الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديقراطية في العالم العربي من الفكر إلى الممارسة ح1

أحمد زكارنه

2007 / 1 / 23
المجتمع المدني


لا شك أننا استطعنا أن نمارس شيئا من الديمقراطية في إنتخاباتنا التشريعية الأخيرة ، وطالت أعناقنا عنان السماء ونحن نباهي العالم بهذا الحدث الجلل الفريد من نوعة في منطقتنا العربية ، إلى أن ضحك شيطان الموتورون في وجوهنا ضحكة تشبه السخرية وكأنه يقول لنا أنكم فعلتم كمن بهره ضوء الفجر ونزلت الغشاوة على بصره فاستعجل الزمن وأكل التفاحة قبل نضوجها ليصبه الهول فيصبح أسير المرض لا يتمتع حتى بالبكاء ، لتصفعنا صدمة الواقع على وجوهنا فيتضح أننا كنا كمن يباهي العالم بشئ أقرب ما يكون من فصيل " نبات الهالوك" ذلك النبات المتطفل الذي يمتص الرحيق من النبات المحيط به، حيث يقال " مثل الهالوك يحيط بك ويمتص منك ماء الحياة".
من هنا تَطرح الأسئلة المركبة نفسها بشأن تلك الرضيعة الغربية المسماه ب" الديمقراطية" هل نحن كمجتمع عربي نمتلك الاسس الراسخة لتطبيق الديمقراطية؟ وكيف لنا أن نزاوج بين ذلك المولود الغريب وقيمنا الدينية وهويتنا الثقافية؟ وما هي سبل جعل الديمقراطية نظاما فاعلا في وطننا العربي؟ وتذهب بنا الأسئلة لتصطدم بذلك الجدار المحيط بنا من كل جانب، أحقا نحن من أختار المسلك الديمقراطي أم استسلمنا لما يعرف ب " الدمقرطة" والفرق بينهما شاسع وجلي؟؟.
وحتى نستطيع فك طلاسم هذه الأسئلة المركبة علينا أن نلقي نظرة سريعة على تاريخ ومكان وظروف ولادة تلك الرضيعة الأثينية المسماه " الديمقراطية" أنواع وعناصر مكوناتها ، وإيجابياتها وسلبياتها، حيث ولدت الديمقراطية في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد ونظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التى تنطبق عليها المفاهيم الحضارية للحكم الديمقراطي " أي حكم الشعب أو الأغلبية" وهو ما سمى ب " الديمقراطية الليبرالية أو النقية" ، ومن ثم ذهبت موجات الديمقراطية تتخذ أشكالا وانماطا متنوعة إلى أن توسعت في القرن العشرين فاصبحت تنتقل من بلد إلى آخر بشكل متعاقب صاحبه بعض الحروب والثورات وصولا إلى نموذج " الدمقرطة" المفروضة عسكريا من قوى خارجية اسست لديمقراطيات اسميه فقط أخذت من أجراء الانتخابات فصول مسرحية هزلية بداية من إحتلال ألمانيا عشية إنتهاء الحرب العالمية الثانية ومرورا بدمقرطة ما كان يعرف بدول الاتحاد السوفيتي بعد انهياره وصولا إلى تزيين الدول العربية والإسلامية برداء الديمقراطية إما طوعا أو قسرا " الدمقرطة" ولا يستثنى من ذلك الدول الغربية ذاتها حيث كان ومازال بعضها يحكم بنظم ديكتاتورية ترفع شعارات ديمقراطية كاذبة.
وتنقسم أنواع وعناصر مكونات الديمقراطية بحسب منظريها إلى ديمقراطية ليبرالية " حرة" وآخرى إشتراكية وثالثة غير ليبرالية " غير حرة" .. وبتحديد الديمقراطية الليبرالية نجد أنها شكل من أشكال الديمقراطية النيابية حيث تفرض أن تكون السلطة السياسية للحكومة مقيدة بدستور يحفظ بدوره حقوق وحريات الأفراد والأقليات فيما يسمى ب " الليبرالية الدستورية " ما يضع قيودا على ممارسات الأغلبية.
أما الديمقراطية الإشتراكية فتعد مشتقة من الأفكار الإشتراكية في إطار تقدمي وتدريجي ودستوري وكأنها نسخا متطورة من الأحزاب الثورية التي تتبنى لاسباب ايديولوجية إستراتيجية التغير التدريجي من خلال المؤسسات الموجودة عبر تحقيق الإصلاحات قبل إحداث التغيرات الإجتماعية الأعمق ، عوضا عن التغير الثوري المفاجئ ، وتنادي هذه الأحزاب بتقنين الرأسمالية وليس إلغائها.
وبالتطرق إلي الديمقراطية غير الليبرالية " غير الحرة " يلحظ الأختصاصيون أن نظام الحكم في هذا الشكل توجد به إنتخابات تعطي الحق للأغلبية انتخاب حكومة غير مقيدة تجاه انتهاك حرمة الحريات الخاصة والعامة ويرجعون سبب ذلك إلي إنعدام القيود الدستورية على سلطات الهيئة التنفيذية المنتخبة، ما ساهم في تشكيل شرائح معارضة للديمقراطية اطلقوا على أنفسهم " حركة الفوضويين" نكاية في تعريف مصطلح الديمقراطية ، بالرغم من سعيهم الدؤوب لترسيخ الحقوق المدنية ومعاداة الحروب على قاعدة أن صوت الأغلبية يحقن الدماء ولكنه لا يقل عشوائية عن القوة الغاشمة.
هذا الرأي وغيره يدفعنا للبحث عن الشرعية السياسية لثقافة الديمقراطية ومدى تأثرها أو تأثيرها بالقيم الإنسانية والأخلاقية؟؟. وهو ما أكد عليه أحد كبار المفكرين الليبراليين الإقتصادي النمساوي" فون هايك" حين قال " لا أريد أن أجعل من الديمقراطية وثناً يعبد ، فربما يكون حقا أن جيلنا يتحدث ويفكر أكثر مما يجب عن الديمقراطية ، واقل مما يجب عن القيم التي تخدمها.. إن الديمقراطية في جوهرها وسيلة ، إنها أداة عملية لضمان الأمن الداخلي والحرية الشخصية فليست هي بهذه المثابة معصومة ولا مضمونة كما يجب أن لا ننسى أنه كثيرا ما تحقق قدر من الحرية الثقافية والروحية في ظل حكم مطلق أكثر مما تحقق في بعض الديمقراطيات".. وهنا بيت القصيد حيث يطل السؤال الأبرز بالنسبة لنا كفلسطينيين وعرب وهو كيف نطبق الديمقراطية في منظومة مجتمعات تربت على ثقافة الإقصاء وإنكار الاخر كالمجتمعات العربية؟؟. وإلي أي مدي هناك علاقة تبادلية بين القيم الإجتماعية والثقافة الديمقراطية؟؟. حيث إن المنهجية الثقافية للديمقراطية تحتم ضرورة وجود حس
وطني بالقيم المشركة للمجتمع صاحب الهوية واللغة الواحدة أو ما يعرف ب" الوطنية" وهو ما يوجد حوله جدال واسع سنناقشة في الجزء القادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية