الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعي العراقي .. انعدام اللون والرائحة والطعم..... 2

عارف معروف

2007 / 1 / 6
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


يمكن صياغة المسالة على نحو اخر اكثر بساطة ووضوحا . بالسؤال عن الحافز الذي يمكن، اليوم، ان يحفز عضوا في الحزب الشيوعي العراقي للعمل ويشعل بين اضلعه الحماسة، بعد ان انتهى حلم المستقبل والوعد بجنات الاشتراكية التي تجري من تحتها الانهاروالتي تكمن في" منعطف ما " ستصله حتما المسيرة المعطاء بتضحياتها واستمرارها وفق برامج قيادة الحزب التي تستشرف المستقبل وتبصر البعيد وسواءا بجهد الطبقة العاملة العراقية او عبر " تحالفاتها " مع طبقات وفئات اخرى ترى "قيادة الحزب " انها " تقدمية "او ذات مصالح منسجمة مع مصالح الطبقة العاملة في هذه الفترة او تلك او تغيرها فورا الى "فاشية " في مرة اخرى دون الاهتمام بسند علمي او تحليل ماركسي . او فكرة النخبة الواعية المناضلة والمضحية من شغيلة اليد والفكر التي تربط مصالحها بمصالح الطبقة العاملة وتتشوف الى عالم جديد سعيد يتحرر فيه شغيلة اليد والفكر. او الطليعة المثقفة الثورية التي يرتب عليها وعيها بدورها ومسؤوليتها التاريخية التضحية والعذاب والشهادة...او كل ذلك الكم من الافكار والحوافز " الجميلة " التي تستند، في الجوهر ، الى فكرة معاناة وعذابات المؤمن الدنيوية وتضحياته الجبارة في الدار الاولى ليفوز بالجنةوالسعادة في الدار الاخرة ، و التي كانت ، لاسباب كثيرة لايمكننا التوسع فيها في حدود هذا المقال ، تحقق نوعا من الشد واللحمة .او تعطي شيئا من الزاد والوعد. ما عسى ان يحفزه، ذلك العضو في الحزب الشيوعي العراقي، اليوم وهو ينظر بعين الشك الى الماركسية ويستحي من اللينينية بصدد الحلم المستقبلي وامكانية تغيير العالم الذي حّوله الحزب ، منذ امد بعيد الى نوع من الحلم المستحيل خصوصا وانه شهد بعينيه انهيار ما كان يثقف على انه خالد وازلي وقابل للتطور الى آفاق لاتحد ،وتواريه في لمحة عين ! من وماعساه ان يحارب ولم يعد ثمة اعداء لا طبقيين ولا غيرهم والحمد لله ، حتى الامبريالية الامريكية اصبحت مجرد خطأ او تعصب او مزايدات كلامية لم " نجن منها سوى الخراب " وهؤلاء هم الامريكان والبنتاغون والسي آي ئيه وكل ما ربي عليه طوال عقود من الغيلان والشياطين يملأون البلد ويديرونه بعد ان " حرروه" وهو يغني في مقراته ويرسم ، كما كان دائما ، حمامات السلام والزهور ووجوه الاطفال الضاحكة والمستبشرة على اساس " واني شنو بالانكليز ... آني بهالصوب ... همه بذاك الصوب "! على حد قول السكران في مسرحية الخان العراقية .
لاسباب تاريخية معروفة كانت نشاة الاحزاب الشيوعية في العالم الراسمالي المتقدم مختلفه تماما عن طبيعة واسس نشاة "مثيلاتها" في عالمنا " الاخر " سواءا كان ناميا او متخلفا او ثالثا ،او محيطيا ، سمه ما شئت ، وقد رات كلاسيكيات الماركسية ان هذه النشاة كانت " ضرورة تاريخية " افرزتها ظروف وتطورات تاريخية هي الاخرى ، لكن الامر كان مختلفا مع نشاة هذه الاحزاب في عالمنا المتخلف مما كان يجب ان يرتب اختلافات اخرى سواءا على صعيد وعي الذات وطبيعة التكوين او الدوروالغايات المرحلية او ترتيب المهمات و الوسائل ... الخ مما يحتمه المنطق السليم لكن الفهم القاصر والمبتور والمنزوع عن السياق تمسك بمقولة الضرورة التاريخيةوعممها كسبب للنشاة والظهور ، دون مسوغ واقعي او علمي معتقدا ان ذلك سيكسبه نوعا من "الشرعية التاريخية " ، وقد شاعت هذه المقولة وابتذلت كما ابتذل غيرها لدى مختلف الاوساط والحركات السياسية العربية ، وهي بضاعة شيوعية ، حتى اصبح بامكان اية منظمة او مشروع منظمة تضم أي عدد من الافراد مهما صغر ،ان تزعم ان انبثاقها كان استجابة لضرورة تاريخية !! وسيتسبب تبني هذه المقولة والتمسك بها بنتائج ومفاعيل ضارة اشد الضرر مما سنتناوله في حينه ، المهم ان الاحزاب الشيوعية في العالم الراسمالي المتقدم او حتى الوسيط نشات حقا وفعلا سواءا بين احضان الطبقة العاملة او على مقربة منها مما حتم عليها منذ البدء ان تربط ، حلم المستقبل ، الى مطامح قريبة من مستوى اللمس والنظروترى في النضال المطلبي اليومي عنصر شد وجذب لجموع العمال وممارسة او تمرين يومي على الكفاح والصراع الطبقي يسهم في تعميق وعي الذات والموضوع بالنسبة للعمال ، هذا في ظروف الليبرالية وتوفر قدر من الحريات الديمقراطية اما في البلدان التي لاتتوفر فيها اجواء ديمقراطية يمكن معها ممارسة هذه الاشكال من النضال فقد كان يصار الى ربط الكفاح في سبيل الحريات والتحرر مع الكفاح الاجتماعي والمطالب الاقتصادية اليومية حتى الظفر ببعض هذه المطالب وترصينها وتربية العمال والفئات الاجتماعية الاخرى الحليفة بضرورة وجدارة هذا الكفاح وارساء مكاسب اجتماعية لايمكن هدرها او تناسيها لامن قبل الطبقات المكافحة ولا من قبل الطبقة السائدة وممثليها ، لقد انطوى تاريخ البلدان الغربية المتقدمة وهو يشهد اليوم ايضا كفاحا يوميا في سبيل توسعة دائرة الحقوق والحريات والمكاسب ، ولا شيء ابدا ، مما تتمتع به هذه الشعوب وطبقاتها العاملة يمكن ان يكون قد جاء منحة مجانية من هذا القلب الانساني الرحيم او ذاك . وحتى في البلدان التي شهدت انهيار "الاشتراكية" القائمة على راسمالية الدولة سرعان ما ادركت بعض القوى الشيوعية والاشتراكية الحية لديها ان النهضة مجددا تحتم ربط حلم المستقبل الى الكفاح في سبيل ما هو اني ويومي وعاجل ، بحيث امكن ،على نحو ما ، تقليل امر الخسائر على مستوى العلاقة بالناس " الجماهير ، الطبقة ، سابقا!" التي نجمت عن هزيمة وانحسار المثال المشوه الذي عاد بضرر وخيم على الفكرة والنظرية والقوى الاجتماعية التي تتبناها وتصارع تحت لواءها . . ولقد ادرك مؤسسو الحزب الشيوعي العراقي ، وبالذات فهد ، جل هذه المسائل والضرورات وعملوا استنادا اليها و بوحي منها فكان الحزب الشيوعي موجودا على مستوى الكفاح والصراع المطلبي اليومي الذي يبغي منه تعميق وعي الطبقة العاملة بذاتها ودورها ويمرنها على المعارك المقبلة الاكبر ويجر الى ميدان الصراع الاجتماعي المزيد من القوى الفتية المتطلعة الى آفاق مستقبلية ارحب وموجودا على مستوى الكفاح الوطني في سبيل التحرر والاستقلال كقوة رئيسية في جبهة القوى الوطنية المعادية للاستعمار والهيمنة ( بدا حياته اساسا وفق هذا الربط فسمي اولا ، لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) وكذلك على صعيد متطلبات الكفاح العالمي باعتبار ان الكفاح في جبهة العمال العالمية ضد راس المال العالمي هو خصلة او ميزة اساسية تميز كفاح الشيوعيين عن غيرهم ( البيان الشيوعي) والى هذه الاصرة المستندة الى ادراك عميق ووعي اصيل تعود جل نجاحات الحزب الشيوعي المتحققه، وقت ذاك، مما سنعود عليه بالدرس والامثلة الحية لاحقا . ولكن ما الذي نجده بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي اليوم ؟ لقد اختفى او طوي حلم المستقبل ولم يحل محله او يملآ الفراغ شيئ آخررغم ان الساحة العراقية تمور، اليوم ، بمطالب طبقية وشعبية ووطنية كثيرة ومتداخلة، بل انها اصبحت البؤرة الاكثر تركيزا في مسار الصراع العالمي، لكن الحزب يبدو ، حاليا ، ابعد من أي وقت مضى عن امكا نية التصدي لمثل هذه المهام او خوض مثل هذه الصراعات ، فبعد ربع قرن من الغياب الاجباري المطلق ، وعقود طويلة، قبل ذلك ،من الغياب النسبي ، ولشتى الاسباب ، عن هذا الميدان،ضعفت كثيرا قدرة وتجربة ومراس الحزب فيه ، كما ان عودة هذا الحزب الى ميدان العمل العلني بعد سقوط النظام لم تتنج توجها مع استثمار امثل لهذه الامكانيات بفعل متبنيات الحزب السياسية الحالية الذي لم يعد يخفي العديد من قادته سامهم من " منطق الصراع " نفسه ، ان كل ذلك جعل الازمة اعمق والشعور بوطئتها اكثر حدة والشعور باللاجدوى والعجز والاحباط واضحا وفي الكثير من الاحوال يتم التعبير عنه بصراحة وياس.حيث لم يعد ممكنا اشغال المتطلعين الى دور مجد وحضور فعال كجنود طال انتظارهم ،حد الياس، لمعارك حقيقية بنشاطات " كشفية " مثل مسابقات القراءة او معارك ترك التدخين في حين تشتعل البلاد بحرائق حقيقية يتقرر على اساس مصائرها مصائر مصالح ورؤى وافكار وعوالم وبدائل وقرارات تمتد عبر العالم ، بلاد بدات روائح الموت والجثث تفوح منها مشعرة العالم بالرعب والاشمئزاز .( في العام 2004 ، زرت مقر الحزب في ساحة الاندلس بحثا عن أي اشارة الى مصير صديق مضح وكانت سبقتها زيارات عدة لنفس الغاية دون ان اظفر بطائل ،، وجدت ان هناك نشرة تسجل اسماء الرفاق الشيوعيين الذين اقلعوا عن التدخين، في حملة يبدو ان المقر كان يرعاها ولا اعرف ان كانت تمتد الى عموم منظمات الحزب او كانت وقفا على المقر والمترددين عليه ، والبعض منهم سجل انتصاراته و تجربته مع التدخين "ذكرني ذلك بحملات مشابهة ابان السبعينات ، كانت احداها للقراءة ، ونشرت الجريدة انجاز احدهم الذي تسابق ، في القراءة ، مع زوجته واستطاع ان يقرأ كتاب " عشرة ايام هزت العالم " في يوم واحد! !، ان مثل هذه الاهتماما ت جديرة باخوية اخلاقية صغيرة او ناد اجتماعي او منظمة خضر او انصار بيئة في مدينه سويدية ، انها تعويض او بديل غير واقعي تماما او ميدان مضحك لتصريف الطاقات في بلد مثل العراق وشعب يعيش ما يعيشه شعب العراق ، ناهيك عن شيوعيي هذا البلد الذين ينتمون الى حزب له تاريخ كبير يشهد بانه كان احد المصادر الاساسية لصياغة هويته الوطنيةالمعاصرة !
(يتبع...)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط