الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية- 5

علي وتوت

2007 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السياسة في المجتمعات الإسلامية
أما السياسة في المجتمعات الإسلامية، فإنه بالنسبة للمسلم لا وجود لأدنى تناقض بين الدين والسياسة، إذ إن الثقافة الإسلامية تشيع التداخل بين وظائف المؤسسات. فالمسلمين، بعادتهم لا يؤمنون بالفصل بين وظيفة المؤسسة الدينية ووظائف مؤسسات المجتمع الأخرى. وعلى الرغم من أنهم (أي المسلمين) يرفضون أن تتدخل أي مؤسسة في وظائف ومهام المؤسسة الدينية، فإنهم يرضون أن تكون المؤسسة الدينية ورجالاتها المتحكم الأساس في وظائف ومهام المؤسسات الأخرى، وخصوصاً المؤسسة السياسية. وفيما يخص هذه الأخيرة (المؤسسة السياسية)، فإن الأمر بالنسبة لمعظم المسلمين، كما يقول أحد الباحثين، لا يدور حول تقديس ما، ولكنه يتلخص ببساطة متناهية بما يدعى بـ (أسلمة السياسة)(1). إذ يرى معظم المسلمين أن السياسة بصورتها (الوضعية) الحديثة تبتعد عن الدين كثيراً.

الشورى والديمقراطية
إذ إن المسلمين مثلاً يتباهون بـ (نظام الشورى) كنظامٍ موازٍ للديمقراطية، على الرغم من أنهم يختلفون في معظم تفاصيل هذا النظام إلزاماً أو إعلاماً، وفي ميادين استخدامه، وكيفية تطبيقه وشكله في القضايا التخصصية والعامة. ولكن هل الشورى تعني الديمقراطية كما يشير بعض الإسلاميين ؟
ما يجب ذكره هنا هو أن (مفهوم الشورى في الإسلام) لم يتم التعامل معه ومع مضامينه في كتب الفقه القديمة لأن ممارسة الشورى (السياسية) لم تكن واسعة ولا ذات خطر في التاريخ الإسلامي كما يرى ذلك حسن الترابي في (نظرات في الفقه السياسي)، بل تم الترويج لهذا المفهوم حديثاً من قبل الطهطاوي والأفغاني تحت تأثير الإطلاع على الدساتير الغربية ومفرداتها كما يرى ذلك رضوان السيد في (سياسات الإسلام المعاصر)، وأن مسألة الشورى كفكرة ومفهوم هي قديمة قدم الإسلام لكنها أصبحت أيديولوجيا معاصرة في الخطاب الإسلامي تحت ضغط التحدي الليبرالي الحديث والحاجة لمواجهة الديمقراطية كفكرة استهوت المجتمع الإسلامي الذي وجد فيها قرباً كبيراً من تكريم الإنسان من قبل الله تعالى ومنظوراً إنسانياً يستهوي النفوس التي تم حكمها بحالة استبداد مستديمة، وبنفس الوقت شكلت تحدياً لإثارة أسئلة ومحاور عدة توسل المنظرون فيها بأيديولوجيا الشورى كجواب على الأسئلة والمحاور المطروحة عليهم. ولكن ما هي هذه الشورى التي تشير إليها آيات الذكر الحكيم ؟
- إن مفهوم الشورى الذي يرد في آيتين من آيات القران الكريم هما:
((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين))، سورة آل عمران، آية 159
((والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون))، سورة الشورى، آية 38
وكما هو واضح فإن المفهوم غير محدد المعالم فلا تعرف آليات تحقيقه، ولا إلى أين تنتهي حدوده، ولا مجالات استخدامه، ولا مدى إلزاميته. فقد خاطبت الآية الكريمة الأولى الرسول الكريم (وشاورهم في الأمر)، وأعطته الحق فيما بعد أن ينفذ رأيه دون أن يأخذ بمشورة الجماعة (فإذا عزمت فتوكل على الله)، وقد عبر عن ذلك الكاتب فتحي يكن في كتابه (مشكلات الدعوة والداعية) حيث يقول "إن القائد في النظام الإسلامي هو صاحب الصلاحية في تدبير شؤون الأمة، إلا أنه ليس ملزماً بإتباع رأي الأكثرية في كافة الشؤون والأحوال، وتفسير آية الشورى واضح الدلالة على أن القول الفصل بعد المشورة، إنما يعود إلى صاحب الصلاحية وليس الأكثرية"، لذلك فإن المزاوجة التي حاول البعض أن يجريها بتوأمة الشورى والديمقراطية هي عملية لم يكتب لها أي نجاح، على الرغم من تحميل الشورى بمفاهيم هي فوق طاقتها، بل إنهما يتباعدان أكثر مما يتقاربان (2)، هذا من جهة.
من جهةٍ أخرى فإن هذه السلوكية (الشورى) لم تحدد آلياتها أو طرق تحقيقها، فمَنْ سيتشاور مع مَنْ ؟ وكيف ؟ إذ يعتقد بعض المفكرين أن المشورة تكون بين الحاكم (الذي لا يعرف أصلاً كيفية وصوله إلى سدة الحكم) وبين مَنْ يدعون بأهل الحل والعقد، وهؤلاء في العادة غير مشخصين فلم تذكر لنـا كتب التاريخ الإسلامي الكثيرة عددهم ! أو كيفية ترشيحهم أو تنصيبهم في هذه الوظيفة، وكم هو عددهم، و... ما إلى ذلك من الأشياء!!

الهوامش
(1) مُراد هوفمان: ديمقراطية _ شورى قراطية، http://www.balagh.com/islam/vh0vdfsx.htm
(2) علي الدباغ: الجذور الدينية للاستبداد، موقع قناة الجزيرة وفق الرابط: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F3F4B28D-3BC5-42D8-98BD-A7C5A36E6B3A.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله