الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية -3

علي وتوت

2007 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مفهوم المجتمعات الإسلامية:
أما المجتمعات التي توصف بـ (الإسلامية) فلا يزال غامضاً نوع الإسلام المفترض أن يكون سمةً أو وصفاً لها، ولذا فإنك تجد أن معظم الدول الإسلامية تتشابه في أن أحد مكونات دساتيرها الافتراضية هي أن دين الدولة (المعنية) هو الإسلام، منتسبةً بتنظيمها السياسي أو الاجتماعي إلى الإسلام. لكن هذا الإسلام الموجود في مصر يختلف عن ذلك الموجود في العراق، وكلاهما يختلفان عن ذلك الموجود في ماليزيا، وإسلام تلك الأخيرة يختلف عن إسلام إيران مثلاً. بل إن الإسلام السني (تحديداً) في باكستان مثلاً لا يماثل نظيره في السعودية. فما هو الإسلام المقصود الذي تنتسب إليه أكثر من أربعين دولة ؟ هل هو الدين كتجريد كما هو موجود في النص المقدس وكتب السيرة ؟ أم هو فهم المجتمعات المختلف لتلك النصوص ؟
في محاولةٍ لردم الهوة بين النماذج التطبيقية للدين الإسلامي في المجتمعات التي تتصف بذلك الوصف، نؤكد هاهنا أننا نتحدث عن فهم المجتمعات التي ينتشر فيها الإسلام، وممارساتها المبنية على ذلك الفهم، أي أننا ودفعاً للإلتباس نتحدث عن مفهوم (التدين)، وليس عن (الدين). ووفقاً لهذه الرؤية هل يمكن الحديث عن علاقة بين الديمقراطية والإسلام ؟ أم إن لهذه العلاقة الافتراضية إشكالياتها ؟

في إشكاليات العلاقة بين الديمقراطية والإسلام:
فلا شك أن لكلا المستويين (أي الإسلام والديمقراطية) منظومة متكاملة من القيم. وإن منظومة القيم الديمقراطية الحديثة تختلف اختلافاً كبيراً في الأسس والبنى نظرياً وتطبيقياً عن منظومة القيم الإسلامية. إن هذا الاختلاف في القيم هو الميدان الحقيقي لـ (الخلاف) في الواقع. فرجال الدين المسلمين حين يرفضون (الديمقراطية الغربية) فهم يرفضون (منظومة القيم)، التي تقوم تلك الديمقراطية عليها وتنبني بها في المجتمع (الديمقراطي)، قيم مثل اللبرالية (الحرية) والفردية والشفافية والعدالة والمساواة أو التكافؤ أمام القانون ومحاسبة السلطة، واستقلال القضاء وسيادة القانون، والرجوع المنظم إلى إرادة المجتمع في وسيلةٍ فنية (مثل الاستفتاء أو الاقتراع وفق ضوابط قانونية مشروعة) للتعبير عن إرادة الغالبية، وحرية الرأي والتعبير، والتعددية السياسية، ومبدأ تداول السلطة، والفصل بين السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، وطبيعة العلاقات مع الدول الأخرى، وآداب السلم والحرب، و... ما إلى ذلك من القيم الديمقراطية فيما يخص الشأن السياسي، مثلما لا ينسون رفض القيم الاجتماعية على صعيد الفرد وتربيته، والأسرة وموقعها في المجتمع الاجتماعي، وموقع المرأة في المجتمع، والأخلاق وإخضاعها للأغراض المادية، والنظرة إلى المستقبل، وثقافة التعامل مع التقانة الحديثة الموجودة و... ما إلى ذلك من القيم الاجتماعية السائدة في المجتمعات الديمقراطية.

ولكن كيف تعامل المسلمون والثقافة الإسلامية مع القيم الحديثة للديمقراطية ؟
يمكن في محضر الإجابة عن هذا التساؤل أن نؤكد على أن المسلمين بتياراتهم وحركاتهم الاجتماعية والدينية والسياسية، تعاملوا مع المتغيرات الكبرى التي حصلت وتحصل في العالم، لغاية اليوم، بردود فعل مختلفة، لكنها تتلخص بتيارين واسعين، هما:

الأول: تيار الإصلاح والتجديد:
ويتمثل هذا التيار بمحاولات التجديد المطروحة في الفكر الإسلامي منذ القرن التاسع عشر، والتي فرضها التحدي الحضاري والتقدم التقني للمجتمعات الغربية. وقد شاعت المشروعات المختلفة لهذا التيار الذي حاول رواده ومفكروه بمختلف طوائفهم (من أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والميرزا النائيني والشيرازي ورفاعة الطهطاوي ومحمد إقبال ومالك بن نبي) استخدام معطيات التقدم العلمي والحضاري والثقافي للغرب لتقديم أطروحاتهم التجديدية، ومحاولة تكييف هذه المعطيات مع الثقافة الإسلامية، التي فيها من الغنى والاتساع والمرونة ما تستطيع معها أن تستوعب تلك المعطيات والمفاهيم (راجع على سبيل المثال: تخليصُ الإبْريز في تَلخيصِ بارِيز لرفاعة الطهطاوي، وتنبيه الأمة وتنزيه الملة للميرزا النائيني).
وعلى الرغم من أن التيار الإصلاحي والتجديدي كان الأكثر جدارةً بمواجهة الحاضر وقيمه الثقافية الحديثة، فإنه ظل محدوداً في تأثيره، وغير فاعلٍ في المجتمعات الإسلامية، وذلك لعوامل عدة. لا شك أن أهمها هو اختلاف المفكرين التجديديين والإصلاحيين في أهمية التجديد الذي يجب إن ينطوي عليه الخطاب الديني، وكذلك في مقداره. مثلما شكل ظهور التيارات السلفية المتشددة بالتزامن مع ظهور التيار التجديدي أو الإصلاحي، عائقاً آخر في طريق عملية الإصلاح والتجديد. إذ سعت التيارات السلفية المتشددة إلى إفشال المشروع الإصلاحي والتجديدي عبر التقرب من السلطة من خلال تبريرها التسلط الدكتاتوري للحكام، مما جعل من قضية الإصلاح والتجديد تركن جانباً وتحسب على القضايا المؤجلة لغاية اليوم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa