الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية-6

علي وتوت

2007 / 1 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وهنا يكون لزاماً أن نطرح هذا السؤال: - هل كان بالإمكان أن تنمو الديمقراطية بنفس الأسس والآليات في المجتمعات الإسلامية وانطلاقاً من قيم المسلمين وثقافتهم ؟(1 )
ونستطيع القول أنه ومن تجارب ناجحة لمجتمعات أخرى في بناء الديمقراطية، كانت ثقافتها مغايرة لثقافة المجتمعات (المسيحية) الغربية، سواءً كان ذلك في الدين أو في المنظومة الأخلاقية، كما هو الحال في مجتمعات مثل اليابان ذات الديانات المتنوعة والقيم الأخلاقية الشرقية المتحفظة، أو كوريا، أو حتى الهند ذات الديانات واللغات المختلفة والقيم الأخلاقية المتشددة، مثلما هو جمود طبقاتها، بل إن هناك تجارب ناجحة لمجتمعات إسلامية فرض التحدي الحضاري عليها البحث عن صيغ أخرى للمقاربة بين دين فيه من الغنى والاتساع والمرونة ما يستطيع معه أن يستوعب مفاهيماً معاصرة كالديمقراطية، هكذا فعلت دول مثل ماليزيا أو إندونيسيا أو حتى باكستان مثلاً (قبل استيلاء مشرف على السلطة بانقلاب!!). عليه يمكن أن تكون لمجتمعات إسلامية حاضنة للديمقراطية.
لكن السائد في الثقافة الإسلامية، بل في العقل الإسلامي بعامة، إذا ما كان التعميم بوجود هذا العقل صائباً، هو الجمود المعرفي (الدوغما Dogma) المتمثل بتصور هذا العقل امتلاكه لوحده الحقيقة !!. فالمسلم يعتقد بأنه على صواب (في دينه وقيمه وتقاليده وثقافته عموماً !!!)، وأنّ الآخرين من باقي الطوائف والديانات جميعاً على خطأ !!!
وفي هذا الشأن لا موجب للتأكيد على أن بناء هذا التصور الدوغماتي (الجامد) لدى الفرد في المجتمعات الإسلامية، يجعل هذا الفرد لا يتقبل منتج الثقافات الأخرى بسهولة... بل إن التطرف لدى فئات معينة من المسلمين المتشددين أضحت لا تقبل بمجرد وجود هؤلاء الأفراد الآخرين أصلاً (والدليل هو ما فعلته وتفعله تنظيمات إرهابية مثل القاعدة وغيرها، وما حدث من تعامل مع الغربيين وأبناء الثقافات الأخرى في العراق هو شاهد آخر) !!! فهل يستطيع العقل الإسلامي طرح الأسئلة الممنوعة من التداول، ليحرك بها الثقافة الراكدة ؟ الأسئلة التي تنجح في فضح وتعرية التناقض في الشخصية المسلمة (بل وفي المجتمع المسلم) أمام نفسها وأمام الآخرين، بسلبياتها الواضحة... لكن المسكوت عنها.. ومن ثم فضحَ سلبيات المجتمع وكشفها بشكلٍ لا لبس فيه !!!.
الأسئلة التي تحاول أن تصل بالعقل الإسلامي إلى رؤية تستند إلى الفهم والقراءة الواعية. هذه الرؤية الكفيلة وحدها بتحديد الكم الكبير من المشكلات المتنوعة للاجتماع الإسلامي (كالفقر والبطالة والجهل والتخلف والمستويات المتدنية للنواتج القومية والاقتصاديات المتدنية والخدمات العامة شبه المعدومة و... ما إلى ذلك من هموم المجتمع، فضلاً عن تطلعاته الكبرى للتحضر والديمقراطية و... ما إلى ذلك من قيم الحداثة. كما إن الإجابة على هذا الأسئلة لا يمكن أن يكون بالسهولة التي قد يفترضها البعض، فلا زالت الجهود المبذولة لإثارة البرك الراكدة في الثقافة الإسلامية قاصرة، فضلاً عن ندرتها، بمقابل سيادة ثقافة التجهيل التي يرسخها المستفيدون من استمرار قيم التخلف.
وبناءً على ما سبق، فإن الواقع يفرض علينا أن نتذكر أن (واو) العطف هي الرابطة الوحيدة بين مفهومي الديمقراطية والإسلام. فحين نتحدث عن الديمقراطية والإسلام نتحدث في الواقع عن مستويين مختلفين تماماً من التنظير الفكري والوجود الواقعي... يصعب إن لم يكن مستحيلاً الجمع بينهما.

الهوامش
(1) نبيل شبيب: المصدر السابق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah