الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيل صناعة الموت: الجهاديون الجدد من هم وماذا يريدون؟

محمد مصدق يوسفي

2007 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


افتتاح
جيل صناعة الموت
في تقرير أعده خبراء أمريكيون عن حالة العالم في 2020 توصل إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، سوف لن تتمكن من بسط نفوذها على العالم، وأن العالم سوف لن يكون أمريكيا... قوى جهوية وإقليمية ستقف حجر عثـرة أمام الرغبة الأمريكية... وأن العالم لن يرتاح من صراعات جديدة ... وأن بؤر النزاع لن تختفي ولن تتقلص، بل ستزداد رقعتها ... وأن الإسلام الراديكالي سيجلب قوى أخرى جديدة لمعسكره... وجيل الاستشهاديين سيكون عنوان وعلامة هذا الإسلام الغاضب، الذي سيزداد قوة وانتشارا وتهديدا... في هذا الاطار، نحاولنا فتح ملف جيل الجهاديين الجدد••• من هم؟ ما هي القوة التي تحركهم وتتركهم يجعلون من أجسادهم أسلحة تدمير شامل؟ كيف يتحولون إلى مادة حية لصناعة الموت في عالم مليئ بالشك والارتياب وغياب اليقين... جيل الانتحاريين أو الاستشهاديين حسب لغة الاسلاميين، تعبير احتجاجي عن لا عدالة عالمية أم عن مأزق مجتمعات إسلامية أضاعت فرصة الانتقال إلى عهد الحرية والتقدم؟!

+++

ملف: الجهاديون الجدد من هم، وماذا يريدون؟

ملف من إعداد: محمد مصدق يوسفي ـ صحفي وإعلامي مقيم في لندن


من هم الجهاديون الجدد، وماذا يريدون؟ ما هي صفاتهم وخصائصهم؟ ماهي خططهم وأهدافهم؟ كيف هي أساليب نشاطاتهم وعملياتهم؟ ماهي نقاط قوتهم ومكامن ضعفهم، أين تقع خريطة إنتشارهم ونطاق عملياتهم؟ وكيف ينظر إليهم الخصوم والخبراء؟
في هذا الملف نحاول الاجابة على هذه الأسئلة الشائكة والغامضة، وتسليط الضوء على الجهادين الجدد، من خلال وثائقهم، ووثائق الخبراء والمخصصين،
من خلال فكرهم والعقيدة التي يتبنونها وبعدها الايديولوجي، وأيضا من خلال تناولت سير الزعماء المؤسسين، وتتبع مسارات الجهاديين الجدد وأجيالهم، تنظيمهم، رؤيتهم، وإستراتيجيتهم، من خلال الملف التالي:


خارطة طريق الجهاديين الجدد

نشر موقع القلعة على الانترنت ـ وهو موقع قريب جدا من تنظيم القاعدة ينشر بياناته ومواقفه وروايته للأحداث ورؤيته لها ـ ما أسماه بـ "خارطة طريق المجاهدين"، لتوضيح رؤية وأهداف الجهاديين الجدد، وقدم كمدخل لهذه الخارطة منطلقاته أو ما اعتبره كحقائق وهي:
1-أن أمريكا هي عدوة المسلمين الأولى، وهي تقود الحرب ضد الإسلام (الإرهاب)، فهي وشعبها محاربين دون استثناء، ولا عهد وذمة لهم وهذا بنص الشريعة.
2-أن أوروبا جزء من جيش أمريكا، وهي كذلك تقود حرب صليبية ضد الإسلام، وأن الحرب الآن بين الإسلام والصليبين واليهود قد وضحت ولا ينكر هذا إلا جاهل
3 - أن الأمم المتحدة هي أداة أمريكية لتجميل أعمال أمريكا الإجرامية، وإعطائها الشرعية الدولية.
4 - أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة.
5 - أن غزوة نيويورك ومنهاتن كانت بداية الانتفاضة الإسلامية ضد جرائم الصليبين بحق الأمة الإسلامية.

أهداف المرحلة القادمة
حرص الجهاديون الجدد على تحديد أهدافهم في المرحلة الحالية والمقبلة في :
1- توسيع دائرة الصراع بتوزيع العمليات في شتى أنحاء العالم: من خلال جر أمريكا لمستنقع ثالث – أى بعد العراق وأفغانستان – وليكن اليمن المستنقع الثالث.
2- زعزعة ثقة المستثمر بالاقتصاد الأمريكي.
3- فضح المخطط الصليبي اليهودي ...
4- تشتيت واستنزاف العدو
وبعد هذه الخطوات قال الجهاديون الجدد أنه يأتي دور الضربة المنتظرة التي سوف ترضخ أو تكسر إرادة أمريكا وتترك عملاءها ليصفوا الحساب معهم، ثم ينطلق حسبهم الركب إلى القدس، وذكروا انهم على يقين بنصر الله رغم أن البعض يستبعد أو يشك في هذا، لأن الله يدافع عن الذين أمنوا، وعلى الله فيتوكل المتوكلون بعد أخذ الأسباب المستطاعة والتي أكدوا انهم يملكونها، وأن الله لم يأمرهم بأكثر من هذا...
وبالمقابل طالب الجهاديون الجدد من أنصارهم الذين يطلقون عليهم تسمية "أصحاب الطائفة المنصورة"
1- إخلاص النية لله والصبر وأن النصر على الأبواب
2- تكوين منظمات صغيرة بأسماء مختلفة مثل: جماعة التوحيد والجهاد و كتائب أبي حفص المصري، ...الخ، مما يصعب على العدو كشفهم وملاحقتهم، ويشتت جهد الأجهزة الأمنية.
3- التربية الجهادية من علم شرعي في العقيدة والولاء والبراء.
4- التدريب البدني والعسكري، ونشر ذلك في الأبناء والأهل والعشيرة ثم الذين يلونهم (لان المعركة قد تطول).
5- تعلم المهارات الحديثة مثل الحاسوب والانترنت وكل ماله فائدة للمجاهدين والمسلمين.
6- إشعال الحرب النفسية ضد العدو.
كما طالب الجهاديون الجدد من عموم المسلمين وأفراد الأمة: معرفة العقيدة... وخصوصا الولاء والبراء، التوبة النصوحة من ترك الجهاد، الدعاء للمجاهدين ودعمهم معنويا وماديا، إنشاء خلايا صغيرة داخل وخارج المدن، إيواء المجاهدين ونصرتهم، الدخول في صفوفهم... إلخ.

ماذا نريد من الصليبيين
وأكد في وثيقة "خارطة الجهاد" أن عملياتهم لن تتوق حتي يراجع بوش وعصابته وأذنابه من العرب والعجم واليهود سياستهم تجاه الإسلام والمسلمين والتي تتلخص فيما يلي:
1- أن يطلقوا أسرانا الذين هم في السجون الأمريكية وخاصة أسرى غوانتانامو والشيخ عمر عبد الرحمن، ومن كان في سجون أذناب أمريكا من العرب والعجم واليهود.
2- أن يكفوا عن حربهم على الإسلام والمسلمين في أنحاء العالم باسم مكافحة الإرهاب.
3- تطهير جميع الأراضي الإسلامية من دنس اليهود والأمريكان والهندوس بما فيها القدس وكشمير .
4- ألا تتدخل أمريكا وحلفاؤها في أمور المسلمين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافي، ولا تتآمر لمنع قيام دولة الإسلام.
5 – ألا يتدخل الغرب الصليبي بين المسلمين وحكامهم المرتدين.

استراجيتنا مع العدو
أكد الجهاديون الجدد في ما يخص إستراتيجيتهم مع عدوهم الذي حددوه في أمريكا وحلفائها من الأوربيين والحكام العرب والمسلمين، وأيضا اليهود والصلبيين، على أن العدو يستطيع أن يصبر ولكن لا يستطيع أن يصابر، وأنهم يستطيعون أن يصابروا حتى ينهار العدو، وان اخذ ذلك عقود أو قرون، فهم مكلفون بقتالهم فإما النصر أو الشهادة.
ووجه الجهاديون الجدد إعذار وإنذار إلى كل من الشعوب الأوروبية التي لا يوجد أمامها إلا أن تقبل الصلح وإلا فلا تلوموا إلا أنفسكم، وإلى من يسكن في ديار الغرب من المسلمين، فمن كان منهم يستطيع أن يهاجر إلى أرض المسلمين فليفعل، ومن لا يستطع فليأخذ حذره بأن يسكن في مناطق المسلمين، وأن يكون له ولعائلته طعام يكفي لمدة شهر، وأن يكون له ما يدافع به عن نفسه وأهله، وأن يترك في البيت من المال ما يكفي لشهر أو أكثر، وان يكثر من العبادات ويستعين بالله، وإعذار وإنذار إلى من اسموهم بأصحاب حوار الحضارات، فالكرة في ملعب الحكومات الأوربية التي رفضت أن توقف اعتداءاتها ضد المسلمين، فلا يلومونهم عما سوف يحدث، ويعتذرون لهم مقدما إذا كانوا هم أنفسهم من بين القتلى...


++++++++
"القاعدة بالنص"

كتاب جماعي فريد مؤلفوه دعاة "الجهاد" المسلّح وفي مقدّمهم أسامة بن لادن

انها المرّة الأولى التي تلتئم فيها نصوص "القاعدة" لتصنع كتاباًَ جماعياً فريداً مؤلفوه هم دعاة "الجهاد" المسلّح وفي مقدّمهم أسامة بن لادن الذي أضحى من أبرز الظواهر الاعلامية في السنوات الأخيرة.
"القاعدة بالنصّ" هو عنوان الكتاب الصادر في باريس عن "المنشورات الجامعية الفرنسية" وقد ضمّ مختارات من "نصوص" أربعة من قيادات الجهاديين هم: أسامة بن لادن، عبدالله عزام، أيمن الظواهري وأبو مصعب الزرقاوي. والنصوص هنا تعني الخطب "الجهادية" والحوارات المكتوبة والمتلفزة والأقوال والتصريحات، وقد اختارها وترجمها من العربية الى الفرنسية المستعرب جان بيار ميلّلي. و "المختارات" هذه تمثل خلاصة الفكر الجهادي وتقدّم بوضوح عقيدة "القاعدة" وبعدها الايديولوجي انطلاقاً من النصوص نفسها.
الكتاب تآزر على تأليفه أربعة باحثين أكاديميين فرنسيين، ووضع مقدّمته الباحث المتخصص في شؤون العالم العربي والاسلامي جيل كيبيل، ويمكن اعتبار هذه المقدمة بمثابة مدخل أساسي الى فكر "القاعدة" وعقيدتها. وقد أرفق الباحثون الفرنسيون النصوص بمقدمات تناولت "الأبطال" الجهاديين الأربعة في سيرهم الحياتية والنضالية، اضافة الى الشروح والتعليقات التي وضعوها على هامش هذه النصوص. وهنا لا يمكن اغفال المنهج الذي اعتمده الباحثون والقائم على مفهوم "المتن" المخصص للنصوص و"الهامش" الحافل بالشروح. ولم يغب عن بال هؤلاء أن القارئ هو فرنسي وأجنبي وليس عربياً، ما جعلهم يركّزون على التفاصيل الصغيرة. الا أنّ القارئ العربيّ سيجد في الكتاب مادّة شبه جديدة نظراً الى السياق الذي أدرجت فيه هذه "المختارات" أو النصوص، وهو سياق ثقافي وايديولوجي استطاع أن يمنحها معنى مشتركاً وأن يجعلها سلسلة أفكار يكمّل بعضها بعضاً، فتلتقي كلها حول "القضية" التي تستوحيها وتتقاسمها.
لعلّ أجمل وصف يمكن أن يطلق على "القاعدة" كونها ظاهرة "افتراضية" تخدمها شبكة "الانترنت" وتعمّم مبادئها. فـ "القاعدة" خارج وسائل الاتصال المرئية – المسموعة والوسائل الالكترونية لا وجود "مادّياً" أو ملموساً لها. وهي كما يشير جيل كيبيل ما برحت "ظاهرة يتعذّر ادراكها" على رغم دخول 11 سبتمبر التاريخ من بابه الواسع. ولعل المطاردة المستميتة لـ "الأبطال" الجهاديين لم تجدِ حتى الآن، ولا يزال بن لادن والظواهري يظهران على شاشات العالم كله، ويتوعّد كل منهما باعتداء مشهدي مدمّر. الغموض اذاً لا يزال يكتنف "القاعدة" بصفتها كياناً و "المجازات" اليومية التي توصف بها لم تستطع أن تضيء هذا الكيان أو تفضحه. فهذه "الكوكبة الارهابية" كما يصفها كيبيل فرضت قواعد جديدة للعلاقة بين الدول والأوطان والمجتمعات، وبين العنف ومشهديته المتلفزة. ونمّت أيضاً عن أشكال جديدة للتعبئة العسكرية، فيما هي تحاول إحياء مصطلحات ورموز قديمة ترتبط بالعصور الوسطى أكثر مما ترتبط بالعصر المعلوماتي ومنها مثلاً: التماس الشهادة، التمذهب الديني والارشاد العقائدي وسواها.
خلال عشرين سنة تحوّلت حركة «الجهاد» من كونها حركة مسلّحة أو «محلية» (في معنى ما) الى حركة عالمية، وانتقلت مما يسمى حرب «العصابات» الى «الارهاب الأعمى» كما يعبّر كيبيل، هذا الارهاب الذي يضرب بلا هوادة. وكان من الطبيعي أن يتناول خطاب «القاعدة» مفهوم الصراع الدموي بين «الخير» الذي تجسده الجماعة الأصولية (بن لادن هو احدى ايقونات هذا الخير) و«الشر» المتمثل في الغرب أو «العدو البعيد» بحسب تعبير بن لادن نفسه. وقد أدرك الأخير منذ انطلاق «القاعدة» مدى الأثر الذي تتركه الفضائيات والانترنت في صميم الشباب الذي يملك ثقافة اسلامية حية. فبين الاعتداءات الرهيبة وصورها في وسائل الاعلام المرئية الهادفة الى التأثير في «الجماهير»، يبرز «الخطاب» الأصولي عبر الانترنت، وغايته التوجّه الى الشبان المتحمّسين وحثهم على الفعل. وهذا «الخطاب» المعمّم إعلامياً هو النقطة الرئيسة التي لا يمكن من دونها تفكيك رموز الارهاب «القاعدي».
هكذا لا يمكن تفسير اندفاع «القاعدة» بعيداً من حضور الانترنت والشاشات الفضائية، ولا سيما «الجزيرة» كما يقول الباحث عمر صاغي الذي تناول ظاهرة بن لادن في الكتاب. واذا كان الظواهري من جيل بن لادن، فهو لا يزال ابن النصوص العقائدية الشائكة، فيما أصبح بن لادن ابن «المجتمع المشهدي» وابن التلفزيون و «الكليبات» المصوّرة، وهذا ما صنع قوّته في قلب «القاعدة». ويصف الباحث ستيفان دو لاكروا شخص المصري أيمن الظواهري في «القاعدة» بـ «الثوري المقتنع» و«الايديولوجي الأول» و«العقل». ويرى أن هدفه هو ترسيخ المشروع الجهادي ضمن الشرعية الدينية التاريخية والتي لا جدل حولها. أما نظريته في «الالتزام» الجهادي فلا تخلو من بعض التعقّد. والظواهري هو «صلة الوصل» بين فكر عبدالله عزام والمجموعات الاسلامية المسلحة، وهو «المفكر الرئيس للتعبئة»، وقد نظّر لمفهوم «العمليات الاستشهادية». إلا أن الظواهري يظل يمثل مع المجاهد الفلسطيني عبدالله عزام الشخصين المثقفين في المجموعة. وسمّي عزام الذي تناوله في الكتاب الباحث توماس هيغهامر بـ «رائد الحرب المقدّسة في أفغانستان»، وقد ألف كتباً هي بمثابة مراجع لدى حركة «الجهاد» المسلّح. يقول عزام: «الجهاد هو البندقية ولا شيء آخر. لا تفاوض، لا تداول ولا حوار». وقصر عزام الجهاد في طابعه العسكري والدفاعي على خلاف «القاعدة» التي جعلت من الجهاد صراعاً ايديولوجياً وهجومياً ضدّ الغرب وفي قلب عواصمه ومدنه. وقد استشهد عزام «المنظّر الحديث للجهاد» قبل أن يشهد أثر الفضائيات والانترنت، عبر انفجار سيارة مفخخة في بيشاور سنة 1989. ويقال ان سرّ بن لادن لا يمكن تفسيره إلا انطلاقاً من أثر الفكر الذي رسّخه عزام وهو لم يحظ بالشهرة العالمية التي حظي بها رفاقه. أما أبو مصعب الزرقاوي فيصفه جان بيار ميلّلي بـ «الخارج عن الصفّ» و «سفير القاعدة» في بلاد ما بين النهرين.
لعلّ جمع «نصوص» الآباء الروحيين لـ «القاعدة» في سياق فكري وعقائدي يمكّن القارئ من استيعاب عقيدتها واستراتيجيتها، ويلقي أيضاً ضوءاً على كيفية تحرك «ماكنة» القاعدة. علاوة على أن النصوص التي جمعت من الحوارات المتلفزة والبيانات والخطب والتصريحات تمثل «رؤية» هؤلاء «الآباء» الجهاديين الى العالم و«الفعل» الذي يسعون الى تحقيقه.

++++

أجيال تنظيم القاعدة
يؤكد الخبراء والمتخصصون في قضايا الارهاب والجماعات المسلحة أن "القاعدة" وهي العنوان الأبرز للجهاديين، أن تنظيم القاعدة لن ينتهي حتى ولو تم القضاء على زعيمه الأول أسامة بن لادن والرجل الثاني أيمن الظواهري، فالمواجهة مستمرة وعنوانها: "الجيل الجديد للقاعدة"، ويصنفون القاعدة إلى الجيل المؤسس والذي ارتبط اسمه بالحرب الباردة وتلقى تدريبات عالية، مثل محمد عاطف أبو حفص، أبو قتادة، الظواهري أو حتى قبلهم عبد الله عزام ، ورفاعي طه المسؤول العسكري في الجماعة الإسلامية المصرية التي انضمت إلى التحالف الشهير عام 1998. الجيل الثاني أيضاً تلقى تدريبات وارتبط بالأول. الجيل الثالث وهو الخلايا النائمة وهو الأخطر لأنه يعتبر عنقودياً عنكبوتياً ويستخدم الأسلحة والتقنية الحديثة.
هذا إذا أخذنا بالاعتبار السن بالنظر إلى سن شخص مثل أسامة بن لادن والظواهري، وأبو حفص... إلخ، ومن ثم نأخذ بنظر الجيل الآخر الأقل سناً مثل يوسف العييري في السعودية والزرقاوي في العراق، لكن إذا أخذنا بحسب الأحداث أوالساحات الجغرافية مثل جيل أفغانستان يختلف عن جيل البوسنة ويختلف عن جيل العراق الذي تولّد الآن في العراق وبعضهم لم تطىء رجله أرض أفغانستان أصلاً أو حتى ساحات أخرى.
وبمقابل تصنيف أجيال "القاعدة" إجرائيا إلى: جيل أول وجيل ثاني وجيل ثالث، حسب الأعمار والساحات فبعض الباحثين يصنفها حسب الخبرات والاستراتيجيات والأهداف، فالجيل الأول هو الذي شهد الحركات الإسلامية الوطنية التي تكونت داخل السياق الإسلامي وداخل العالم العربي والإسلامي، ثم بعد ذلك انتقلت إلى سياق أكثر إقليمية في أفغانستان في البوسنة في الهرسك ثم بعد ذلك الجيل الثالث تكون بعد الأحداث الشهيرة 11 سبتمبر، ولكن أهم تمييز ـ ودلالة السن هنا أقل الدلالات ـ ، هو في أهداف هذا الفعل سواء كان سياسي أو جهادي أو راديكالي أو متطرف أو عنيف، هذا الهدف الذي يتوجه له هذا الجيل.
الجيل الأول كان يرتكز أعماله على أهداف محددة في داخل إقليم العالم العربي والإسلامي ضد هذه الأنظمة، سمي بإستراتيجية قتال العدو القريب وهي الأنظمة المرتدة بحسب هذا التوصيف والكافرة بحسب توصيف هذه التيارات العنيفة المتطرفة. كانت تعمل داخل بلدانها ولا تتجاوزها إلى إطار آخر إقليمي أو دولي. ولكن في المرحلة الثالثة وهذا الجيل الثالث بعد أحداث 11 سبتمبر أصبحت أيدلوجية العدو البعيد بمعنى أن الحرب أصبحت مفتوحة في الزمان والمكان، بمعنى أن الجهاد أصبح يمثل هدفاً عالمي وذلك بسبب رئيسي وهو أن أهداف هذا الجهاد أو القتال أصبحت واسعة، وذلك لنقل الاعتقاد لدى هذه الحركات بأن سبب جهادهم هو وجود أنظمة مثلاً عربية أو إسلامية تعتبر مستبدة وفي توصيفها بأنها كافرة ومرتدة، وفي نفس الوقت أن هناك هجمة وتفرّد أمريكي عالمي وهيمنة وهجمة شرسة على العالم العربي والإسلامي..
وهكذا تغيرت مفاهيم العدو القريب والعدو البعيد وأصبحت هناك حرب ممتدة مفتوحة في الزمان والمكان، وبالتالي لا يوجد هناك أي قيود أو حدود حول استخدام هذه العمليات. ولذلك شاهدنا تفجيرات في نيويورك وواشنطن في أمريكا، وتفجيرات مدريد في إسبانيا، وتفجيرات لندن في بريطانيا، وفي أماكن متعددة منها الجزائر، المغرب، الأردن، السعودية، اليمن، ...إلخ.
أبو حفص المصري
يعتبر الخبراء في "القاعدة" أن محمد عاطف الملقب بـ"أبو حفص المصري" نموذج الجيل الأول من القاعدة، وهو رجل شرطة سابق ولذلك امتلك خلفية عسكرية أهلته لتولي تدريب عناصر القاعدة في معسكرات التدريب الخاصة بها في أفغانستان. ارتبط بأسامة بن لادن منذ الثمانينات بعلاقة صداقة في حرب أفغانستان كما ارتبط معه بعلاقة مصاهرة، حيث تزوج أحد أبناء أسامة من أحد بنات أبو حفص وقد قتل محمد عاطف عام 2001 أثناء الغزو الأميركي لأفغانستان.
عبد العزيز المقرن
الجيل الثاني من القاعدة يعتبر عبد العزيز المقرن الذي كان المطلوب رقم واحد في قائمة الـ26 السعودية نموذجاً له، وهو شاب ثلاثيني تدرب مع تنظيم القاعدة ودرب وقاتل في البوسنة وهرب أسلحة أيضاً من إسبانيا إلى الجزائر عبر المغرب، قبض عليه في الصومال سجن حتى رحل إلى السعودية ليتسلل بعد خروجه من السجن إلى اليمن ويصل أفغانستان ومن ثم يعود للسعودية قائداً للقاعدة حيث كان مسؤولاً عن العديد من العمليات حتى مقتله في 18 جوان 2004.
شهزاد تنوير
الجيل الثالث من القاعدة يمثل شهزاد تنوير نموذجاً له، شهزاد تنوير شاب من أصول باكستانية عمره 22 سنة فقط ولد وعاش وتربى في إنكلترا، يقول جيرانه في المنطقة إنه كان هادئ الطباع يهوى كرة القدم والكريكيت ولكنهم فوجئوا ذات صباح بأنه كان أحد الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم في مترو أنفاق لندن في 07 جويلية 2005.
وقد قال شهزاد تنوير في وصيته: إلى غير المسلمين في بريطانيا قد تتساءلون ماذا فعلنا لنستحق هذا وأنتم الذين انتخبتم حكومتكم التي بدورها ظلمت وما زالت تظلم أمهاتنا وأطفالنا وإخواننا وأخواتنا في مشارق الأرض ومغاربها في فلسطين وأفغانستان والعراق والشيشان.
++++++++

بورتريه الجيل الجديد من الجهاديين
يؤكد عدد من الخبراء في الجماعات المسلحة أن حتى لو أصابت صواريخ "كروز" -التي أمر الرئيس الأميركي السابق، بيل كلنتون، بإطلاقها- زعيم القاعدة أسامة بن لادن العام 1997، أن العالم كان سيشهد عاصفة الطائرات في 11 2001، التي قادها التسعة عشر بقيادة محمد عطا؟ وكان سيسمع بزعيم القاعدة في الجزيرة عبدالعزيز المقرن؟ وكان الإعلام سينشغل بإصابة الزرقاوي.. ومقتل سليمان خالد درويش (أبو الغادية)، كل ذلك كان سيحدث حتى لو لقي بن لادن مصرعه في 1997، التغيير البسيط فقط سيكون في الوسائل والأهداف! فالحركات الجهادية سابقة على بروز زعيم القاعدة، ولاحقة له في حال نجحت الـ"CIA" في تحديد مكانه، وأصابته صواريخ أكثر دقة من الكروز. صحيح أن ابن لادن نجح في تمويل وتنظيم عدد من الجماعات، لكن ذلك ليس الدور الحاسم، الذي هو دور اضطلع به الجيل الجديد، الذي عبرت عنه بدقة قيادات مثل محمد عطا وعبدالعزيز المقرن وأبو الغادية. فهؤلاء الثلاثة يجمعهم العامل العمري. إذ ينتمون إلى الجيل الذي تقل أعماره عن خمسة وثلاثين عاما، ويشكل أكثر من نصف المجتمعات العربية. وهو الجيل الركيزة في فاعلية المجتمعات ونهضتها وتطورها.. كما تدميرها!
* محمد عطا: شاب واعد من أسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، أضاف إلى نجاحه في الهندسة في جامعة القاهرة نجاحا في درجة الماجستير في ألمانيا، بتخصص العمارة: تخطيط المدن. رسالته في الماجستير كانت عن حلب القديمة، إحدى جواهر العمارة الإسلامية.
* أبوالغادية: من جيل المقرن، أي أصغر من عطا، لكنه يشبهه من زاوية التحصيل العلمي؛ فقد أتم دراسة طب الأسنان في سورية، إلا أن نشأته مختلفة. فهو من جيل لم يعرف الحركة الإسلامية عن قرب؛ فعندما قضي على الإخوان المسلمين، عقب أحداث حماة العام 1982، كان طفلا في الثامنة من عمره في إحدى قرى دمشق، فكيف وصلته أفكار السلفية الجهادية، التي تعتبر أفكار الإخوان المسلمين مهادنة ومداهنة؟! وكيف كابد السفر إلى دولة طالبان ليلتحق بمعسكر الزرقاوي في هيرات، بدلا من مكابدة السفر لإكمال تعليمه أو العمل في دولة غربية أوخليجية؟!
+++
الاستشهاديون.. من هـم؟
في ظل غياب قاعدة معطيات موثوقة وشاملة حول الجهاديين الاستشهاديين كما يسميهم أنصارهم، أو الارهابيين الانتحاريين كما يسميهم خصومهم، لا يمكننا على وجه الدقة رسم بروفيل دقيق ومميز، وأيضا لأن مميزاتهم متغيرة بصورة متواصلة من سنة إلى أخرى، فيما يلي بعض المميزات الأساسية لهذا البروفيل حسب عدد من مراكز البحث.
أ) الجيل: الغالبية العظمى من الجهاديين الاستشهاديين هم شباب تتراوح أعمارهم بين جيل 17 و24 سنة (حوالي 75%). مع تنامي ظاهرة الانتحاريين الصغار (أبناء أقل من 17 عاما)، وفي المقابل، فقد أوشكت ظاهرة الانتحاريين البالغين (فوق جيل 35 سنة) التي كانت مقلصة قبل ذلك أيضاً على الاختفاء.
ب) الحالة الاجتماعية: الغالبية العظمى من الانتحاريين من العزاب غير المتزوجين. ومن بين أسباب هذا، الجيل الصغير للانتحاريين. ومع هذا، فإن قلة ليست بالقليلة من الانتحاريين كانوا متزوجين أثناء تنفيذ العمليات، مما يعني أن حقيقة كونهم متزوجين لم تمنعهم من تنفيذ العملية الانتحارية.
ج) الثقافة: معظم الانتحاريين متعلمون. كان 23% من الانتحاريين من ذوي التعليم العالي ومن خريجي الجامعات، بينما كان 34% منهم من ذوي الثقافة في الدراسة الثانوية، و9% فقط من أصحاب التعليم الابتدائي. ثقافة الباقين غير معروفة، مع أنه يمكن الافتراض بأنهم من ذوي الثقافة الابتدائية/الثانوية وليسوا من أصحاب الثقافة العالية.

++++++++
وثيقة: التقويم الاستخباراتي القومي
"الجهاديون" في تزايد كمي وتوسع جغرافي
أمر الرئيس الأمريكي جورج بوش برفع السرية عن أجزاء من تقرير "التقويم الاستخباراتي القومي" وهو نتاج عمل 16 وكالة استخباراتية أمريكية كان قد رفع إلى الكونغرس عن تقديرات وكالة الاستخبارات الأمريكية للتهديد الإرهابي العالمي الذي يواجه الولايات المتحدة الأمريكية. وجاء ذاك التقرير بعنوان "اتجاهات في الإرهاب العالمي: المغازي بالنسبة إلى أمريكا".
وفي ما يلي النص الكامل للأجزاء التي رفع البيت الأبيض السرية عنها من التقرير يوم 25 سبتمبر 2006:
الأحكام الرئيسية التي رفعت السرية عنها من بين الأحكام التي توصل إليها التقويم الاستخباراتي القومي:
* الأحكام الرئيسية
لقد أدت جهود مكافحة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة إلى إلحاق ضرر كبير بقيادة القاعدة وعطلت عملياتها؛ ولكننا نستخلص أن القاعدة ستستمر في تشكيل أعظم تهديد تشكله منظمة إرهابية بمفردها، للوطن ولمصالح الولايات المتحدة في الخارج. كما أن تقويمنا هو أن الحركة الجهادية العالمية، التي تشمل القاعدة والجماعات المرتبطة بها ومجموعات إرهابية مستقلة والشبكات والخلايا الناشئة، آخذة في الانتشار والتكيف مع جهود مكافحة الإرهاب.
ـ رغم أننا لا نستطيع تقويم مدى الانتشار بدقة، إلا أن هناك كمية كبيرة من التقارير من جميع المصادر تشير إلى أن الناشطين الذين يشيرون إلى أنفسهم على أنهم "جهاديون" وإن كانوا نسبة صغيرة من المسلمين، يزدادون حالياً من حيث العدد والانتشار الجغرافي.
ـ في حال استمرار هذا الاتجاه، ستصبح التهديدات للمصالح الأمريكية في الوطن وفي الخارج أكثر تنوعاً، مما سيؤدي إلى ازدياد الهجمات على الصعيد العالمي.
ـ من شأن وجود مزيد من التعددية وأنظمة سياسية أكثر تجاوبا في الدول ذات الأغلبية المسلمة تخفيف بعض المظالم التي يستغلها الجهاديون. وبمرور الوقت، يمكن لمثل هذا التقدم، بالإضافة إلى برامج مستمرة متعددة الأوجه تستهدف مواطن الضعف لدى الحركة الجهادية وإلى الضغط المتواصل على القاعدة، أن يؤدي إلى تقليص الدعم للجهاديين.
وتقديرنا هو أن الحركة الجهادية العالمية غير مركزية، وتفتقر إلى استراتيجية عالمية مترابطة، وأنها أصبحت أكثر انتشارا وتشتتاًً. ومن المرجح بشكل متزايد ظهور شبكات وخلايا جهادية جديدة ذات أجندات معادية للولايات المتحدة. وسيجعل هذا الالتقاء بين الأهداف المشتركة وانتشار عناصر هذه الحركات وتشتتهم في العالم العثورَ على جماعات الجهاديين وتقويضها أصعب.
ـ تقديرنا هو أن التهديد الميداني من الخلايا المتحولة ذاتيا إلى الراديكالية سيزداد أهمية بالنسبة لجهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب، خاصة في الخارج ولكن أيضاً داخل الوطن.
ـ يعتبر الجهاديون أوروبا مسرحاًً مهماً لمهاجمة المصالح الغربية. وتيسر الخلايا المتطرفة داخل الشتات الإسلامي الواسع النطاق في أوروبا تجنيد الأعضاء الجدد وتنفيذ هجمات في المدن، كما يتضح من تفجيرات مدريد في العام 2004 وتفجيرات لندن في العام 2005.
وتقديرنا هو أن الجهاد في العراق يشكل حالياً جيلاً جديداً من القادة الإرهابيين والعناصر الميدانية الإرهابية؛ وإن من شأن وجود شعور بأن هناك نجاحاً يحققه الجهاديون هناك أن يلهم مزيداً من المقاتلين بمواصلة الكفاح في أمكنة أخرى.
ـ أصبح النزاع المسلح في العراق "القضية الأكثر بروزاً" بالنسبة للجهاديين، وهو يولد مشاعر استياء عميقة تجاه تدخل الولايات المتحدة في العالم الإسلامي ويوجد داعمين للحركة الجهادية العالمية. وإذا ما رأى الجهاديون المغادرون للعراق أنفسهم، ونُظر إليهم على أنهم، قد أخفقوا، ففي رأينا أن ذلك سيلهم عدداً أقل من المقاتلين بمواصلة القتال.
إن تقديرنا هو أن العوامل الأساسية التي تغذي انتشار الحركة تفوق في أهميتها نقاط ضعفها ومن المرجح أن تبقى كذلك طوال الفترة الزمنية لهذا التقويم.
ـ هناك أربعة عوامل أساسية تغذي انتشار الحركة الجهادية: (1) المظالم المترسخة، كالفساد والظلم والخوف من الهيمنة الغربية، المؤدية إلى الغضب والشعور بالإهانة والإحساس بالعجز؛ (2) حركة "الجهاد" في العراق؛ (3) بطء وتيرة الإصلاحات الحقيقية المستمرة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، في الكثير من الدول ذات الأغلبية السكانية المسلمة؛ و(4) مشاعر العداء للولايات المتحدة المتفشية بين معظم المسلمين وكلها أمور يستغلها الجهاديون.
وتلازم هذا مكامن ضعف بدأت بالظهور في حركة الجهاديين، إن تم الكشف عنها واستغلالها بشكل تام، يمكن أن تبطئ انتشار الحركة. وهي تشمل الاعتماد على استمرار النزاعات المرتبطة بالمسلمين، والجاذبية المحدودة لإيديولوجية الجهاديين الراديكالية، وبروز أصوات معتدلة محترمة، والانتقاد الموجه إلى التكتيكات العنيفة التي يتم استخدامها ضد مواطنين غالبيتهم من المسلمين.
ـ أعظم نقطة ضعف لدى الجهاديين هي كون حلمهم السياسي النهائي- حكومة ترتكز إلى تفسير محافظ جداً للشريعة في العالم الإسلامي أجمع- غير محبذ لدى أغلبية ضخمة من المسلمين. ومن شأن الكشف عن القالب من القيود الدينية والسياسية التي لا يمكن الحياد عنها التي تنطوي عليها دعايات الجهاديين المساعدة في إيقاع الشقاق بينهم وبين الجماهير التي يحاولون إقناعها.
ـ إن الإدانات الأخيرة لأعمال العنف والتفسيرات الدينية المتشددة التي أصدرها عدد قليل من رجال الدين المسلمين ذوي المكانة المرموقة تشير إلى توجه يمكن أن يسهل تعاظم بديل بنّاء لإيديولوجية الجهاديين: النشاط السياسي السلمي. كما يمكن أن يؤدي هذا إلى مشاركة جاليات إسلامية أوسع، بشكل ديناميكي ثابت، في رفض العنف، مما يقلص قدرة الراديكاليين على الاستفادة من دعم الأهالي السلبي. وبهذه الطريقة، يبرز الاتجاه السائد بين المسلمين كأقوى سلاح في الحرب على الإرهاب.
ـ ستتطلب مقاومة انتشار حركة الجهاديين جهوداً منسقة متعددة الأطراف تتعدى إلى حد كبير عمليات القبض على القادة الإرهابيين أو قتلهم.
في حال تحقيق جهود الإصلاح الديمقراطي تقدماً في الدول ذات الأغلبية المسلمة على امتداد السنوات الخمس القادمة، من المحتمل أن تدق المشاركة السياسية إسفينا بين المتطرفين المتصلبين والمجموعات المستعدة لاستخدام العملية السياسية لتحقيق أهدافها المحلية. ومع ذلك، فإن مراحل التحول التي يمكن أن تزعزع الاستقرار وما يلازمها من إصلاحات ستخلق فرصاً جديدة يمكن للجهاديين استغلالها.
تستغل القاعدة، حالياً الوضع في العراق لاستقطاب أعضاء ومانحين جدد وللمحافظة على دورها القيادي.
ـ من المحتمل أن تؤدي خسارة قادة أساسيين، خاصة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والزرقاوي، في تلاحق سريع، إلى تفتت المجموعة إلى مجموعات أصغر. ورغم أن الأفراد المؤمنين بنفس الأفكار سيحاولون مواصلة المهمة، إلا أن خسارة هؤلاء القادة الرئيسيين ستفاقم التوترات والخلافات. وتقديرنا هو أن المجموعات المنشقة الناشئة عن ذلك ستشكل، على الأقل لبعض الوقت، تهديداً أقل خطورة لمصالح الولايات المتحدة مما تشكله القاعدة.
ـ من الممكن أن تؤدي زيادة دور العراقيين في إدارة عمليات القاعدة في العراق إلى تركيز الجهاديين الأجانب المخضرمين جهودهم على العمليات الخارجية.
من المحتمل أن توسع منظمات متطرفة سنية أخرى مرتبطة بالقاعدة كالجماعة الإسلامية وأنصار السنة وعدة جماعات في شمال إفريقيا، ما لم تتم مواجهتها، نطاق عملياتها وتصبح أكثر قدرة على القيام بهجمات متعددة أو/و يسقط فيها ضحايا عديدون خارج مناطق عملياتها التقليدية.
ـ تقديرنا هو أن مثل هذه الجماعات تشكل خطراً أقل على الوطن مما تشكله القاعدة ولكنها ستشكل درجات متباينة من التهديد لحلفائنا وللمصالح الأميركية في الخارج. وسيتنقل تركيز هجماتهم على الأرجح ما بين التركيز على أهداف من الأنظمة المحلية وأهداف إقليمية أو عالمية.
إن معظم مجموعات الجهاديين، المعروفة منها والحديثة التشكيل، ستستخدم، في رأينا، عبوات متفجرة محلية الصنع وهجمات انتحارية تركز في المقام الأول على الأهداف السهلة لتطبيق استراتيجيتها في الحرب غير المتكافئة، وستحاول القيام بهجمات إرهابية مستمرة في البيئة المدنية. ويشكل المقاتلون من ذوي الخبرة في العراق مصدراً محتملاً للقياديين بالنسبة للجهاديين الذين يعتمدون هذه التكتيكات.
ـ ستواصل مجموعات الجهاديين السعي لحيازة قدرات كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية.
في حين تظل إيران، وإلى حد أقل سورية، أكثر الدول الراعية للإرهاب نشاطا، فإن دولاً كثيرة أخرى لن تتمكن من الحيلولة دون استغلال الإرهابيين لأراضيها أو مواردها.
إن الشعور المناوئ للولايات المتحدة وللعولمة في تزايد ويغذي الإيديولوجيات الراديكالية الأخرى. ويمكن أن يدفع هذا بعض الجماعات اليسارية أو القومية أو الانفصالية إلى تبني أساليب إرهابية لمهاجمة مصالح الولايات المتحدة. إن عملية التحول إلى الراديكالية تحدث بشكل أسرع وعلى نطاق أوسع ومع بقاء الهويات مجهولة في عصر الإنترنت، مما يزيد من احتمال وقوع هجمات مفاجئة تقوم بها جماعات غير معروفة، قد يكون من الصعب تحديد أعضائها ومؤيديها.
ـ رأينا هو أن الجماعات من جميع الأشكال والألوان ستستخدم الإنترنت بصورة متزايدة لأغراض الاتصال والدعاية وتجنيد الأعضاء الجدد والتدريب والحصول على الدعم اللوجستي والمالي.
نهاية الأجزاء التي رفعت عنها السرية من تقويم الاستخبارات القومي.
+++
الجهاديون الجدد: أساليب وطرائق
في الجبال التي تلفها الثلوج بالقرب من جلال اباد سنة 2001 كانت حركة طالبان قد انهارت وفقد تنظيم القاعدة ملاذه الافغاني. لاحظ واضع السيرة الذاتية لاسامة بن لادن وهو حميد مير أنه وفي كل لحظة كان عضو القاعدة يحمل جهاز كمبيوتر محمولا وبندقية كلاشنيكوف كانوا يستعدون للاختفاء والمنفى, وعلى الشاشات كانت صور لخاطف احدى الطائرات يوم 11 سبتمبر محمد عطا.
وبعد اربع سنوات تقريبا اصبحت القاعدة اول حركة رجال عصابات في التاريخ تنتقل من المساحة الواقعية الى الفضاء ومع وجود اجهزة كمبيوتر محمولة واجهزة "DVD" في مخابئ سرية وفي مقاهي الانترنت في الضاحية سعى الجهاديون الشباب الى مضاعفة تسهيلات التدريب والاتصال والمواعظ التي كانوا قد فقدوها في افغانستان بمواقع جديدة لا تعد ولا تحصى على الانترنت.
ويعتمد انتحاريو القاعدة ووحدات الكمائن في العراق على الموقع الالكتروني للحصول على الدعم في التدريب والتكتيكات معتمدين على غموض الانترنت ومرونة تشغيله مع ما يشبه الحصانة في مساحة التجسس, وفي قطر ومصر واوروبا فإن خلايا مرتبطة مع القاعدة نفذت مؤخرا او خططت لتفجيرات خطيرة تعتمد في صورة كبيرة على الانترنت.
ودفعت هذه الحالات وكالات استخبارات غربية ومتخصصين خارجيين في الارهاب للاستنتاج بأن "حركة الجهاد الكوني" التي يقودها احيانا اعضاء في القاعدة لكنها مكونة في صورة متزايدة من مجموعات وخلايا مؤقتة متنوعة قد اصبحت ظاهرة موجهة عبر الموقع الالكتروني كما وصفتها دراسة اعدت لمحللي الارهاب من قبل خبير وزارة الخارجية الاميركية دينيس بتشينسكي الذي يعمل في الوزارة منذ امد بعيد.
وتبني القاعدة والجهات التابعة لها مكتبة هائلة وديناميكية مباشرة خاصة بمواد التدريب وبعضها مع جانب خبراء يتولى الاجابة عن اسئلة ترد على لوحات الاسئلة او في حجرات المحادثة, تغطي موضوعات متنوعة مثل كيفية خلط سم الريسين وكيفية صنع قنبلة من كيميائيات تجارية وكيفية الظهور بمظهر حياد ثم التسلل الى العراق عبر سوريا وكيفية اطلاق النار على جندي اميركي وكيفية السير عن طريق الاستدلال بالنجوم من خلال صحراء مجللة بالسواد, وتكون هذه المواد وفيرة في الموقع الالكتروني بالعربية واللغات الاوروبية والباشتو وغيرها من اللغات الاولى للمتطوعين الجهاديين.
وكان فرع القاعدة في السعودية قد طرح مجلة إلكترونية مباشرة في عام 2004 حدت بمجندين محتملين لاستخدام الانترنت, وجاء في المجلة "ايها الاخ المجاهد.... حتى تنضم الى معسكرات التدريب الكبرى ليس مطلوبا منك ان تسافر الى بلاد اخرى".
واعلن العدد الافتتاحي من اصدار معسكر البتار او معسكر السيف "وحدك في منزلك او مع نفر من اخوانك تستطيع انت ان تبدأ تنفيذ برنامج التدريب", وكان مانشيت "اسلحة بيولوجية" هو العنوان الصارخ لوثيقة صيغت بالعربية وتقع في خمس عشرة صفحة ارسلت قبل شهرين على موقع الكتروني تابع لمتمرد القاعدة مصطفى ست مريم نصار وهو واحد من اهم دعائيي الحركة والذي غالبا ما يشار اليه باسمه الحركي ابو مصعب سري, ووصفت وثيقة كيفية تحويل "طاعون الرئة الى سلاح بيولوجي" اذا تم الحصول على امداد صغير من الفيروس طبقا لترجمة وضعتها ربيكا غيفز فوريس وهي محللة في مركز ابحاث الارهاب في ارلينغتون في ولاية فيرجينيا, واستدل السيد نصار ببرامج الاسلحة البيولوجية الاميركية واليابانية من حقبة الحرب العالمية الثانية واظهر "كيفية حقن حيوانات ناقلة مثل الجرذان بالفيروس وكيف يتم استخراج ميكروبات من الدم الملوث ومن ثم تجفيفها بحيث يمكن استخدامها عبر جهاز نشر هوائي".
ويسعى الجهاديون الى التغلب على عوائق معينة في مساحة التجسس والتي يواجهونها من الجيوش وقوات الشرطة في العالم, ويضع الناشطون في حوزتهم وثائق مزورة, لذلك فإنهم يتمتعون بأمان اكثر عندما يعملون عبر الموقع الالكتروني, وقال جون اركيلا وهو استاذ في البحرية الأمريكية للخريجين والذي ادخل اصطلاح "حرب الشبكات" قبل اكثر من عقد ان القاعدة والشبكات التابعة لها قد فهمت ان الزمن والمساحة على حد سواء تعرضا للغزو من جانب الانترنت.
وقال مايكل شوير الرئيس السابق لوحدة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية التي تعقبت بن لادن ان تجديد القاعدة على الموقع الالكتروني يأكل مقدرة خدماتنا الامنية لضربها عندما تكون اكثر ما يكون عرضه للضرب وعندما تتحرك, واضاف انه كان يملى عليها في السابق ان تذهب الى السودان او ان تذهب الى اليمن او ان تذهب الى افغانستان لتلقي التدريب, والآن وحتى عندما يكون السفر ضروريا فإن ناشط القاعدة لم يعد عليه حمل اي شيء لافت للانتباه, فهو لا يحتاج الى مخططات ولا يحتاج الى مسودات ولا يحتاج الى صيغ فكل شيء يرسل على الموقع او يمكن ان يرسل مسبقا عبر موقع مشفر حيث يضيع في خضم بلايين الرسائل التي يشتمل عليها الموقع.
وتضاعف عدد المواقع الالكترونية التابعة للجهاديين النشيطين منذ 11 سبتمبر 2001 اذا وجد غابرييل فيمان وهو بروفيسور في جامعة حيفا في اسرائيل عند تعقبه المواقع الالكترونية المرتبطة بالارهابيين ان عدد هذه المواقع كان 12 موقعا قبل ثماني سنوات اما الان فهي 4500 موقع.
وكان بن لادن قد استخدم بعض اول الهواتف التجارية المتصلة بالاقمار الاصطناعية بينما كان مختبئا في افغانستان, واخرج اشرطة فيديو دعائية مع كاميرات محمولة باليد قبل وقت طويل من ان تصبح معروفة في صورة عامة, وكان اولاده يلعبون العابا على جهاز الكمبيوتر في المجمع الذي كانوا يقطنونه طبقا لما ذكره الصحفي عبد الباري عطوان الذي اجرى مقابلة مع بن لادن في اواخر عام 1996.
واليوم فإن بن لادن ومساعده ايمن الظواهري قد تراجعا خلف مستوى اتباعهما الشباب في انحاء العالم, ويقوم الاثنان بتسجيل خطابات في استوديوهات متنقلة وبارسالها الى محطة الجزيرة الفضائية او اي محطة فضائية اخرى، كما حدث مع خطاب الظواهري اخيرا, ولقد اتجه تابعوهم الاصغر سنا الان الى المواقع الالكترونية والى اخراج اشرطة فيديو من الممكن ان توزع الى ملايين في الحال عبر الانترنت.
وتعيد اشرطة فيديو تمثيل تجربة التدريب الافغانية على خط شبكة الانترنت, واكتشفت مكتبة لفيديو القاعدة على الموقع الالكتروني وحصلت عليها صحيفة الواشنطن بوست من باحث خبير فأظهرت سلسلة افلام صورت في افغانستان لتدريبات عالية المستوى تظهر كيفية تنفيذ عملية اغتيال على قارعة الطريق واقتحام منزل واطلاق قنبلة ذات دفع صاروخي ونسف سيارة, ومهاجمة قرية وتدمير جسر واطلاق صاروخ سام 7 , وخلال تدريب على احتجاز رهائن جمع المتدربون رجالا ونساء في غرفة وكانوا يصرخون بالانكليزية "تحركوا.... تحركوا".
وقد غيرت هذه المواقع اجزاء من الشبكة الى "جامعة مفتوحة للجهاد" كما قال روفين باز الذي يرأس مشروع الابحاث عن الحركات الاسلامية في اسرائيل وقال ان الجمهور الرئيسي هو الجيل الاكثر شبابا في العالم العربي الذين يستطيعون الآن ادارة مدرسة كبيرة على الانترنت.
+++










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال