الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دولة الكهنة السومرية نحو الحضارة الديمقراطية الجزء الثاني الفصل التاسع هوية آبو : من القبيلة نحو التحول الى شعب 5- 1

عبدالله اوجلان

2007 / 2 / 12
القضية الكردية


ومن الطبيعي أن تقوم شخصية كانت ولادتها وسط المشاكل بالاعتراض ومحاولة المقاومة في وجه نظام ينكر وجوده، ووقعه على النفس أشد من الكابوس، وتنزلق هذه الشخصية إلى الشكوك والقلق، فإذا كان يتمتع بقليل من الشخصية الشريفة لا بد أن يقوم بالتساؤل عما يجري، وينظر إلى سبب إنكاره ويحاول الوصول إلى أسباب ذلك، وهذا يعني القيام بمساءلة المجتمع الرسمي والدولة التي تواجهك، والمزايا التمردية التقليدية ستكون مساعدة لأجل دوغمائية متطرفة، ليتحول إلى وضع المريد أمام الإيديولوجية والانطلاقة التي يؤمن بها، والصفة الأساسية لتلك المرحلة هي الاشتباك القائم بين الجمهورية الأوليغارشية من جانب والشبيبة الثورية والهوية الكردية من الجانب الآخر.
أما نتيجة ذلك فكان ظهور الفاشية، فقد توفرت الفرصة للجمهورية من خلال دستور 27أيار للقيام بالتحول الديمقراطي، ولكن عدم نضوج الظروف الموضوعية بشكل كاف، والاهم من ذلك عدم توفر الوعي والإرادة اللازمتين لهذا التوجه أدى إلى هدر هذه الإمكانية ، فالأوليغارشية التي شعرت بخطر نهوض الشعب، اعتمدت على خبرتها التاريخية وعلى حلفائها الغربيين، لم تلاقِ صعوبة في تحقيق بنية أقسى وأعنف من بنيتها السابقة، وبات النظام يحتاج إلى مزيد من الضحايا ليتغذى عليها، وعمليات وممارسات المجموعات الثورية واستشهادها، كانت توفر الذرائع للأوليغارشية لمزيد من التمكن والالتهام، وكان نقص الكفاءة الثورية يعني الكفاءة المتزايدة للثورة المضادة.
وفي مواجهة هذه الحقيقة والواقع يستحيل البحث عن سبل الوفاق مع الجمهورية الأوليغارشية، لأنها باتت رجعية وتعتمد تماماً على الإنكار ومّص الدماء، والحل الوحيد للتجاوب مع ذلك هو الرد بالعنف على العنف، حيث لا فرصة أمام أي جواب آخر، فإما الاستسلام الكامل، أو ستظل المقاومة سبيلاً وحيداً لمواجهة هذا الوضع، وكان اليسار التركي بعيداً جداً عن أن يكون جواباً بسبب البنية التي تعرضت للتشتت، والفاشية أخذت تترسخ بإحداث الاشتباك المحرف بين اليمين واليسار، ومهما كانت المقاومة بطولية، فهي لن تتجاوز أسلوب الطرق الصوفية المتمثلة في بدر الدين، وبير سلطان عبدال، وماعاقبة دنيز وماهر وإبراهيم وأمثالهم من القادة الثوريين إلا دليل على ذلك الواقع، والعنف الثوري الذي تصاعد قبيل الثمانينات لم يكن سوى تكراراً متطرفاً لما سبق، ولن يستطيع تحقيق أية تطورات تتجاوز نتائج عام1970، وتخرج الجمهورية الأوليغارشية ظافرة مرة أخرى، أما اليسار فقد ترك نفسه للاهتراء والتآكل، ويبحث عن الإمكانات التي يوفرها النظام له ليبقى على قيد الحياة.
وعلى الصعيد الفردي كشخص كان لا بد من العزلة المتعمقة، ومغامرة كسيرة كانت بمثابة ذر البهارات والملح على الأمور، وكل ما كان يجب عليّ القيام هو الاستفادة بمقدار موهبتي وإمكانياتي من الخبرة الديمقراطية الوطنية المعاصرة كلها، ومن تراكمات اليسار التركي لأجل التوصل إلى كيفية خلق هوية كردية وجعلها أملاً للتمسك به، وذلك هو الجواب الذي يمكن إعطاؤه لذكرى هذا الكم من الثوريين وجهودهم الجبارة، وفي الحقيقة فإن خلق أيديولوجية ووضع سياسة وإقامة تنظيم بأسم كردستان لا يعني الانفصالية إستراتيجياً، بل هي وسيلة تكتيكية للوحدة الحرة كما كان التفكير، فالانفصال كان ضرورياً حتى تحدث الوحدة، فليس هناك أي معنى لأية وحدة قسرية لا تعتمد على أسس معاصرة ولا تملك أية مبادئ وأسس، وهذا الشكل يعتبر أكثر تخلفاً ورجعية من العهد العثماني، فالجمهورية قد حكمت على نفسها بدوغمائية قومية إنكارية، وبذلك لا يمكن التحول إلى شعب ولا إلى أمة، والفاشية كانت تتصاعد على الأغلب بهذه القومية والشوفينية، وقد استطاعوا خلق الظروف التي تمكنهم من استخدام قومية أتاتورك، بل كان يتم التنكر لقومية أتاتورك أيضاً، وبذلك كانت الطموحات والمكاسب التي تحققت في بداية الجمهورية تدخل في خدمة الرجعية، وكانت تلك مؤامرة أوليغارشية ناجحة، أما الإقطاعيون والكومبرادوريون الكرد فقد ثبتوا مواقعهم ضمن النظام الأوليغارشي.
وفي مواجهة هذا الواقع وعلى ضوء هذه حقائق كان لابد من استهداف الجمهورية شكلاً وليس في الجوهر، وفي الثمانينات عندما كان تكويننا يتشكل على الصعيد الشخصي أو على صعيد PKK فإن ظاهرة الجمهورية الموجودة أمامنا كانت تلقي بتأثيرها علينا، ناهيك عن قبول الهوية الكردية، كان يتم اللجوء إلى كافة الوسائل والسبل لأجل دفن الهوية الكردية، والعمل الوحيد الذي كان يمكنني القيام به بالوعي الطبقي والهوية الثقافية المتوفرة لديّ هو محاولة الاستفادة من الإمكانيات الكردية على الأقل لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبذلك فقط كان يمكننا التعبير عن صدق الارتباط بذكرى شهداء الثورة في تركيا وخاصة بذكرى "حقي قرار"، رفيقنا الشهيد الذي يحظى بمكانة بارزة لدينا، والوضع كان يشبه بالسير في وسط غابة مجهولة متوحشة تماماً، ففي مثل تلك اللحظات التاريخية تتحقق مثل تلك المسيرات دائماً، حيث لا يوجد استعداد كافٍ ولا وضع إستراتيجية خاصة، رغم ذلك لابد من إلقاء خطوة إلى المجهول، وبذلك فقط يمكن ولادة الجديد، وخروج سيدنا محمد من مكة، ومسيرة القدس لدى سيدنا عيسى تتضمن المعنى نفسه في الجوهر، فإما الاستسلام للجهل والإنكار السائد في تلك المرحلة، وإما أن تقوم بالتصدي لها، ولا يمكن حدوث أي تطور تاريخي بغير ذلك، وهكذا كان خروج مصطفى كمال أتاتورك إلى "سمسون"، فهو لم يكن يملك أية إستراتيجية أو برنامج أو تنظيم في البداية، ولكن تلك الخطوة هي الصحيحة التي ستفتح الطريق التاريخي، أما الإعداد والإستراتيجية والتنظيم فهي ممكنة بعد أن تحقق الخطوة معناها، فالذي جعل مصطفى كمال عظيماً ليست مؤهلاته العسكرية ولا الإمكانات المتوفرة لديه، حتى ان ذلك يلعب دوراً سلبياً في هذه المواضيع، فهو يحاول التخلص من هذه الخصائص في أسرع وقت، بل الشيء الذي أوصله إلى النتيجة هو آفاقه والمعنى الذي يمثله، ومثل هذه الظواهر كثيرة في التاريخ، والأمر الذي يجعل التقدم ممكناً بشكل عام هو الجرأة على إلقاء الخطوات المطلوبة.
وبناءً عليه وعلى الرغم من أن كل الظروف المادية كانت مضادة لـ PKK، فإنه يفكر ويتجرأ على إلقاء هذه الخطوات التي تهدف في جوهرها إلى الجمهورية الديمقراطية مهما كانت التحريفات بهذا الصدد، بينما المفهوم الإستراتيجي فهو أنه لا يمكن الوصول إلى كردستان حرة ومستقلة إلا من خلال جمهورية ديمقراطية، وتدريجياً ستؤكد الحياة صحة خطوتنا التاريخية هذه لأجل وحدة القوى الديمقراطية بشكل حر ولأجل مفهوم الجمهورية الديمقراطية في مواجهة الأوليغارشية التي توحدت في المفاهيم الرجعية في الجمهورية الأوليغارشية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم عدد المعتقلين في احتجاجات الجامعات الأميركية؟


.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين




.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في


.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال




.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال