الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


او يمكن للمشغولين بالموت والموتى والثأر من الماضي أن يبنوا دولة عصرية ؟

كامل السعدون

2007 / 1 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



إن من عادات العراقيين الرقص حول الجثث
فخامة السيد الربيعي
_________________________________________________________

-1-
الأنظمة الإسلامية الخالصة كائنة ما كانت خلفيتها الطائفية ، لا يمكن على الإطلاق أن تبني شيئا للناس .
لا تتوقع منها أن ترفع جدارا لوطن أو ترقي بمعمار أو تطور فنّا أو تنجز علما أو تُحسن مستوى معيشة الناس .
اقصى ما يمكن أن يفعله نظام ديني مسيس أنه ينشر القتل ويشجع على الإرهاب ويستمتع بالجثث ، لعقا وبصقا ، وأكلا للأمعاء ورقصا حول الجثث ، هذا إذا كانت الجثث جثث أعدائه ، أما جثث أصدقائه وتابعيه فالتعامل معها لا يختلف كثيرا ، إذ هو لطمٌ عليها وبكاء وشهيق ونهيق ، ونادرا ما تُدفن الجثة ، لأن عملية الدفن قد تفضي إلى النسيان ، والإسلامي لا يريد أن ينسى الماضي ، وكيف ينساه وهو زاده ومتاعه وعتاده ...!
وإن دُفنت في التراب فإن ذكراها في القلب لا يُدفن ابدا ، إنها الثورة الدائمة ... الحفاظ على روح الماضي حية في الحاضر ابد الدهر لكي يستمر الأتباع في النشيج والبكاء واللطم إلى ما شاء الله ، ودفع الزكاة والخمس وبقية متطلبات متعة الشيخ وعائلته وعشيرته .
هذا ما فعلوه في إفغانستان أيام طالبان ، علقوا جنرالات النظام الشيوعي العلماني الذي رقى بالبلد في بحر اربعة اعوام إلى مستوى مُدهش لا يصدق رغم ضعف موارد البلد وضعف أمكانات السوفييت ايامئذ وحيث كانوا مشغولين بحرب باردة ومساعدات مليارية للقوى الثورية في العالم كله ولم يكن لديهم الكثير جدا ليبذروه في صحارى إفغانستان .



المرحومون جميعا ، نور محمد ترقي ، حفيظ الله امين ، بابراك كارمل والآخرون ، ومن ورائهم الحزب جهدوا غاية الجهد في بناء الدولة ... كانوا يعرفون ما يريدون بالضبط ، العلماني وإن اخطأ فهو يعرف ما يريد وإلى اين سيصل ...!
الثوار الإسلاميون المدعومون من السعودية وإيران والخليج النائم على بيضة التراث وزعيمتهم امريكا ، الثوار هؤلاء لم يفعلوا اكثر من قتل السوفييت وتعليق الجنرالات ثم
شرعوا بتخريب كل شيء ، لاحقوا ( النسوان ) في الحارات والبيوت وقمعوهن وأعادوهن إلى الفراش ( لأن وظيفتهن متعة السيد الرجل ) ، اغلقوا صالونات الحلاقة ، أغلقوا المقاهي وملاعب الأطفال ، فرضوا على الناس قصّة شعر معينة وطول جلباب معين ، وكيفية واحدة وحيدة لتشذيب اللحية ، وفرضوا الصوم والصلاة ومنع التدخين ( إلا الحشيش فهو لم يرد بشأنه تحريمٌ أو نهي في قرآن نبي الرحمة ) .
ثم شرعوا بعد أن خربوا البلد بالإقتتال بينهم حتى جاء اسوأهم للأمساك بالعروة الوثقى .
( طالبان ) التي كان ابرز ممارساتها تدمير المعابد البوذية التاريخية التي تُعد من التحف الفنية الإنسانية الرائعة .
وبدلا من أن يوفروا الأمن والكرامة والخير للناس البؤساء ، شرعوا بالتدرب على نشر الإرهاب في العالم فكانت غزوة مركز التجارة العالمي ، التي ذهب ضحيتها ما يفوق الثلاثة آلاف إنسان لا ناقة لهم ولا جمل ولا شأن بأوهام النار والجنة وفسطاط الإسلام والكفر .
إنه الثأر التاريخي من الحضارة ..من التفوق .. من العلم .. من الآخر المختلف ... من الحياة .
الثأر من الحياة لأن المسلم عاجز عن تطويعها لأجندته ، لتفاصيله الفقهية ، لأوهامه ، لقيمه البذيئة .
الثأر هو ديدن المسلم المسيس .
هذا ما فعله الوهابيون في الحجاز ونجد من تقتيل للناس على الهوية والتفصيلة الفقهية ، وما سعوا لفعله في العراق في اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين من تدمير لقبور ائمة الأخوة الشيعة .


وما يجهدون لفعله الآن من مساعٍ لتدمير مسجد النبي وإزالة قبر احد ابناء العباس بن عبد المطلب في فلسطين .
هم حائرون في ملاحقة الماضي ، تصفية ملفات الماضي العتيق ، لا من اجل بناء حاضر ولكن من اجل تسفيه الآخر ، الإنتقام منه ، قتله ثقافيا وفكريا ، تطويع إرادته حتى يصل إلى العبودية التي يسمونها إيمانا .
العبودية للأشياخ ، للماضي ، للسنة المطهرة ، للدستور الذي كتب قبل الف وخمسمائة عام على هامش كتب الآخرين وأساطيرهم وأعرافهم ( التوراة والإنجيل واساطير البابليين وعادات وتقاليد القرشيين الوثنيين ) .

-2-

حين نزل الوحي على نبي الرحمة ( ص ) في أن يتزوج من إمرأة تبرعت بجسدها له وبلغ الأمر عائشة ، سارعت تلك هاتفة بإستغراب لا يخلو من السخرية الكبيرة والشك :
( إن ربك ليسارع إلى هواك )
_________________________________________________________

الأخوة الطيبون الحاكمون اليوم في العراق وأعلاميوهم الكبار وبينهم دكتور لامع يدير موقعا عنصريا ، يؤكدون هذا الذي تقوله عائشة مع فرق أن ذاك كان محمد ( ص ) ولم يكن يستعين بأمريكان أو إنجليز أو إيرانيين لتصفية ملفاته السياسية مع الآخرين .
يؤكدون مسارعة الرب في إعانتهم على الظالمين الطائفيين السنة ( من العراقيين والعرب ) بزعامة صدام حسين وعلي المجيد وبرزان التكريتي ....!
في احدى المقالات الرخيصة لدكتور عراقي بائس ( من دكاترة المنفى الأوروبي !! ) ، يكتب عن جثة صدام التي تحولت بقدرة قادر إلى وجه خنزير بشع وأنها تعفنت في ثواني حتى سارع اهله لدفنه على عجل خشية إنتشار وباء رهيب في منطقتهم ( طبعا فاته أن يقول أنها أحرقت للتخلص من الجراثيم ) .
إنه الرب ربهم الذي يمشي على هوى اساطيرهم غير المتقنة .


أما السيد الجميل موفق الربيعي فكلنا سمعنا قوله ولأكثر من مرة من أن صدام حسين كان يرتجف ويبكي ويتوسل ، بينما الكاميرا لم تعكس شيء من هذا .
وليته بكى وتوسل و( بال ) على ملابسه ... ليته ... ولكنه لم يفعل ...!
الأمر الآخر الذي لا يكف الأخوة الطيبون الحاكمون عن التغني به هو قلم المالكي الذي حمله معه طيلة سنوات المنفى في إيران وسوريا وغيرها ، ثم جاء اليوم ليوقع به ( لله درّه ) قرار الإعدام رغم إحتجاج الأمريكان ( الصليبيين ) ، بل وفاتهم أن يقولوا أنه تشاجر مع خليل زاده وطرده من مكتبه ...!
ويشتغل إعلامهم الثأري الرائع في التغني بحبل المشنقة التي اراد الكويتيون شراءه بالملايين ، ولكن الصدر رفض وأصر على الإحتفاظ به ....!
ودائما .. دائما ...يُردد إعلام الأخوة الديموقراطيون الماضويون وأمام كل نصر ثأري يحققونه ( إنها إرادة الله ) ... ( إرادة الله أن يُعدم المجرم في العيد ) .. ( إرادة الله أن يطير رأس برزان من مكانه لمسافة مترين أو اكثر ) ( إرادة الله أن وأن وأن وووو الخ ) .
آخر إبداعات الدكتور الرائع الذي هنأني صبيحة العيد بإعدام صدام ، فرددت التهنئة بأحسن منها ، آخر إبداعاته ما وصلني اليوم ( من أن ابو بكر لم يكن هو من كان مع محمد في الغار ) .
رغم إن ابا بكر ومحمد وعلي وعائشة وفاطمة لا يمثلون شيء في خيالي لأن وجه أمي وضحكة أطفالي وسعادتهم هي ما يعنيني وهي الاهم عندي والاجمل من وجوه وكرامات هؤلاء ...!
رغم هذا فإني لا استطيع إلا أن اشعر بالرثاء لهذا الدكتور البائس الذي لا يحسن قراءة الواقع ووجه الحياة لأنه مشغول بالبكاء على أطلال الماضي .
هل فيكم ايها الطيبون الكرام من العراقيين من يعتقد ولو قيد انملة أن هؤلاء الناس قادرون على بناء دولة ولو حتى بمستوى دولة غزة وأريحا المتواضعة التي بناها المرحوم عرفات في فلسطين قبل أن يظهر المرحوم الشيخ احمد ياسين ورفاقه الرنتيسي والزهار وهنيه ؟
انا شخصيا أشك في هذا .




-3-
منذ ما قبل التحرير بسنوات كتبت وكتب غيري عن حق اليهود العراقيين بالجنسية العراقية والتعويض عن املاكهم المسلوبة وحقهم بالعودة ، هم أو أبنائهم أو احفادهم للعراق الديموقراطي العلماني الذي سنقيمه عقب إسقاط النظام .
ومرة كتبت عن حق المنظمات غير المشروعة في العالم الإسلامي ، كالماسونية والبهائية ووو في العمل في العراق الديموقراطي الحر الذي سنقيمه على انقاض نظام الجريمة الصدامي .
وكتبت مرات وكتب غيري عن حقوق الآشوريين والكلدان والأيزديين العراقيين بالعيش الكريم في عراق ما بعد صدام حسين ، وحقهم في وزارات ورئاسة جمهورية ورئاسة برلمان وووو !
وكتبت وكتب غيري عن حق الكورد الفيليين والتركمان والكورد والشيعة بالتعويض المجزي عن قتلاهم وتضحياتهم وأعمارهم التي ضاعت في المنافي ... !
يا الله كم كنت حالماً ... يا الله ... كم كنا حالمين ...!
اليوم تُطرد أمي وأخوتي وأبنتي الكبرى وأخواتي من مدينتهم التي عاشوا بها قرابة قرون عديدة ، لأنهم ليسوا من المؤمنين بأن علي ولي الله ...!
وكأن علياً بيننا الآن لنعطيه الولاية والحكم ...!
ولو كان بيننا لقتلوه ثانية كما قتلوه اول مرة ، وكما قتلوا اولاده واحفاده ، الحسين وزيد بن زين العابدين وكم هائل من الحسينيين والحسنين الذين قُتلوا على يد اتباعهم ( آتباع آل البيت ) ، ثم الشهيد فيصل الثاني حفيد شريف مكة ثم محمد باقر الصدر ومحمد محمد صادق الصدر وأخيرا الشيخ النبيل مجيد الخوئي ...!
جميع هؤلاء قتلوا على ايدي الأخوة الكرام الطيبون ( اتباع آل البيت ) ، باليد أو بالتواطيء أو بالإنسحاب وتركهم يُواجهون مصيرهم بلا ناصر ولا معين .
ويعزيني تافه قميء لا يعرفني ولا اعرفه ولم يقرأ لي ولا قرأت له سابقا ، وكل ما يعرفه مني إسمي ، يعزيني بوفاة المجرم عواد البندر ، بينما كنت انا احد سجناء البندر لعدة اعوام ، وبينما اعيش انا في المنفى قبل أن يأتي الأمريكان لإسقاط نظام صدام ، وإنطاق الصامتين الأزليين من امثال صاحبنا القميء هذا ...!


هل تتوقعون أيها العراقيون الطيبون أن لي أو لكم مكانا في هذا العراق الجديد ...!
هل تتوقعون أننا يمكن أن نعود لنموت وندفن في قرانا وبين احبابنا ...!
انا شخصيا اشك بذلك ...على الأقل لغاية الآن ، أما إذا اشتعلت الحرب الأمريكية الإيرانية وتلقى الحاكمون الجدد صفعة قوية من الأمريكان فإن مثل هذا الحلم يمكن أن يكون واقعيا ..!
من يدري ... ربما ..!

-4-

أظن أن امل العراقيين الديموقراطيين والعلمانيين من عرب وآشوريين وكلدان وصابئة وتركمان وغيرهم ، املهم الوحيد الآن هو في دعم أخوتهم الكورد وحثّهم على تعميق النموذج الكوردستاني الرائع ليكون بديلا عن عراق الطوائف فيما لو تعززت الطائفية اكثر وتفرق الأخوة الأعداء من السنة والشيعة إلى فسطاطين على قول القميء بن لادن .
املنا الوحيد هو في كوردستان والتجربة العلمانية الديموقراطية الكوردية الرائعة .

-5-
من يبكي منذ الف وخمسمائة عام على ميتٍ ، من المستحيل عليه أن يبني دولة للأحياء عام 2007 .
_______________________________________________________
النرويج – 16 كانون الثاني - 2000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم


.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا




.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت