الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 4

علي وتوت

2007 / 1 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الثاني: تيار السلفية والتمسك بالتراث:
وهو يمثل التيار الأوسع لردود فعل المسلمين تجاه القيم الحديثة في الواقع. وهو يتمحور حول التمسك، المتشدد في معظم الحالات، بما يدعى بـ (السلفية والعودة إلى التراث)، فضلاً عن الالتزام بالمظاهر الدينية وخاصةً السطحية والشكلية منها (كالإصرار على شكل ملبس أو مظهر معين أو حتى حركةٍ معينة)، دون الالتزام بما هو حقيقي من جوهر القيم في هذا التراث.
إذ إن معظم المسلمين، وبدلاً من اعتماد قيم الحداثة، يحاولون تقديم قيمٍ لا تتماشى مع روح العصر الحاضر... إذ إنها (أي قيم الثقافة الإسلامية) لا تمتلك أدوات التعامل مع العصر، ولا تحاول أن تمتلكها حتى!! في حين أنها تود قراءة الحاضر وامتلاك أدواته. لكنهم (أي المسلمون) يتعاملون مع القيم الحديثة للديمقراطية برهبة وحذر، ويتمسكون بمحاولة قراءة الراهن بعين الماضي (المطلق والثابت) الذي يستعيد قواعد مضى عليها ما يزيد على الـ (1400) عام، وتتعامل معه على هذا الأساس.
إذ تعامل المسلمون بتياراتهم وحركاتهم الاجتماعية والدينية والسياسية، لغاية اليوم، مع المتغيرات الكبرى التي حصلت وتحصل في العالم بردود فعل مختلفة، لكن أهمها يتمحور حول التمسك بما يدعى (التراث)، فضلاً عن الالتزام بالمظاهر الدينية وخاصةً السطحية والشكلية منها (كالإصرار على شكل ملبس أو مظهر معين)، دون الالتزام بما هو حقيقي من جوهر القيم في هذا التراث.
بل إن فئة كبيرة من المسلمين تحاول عدم التعامل مع مظاهر المدنية الحديثة لأسباب شتّى، كما هو الحال في عدم تعامل بعضهم مع المدارس العصرية، أو منع بعض المسلمين لتعليم بناتهم، أو فرضهم النقاب على وجوه نساءهم، أو تحفّظ الكثير منهم (المسلمين) على الوسائل التقنية الحديثة كالتلفزيون والستالايت والموبايل وغيرها.
فيما لا زالت ممارسة التعليم الديني على الاشـكال القديمـة، فمكانها الجامع والمسجد، كما هي معظم الجوامع والمساجد في ودور العبادة عموم بلاد المسلمين، وعادةً ما تأخذ هذه الممارسات، في العقود الأخيرة، شكلاً تحريضياً ضد القيم الحديثة، بل وضد الغرب عموماً باعتبارهم كفاراً وبلادهم هي بلاد الكفر، - علماً أن الغالب من الغرب هم مسيح أو يهود وكلا الديانتين هما من الأديان التي يفترض بالمسلمين احترامها، فضلاً عن الإيمان برسلها وما أتوا به - وأصبحت هذه الجوامع ودور العبادة حواضن للتطرف والإرهاب في البلدان التي تنتشر فيها السلفية والوهابية تحديداً. أما وسائل والآليات التعليمية لهذه المدارس فتتمثل بـ (الكتاتيب) و(الزوايا) و(التكايا) التي لا زالت شائعةً في مؤسسات تعليمية إسلامية عريقة كالجامع الأزهر في مصر، وعموم الحوزات الدينية للمسلمين الشيعة في العراق وإيران ولبنان، حتى بعد تحول بعضها إلى جامعات !!.
ومن جانب آخر، فإن الكثير من المفكرين الإسلاميين التقليديين توقفوا عند البحث الاصطلاحي في رفضهم لما جاءت به النهضة الأوربية الحديثة، دون الاستفادة من المضامين الإنسانية التي حملتها، كالموقف من آلية (الانتخابات عموماً) أو (البرلمان) و(التعددية السياسية أو الحزبية) و(حرية الرأي والتعبير) و(الديمقراطية) و... ما إلى ذلك من المصطلحات الحزبية والسياسية، ومصطلحات اجتماعية وقانونية واقتصادية مثل (حقوق الإنسان) و(حقوق المرأة)، ومصطلحات اقتصادية مثل (العولمة) وأخيراً في التعامل مع مصطلحات (العلمنة) وغيرها... كل ذلك التعامل جرى وفقاً لجدل منطقي ساذج يعتمد الغلبة، وليس محاولة فهم واستيعاب الأبعاد الثقافية والاجتماعية التي تهدف إليها.
بل إن المفكرين المسلمين، وفي محاولةٍ واضحةٍ لتشويه النتاجات الفكرية والثقافية الإنسانية الغربية الحديثة، وبيان موقفهم السلبي المطلق منها، فإنهم يتعمدون وصف كل نتاج بشري بـ (المادية) و(الوضعية)، باعتبارها مناقضة للقيم الإلهية !!. مع أن النتاجات البشرية الفكرية والمادية هي من نتاج العقل الذي هو أعظم ما أنعم به الله تعالى على البشر، وكان من أعظم خصائص الإسلام دعوته إلى التفكّر وطلب العلم والسـير في الأرض ودراسـة الآثار واكتشاف آيات الله تعالى في الأنفس والآفاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات