الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوالم مشوهة , مشاريع تحرر , هي نحن بالتحديد !!

هشام السامعي

2007 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مجتمعات لازالت تستورد كل أساسياتها من الخارج وتعجز عن صناعة أي شيء بذاتها يصعب عليها أن تكون متحضرة ومدنية , كل شيء يخلق في مجتمعاتنا العربية يخرج مشوه , كل فكرة نستوردها من الخارج تصل إلينا مشوهة , نحن نصنع كل هذه التشوهات بأيدينا وبحجج نحن من يصنعها أيضاً , ربما نكون قد أبدعنا في صناعة الحجج وهذه ميزة نتميز بها عن الأخرين.

شوهنا التدين والدين عبرعمليات فرز من ليس معنا فهو ضدنا , شوهنا الحركات الفكرية والنظرية وقلنا بأنها الخلاص الوحيد للإنسان وألغينا بذلك الحركات الأخرى , حتى العلمانية والماركسية والليبرالية لم نستطع أن نحافظ عليها كما كانت صورتها في الغرب , وحدها المجتمعات العربية جعلتها مثل الغول الذي سيلتهم كل تكويناتنا الفكرية وستلغي هويتنا العربية , لا أدري تحديداً مالذي يمنع أن يكون مُسلم ويحمل فكر علماني أو شيوعي أو ليبرالي ومع هذا يؤدي كل فروضه الدينية كما فرضها الشرع , هل سيكون ذلك هو الخطر الأعظم على الدين والتدين , ولماذا حوصر الدين والتدين في زوايا ضيقة حتى أصبحنا نخشى عليه من أي شيء يقترب منه , رغم أنه نزل إلى عوالم مفتوحة غير محددة الإيديولوجيات وغير مرتبط بجملة من هذه الإعتقادات السائدة الآن , ليس هناك مبرر ( منطقي ) إلا التعامل بكل هذا الشطب والإلغاء , هذه المساحة من الحرية التي نقف عليها الآن تتلاشى وتضمحل أمام تغطرس الفكر القمعي الرجعي , ونحن من يقف وراء ذلك الفكر بكل توجهاتنا وانتماءاتنا الفكرية والسياسية , نحن من يكرس منهج التخلف والعودة إلى الخلف حتى وإن كنا نحمل لافتات التحرر والتقدمية , ليست مشكلتنا مع الدين ولا مع التدين ( اليمين ) وليست مع العلمانية ( اليسارية ) أو الليبرالية ( الوسطية ) ولكنها تحديداً مع التشدد والتعصب , مع منهج الوصاية و ( الأبوة ) , مع عقلية التعامل مع الآخر بكونه " ناقص " مع ذهنية المعرفة المطلقة .

نحن بحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى خطاب إنساني " شامل " يجمع فيه كل الأطراف بعيداً عن الإيديولوجيات والإنتماءات أو العقائد والمذاهب , بحاجة إلى تصدير خطاب معرفي جديد للذين يجيئون بعدنا , أتعبتنا كثيراً شعارات التحرر التي لاتحمل أي نظرية إقتصادية خلفها , أرهقتنا عبارات الحرية التي لاتكسر القيود التي تكبلنا .

إن الحديث عن أي مشروع تحرر من الوصاية أو الظلم يعني أن يكون هناك تحول في مسار فكر وثقافة المجتمع من التخلف إلى التقدم , ومن الظلم والوصاية إلى الحرية و التحرر , وهذا مايعني أن يكون هناك حراك ثقافي ومعرفي يسبق هذا التحول , الأمر الذي يكاد يكون " مُنعدم " في مجتمعات تقع ضمن سيطرة الخارج في معظم مجالات التطور والنهضة ولازالت تفكر بكيفية " إستعادة مجد قد طمره الدهر " وهذا مايؤكد أن الزمان يتقدم ونحن لازلنا واقفين في نفس النقطة التي وقف عليها يوماً ما " الكواكبي " وهو يحاول فكفكة العقل العربي ومعرفة أسباب التسلط في كتابه " طبائع الإستبداد " , وهو ماتكرر تتابعاً بعد ذلك عبر كتابات " طه حسين " و أعمال حسن البنا وهو يؤسس لحركة الإخوان المسلمين كنوع من التجديد في العمل الإسلامي , أو عبر كتابات مالك بن نبي ومحمد عابد الجابري ونصر حامد أبو زيد وكأن الزمان يتحرك بشكل دائري من النقطة إلى النقطة ثم البدء من جديد .

إن التدهور الحاصل الآن في المجتمعات العربية قد أوصل المواطن العربي إلى الإبتعاد عن التفكير بالنهضة مقابل التفكير في كيفية وقف الخراب الذي يدمر هذه البلدان وهو مايؤكده " رضوان زيادة " في كتابه " أيديولوجيا النهضة في الخطاب العربي المعاصر " وهذا مايؤكد أن العملية لم تعد تقتصر بمراكز سلطة القرار بل تتوسع لتشمل كل أفراد هذه المجتمعات .
ولذلك يؤمن الكثير أن إهتمام الدول بالجانب الثقافي أنفع بكثير من سباق التسلح الوهمي الذي تقوم به الحكومات العربية , وأن أعتماد ميزانية لوزارة الدفاع تفوق عشرات أضعاف ميزانية وزارة مهمة مثل وزارة التعليم أو وزارة الثقافة يعني أن عقلية الحرب هي التي تسيطر أمام غياب واضح لكل مكونات الثقافة وعقلياتها عن المشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل , ولذلك لم يكن مستغرباً كثيراً أن يأتي يوم ونكتشف أن الدول الإستعمارية والعظمى لم تعد تخشى هذا السلاح مقابل حرب ضروس تشنها علينا بطرق أكثر سهولة وأكثر فائدة عبر السيطرة على الإقتصاد وثروات البلدان التي تقع ضمن سيطرتها السياسية والإقتصادية وهو مايحدث فعلياً الأن من خلال سيطرة الدول العظمى على الدول الناشئة عن طريق الإقتصاد والتكنولوجيا وأحتكار المعلومات لجهات معينة بما يحد من إنتشار الحقيقة والمعرفة .

( لبنان الإستثناء )
لبنان يثبت دوماً أنه قادر على الخروج من التوليفة العربية التي تطغى على بقية البلدان العربية , أستطاع أن يرسخ ثقافة " الإختلاف والتعايش السلمي " مع كل الأطراف , أستطيع أن أقول لبنان هي الإستثناء الوحيد عربياً , يجيدون التعامل مع الواقع السياسي جيداً , يحق لي أن أقول " بيروت عاصمة العرب الجديدة " الناس في بيروت تعشق الفن أكثر من السياسة , يروجون للحب بدلاً عن الحرب , يفضلون فيروز ومرسيل وجُوليا بُطرس على كل قادة الحرب والدمار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran