوي مفتي جمهورية مصر العربية والتي يؤكد فيها : أن صدام حسين مات شهيداً، وقال: علي حد علمي أن علاقة صدام بالخالق سبحانه وتعالي كانت طيبة في الفترة الأخيرة .
ولكن ما علاقة هذه الفتوي بالواقع المصري أولاً والعربي ثانياً ؟
وما شأن السيد مفتي مصر بأمر صدام حسين سواء كان شهيداً أو غير شهيد ؟
وهل فتوي المفتي بأن صدام حسين شهيداً لها القبول عند الله ومن ثم سيكون شهيداً ؟
أم ما الغرض من الفتوي أصلاً ؟
وهل لها مطابق في الحال يمكن القياس عليه بالنسبة للزعماء العرب ومنهم مبارك الأب ؟
خاصة وأن السيد المفتي قال : إن الحكام والرؤساء العرب رموز يجب أن تحترم حتي وإن ارتكبوا بعض الأخطاء ، ولكل حاكم سلبياته الخارجة عن الشريعة الإسلامية .
فما معني هذا الكلام الذي أقر به مفتي مصر ؟
هل المفتي يبيح لحكام العرب والمسلمين الخروج عن الشريعة الإسلامية بمضمون هذا الكلام الذي جري علي لسانه ؟
وما هي حدود ومعايير هذا الخروج عن الشريعة الإسلامية ؟
وهل الحكام العرب والمسلمين يطبقون الشريعة الإسلامية ومن ثم لهم بعض السلبيات الخارجة عن الشريعة الإسلامية ؟
وهل مع هذا الخروج عن الشريعة الإسلامية حسبما أقر المفتي وأباح للحكام العرب والمسلمين الخروج عن الشريعة الإسلامية , يتوجب علي الشعوب أن تحترم هؤلاء الحكام وإن إرتكبوا بعض الأخطاء لأن لكل حاكم سلبياته الخارجة عن الشريعة الإسلامية ؟
بصراحة أنا لا أفهم من فتوي المفتي سوي أنها تأمرنا بطاعة الحكام العرب والمسلمين بالرغم من إذلالهم للشعوب وإستعبادهم لهم , وبالرغم من كل المساوئ والجرائم التي يرتكبها الحكام اللصوص الخونة والعملاء في حق الشعوب العربية والإسلامية التي ماعرفت طعم للحرية بالقول أو الرأي أو التعبير أو الإعتراض أو عرفت طريق الحريات الدينية والعقائدية , أو حتي عاشت علي مقدرات الأوطان وخيراتها التي سلبها ونهبها الحكام العرب بالخيانة والعمالة لأنظمة الفساد العالمي والصهيونية العالمية .
وأنا لا أفهم من فتوي المفتي سوي السكوت والخضوع والخنوع والمذلة للحكام العرب والمسلمين لأن أخطاء الحكام لها مايبررها حتي ولو كانت علي حد قول مفتي مصر خارجة عن الشريعة الإسلامية !!
ومن هذه الأخطاء قد تكون : الإستبداد السياسي , وإغتصاب الحكم والسلطة , وتزوير الإنتخابات بالبلطجة والإرهاب والضرب والسحل والقتل , ومنها أيضاً فتح أبواب السجون والمعتقلات لكل مخالف أو معارض لرأي الحكام العرب , وهتك الأعراض , ومنها الغفران للحكام العرب كل ما إرتكبوه بحق الشعوب والأوطان من جرائم القتل والإبادة والتعذيب , ناهيك عن قضايا رهن أو بيع الأوطان والمتاجرة فيها لحساب الحكام الشخصي هم وأولادهم ونساؤهم وحواشيهم من الأتباع والعملاء الخونة أنصار الحكام العرب والمسلمين !!
بل من ضمن الأمور التي تعتبر أخطاء خارجة عن الشريعة الإسلامية قد يكون توريث الحكم والسلطة للأبناء في البلاد العربية والإسلامية وتفصيل القوانين والتشريعات والدساتير تخديماً علي إستمرار مسلسل التوريث الملعون للأبناء !!
ناهيك عن جملة الأخطاء التي قد يراها المفتي أو شيخ الأزهر أو بعض رجال الدين الآخرين كل حسب رؤيته وتقديره لهذه الأخطاء ومدي جوازها للحكام أو عدم جوازها فكلٌ حسب مقياسه وعلمه وقربه من الحاكم أو بعده عنه !!
أعتقد أنه ماكان من حق المفتي أن يفتي في مثل هذه الأمور علي الإطلاق لأنه لو أراد أن يحدثنا في أمور لأيحدثنا في أمور الأموات , وإنما يحدثنا في أمور حياتنا مثل قضايا الفساد والظلم والإستبداد وسرقة وسلب ونهب الأوطان والعزة والكرامة الوطنية والأمن القومي العربي , أو قضايا الحريات السياسية والدينية , وقضايا التعذيب , والمعتقلين السياسيين , وقضايا حقوق الإنسان العربي , وقضايا توريث الحكم والسلطة في مصر والدول والعربية , وقضايا توزيع الثروة القومية , وعدالة توزيعها التوزيع العادل علي المواطنين , وقضايا بيع القطاع العام , والخصخصة , وقضايا إحتكار السلع الضرورية والسلع التموينية !!
فهل يجرؤ المفتي علي الحديث في مثل هذه القضايا ؟
أعتقد أن فتوي دخول صدام حسين الجنة قد سقطت سهواً من مفتي مصر !!
لأنه كان يريد أن يقول للشعوب العربية والإسلامية : أرجوكم إغفروا لحكامكم الظالمين الفاسدين حتي وإن قتلوا أولادكم وسرقوا أموالكم وهتكوا أعراضكم , وإن جلدوا ظهوركم , وإن سجنوكم وإعتقلوكم وعذبوكم , و حتي وإن لزم الأمر وقتلوكم , وفي هذه الأمور خروج عن الشريعة الإسلامية التي كان يريدها مفتي مصر لحكام العرب والمسلمين الذين يستوجب الأمر إحترامهم لأنهم رموز يجب أن تحترم حتي وإن ارتكبوا بعض الأخطاء ، ولكل حاكم سلبياته الخارجة عن الشريعة الإسلامية وذلك حسب منطوق فتوي مفتي مصر !!
فهل صدام والحكام العرب سيكون مصيرهم جميعاً الجنة ؟
ومن منهم سيكون مصيره النار ؟
ومتي تبيح الشريعة الإسلامية الخروج علي الحكام الظالمين الفاسدين ؟
وماهي معايير ذلك الخروج ؟
ومتي يكون الشعب عاصياً لله وللرسول إذا لم يخرج علي هؤلاء الحكام الظالمين المفسدين ؟!!
أرجوك سيادة مفتي مصر أن تجيب بالفتيا عن هذه التساؤلات !!
ونحن أبناء الشعوب العربية والإسلامية ما زلنا ننتظر فتوي المفتي !!
فهل سيكون هناك في القريب العاجل فتوي ؟!!
أعتقد .... لا فتوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية: تماسك في الميدان في مواجهة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مدينة صفد ال




.. تغطية خاصة | عمليات المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال مستمرة |


.. 80-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت