الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزبالة والهبالة وتنابلة السلطان

فيليب عطية

2007 / 1 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من عاداتنا المستحكمة ان نحول الحياة الي ماتش كورة ،وهكذا من الطبيعي ان يتحول الحوار بين الديانات الي التشجيع المأساوي للنادي الذي ننتمي اليه ،ولأن اللعبة قد دخل اليها مشجع جديد يعدنا بالويل والثبور وعظائم الامور ،وهاهو قد دبج خمس مقالات ضد الطبيبة الملحدة او فلنقل ضد المسيحية المستخفية او فلنقل ضد اللهو الخفي الذي لاتعجبه حكمة الاسلام او عجائب لغة القرآن او الاعجاز الحضاري للشعوب التي اعتنقت الدين الحنيف وتحتل مكانها بجدارة في سلة الزبالة العالمية وتعتمد علي الغرب اعتمادا مطلقا سواء تعلق الامر باللقمة والرغيف او بالحاسوب والكنيف ،لايهم هذا فالغرب اما كافر زنديق او مسيحي غميق ،ونحن لنا الاسلام الذي رفع راية التوحيد وكللنا بالفضائل والتمجيد ،والخلاصة تحول الامر برمته الي اهلي وزمالك او شرق وغرب او دين وكهين وعلي كل طرف فليتراهن المتراهنون ويتبارز المشجعون ،والي الجحيم بالعلم والمنطق والتاريخ
كان هذا يحدث في العصور الوسطي وكان كل من يجيد الزعيق والنهيق يحظي بمكافأة من الخليفة او السلطان :صرة من الريالات او جارية من الغيد الحسان لتستمر مأساة من اعمق المآسي الانسانية :شعوب من اوائل الشعوب التي صنعت الحضارة ترتد الي الدرك الادني من التخلف الي الدرجة التي جعلت نابليون بونابرت في غزوته لمصر لايجد عربة شحن واحدة ويعتمد في نقل المؤن والعتاد علي البغال والحمير
وهنا يحق للمرء ان يسأل :اين كان الدين الحنيف من هذا الكنيف في الوقت الذي كانت فيه اوروبا قد دخلت عصر المصنع والفابريكة ،ولم يكن محض صدفة ان تتقدم فرق العثمانيين الغازية قبل بونابرت بعدة قرون شارات المتصوفة واهل الطرق ،ولن نغوص في التاريخ اكثر من هذا فالقارئ علي علم بالتاريخ بحيث لايمكن ان يخدعه أفاق يضع شارة الورع والتقوي ،وكان الاجدر بهذا الافاق بدلا من اتهام الغرب بالخلاعة والفجور وفنون الماخور ان يقول لنا من اين اتي هذا الحاسوب الذي اتاح له ان يتحفنا بحماقاته ليدبج من المقالات العشرات والخمسينات
لم تتعرض المسيحية لحملة من النقد بمثل ما تعرضت له في الغرب ،ومع ذلك ظلت ديانة للملايين....لماذا؟ لأن الغرب ادرك بعد البحث والتقصي ان الدين يشبع احتياجات حيوية لدي الانسان لايوجد حتي الآن البديل عنها سوي الجنون ،لكن الغربي عندما يسأله انسان عن الخلق والخالق لايهرع مطلقا الي التوراة او العهد القديم من الكتاب المقدس ليتحفه بقصة الخلق التوراتية وهي نفس القصة التي نقلها القرآن بدون احم ولادستور ،ومن المؤكد انه سيجيب -ان كان له حظ من العلم والثقافة-انظر ياعزيزي الي مانعرفه حتي الآن...ثم يحدثه بهدوء عن نظرية الانفجار العظيم وتكون المجرات والنجوم والكواكب ...الي آخر تلك الاكتشافات التي لاترد في انجيل او قرآن والتي لم يشارك فيها الشرق الحنيف باكتشاف واحد
واذا تمادي السائل في الاستفسار عن ذلك الاله الواحد الاحد الذي خلق كل شئ واليه تنحني الجباه وبسببه تقطع الرقاب لضحك الغربي بملء شدقيه وهو يجيب:اي واحد احد ايها الساذج ،ثم يسرد له تاريخ الديانات ليثبت له ان الواحد يرتبط غالبا بعشيرة او قبيلة تريد ان تتسيد فتجعل من الواحد تعبيرا عن سيادتهاوكان هذا الواحد بدوره يتسيد اورطة من الآلهة سواء سميناهم باسمهم الحقيقي ام اطلقنا عليهم اسم الملائكة والارواح اوماشئنا من الاسماء
واذا كان السائل بارعا في الحوار لصاح علي الفور:ولكن الايقول لنا العلم ان الواحد اصل الاشياء بل واصل الاعداد؟ حينئذ سوف يجيبه المحاور البارع:اسمع ياعزيزي لاتحشر العلم في هذه الاشياء ،فالعلم كما تحدد منذ ايام بيكون لايعنيه الخوض في الخزعبلات ،العلم يخضع للبحث والتجربة ....ثم من قال لك ان الواحد اصل الاعداد والاشياء ،تلك نظرية اصبحت من دروس اطفال الحضانة فمنذ القرون الوسطي عرفنا-والفضل في هذا يرجع للهنود-ان الصفراي الكمية البالغة الضآلة هو الذي يسبق الواحد وهو الضروري ليستقيم الحساب ولن نبالغ اذا قلنا انه اصل الاشياء ...يكفي ان نجد في الانفجار العظيم الفوتون والالكترون والكوارك ثم تعطينا الكواركات البروتونات ثم تتشكل النيوترونات وانوية الذرات ثم الذرات والعناصر والجزيئات وكل هذا العلم الكاسح الغامر الذي لم يشارك الشرق الحنيف ولو بكسرة معلومة منه ويكفيه هذا ليصمت ويريحنا من وجع الدماغ
توصل الغرب منذ عصر الاستنارة العظيم الي حقيقة لاتغيب عن عقل اي انسان يملك الحس السليم: كل انسان له الحق في التفكير والاعتقاد مع احترام ملكية الآخرين لهذا الحق..اما ان يخرج علينا بين الحين والآخر ابوزيد هلالي حنيفة ليقول لنا ان دينه هو الدين الحق فهذا يندرج في باب الهبالة والسفالة وتنبلة السلطان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها


.. فتوى تثير الجدل حول استخدام بصمة المتوفى لفتح هاتفه النقال




.. المسيحيون الأرثوذكس يحتفلون بعيد الفصح في غزة


.. العراق.. احتفال العائلات المسيحية بعيد القيامة وحنين لعودة ا




.. البابا تواضروس الثاني يستقبل المهنئين بعيد القيامة في الكاتد