الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوى المحافظة بالمغرب تنجح مرحليا في تشديد الخناق على الصحافة الحرة

مصطفى عنترة

2007 / 2 / 8
المجتمع المدني


أقدم بوبكر الجامعي على التخلي عن إدارة أسبوعية "لوجورنال إيبدو" لأسباب ربطها بالوضع الذي تعيشه أسبوعيته بعد الحكم القاسي الصادر ضدها في قضية "كلود مونيكي".
واعتبر الجامعي في لقائه مع بعض وسائل الإعلام الوطنية والدولية أن قراره الإضراري بترك "لوجورنال إيبدو" هدفه الحفاظ على استمرارية هذا المنبر وكذا ضمان قوت العاملين في المؤسسة التي تصدر الجريدة المذكورة، مضيفا أن التركيز على شخصه كما حدث في قضية "محمد بنعيسى" جعله يتخلى عن مسؤوليته داخل الجريدة.
وقد خلف هذا القرار ردود فعل قوية من طرف مختلف المنظمات الوطنية والدولية كالنقابة الوطنية للصحافة المغربية ومنظمة مراسلون بلا حدود، فضلا عن العديد الكتابات التي تناولت الخبر خاصة وأن الجامعي يحظى باحترام واسع داخل الصحافة الدولية وأسبوعيته تعد مرجعا هاما بالنسبة للعديد من المنظمات الدولية التي تهتم بالمغرب.
قرار الجامعي يسجل في حد ذاته سابقة في مجال الممارسة الصحفية في بلادنا، فالتضييق الذي مورس ضد أسبوعيته خلال عقد من الزمن بدء من المتابعات القضائية التي نتجت عنها أحكام قاسية، ومرورا بالتشهير ضد الأسبوعية كما حدث في الشهور الأخيرة حين جندت بعض الجهات في وزارة الداخلية مواطنين لتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الجريدة بدعوى تناول الجريدة قضية الرسوم المسيئة للرسول، وانتهاء بالحصار المضروب على أسبوعية لعدم الاستفادة من الإشهار بسبب خوف بعض أرباب المؤسسات من رد فعل النظام السياسي في حالة تعاملهم مع "لوجورنال إيبدو".
هذا المسلسل استمر قرابة عشر سنوات، عاش خلاله زملاء أبو بكرالجامعي وعلي عمار عواصف قوية كادت أن توقف مسيرة هذا المنبر في أكثر من مرة.
لقد ساهم "لـوجورنال إيبدو" في تطوير الصحافة الحرة ببلادنا، حيث لعب دورا في احتضان النقاش السياسي من خلال البنش في مجموعة من المحطات السياسية المظلمة، وكذا الخوض في ملفات كانت تحسب في خانة في "المحرمات السياسية"، وذلك بفعل مهنيتـه العالية واحترافيته التي لا يجادل فيع أحد وأسلوب اشتغاله المتطور من خلال بحثه عن الخبر من مصادره القوية سواء داخل المغرب أو خارجه وقيامه بالتحريات المطلوبة للوصول إلى بعض الحقائق..، كما شكل "لوجونال إيبدو" مدرسة في إنتاج مجموعة من الأقلام الوازنة.
استطاع هذا المنبر أن يتحول إلى ما يشبه "المعارض" للنظام السياسي نظرا للفراغ الذي تركته الأحزاب المحسوبة على الصف الديمقراطي إثر مشاركتها في حكومة التناوب التوافقي" عام 1998، إذ ظهر أصدقاء الجامعي من خلال رصدهم للسياسة العمومية وانتقادهم لممارسات بعض المسؤولين في صورة الفاعل السياسي، مما جعل بعض الأصوات تحتج على الخط التحريري الذي رسمته لهم مهنيتهم. والكل يتذكر الحوار الشهير الذي أجرته الأسبوعية المذكورة مع محمد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو، واللقاء مع ابراهام سرفاتي في منفاه الاضطراري بفرنسا، ورسالة الفقيه محمد البصري حول "تورط" أطراف داخل المعارضة التقليدية( عبد الرحيم بوعبيد..) في محاولة الانقلاب العسكري الفاشل الذي قاده الجنرال القوي محمد أوفقير، فضلا عن ملفات ساخنة تتعلق بالمؤسسة الملكية والصحراء وإدريس البصري والسلفية الجهادية وجماعة العدل والإحسان ومولاي الــزين الزاهدي والغالي السبتي.. إلخ.
أكيد ان الدوائر التي لازالت تتخوف من الدمقــرطة بالمغرب هي من أعلنت الحرب ضد الصحافة الحرة والأقلام المستقلة، إذ أضحى رجال الصحافة بمثابة الأعداء الحقيقيين لهذه الدوائر التي نجد أطرافها ممثلة في مختلف مؤسسات البلاد. فهذه الدوائر لازالت تحن إلى العهد السابق وتعتبر نفسها فوق القانون وتخشى الأضواء لكونها ستكشف المستور...
ولهذه الأسباب التي أشرنا إليها وأخرى لا يتسع المجال لذكرها، فضلت هذه القوى المحافظة داخل مؤسسات البلاد إعلان الحرب ضد الأقلام التي رفضت التحول إلى أبواق أو الانخراط في مخططات أو التسخير لخدمة بعض الأهداف.
وهكذا استطاعت هذه الدوائر حرمان علي لمرابط من مزاولة "مهنة المتاعب" لمدة عشر سنوات إثر ما جاء في حواره مع أسبوعية "المستقل"، كما نجحت في ضرب محمد الهـرد ومصطفى العلوي ومصطفى قشنني، وأيضا محاكمة رضى بنشمسي وكريم البوخاري من أسبوعية "تيل كيل"( الناطقة بالفرنسية) وإدريس شحـتان مدير أسبوعية "المشعل"، فضلا عن تشديد الخناق على زملاء بوبكر الجامعي لمدة تتجاوز عقد من الزمن، ومتابعة عبد العزيز كوكاس بسبب نشر أسبوعيته "الأسبوعية الجديدة" لحوار مع ندية ياسين نجلة مرشد جماعة العدل والإحسان تحدثت فيه عن رأيها حول الملكية..، والتضييق على مصطفى عنترة لكونه استجوب ندية ياسين حول نفس الموضوع.


وفي الأيام الأخيرة تم الحكم على إدريس اكسيكس وسناء العاجي من مجلة "نيشان" بثلاث سنوات موقوفة التنفيذ وغرامة مالية تقدر بـ 8 ملايين من السنتيم بتهمة المس بالمقدسات...

وقبل ذلك تم توقيف ثلاثة منابر دفعة واحدة وهي "لوجـورنال" و"الصحيفة" و"دومان" بسبب نشرهم لوثيقة الفقيه البصري، فضلا عن الحكم على علي لمرابط بالسجن ثلاث سنوات مع منع جريدتي "دومان ماغازين"، و"دومـان" (بالعربية) بتهمة المس بشخص الملك.
لقد أجبر مسلسل المضايقات الصحافي علي لمرابط إلى الهجرة إلى إسبانيا، حيث اشتغل في إحدى المنابر الكبرى( "إيلموندو") التي اجتهدت في تركيز بعض اهتماماتها على متابعة الشأن السياسي ببلادنا، كما خصصت له جريدة "الوطـن" الجزائرية "مساحة حرية" خاصة به يكتب فيها أغلب مقالاته حول المغرب الرسمي. وقد صرح الجامعي بأنه يفكر في الهجرة إلى الخارج للاشتغال هناك، ولا ندري من هو المنبر التي قد يفتح ذراعيه لحفيد بوشته الجامعي، مما يفيد أن الأقلام الحرة دخلت في موسم الهجرة إلى الشمال!؟؟


وتفيد هذه الوقائع الخطر الذي أضحت تشكله الصحافة الحرة الرافضة شعار "كولو العام زين" في ظل واقع سياسي هش، يعيش مفارقة واضحة، إذ أن الخطاب السياسي الرسمي يؤكد انخراط المغرب في الانتقال الديمقراطي وتحول التجربة الديمقراطية ببلادنا إلى نموذج بالنسبة لباقي بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، في حين نجد واقع الممارسة السياسية يكذب هذا التحول جمـلة وتفصيلا. ولعل الرتبة المتدنية التي يحتلها "المغرب الحقوقي" في تصنيفات بعض المنظمات الدولية تؤكد أن الطريق إلى الديمقراطية لا زال بعيدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: