الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمات التخلف العقلي

فيليب عطية

2007 / 1 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لو اجتمع بعض من هواة الاحاديث ليتباحثوا في الصفات العلوية والسفلية لبعض الآلهة التي ملأت سماء العالم القديم كأبوللو ورع وبتاح وخنوم.....الخ..الخ لاتهمهم الناس علي الفور بالجنون او علي الاقل بالكفر والفسوق ،فمن تكون تلك الآلهة العظيمة -احدي اعظم الابداعات العقلية في التاريخ الانساني -التي خرج علينا اليهود ومن لف لفهم من رعاة الابل ليعتبروها محض هراء -نوع من الاصنام والازلام التي لايجوز الاقتراب منها -ويتربع يهوه في النهاية علي عرش الآلهة ويستحوذ علي ماشاء من الصفات الحسني.قد يكون كل هذا مقبولا ومعقولا فالفكر الانساني يتطور ويتقدم وفقا لخبرات الانسان وتطوره علي جميع المستويات ،وشتان بين يهوه كما تصوره مؤلف سفر التكوين مثلا وبين يهوه كما تصوره فلاسفة المسيحية في القرون الوسطي وقد وقرت في اذهانهم مقولات افلاطون وارسطو الشامخة عن المطلق والمتعالي واللامحدود واللامتناهي......ودقي يامزيكا ،لكن الامر يتحول الي العبث المطلق حين نجد امة بكاملها-بمثقفيها ومفكريهاورعاعها ولصوصها-تجعل من هذا الموضوع طبقها المفضل ويتحول الامر برمته الي ما يشبه التباهي بالانساب ،ولامانع بين الحين والآخر ان ينتهي الامر بمعركة ،ولايكون الخاسر سوي هذه الامة التي اختلط فيها ثراء الوادي بجفاف الصحراء
من المعروف بالطبع ان من سمات التخلف العقلي تفسخ الفكرة وعدم منطقيتها وما هو انكي من ذلك : احتلالها للدماغ بحيث لايملك صاحبها من امرها شيئا بل ويمكن ان يصل الامر الي نوع من الثغاء اشبه بثغاء البلبل او الهدهد ولم يكن محض مصادفة ان يكون الهدهد رسول سيدهم سليمان
انهم لايجرؤون علي تناول الفكرة من جذورها :من اين اتت فكرة الاله ؟
سوف يجيب هواة الفلسفة التقليدية :بالطبع من تفكير الانسان بالسبب والنتيجة او العلة والمعلول ،ولما كنا نعيش في كون معقول وملموس فلابد ان يكون لهذا الكون من خالق ،اما المتحذلقون من العلماء فسوف يسارعون بالقول :كون بهذا الاتساع والتعقيد لابد له من خالق ،وانظروا كي نرتاح من هواة النقاش والثرثرة هانحن قد وجدنا جينا او مورثا يقودنا الي معرفة الاله،اما رجل الشارع العادي فلا يعنيه من كل هذا الامر شيئا ،فالاله ضروري كي يجنبه شر الذئاب التي تحيط به ،والاله ضروري كي يضمن رزق يومه فلايجوع ولايتعري ،والاله ضروري كي يلتمس في ملكوته كل هؤلاء الاحباب الذين فقدهم ،والاله ضروري كي يقبل علي مضض تحلله الرمي بعد الموت ولاتقوده رائحة الجثة المتعفنة الي الجنون
كل هذا جميل ومن المنطقي ان يدفع الانسان الي السجود للاله اينما تردد اسم الاله ،لكن عندما يتحول الامر الي الهي هو الاله الحق والهك محض خرافة ،انا المؤمن الحقيقي وانت زنديق كافر ،فهنا يتحول السلوك من سلوك ديني الي نمط ذهني انفعالي لاينطبق عليه الا مقولة التخلف العقلي
قد يكون وراء هذا التخلف بالطبع ازمة اقتصادية خانقة تحاول الدولة ان تجد لها مخرجا فلا تجد الا التصريف الانفعالي تحت وهم الدين ،وقد يكون وراءه طبقة من اللصوص والمنتفعين الذين يحاولون التستر علي فضائحهم بالورع والتقوي ،وقد يكون وراءه ذلك القطيع من المتعلمين الذين يريدون الجلوس علي سدة العروش الثقافية اذ يجدون لذة في كل من يشكر لهم شطحاتهم التخريفية ،وكأننا سنظل اسري ذلك الخطأ القاتل الذي وقعنا فيه منذ القرون الوسطي :نحن قد امتلكنا علم السموات والارض ولانحتاج الي المزيد
وعندما يكتسحنا الغزاة ويحولوننا الي قطيع من العبيد فهذا فضل من الله
وعندما تدمرنا الاوبئة ولانملك حيالها شيئا ....فالله هو الحكيم الخبير
وعندما يحرقنا الجفاف او تطيح بنا العواصف ....فسوف نجد في ملكوت الله الهدوء والسكينة
وعندما يصل العلم الي آفاق تجعل من معرفتنا بالله اشبه ما تكون بمعرفة الاجداد عن رع وبتاح وابوللو ....فنحن دهاقنة العالم ومضرب امثاله
في التخلف بالطبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن