الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علي الوردي ... قرأه الكبار هل نستعيد افكاره ونقدمها علامات طريق للصغار ؟

جميل محسن

2007 / 1 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المتابع لسوق المؤلفات العراقية وإحصاءات تداولها يجيبك ببساطة , إن كبار السن هم عادة من يبحث عن الكتب القديمة وما يعاد طبعه منها لعالم الاجتماع الكبير المرحوم الدكتور علي الوردي . وكأن الحكمة وحدها هي ماتحتويه تلك الأسطر والتعليقات الساخرة وسرد الحوادث التاريخية لما حدث ويجري لشعب العراق عبر الزمن وتقادم السنين .
يبحث المسنون عن العبرة والمتعة والتحليل السليم لما مر بهم وآبائهم من قبلهم , بصيغة السهل الممتنع وسلاسة الأسلوب والحيادية ثم يختتمون الصفحات ويغلق الكتاب ويعود إلى الرفوف العالية !! ثم ماذا؟ .
لمن كتب علي الوردي ؟ وهل ماسطره قصص تراثية ومقاطع مسلية تنفع للذكرى وأحاديث المساء ؟ أم جدليات فلسفية وضع فيها أصابع على الجرح العراقي النازف وأسبابه في الماضي من القرون والسنين والحاضر كما سنرى , وربما المستقبل إذا لم تصحح المسيرة .
تاريخ العراق المضطرب والمتداخل يبدأ عنده وقت معركة صفين بين أنصار الإمام علي وجيش معاوية وما حدث قبلها بقليل , وما تراكم بعدها , مشاكل وانقسامات وصراعات لاتزال آثارها وانعكاساتها المدمرة تمنع المجتمع العراقي من التهدئة والعيش المشترك بتنوعاته الدينية والقومية والطائفية والمذهبية .
- في لمحاته عن تاريخ العراق الحديث نراه يركز في عدة مجلدات عشرات السنين من الهم العراقي وبدايات القرن العشرين ونشوء الدولة الجديدة متحدثا عن ازدواجية الفرد العراقي ضمن مجتمعه المحيط المختلط بين قيم البداوة والمدنية , ولا تهمه أي الوردي السياسة وتقلباتها بقدر تطبيقاته لمفاهيم علومه الاجتماعية على طبائع وتصرفات الأفراد في علاقاتهم بالآخرين ونظرتهم الى السلطة أي كان الحاكم , الجائر تاريخيا , مهما تغيرت مسمياته , أو انتقل الى الحداثة .
- الى حد الخمسينات والستينات من القرن العشرين ومؤلفات ومساجلات الدكتور الوردي مع الرأي الآخر المختلف , واحتدام الجدل بين النخب الفكرية العراقية والانتقال الى عامة الناس بين مؤيد ومعارض هو الأكثر إثارة وانتشارا وتباينا في ردود الأفعال , ويتحول الفيلسوف العراقي الأكثر قراءة وتداولا بخطه الإصلاحي في مجتمع التطرف وأحادية الرأي والنضرة من مختلف الفئات لتنصب عليه التهم حتى من اقرب الناس إليه بالرجعية والجمود الى ماتجود به قرائح الأعداء والكارهين من مساوئ وصفات غير محمودة معادة في كل زمان ومكان لأصحاب الحداثة من سقراط إلى غاليلو الى الوردي , ناهيك عن المسبات والشتائم والتكفير .
- في أسطورة الأدب الرفيع ذهب الى العامة وسلمهم مفاتيح الكلمات والحروف ليشكلوا منها مايشائون من جمل وأحاديث يفهمونها وشعر ونثر بعيدا عن القوالب الجاهزة لتجار الشعر والقافية وحذلقة الفصحى عالية المستوى , التي لاتليق إلا بالملوك والأمراء ومن يتملقهم من الشحاذين ويقبض الثمن .
- واختصر في مؤلفات مثل خوارق اللاشعور ومهزلة العقل البشري ووعاظ السلاطين , الكثير من مراحل تطور وتمازج وتداخل وتصادم منابع الفكر العالمي وصولا إلى الإغريق , والعرب عند الجاهلية والإسلام , وامتدادات ذلك كله في الجسد العراقي زمن الخلفاء الراشدين والدولة الأموية والعباسية والعثمانية مرورا بالاحتلال البريطاني ثم إرساء دعائم دولة عراقية حديثة وما تلاها من نعاقب حكومات وأحداث .
- معركة صفين , التحكيم, رجوع جيش الإمام الى الكوفة , انتشار الجدل والتخوين بين العراقيين , انقسام المجتمع والفتن الداخلية , الالتجاء للسلاح بين المتحاورين , حركة الخوارج , مقتل الإمام علي , بداية التشيع حول الإمام الحسن , فاجعة كربلاء واستشهاد الحسين , ظلامية العهد الأموي ازدهار المدارس الفكرية والاجتهاد داخل الصف الإسلامي في العراق , المعتزلة والتصوف والمذاهب , انتصار العباسيين تحت راية المعارضة العلوية , اتجاه العباسيين للحكم وفق الخط الأموي بعد سحقهم إياهم , انتقال التشيع والعلويين نحو المعارضة الدائمة , الغزو العثماني والصراع الدائم مع دولة فارس على ارض العراق , الأتراك يقربون سنة العراق ليساعدوهم في الحكم والسيطرة , والفرس يحاولون احتواء الشيعة للغرض نفسه ,
تبادل احتلال العراق بين الإمبراطوريتان العثمانية والفارسية يعمق الاختلاف الداخلي في المجتمع بين السنة والشيعة .
ويبدأ الوردي بطرح الأسئلة !؟
هل صراع الطائفتان في العراق لسبب فكري اجتهادي خدمة لمصلحة عامة ام تعلق بأفراد ؟
هل هو صراع علي وعمر , ام علي ومعاوية ؟
مع من يقف عمر عند الاصطفاف ؟ مع علي او مع معاوية ؟
ولماذا ؟
هل هنالك فرق في السياسة والحكم والنظرة الى الإسلام كما جاءت به رسالة النبي محمد بين عمر وعلي ؟
- ماسبق ليس الغاز تسلية , او تساؤلات ينال أصحاب الحلول فيها الجوائز , بل قضية دماء تسيل في ارض العراق , التربة الخصبة لزرع كهذا من الشمال الى الجنوب , ويجيش فيها الآلاف للقتال , مع من ؟ وضد من ؟ .
تجيب مؤلفات الوردي بوضوح , ويسطر مايعتقده إجابات شافية قد تقدم البديل للغلو ورغبة الانتقام , لمن لم يعد يرى في الآخر غير عدوه ! .
- علي الوردي لاتبحث عنه الأجيال الجديدة وربما لم يسمع به غالبيتها ,كاتب قديم في علم الاجتماع! ثم ماذا ؟ .
- متى يعلمون انه لايتحدث عن الماضي بل عن الحاضر والمستقبل .
- كتب عن التناقض في شخصية الفرد العراقي , وأجاد في تبيان الفرق والمسافة بين مايتقوله من مثاليات وقيم , وما يتصرف به البعض من أنانية وتسلط وعدوانية وحب الذات ! .
- ذلك بعض من كثير يحسب للدكتور الوردي , دراسة وفحصا وتحليلا لأمراض المجتمع العراقي , يستوجب من الإعلام المتعامل والموجه لفئات هذا المجتمع إعادة نظر وشرح ونشر بطريقة تتلاءم وتقبل استيعاب هذا الإرث الثمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة