الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من لم يمت بالسيف مات بدونه

كفاح حسن

2007 / 2 / 14
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إن الحديث عن مثل التضحية و الشهادة يرتبط بذكريات الطفولة والشباب لكل عراقي أو عراقية. ففي الأدب الحسيني تزدحم المشاهد و الأحداث التي تمجد الشهداء. و تصف الموت (الإستشهاد) كقفزة نحو الخلود. كما و إن إنتعاش الحركة اليسارية في البلاد العربية دفع أجيال من الشبيبة لأن تدخل معترك العمل السياسي و الإنغراس فيه بتطرف شديد في مواجهة للقمع البوليسي. كما كان لصعود المقاومة المسلحة الفلسطينية في ستينيات القرن الماضي دور في تغريس نهج العنف السياسي وسط أعداد كبيرة من شبيبة العراق. إلا إن العنف السياسي الذي عم العمل السياسي العلماني و اليساري في القرن الماضي إتجه نحو أهداف سامية تتمثل في السعي نحو التحرر الوطني و بناء نظام عادل.

إن شعارات من مثل الكفاح المسلح و الإستيلاء على السلطة و العنف الثوري كانت تتزاحم بها المقالات و الأحاديث السياسية. وقد سرقها المغامرين و الأحزاب القومية لتنقض على السلطة في عدد من البلدان العربية، ومنها بلدنا الجريح العراق. و إستثمرت نفس شعارات التضحية و البطولة و الشهادة من أجل تنفيذ حروبها و مغامراتها المدمرة. و كما قال الخليفة عبد الملك بن مروان عن أهل العراق من حيث تطرفهم في العصيان أو التبعية، فقد إنجرت جيوش من شبيبة البلاد نحو حرق نفسها و بلادها في مغامرات حاكمين متعجرفين. فلقد سبق صدام الحكم في البلاد حكام مغامرين إستولوا على السلطة.

وخلال فترة عملي مع قوات الأنصار في شمال العراق، تعرفت على عدد لايستهان بها من الرفاق الذين إلتقطتهم رصاصات الموت قبل أن يتسنى لي التعرف الجيد بهم. حتى إنني أصبحت حذرا من تعميق علاقتي بنصير خوفا من الحزن الذي سيلحق بي خبر إستشهاده. حيث كانت شبيبة الأنصار و البيشمركة مندفعة نحو التضحية. وكيف لا و هي تحمل السلاح الذي يبيح لها كل شيء من أجل الوصول نحو أهدافها. لقد حدثني أحد المثقفين الأكراد في بارزان آنذاك بألم وهو ينظر للشبيبة التي حملت السلاح بفخر. فقال إن هذه الشبيبة كان ينبغي أن تتواجد في دور العلم بدلا من حمل السلاح.

و هنا أتذكر مجاميع من المتطوعين الإيرانيين الذين صادفتهم في مدينة خانه الكردية الإيرانية و التي تقع على الطريق نحو حاجي عمران العراقية. إلتقيتهم في صيف 1983 قرب لوحة بارزة في شارع المدينة الرئيسي تشير إلى الطريق إلى كربلاء. لقد صادفت هذه الشبيبة و هي ترتدي الأكفان و تنظر بفرح نحو هذه اللوحة بعد أن شربوا شربت الشهادة ( ماء و سكر) حيث إنهم يتخيلون إن كربلاء تقع خلف الجبل. و لم يمضي وقت طويل حتى سرقت حياتهم السموم الكيماوية في وادي حاجي عمران. لم تفرق الغازات السامة مابين الجنود العراقيين و المهاجمين الفرس.

إنه نفس السحر بالشهادة و الخلود يقود اليوم آلاف من الشبيبة نحو ممارسة القتل أو القيام بأعمال إنتحارية. حيث إن الخطأ يبدأ عند تبرير العنف (الجهاد) كوسيلة للوصول نحو الأهداف. إن خطورة إنتشار و تبرير العنف في البلاد اليوم يتم في وسط إنحسار الفكر العلماني و اليساري. مقابل إشتداد قبضة الحركات الطائفية المتزمتة. حركات تجيز لنفسها تصفية مخاصميها بدلا من الحوار معها.

قادني لكتابة هذا المقال، الإحتفال الجاري هذه الأيام بيوم الشهيد الشيوعي. فإنني أقف بإعتزاز و فخر لمناضلين أقرنوا أعمالهم بأقوالهم. ولكنني أريد بحث الأمر من منطلق آخر. وهو إلى متى يبقى مبررا إستخدام العنف في العمل السياسي. ألا يكفي قرن كامل من المواجهات العنيفة بين الأحزاب السياسية بدلا من الحوار. ألا يكفي الرعب الدموي الذي عم البلاد بعد الإحتلال الأمريكي لدفعنا نحو هاوية يفقدنا وحدة و حياة بلادنا. إن إستذكارنا لشهدائنا يتم من خلال إيقاف نزيف الدم المبرر بشرعية العنف.

إن نبذ العنف سيؤدي إلى محاربة العصابات الطائفية و العنصرية، و يوقف نزيف الدم. نحن لسنا بحاجة إلى سياسة الثأر و الإنتقام، بل بحاجة إلى سياسة التسامح و العفو.

كفاح حسن
12 شباط 2007
السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس


.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب




.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا


.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في




.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة