الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمة التي يعيشها الاساتذة

صبيحة شبر

2007 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتأخر بلداننا العربية في جميع مجالات الحياة ، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ينهزم المواطن المنتمي لهذه المنطقة العزيزة الغنية ، التي وهبها الله أغلى الثروات ، واعتى الأنظمة الاستبدادية ، يرهق المواطن بالأسعار الغالية ،التي تسير قدما إلى الارتفاع الفاحش ، في وقت تبقى الأجور ، على ما هي عليه من التدني ، وأحيانا تنخفض الأجور في عالمنا ، مع زيادة كبيرة في الأثمان ، بحيث لا يستطيع الموظف او العامل ، ان يشبع حاجاته الآخذة بالازدياد ،في ظل الأوضاع الراهنة ، التي أصبح كل شيء من الأشياء الأساسية ، يتم إشباعه بالمال الذي أصبحت قيمته الفعلية ، تتناقص بسبب التضخم الذي نعيشه ، الأوضاع السياسية تعاني الأمرين ، بسبب فرض سياسة الرأي الواحد ، وتكميم الأفواه المتبعة في كل البلدان العربية ، والحالة الاجتماعية في تدهور مستمر ، لم تعد الأواصر القائمة على العلاقات الطيبة ،بين بني البشر تؤتي أكلها ، وأضحى الإنسان متقوقعا ، ينشد العزلة ، لأنه لا يجد من يستطيع ان يفهمه ، مهما حاول ان يكون مبسطا في التوضيح ، كما ان الغالبية من الجماهير ، بعد ان أدركت أنها يمكن ان تعرض نفسها ، لغضب أولي الأمر ، ان أبدت بعض الشجاعة في الأمور ، التي تهمها والتي تجد إن من مصلحتها الحياتية ان تولي لها الاهتمام ، أمست هذه الجماهير بعد ان جربت ، ان النضال قد لا يوصلها إلى تحقيق المراد وان الحياة تشتد سوءا ، وتتفاقم تدهورا وتقهقرا الى الخلف ، وإننا نفقد الكثير من الحقوق و المكتسبات ، التي أحرزها الإنسان عن طريق نضاله المستمر والدءوب ، لقد أصبح المرء يردد كالببغاء آراء الأعلام الحكومي ،والفضائيات التي تعمل بما يريده أولو الأمر من سياسة التعمية
فان حاولنا ان نطرح سؤالا منطقيا ، لماذا أصبحت حياتنا بهذا البؤس ، ومن المسئول الأول عن هذا التردي ؟ بعض الآراء تشير بإصبع الاتهام الى الأستاذ ، لأنه المربي والمعلم والملقن ، الذي يأخذ بيد الطلاب مبينا لهم ، أنواع العلوم وطرق الآداب ، وان هذا الأستاذ لم يعد وفيا للعملية التربوية ، التي نأتمنه عليها ، وانه أصبح أنانيا يريد الإثراء السريع ، على حساب جماهير الطلاب ، غير مبال بما يصيبهم من جهل وتخلف هو المتهم الأساسي فيها ، ولكن النظرة المنصفة لطبيعة الأمور التي تشهدها بلادنا تبين وبوضوح ، ان الأستاذ بريء كل البراءة ،من شناعة التهم التي توجه له ، وانه ضحية من ضحايا الوضع الحالي ، فالعملية التربوية تشترك فيها عدة عناصر ، وليس الأستاذ العنصر الوحيد فيها ، فمن سياسة تعليمية تضعها الحكومات ، وترسمها بدقة وعناية يكون القصد منها ليس الرفع من شان التعليم ، وإنما المحافظة على العروش ، والدفاع عن الكراسي ، والعملية التعليمية من عناصرها أيضا ، الطالب الذي لم يعد يهتم أبدا بالثقافة ، والعلوم كما كان في السابق ، وإنما أصبح حريصا على ، إحراز الشهادات العليا التي لا تعني علما او معرفة ، وهذه الشهادات يسعى اليها الطالب رغبة في الظهور بمظهر المثقف الواعي ، أصبح الطالب يطلع على المنهج المقرر فقط ،
وان لم يستطع ، فقد يغش سارقا العلوم ، دون أن يبالي بتوسيع مداركه ، بالإطلاع على الكتب والموسوعات ، التي تعزز من رأيه العلمي وتمده باخر التطورات ، وتجعله مدركا ، أن كل شيء في الحياة يقفز قفزات سريعة ، ويتغير ، ولا شيء يبقى جامدا في مكاته ، لان من سنن حياتنا التي نحياها ، ان التطور ينال جميع جوانب الحياة ، وازعم ان الطالب أصبح لا مباليا بالعلم ولا مهتما بالتفوق الفكري نتيجة لعدم تشجيعه ، من قبل أهله على إحراز العلم ، والحصول على المعرفة المتطورة ، لهذا أصبحت مدارسنا وجامعاتنا ، تخرج الكثير من حملة الشهادات العليا ، لكنهم في حقيقة الأمر امييون ،لا يفقهون أمور العلم ولا يعرفون أساسيات الحياة
فهل نبريء الأساتذة والجامعيين منهم على الخصوص ، من التهم العديدة ، الموجهة ضدهم ، والتي تحاول الكثير من الجهات ، إلصاقها بهم لتنأى بأنفسها عن تحمل المسؤولية الثقيلة تلك ، الأستاذ إنسان ، اجتهد وسهر الليالي وانفق الكثير من الوقت والجهد ، في سبيل التحصيل العلمي في وقت كانت بلداننا تحترم ذلك التحصيل ، ثم حدث التقهقر الى الخلف بشكل قد يبدو مفاجئا ، لبعض الباحثين ولكن سياسة الاضطهاد المتبعة وعدم منح الحرية في الراي ، والتعبير عنه وعدم تقدير الأستاذ التقدير المناسب ، الذي يعترف بفضله انه الباني لثقافة البلاد والمحقق لرفعتها ، فلماذا يكون الأستاذ العربي في بلاد أوربا وأمريكا أفضل عطاء ؟ ليس لأنه قليل الحب لوطنه ،ولا يحرص على بذل أقصى الجهود ، من اجل هذا الوطن ، وإنما وجد نفسه في بلده ، لا يتمتع بالحرية ولا يمنح الراتب الكفيل بتحقيق العيش المقبول ، ولا ازعم العيش الرغيد ، فان أساتذتنا الاكفاء لا يمنحون الا النزر اليسر من المال ، الذي لا يتناسب مع كفاءاتهم ، وعطاياهم العلمية التي لا تقدر بثمن
يجب ان تتظافر الجهود من اجل الاعتراف ، بفضل الأستاذ العربي الذي لا يقل كفاءة عن الأساتذة ، في بلاد الله المحترمة التي تقدر الإنسان ، ولا يميز بين فرد وآخر بسبب الانتماء السياسي ، او المذهبي او الديني ، إنما يتفاضل الناس على أساس العمل والكفاءة ، ولكن من يمكن ان يساعد الأستاذ في تحقيق المنزلة الرفيعة التي يجب ان يتمتع بها ، والتي فقدها حين فقدت شعوبنا الكثير من الحقوق ، وكان نتيجة ذلك الفقدان ان تتأخر حياتنا ، وان تنهزم قيم العدالة والكفاءة والاجتهاد ، ليحل محلها قيم التفرقة والمحسوبية ، والمنسوبية وعدم إعطاء الناس الحقوق التي يستحقونها ، فمن هو المؤهل لمساعدة الأساتذة على استعادة منزلتهم ؟ ليست الحكومات التي ما فتئت ، تضع العراقيل أمام كل الكفاءات ، وليس أشباه المثقفين الذي لايمكن ان يقدروا الأستاذ حق قدره ، انما مثقفونا الحقيقيون أؤلئك المنصفون العلميون المتصفون بالهدوء والصبر على البحث والتنقيب والسهر ،
أساتذتنا عنوان حضارتنا وأساس رقينا ، ان كان الأستاذ مقدرا مهابا ، أدركنا ان حياتنا تجري بطريقة صائبة ، وان عاش الأستاذ مهانا فقيرا معدما محروما من الكلام ، او اضطر الى مغادرة الوطن ، تدهورت أمورنا وأصبحنا في المنزلة الدنيا بين بني البشر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحامي ثروت الخرباوي يكشف أسرار الإخوان المسلمين بالأدلة


.. 145-An-Nisa




.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال


.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟




.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى