الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدستور و لعبة شد الحبل بين المسلمين و المسيحيين ..... لمّا نشوف مين يغلب مين

أسعد أسعد

2007 / 2 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قضية القضايا في مصر اليوم هي وضع الشريعة الاسلامية في الدستور المصري هل تبقي أم تُلغي ؟ و علي قدر كثافة المناقشات و موضوعيتها بين العديد من مثقفي الامة المسلمين و المسيحيين إلا أن المتتبع للشعور العام الشعبي لرجل الشارع المصري فسيجد أن العاطفة و المشاعر الدينية هي التي تسود و تُوَتّر الجو العام دون الوعي السياسي... و كأننا علي أقل القول في مباراة للأهلي و الزمالك كُلِ يُشجّع فريقه و يخشي الهزيمة الساحقة ... بينما في مشهد لمأساة العقل العربي في بلادنا المصرية فقد تهيأ الاقباط لصد الغزو الاسلامي بينما تكتّل المسلمون لصد الفرنجة الصليبيين عن ديار الاسلام ... فراح فريق الاقباط يذكر أفعال العرب الغزاة من نهب للأموال و إغتصاب للنساء و ذبح و قتل للرجال و سبي للصغار بينما إقتَرَضَ المسلمون و إستوردوا لدعاياتهم و قائع من صراع البوسنه و الهرسك و راحوا يحذّرون من إنقضاض النصاري المستضعفين الان إذا ما قويت شوكتهم فسينقضون علي نساء المسلمين ينهشون أعراضهن و سييقتحم كل مسيحي دار جاره المسلم و يذبحه هو و أطفاله كما حدث في أوروبا البربرية
و لقد أظهرت هذه القضية الان الهوّة بين أصحاب الفكر و الرأي و بين عامة الشعب المصري الذي لا يري فيها إلا شد و جذب و مين يغلب مين
و أنا أعترف إن القضية ليست سهلة ... فهي قضية المشاعر ضد العقل و العقل ضد المشاعر و أنا أيضا أعترف إنه لوكانت القضية قضية شريعة مسيحية بدلا من قضية شريعة إسلامية لمررنا بنفس الحالة من الشد و الجذب لأن الامر لم يصبح الدولة و تكوينها و إدارتها بل الدين و فرائضه و مظاهره و أحكامه.
هل مصر بلد إسلامي؟ و هل كل من نطق الشهادتين صار مسلما؟ هل يكفي أن اقول "أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله" حتي أُحتسب من المسلمين ؟ ألم يكن هذا هو منطق العرب الفاتحين؟ إنطق بالشهادتين و إلا ... و ليس مُهِمّا أن يعرف الانسان من هو الله هذا و من هو محمد الذي نادي به العرب نبيا له؟ و سمي العرب هذه الشهادة إسلاما و بُنيت الدولة العربية الاولي علي جمع الجزية و إرسالها الي الخليفة في يثرب , و كان هذا هو الاسلام العربي كله إمّا شهادة و زكاه و إما ذُمّية و جزية وإمّا قتال و سيف.
و اليوم تقف الحكومة المصرية التي تدّعي أنها إسلامية تحارب الاخوان المسلمين و الجماعات الاسلامية و تزج بهم في السجون بالشريعة الاسلامية ... و الاخوان المسلمون يناوءون الحكومة المصرية و يطالبون برئيس جمهورية مسلم حتي و لو جاءوا به من ماليزيا, و ذلك أيضا بالشريعة الاسلامية و كلاهما يكفّر الاخر و يهدده بالويل و الثبور و أعاظم الامور بالشريعة الاسلامية.
و المتأمل في منطق وضع الشريعة الاسلامية في المادة الثانية بمنطوقها الحالي بإعتبار أنها المصدر الرئيسي للتشريع نجد أن وضعها بهذا الشكل يُقوّض أساسيات الدولة و الحكومة لان الشريعة الاسلامية ليس فيها رئيس جمهورية بالانتخاب و ليس فيها أحزاب و ليس فيها محكمة دستورية و ليس فيها مجلس شعب هو مصدر التشريع و يستمد سلطاته من الامة فإذا أصرّ مجلس الشعب علي إبقاء الوضع علي ما هو عليه صار وجوده هو نفسه غير شرعي بحسب الشريعة الاسلامية و الوزراء مراكزهم غير شرعية و أصبحت الدولة كلها غير شرعية بحسب الشريعة الاسلامية.
و بما أن نسبة المسلمين المصريين هي الغالبية , و إذا كانت مشاعرهم تتجه بهم لوضع الشريعة الاسلامية في الدستور ... إذا فلماذا لا نخصص بابا كاملا في الدستور للشريعة الاسلامية و نحدد فيه حدود تطبيق هذه الشريعة داخل الدولة فقوانين الدولة المدني يضعها مجلس الشعب و القوانين الاسلامية تتولاها هيئة شرعية من الفقهاء و الائمة المسلمين و تُقام محاكم و قضاة شرعيين يُطبقون الشريعة في جميع القضايا المدنية التي تمس المسلمين و شئونهم الاسلامية في الزواج و الارث و المعاملات المدنية , فإذا حدث أن كان أحد أطراف قضية ما غير مسلم فمن حقه أن يلجا الي قضاء الدولة المدني و تصير القضية مدنية إلا إذا إرتضي باللجوء للقضاء الاسلامي و تصير القضية إسلامية.
يجب أن يكون للمسلمين حقوقهم في ممارسة شريعتهم و لكن ليس لهم حق تطبيقها علي غير المسلمين أو حتي المسلمين الذين لا يرغبون في ذلك , فالدولة يجب أن تحتفظ بمدنيتها فالعلاقات الدولية و السفارات و الجيش و الاقتصاد الدولي العالمي و تركيب الدولة الحديثة و الانتخابات و مجلس الشعب و الحكم المحلي و الديموقراطية قضايا مدنية ليس للشريعة الاسلامية أو حتي غير الاسلامية فيها شئ , و لم يكن لها في كل هذه شئ علي مدي التاريخ , و بالتالي يجب أن يعطي الدستور الحق للراغبين أن يعيشوا و يمارسوا حياتهم بمقتضي الشريعة أن توفر الدولة لهم هذا الحق.
بند الشريعة الاسلامية يجب أن يخصّص له باب بمفرده في الدستور بحيث تنطبق فقط علي الذين يرغبون أن يعيشوا بموجبها , كما ينبغي علي الدولة أن تضع القوانين المدنية العامة التي تُطبّق علي كل من يرغب أن يعيش بموجب القوانين المدنية
أما القوانين الجنائية مثلا بجميع درجاتها و قوانين تنظيم عمل الدولة بجميع أوجهها الاقتصادية و الادارية و الامنية فيجب أن تكون مدنية بحته , فمثلا إذا إرتكب شخص جناية ما فالدولة تتدخل بقانونها الجنائي لكن الطلاق و الميراث و الشراكة التجارية و المعاملات التي يري المسلمون أن الشريعة أصلح لهم فيها فالدولة يجب أن توفر لهم ذلك
أما المسيحيون فلهم الكنيسة , من يريد الزواج فله أن يلجأ الي الكنيسة أو للقانون المدني أما الطلاق و الزواج الثاني فمن شان المحاكم المدنية و لا يجوز فرض حكم مدني علي الكنيسة و لا علي المحكمة الشرعية.
إن تقنين الشريعة الاسلامية في مادة منفردة بذاتها ضمن مواد الدستور سيعطي الدولة نفوذا أكثر في القوانين المدنية و سيعطي المسلمين حرية أكثر في إدارة شئون معاملاتهم , و إذا تولي الازهر أمر تطبيق الشريعة الاسلامية بين المسلمين الذين يلجأون للشريعة فهذا حَسَن , لكن لتبقي الدولة علمانية لانه لماذا تطبق الشريعة الاسلامية علي المسيحيين أو غيرهم أو حتي المسلمين العلمانيين اليس هذا ظلم الاغلبية ضد الاقلية؟
و في نفس الوقت لا نستطيع أن نحرم الاغلبية المسلمة التي تريد أن تتمسك بالشريعة و تطبيقاتها علي حياتهم أن تكون لهم الشريعة كمادة في الدستور المصري.
لكن إذا طبقنا الشريعة في كل شئ و لنأخذ الاحكام الجنائية مثلا فالشريعة ليس فيها سجن بل إما الجلد أو قطع اليد أو الرجل أو القتل سواء بالرجم أو بالسيف.
و الشريعة ليس فيها ضرائب بل الزكاة و الجزية , و الشريعة فيها الكثير عن العبيد و الاماء فهل نطبق الشريعة ليتحول المصريون من الوضع الحالي من حكومة و شركات و موظفين و عمال و فلاحين ـ و هذه تلزمها قوانينا لم تكن في الشريعة ـ الي عبيد و إماء.
الشريعة ليس فيها أي تقنين للعلاقات الدولية فإما دار الاسلام أو دار الحرب و إن جنحوا للسلم فنستمر في جهادهم حتي يقولوا لا اله الا الله.
إن وضع و صيغة الشريعة الاسلامية الحالي في الدستور المصري إنما هو مهزلة و ضد العقل لان الشريعة تلغي الحكومة بتشكيلها الحالي فلا رئيس جمهورية يُنتخب بل الخليفة و له البيعة من جمهور العلماء كما فعلوا مع محمد علي باشا و لا مجلس الشعب بل علماء الامة ناصحين للخليفة و لا نظام قضائي بل كل قاض له منطقة يحكم فيها بحكم الله.
في الشريعة لا صحافة و لا تلفزيون ولا مسرح و لا سينما ولا شواطئ و لا قري سياحية و لا آثار فرعونية بل كما قال أحد الاسلاميون في بلد عربي شقيق تُهدم هذه الوثنية و تُقام بحجارتها مساجد يُذكر فيها إسم الله ليلا و نهارا.
في الشريعة لا سيّارات و لا حتي درّاجات لكن ممكن مراكب شراعية لا كمبيوتر و لا كميرات تصوير و العياذ بالله و لا تليفونات و خاصة المحمول.
في الشريعة لا أُدباء و لا شعراء و لا مثّالون و لا رسّامون و لا عُلماء لانه لا علم إلا ما جاء في القرآن.
في الشريعة المرأة عورة لا تخرج من بيت أبيها إلا الي بيت زوجها و لا تخرج من بيت زوجها إلا الي قبرها.
و الي كل من يجادلني في هذا أقول له أنت تريد أن تُفَصّل الشريعة علي مقاسك ... أليس أفغانستان بلدا يقضي بالشريعة؟ أليست السعودية بلدا يقضي بالشريعة؟ أليس الاسلاميون يفجرون الجزائر و المغرب و يتربصون بدول الخليج الاخري لفرض الشريعة؟
فماذا تريدون أن تفعلوا بمصر؟
قال الفنان محمد صبحي و هو معلّق في سقف خيمة السيرك في أحد مشاهد مسرحية البلياتشو "شد الحبل شد" فلما جذب الفنان الاخر الحبل صاح به محمد صبحي "أقطعه من عندي"
و أنا أخشي أنه من كثرة الجذب و الشد أن ينقطع الحبل ... حبل الامة المصرية فإن هزيمة الاغلبية هزيمة لمصر و هزيمة الاقلية أيضا هزيمة لا تقل عنها في المرارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترمب يغازل المانحين اليهود بالورقة الفلسطينية ويطلق سلسلة من


.. حلمي النمنم: فكر الإخوان مثل -الكشري- | #حديث_العرب




.. 40-Ali-Imran


.. 41-Ali-Imran




.. 42-Ali-Imran