الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصدريون يستعدون والسيستاني يرمي بمقتدى الى المحرقة

سعد الشديدي

2007 / 1 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما تسرّب من معلومات عن اللقاء الأخير الذي تمّ في مدينة النجف بين المرجع الشيعي الأعلى السيد على السيستاني ورجل الدين الشيعي وقائد مايسمى بالتيار الصدري السيد مقتدى الصدر لا يبشر بخير. رغم أن الذين قاموا بتسريب هذه المعلومات كانوا من الصدريين وبهدف الأيحاء أن السيستاني لا يعترض على، بل ربما يباركُ، الخطوات التي أُبلغَ بها من مقتدى الصدر من أعلان التعبئة العامة والتجنيد الأجباري بين أتباعه. فقد تمّ في اللقاء، حسبما توارد من أنباء، إبلاغ المرجعية بأنها تتعرض لأخطار لا تقلّ عن تلك التي يواجهها التيار الصدري وميليشياته التي تسّمى جيش المهدي. وان أنقلاباً على المرجعية في طريقه الى التنفيذ!!
ولا نعرف ما الذي يقصده الصدريون بالأنقلاب على المرجعية ومن هم أولئك الذين ينوون الأنقلاب عليها. فأذا كان التيار الصدري بثقله الجماهيري الكبير في "الساحة الشيعية" لم يستطع أن يزحزح المرجع الأعلى عن مكانه رغم كل المحاولات الدؤوبة فمن ذا الذي يحلم بذلك؟ ولماذا يلّوح زعيم التيار الصدري للمرجعية بأنهما أصبحا في زورق واحد وأن غرق ذلك الزورق لا يعني سوى نهايةً مؤكدةً لكليهما؟ وما سبب لجوء الصدر الى السيستاني في هذا الوقت على الرغم من أن العلاقة بين الطرفين كانت متأزمة على الدوام؟
من المعروف أن علاقة التيار الصدري بالمرجعيات المتعاقبة منذ السيد الخوئي مرورا بالسيد السبزواري، الذي لم تدم مدة مرجعيته طويلاً، وأنتهاءاً بالسيستاني كانت، وما زالت، على درجة عالية من التعقيد وغير خالية على الأطلاق من الأحتقانات والمواجهات المتعاقبة.
صحيحٌ ان الصدريين لم يجرؤا على التصريح علناً بعدائهم لمرجعية النجف العليا. ولكنهم بدؤا حقبة نشاطهم السياسي بعد أيام قليلة على احتلال القوات الأمريكية للعراق بقتل وتقطيع جثة السيد عبد المجيد الخوئي، أبن المرجع الأعلى الراحل الأمام الخوئي. وكانت تلك أول جريمة بشعة تُرتكب في العراق الجديد.
ولم يكن عبد المجيد الخوئي هو المقصود بصفته الشخصية فقط بل لأرتباطه وقربه من المرجعية العليا. وقد فهمت الأوساط المحيطة بمرجعية النجف ذلك ولكنها، ولأسباب لا يعرفها إلا المقربين، فضلت الصمت. ولم يقف الصدريون عند هذا الحدّ. بل أستمروا بعد ذلك بأستفزاز المرجعية الشيعية وغمزوا جانبها مراراً حينما دعوا الى تأسيس الحوزة الناطقة لتكون بديلاً عن الحوزة الصامتة.
والحقيقة أن الحوزة هي مجرد مؤسسة علمية مهمتها الأولى والأخيرة تنحصر في إعداد علماء الدين الشيعة الأثناعشرية وليس من مهماتها أو واجباتها أن تكون صامتة أو ناطقة، شأنها في ذلك شأن كل المؤسسات العلمية الأخرى. ومطالبتنا الحوزة أتخاذ مواقف سياسية معلنة يشبه تماماً مطالبتنا لجامعة بغداد مثلاً بأتخاذ مواقف من الأحداث السياسية وهذا لا يجوز. فأن ذلك من مهمات قيادة الدولة التي تتبع لها الجامعة.
ما كان الصدريون يقصدونه بدعوتهم لتأسيس الحوزة الناطقة يمكن فهمه على أنه كان دعوة لنسف "المرجعية الصامتة" التي لم تقم بواجباتها بقيادة وتوجيه، بل على الأقل الدفاع عن، أبناء المذهب الشيعي الأثناعشري في العراق الذين تعرضوا لإبادة منظمة إبان الحكم الديكتاتوري البائد، والتأسيس لمرجعية تتصدى لشؤون السياسة بشكل أفضل من ألمرجعية الحالية.
لم يجرأ أحد من الطرفين، الصدريون من جهة والمرجعية العليا وأنصارها من جهة أخرى، طوال الفترة الماضية على المواجهة المباشرة. بل كانا كأسدين ينويان الوثوب على، وتمزيق بعضهما في الوقت المناسب لتصفية حساباتهما. ويبدو أن الوقت المناسب قد أصبح في مرمى البصر.
فبعد أخذٍ وردّ وبعد سنوات من الجهود الأمريكية لتحييد وأمتصاص هذا التيار تبينّ انه لا يمكن لا للأمريكيين ولا لغيرهم مجرد التوقع بما يمكن للصدريين القيام به سياسياً وعسكرياً. فهم اليوم مع الحكومة يتربعون على كراسي الوزارات وأعضاء مجلس النواب وغداً مع المقاومة المضادة للأحتلال والعاملة على تقويض الحكومة. أنهم أذن حالة هلامية لا يمكن السيطرة عليها والأفضل للأمريكيين وحلفائهم، من الأحزاب المنضوية في ما يسمى بالعملية السياسية، الخلاص من هذا العبأ بتصفيته بشكلٍ كامل.
وهذا ما يوضح لنا سبب لجوء قائد التيار الصدري الى المرجعية العليا. فمن الممكن جداً أنه قد شعر أن الدائرة بدأت تضيق من حوله وأنه، وأنصاره، الهدف القادم لقوات الأحتلال الأمريكية وحكومة المالكي. فلا وقت لديه وعليه أستنهاض كلّ من قد يستطيع مساعدته والأستنجاد بمن يعتقد أنهم قادرون على نجدته. ولكنّ زيارته للسيد السيستاني لا تعني إلا شيئاً واحداً وهو أنه يعي بأن المستقبل لا يخبئُ له سوى ما يخشاه. وذهاب مقتدى الصدر لزيارة المرجعية العليا، أحد خصومه التاريخيين، طالباً منها أن تضفي عليه غطاءاً من الشرعية أمام العراقيين الشيعة، من أتباع المرجعية، وربما بعض الحصانة أمام الأمريكيين وحلفائهم يعني أن الرجل في وضعٍ لا يحسدُ عليه أبداً.
وفي الجهة الأخرى فأن السيد السيستاني هو الآخر يعرف ذلك جيداً. لذلك فهو لم يعطِ الزعيمَ الشيعي الشاب سوى حقنة من الكلام المهدئ وتركه يخرج سائراً نحو قدره المجهول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8


.. -فيديو لقبر النبي محمد-..حقيقي أم مفبرك؟




.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت