الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالكريم نبيل سليمان مثالا: الشغف بقتل المختلفين في مجتمع مأزوم ثقافيا

هويدا طه

2007 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لابد أن نعترف أن لدينا مشكلة كبيرة في فهم علاقة الإنسان بالدين والتدين والمتدينين و.. غيرهم، على مستوى النخبة أو على مستوى البسطاء أو على أي مستوى ترونه، هناك كارثة ثقافية في العقل العربي عموما والمصري على وجه الخصوص تسربت إلى الجينات المكونة للناس والمجتمع، (أو كانت كامنة فيه.. وابتلي جيلنا بصحوتها!) كارثة تتلخص بأن كل منا ليس فقط يعتقد أن ما يدور برأسه (هو).. هو وحسب.. هو الصواب المطلق.. وإنما يعتقد أن الآخرين (لابد أن يعاقبوا) بأقسى العقاب.. فقط.. فقط.. لأنهم ليسوا مثله! شعوب كثيرة غيرنا وضعت لنفسها قاعدة (حرية الاعتقاد مكفولة) والتزمت بها، أما نحن.. أما نحن فلا يُرضي أيا منا إلا أن يكون الآخرون (مثله) أو ليكن مصيرهم جحيما.. وحسب قوة وسلطة كل منا تكون شدة الجحيم، هذا والله.. شيء مقرف! الملحد يحتقر المتدينين ويظن نفسه وصل إلى الحقيقة دونهم.. (بالطبع لا يقتلهم.. لأنه في الواقع لا يملك ذلك)! والمتدين لا يكتفي بتمني قتل الملحد وإنما يسعى إلى التلذذ بالتمثيل بجسده.. ويظن أنه دون الجميع (تيقن من العلم بالحقيقة المطلقة) لمجرد أنه ورث من أبيه كتابا مقدسا أيا كان الدين الذي يقدسه!، الأسبوع الماضي لم يكن ممكنا أن تفلت دقائق من هذا الوباء.. وباء رفض بقاء (المختلف) حيا! رفض يصل إلى حد قتله أو المطالبة بقتله.. في العمل وفي المقاهي وفي كل مكان تذهب إليه.. تجد نقاشا عن (فسطاطي الكفر والإيمان)! تهرب من هذا الجنون وذلك الشغف بتمني قتل الآخر لتجد نفسك وجها لوجه أمام (فضائيات العرب)! برنامج العاشرة مساء على قناة دريم التقى مرة حافظ أبو سعده (حقوقي) وحلمي النمنم (صحفي) ومصطفى بكري (صحفي أحيانا ومخبر أحيانا ومحارب مغوار أحيانا وشيخا بلا عمامة أحيانا أخرى وواثقا في حكمة الرئيس دائما!) وذلك لمناقشة الحكم الصادر على عبد الكريم نبيل سليمان (شاب في العشرين من عمره يحرر مدونة على الانترنت يقول فيها أرائه في الدين والسياسة.. صراحة! وهذه هي- صدق أو لا تصدق.. هذه هي التهمة!).. الحكم كان السجن ثلاث سنوات بتهمة (ازدراء الأديان) وسنة أخرى بتهمة (إهانة الرئيس)!، ومرة أخرى في يوم آخر استضاف نفس البرنامج الدكتور شريف حتاتة لمناقشته في أمر خبر صحفي عن هروب زوجته الدكتورة نوال السعداوي من مصر.. بسبب تهديد المتدينين المتطرفين بقتلها (لاعتقادهم) أنها كافرة.. أي (ليست مثلهم)!، وبرنامج على الهواء في قناة الصفوة - إحدى قنوات أوربت- استضاف قسيسا واثنين آخرين من مسيحيي مصر على خلفية تبادل الاتهامات مؤخرا بين نخب قبطية كل منهم يكفر الآخر! وبعضهم يهدد بقتل البعض الآخر أو يشكو أن ذلك البعض الآخر يحرض على قتله!، وإذاعة BBC البريطانية في يوم آخر ناقشت حرية الاعتقاد والتعبير على خلفية قضية المدون عبد الكريم نبيل سليمان، وبرنامج القاهرة اليوم ناقش أيضا مسألة خبر هروب دكتورة نوال السعداوي... واتصل بها هاتفيا للاستيضاح! باختصار.. أينما تولوا وجوهكم ثمة اتهام بالكفر.. ثمة تهديد بالقتل.. ثمة جنون واستقالة تامة للعقل.. ثمة دوران في فلك (مكر القدماء) بنبذه تارة والوقوع في فخه تارة أخرى، أنت مهدد بالقتل لأنك لست نسخة ممن يهدد.. ثمة قضية في انتظارك ومحكمة واتهامات ولحى.. متهَمة أو متهِـمـِة! حقيقة.. هذا شيء يثير الغثيان.. عندما اتصل برنامج العاشرة مساء بأخ المتهم عبد الكريم نبيل سليمان قال ذلك الأخ إنه وأسرته يتبرؤون منه.. وزاد بأن قال إن (ديننا أهم عندنا من أخويا) ثم زاد وزاد بأن قال (الإسلام لا يعرف الحكم بالسجن.. لازم المشايخ همه اللي لازم يحكموا عليه بحكم الإسلام مش المحكمة) أي أن هذا الأخ لا يرضيه أن يسجن أخوه وإنما يتمنى له أن تقطع يداه ورجلاه من خلاف! قالت مذيعة البرنامج منى الشاذلي إن الصحافة تقول بأن والدة المتهم (المؤمنة) طالبت بإعدام ابنها! فقال الأخ متكرما علينا- نحن المشاهدين البؤساء الذين يستمعون إلى كل هذا الهراء- قال إن والدته (غلبتها الأمومة فأرسلت إلى ابنها في السجن ساندويتشات)! بالطبع كان هناك رأي آخر في البرنامج عندما اعتبر حلمي النمنم الصحفي الضيف أن المتهم الشاب الصغير الطالب في جامعة الأزهر هو ضحية الأزهر، وقال إن (الجريمة هي جريمة الأزهر كيف تتقدم الجامعة ببلاغ عن طالب فيها تتهمه أنه كافر هذا فشل لجامعة الأزهر.. وهذا الطالب هو ضحية ما تدرسه هذه الجامعة وضحية أسرته السلفية المتشددة.. هذا الطالب مأزوم نفسيا ولا يجب أن يكون متهما) لكن بالطبع ضاع صوت حلمي النمنم أمام غضنفر يزود عن الدين بحنجرته.. حيث عبر مصطفى بكري عن ضيقه من الحكم على هذا الشاب بالسجن أربع سنوات فقط.! ومثله في ذلك كان معظم المشاهدين.. الجميع تأفف من (أربع سنوات سجن.. فقط).. الجميع عبر عن (رغبته) أن يرى دم ذلك الشاب أو يشربه.. عندما بدأت اتصالات المشاهدين لم يكن ممكنا إلا أن تستمع في ذهول إلى هذا الذي يخرج من ألسنة الناس.. هذا العطش إلى دماء المختلفين معهم! أي شعب هذا؟ أي بشر أنتم؟ ليس هذا الشاب فقط هو المأزوم في مجتمعنا المختل ثقافيا المختل عقليا المختل إنسانيا.. بل كل مجتمعنا مأزوم نفسيا.. مريض.. ضحية لمكر القدماء حينا.. وحينا آخر ضحية لشغف المحدثين بالسلطة والثروة على أجنحة ما تركه القدماء من أديان ومعتقدات وثقافات، عندما ُسئل الدكتور شريف حتاتة عن سبب ضيقه وضيق زوجته الدكتورة نوال السعداوي مما يجرى في مصر قال الرجل واليأس يملأ وجهه إن الردة والتخلف يغمران مصر حتى صارت (بلدا لا يطاق)، ربما يكون ضيق الدكتور حتاتة في محله.. ففي هذا الجو الخانق.. أي أحلام تلك التي نحلم بها عن الحرية والديمقراطية و.... أي هراء هذا؟! تحلم بالحرية في بلد يتأسف فيه أخ لأن أخيه حكم بالسجن ولم تقطع يداه ورجلاه؟! أي حرية نتحدث عنها ونحلم بها؟ أتعلمون؟! أحلامنا هذه هراء!.. يمكن أن نصرخ ونقول.. الإنسان يولد حرا من حقه أن يعتقد فيما يشاء.. (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)! هكذا يجب أن تكون علاقة البشر مع الدين.. هذا حق مكفول للجميع سواء طبقا لما قاله القرآن الكريم.. أو ما قالته أي من الديانات في مراحل صفاءها.. وقبل أن تتحول إلى (جين شراسة) يجري في دماء الناس، أو طبقا لما توصل إليه الفلاسفة والمفكرون من القول بأن (حرية الاعتقاد) مكفولة للجميع.. وإن كان القرآن بالطبع أبلغ وأعمق عندما جاءت الآية بتحديد أكثر دقة من مجرد حرية الاعتقاد.. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، أي أن.. كل هذا الشغف بالقتل الذي يحدث باسم الدين لا يمكنه أن يحرم الإنسان من أي حرية حتى حرية الكفر! لكن للأسف .. في مصر.. حيث كلنا مأزومون نفسيا ومجتمعنا مختل ثقافيا وإنسانيا فإنك تتساءل.. من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.... فين؟ في مصر؟! مصر التي يمر زمنها بالمعكوس.. كلما تقدم زمن الناس إلى الأمام تتقدم هي إلى الخلف؟ حرية اعتقاد؟ فين.. في مصر؟ أمامك وقت كاف للصراخ إذن.. .إلى اللقاء بعد عشرة قرون!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الآلاف يشيعون جـــــ ثمــــ ان عروس الجنة بمطوبس ضـــــ حية


.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا




.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله