الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفروق الذكية بين عبادة السلف والسلفية

سالار الناصري

2007 / 2 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عبادة الأسلاف عبادة شاعت في جميع الامم ماعدا الأمة العربية لأسباب نذكر منها ما يأتي:
1ـ ان عبادة الأسلاف تنتشر بين القبائل البدائية كما يرى تايلور حيث تعظم تلك القبائل أجدادها و أسلافها وتقدس بقاياهم من معتقدات و آراء و أقوال و أشياء كما تؤمن تلك الجماعات بان بإمكان أسلافهم رد كيد الأعداء وتزويدهم بالقوة والمجد.
وهذه العبادة جنبنا الله شرها قديما قبل الا سلام وحديثا بعد الا سلام و أعوذ بالله من اعتبار الإسلام حديثا بل الا سلام أزلي محفوظ في اللوح المحفوظ ، مسطور في أم الكتاب.
وجنبنا الله و ايا كم الخوض في الحداثة والتحديث فنحن لسنا من أهل الشتات الذين قسموا وفرقوا زمنهم الى أزمان: ماضي وحاضر ومستقبل، فتاهوا بين هذا وذاك حتى وصل ذلك الداء الى من يدعون فيهم العلم فكانوا يدرسون التاريخ باعتباره ماضيا، وصاروا يدرسون الحاضر بعلوم الدنيا التي لا تساوي لدينا جناح ذبابة ، بل ابتدعوا البدع فأصبحوا يدرسون علوم المستقبل وكأنهم لا تكفيهم ابتداع البدع حتى ينظرون لها ويرسخونها بأساليب علمية لم يذكرها البخاري ومسلم بل لم يتطرق لها الكافي ومسند أحمد.
فعبادة الأسلاف لا تنتشر الا في المجتمعات البدائية التي تهيمن عليها ثقافة القبيلة و أنماطها الاجتماعية والسياسية ،وقد تختلط الأمور على بعض ضعاف الإيمان ومن لم يرضعوا من ثدي الاسلام لا رضاع الكبير ولا رضاع الصغير فيتوهموا ان بلاد العرب فيها بقايا من ثقافة القبلية او سلوكيات عشائرية او اعراف وتقاليد بدوية وحاشى لله ان تجمعنا غير رابطة و آصرة الإخوة الاسلامية ولا نستمع الى ما تقول به الشياطين بان غير الخليجي العربي يعامل معاملة من الدرجة الثالثة ان كان عربي ومسلم وان كان غير عربي فمن الدرجة السادسة ولا تصدق ما تنفثه شياطين الأعلام حول حال الأقليات في البلدان العربية لأنها أقليات موهومة و إنني أتحدى ان يعلن فردا من هذه الا قليات ان الا مارة السلفية قد ظلمته وان الحاكم او الأمير العربي قد تجاوز او اعتدى عليه الا ان يهرب الى دار الكفر ويناصب أهل دار الاسلام العداء فيوسوس له الشيطان ما يقول وحتى لو اثبت ذلك بالصور والدلائل فادعائه فقهيا مرفوض لأنه أصبح من المعادين للدين والذي حلل الشارع الاسلامي دمهم وأعراضهم ومالهم.
ولكم في اية السيف مرجعا وبرهانا.
ومن جهة أخرى أود ان أوضح أمرا مهما وهو ان البعض قد يخلط بين القبيلة كبنية اجتماعية والقبيلة كبنية دينية وسياسية فالنبي القريشي الذي حكم أجداده قريش وقريش التي حكمت العرب سواء بشقها الأموي او بشقها العباسي او بحكومة تميم وعدي هذه القبلية هي قبلية دينية نصت عليها السنة النبوية بروايتها الذكرية عن طريق أبو هريرة أو بروايتها الأنثوية عن طريق ام المؤمنين عائشة.
حيث كانت قريش محل اجتماع العرب الديني وفيها مستقر آلهتهم التي تزيد على ثلثمائة بقدر القبائل العربية ،وبالرغم من بدعة أبو حنيفة الذي جوز ان لا يكون الوالي من غير قريش ولا من العرب فانها بدعة ابتدعها الخوارج وتلقفها منهم أبو حنيفة لربما ليجعلها ـ أي الرئاسة ـ اقرب لقومه الاعاجم.
فالقبلية السياسية التي نرى مظاهرها متفشية في عموم بلاد العرب هي امتداد سلفي أصيل لتلك القبلية الدينية التي بدأت اليوم تطرح أنموذج جديد من القبلية توجد في الانتماء والعصبية عن طريق المعتقد والجماعة و أمير الجماعة الذي يقوم بدور رئيس العشيرة او الفخذ وتنتشر سلوكيات و أنماط القبلية الدينية بين أعضاء المجموعة من حيث العادات والتقاليد والملكية المشاعة و أسلوب الغزوات والغنائم .وأين أين هذه القبلية الدينية التي تعبر عن الاسلام الصحيح من القبلية الجاهلية التي لم تدرك الاسلام.
2ـ ويذكر علماء الا نثربولوجية وهو علم غربي تافه لم أجد له موضعا في أبواب الفقه الإسلامي ولم استطيع إلحاقه لا بعلوم القران ولا الحديث ،و ما زادني فيه حيرة ولعل هذا مما فات فقهاءنا العظام كرم الله وجوهم من عبادة بعضهم بعضا ان لم تصدر فيه فتوى لا من ابن نسرين ولا من ابن العثيمين ولا من ابن شيرين ولا من ابن جبرين لكنني أقول يقينا : بأن هذا العلم ان كان نافعا فسيجد له الاخوان أصحاب تجارة (الإخوان هم الحل) أصلا في القران وفصلا في انساب العرب ومقدمة في كتب القرطاوي .
يذكر اؤلئك الانثربولوجيين بان عبادة الا سلاف تبد ا من الاعتزاز والفخر بالعائلة الممتدة وبانجازاتها الماضية على يد الا سلاف العظام والمفاخرة بهم وشعورهم ان ارواحهم باقية معهم ترعاهم وتصد عنهم الأذى وتحول هزائمهم الى انتصارات واحباطاتهم الى أمجاد و اموالهم الى مفخخات دموية في دروب الجهاد المقدس ومفخخات جنسية في أسواق النخاسة الإسلامية المعاصرة ،وتحول جهلهم الى علوم حقيقية وليس الى تلك العلوم ا شار اليها نزار قباني في خرافته اللاعذبة اللاشعرية حين يقول:
يوم كان العلم في أيامنا ..
فلقة تمسك رجلينا ..وشيخا (لا سلفي طبعا )..و حصيرا
شوهونا..
شوهوا الإحساس فينا و الشعورا
فصلوا أجسادنا عنا..عصورا وعصورا
صوروا الحب لنا .بابا خطيرا
فنشانا ساذجين
فنشانا
كنباتات الصحارى
نلعق الملح ،ونستاف الغبارا
نحسب المراة شاة أو بعيرا
ونرى العالم جنسا وسريرا..
أما السلفية فانها على العكس تماما من عبادة الأسلاف لانها لم تنشأ في أوقات كانت فيه الأمة تمر باحباطات ولا هزائم ولا انتكاسات وتستطيع ان تراجع التاريخ لتجد ان الشيخ ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن قطب كانوا في أزمان الانتكاسات العسكرية والسياسية والثقافية للامة لكن الأمة كانت في أوج عزها الديني والشعائري والطقوسي، بل كان الناس يعودون أفواجا الى السلف الصالح للامة يتماهون معهم في الشكل والسلوك والموقف من الحاضر لكي يستحضروا استحقاقات تلك المفاخر العربية الاسلامية العظيمة.
ان عبادة الأسلاف لربما تنشا في جانب منها من التهديدات التي تحيط بجماعة ما،سواء كان ذلك التهديد وجودي أو ثقافي أو ديني أو سياسي لذا تستدعي الحالة تلك ان تستنهض الجماعة موروثها لتعتمد عليه فتستحضر أبطالها أو أنبيائها او رموزها في الأدب والشعر بحسب مجال التهديد ولا تسمى تلك الحالة عبادة للأسلاف إلا إذا تحولت ضمن الطقس الديني لتلك الجماعة ورافقت أولئك الأسلاف خرافات وأساطير واطروا بأطر مقدسة ،وهذا ما لا نجده في السلفية ،والتي لا تؤمن بعبادة الأسلاف بل لن تجد أي من ائمة السلفية بشقيها السني أو الشيعي من يعبد جده بل انها تتعبد بالسلف الصالح من الأمة سواء عموم قريش أو آل الرسول فقط فهؤلاء هم أصحاب الفضائل والمناقب الذين يستحقون ان يكونوا مصدرا للتشريع وموردا للتقديس لهم ترقد الشموس ،وتغمض الملائكة عيونها حين يقضون حاجاتهم او يغتسلون، ويضع الله يده على أكتافهم ويسير معهم ،ولهم يتجلى الله على جمل أحمر وعليه جبه خضراء ،وهم النجوم المنيرة ،وهم سبب خلق هذا الكون ونظامه،وهم مبتدأ التكوين ،وحقائق اللوح المحفوظ .وكل هذا من مصادر معتبرة وموثقة ،ومن أراد الرجوع اليها دللناه عليها ،وان كان ذلك دليل على جهله بمعتقدات الأمة ،وجوهر رسالتها.
3ـ ان من يعبد الأسلاف غير السلفية التي تؤمن بوجود الله وهي تسعى لان ترتد الأمة عن جاهليتها كما نبه الى ذلك أبو الأعلى المودودي وسيد قطب، وتكفر عن ذنوبها بالبراءة من الإشراك المعاصر ولاحظ يا أخي ان هناك إشراك قديم وإشراك معاصر، وان هناك جاهلية اولى وثانية وثالثة بتغير الأزمان أما شريعة الإسلام فهي واحدة ثابتة كالحجر لا تؤثر فيه تقلبات المناخ ولا توالي الأزمان.
فالسلفية تسعى لكي تلبس الأمة لباس السلف وتتمظهر بمظاهره وتتزيا بأزيائه وتتسمى بأسمائه وتستنسخ سلوكياته ومواقفه تجاه الأشياء والمفاهيم والشعوب، فمن كان عدوا للرسول وأصحابه وللسلف الصالح هو عدونا.
والسلفية ببساطة تريد ان تجعل الخلف نسخة من السلف في الدين والتفكير والمشاعر ولا تقول وكيف نكتم عواطف الأمة !ولا تسال كيف ان حديث ضعيف عن ابن جندب الزبعري أفضل ألف مرة وأقدس من كل منتوجات عقل الأمة الحاضر ،ولا تسألوا عن مسائل ان بدت لكم تسوءكم كما يشير الى ذلك القران الكريم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟