الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نحتفل بذكرى خميس والبقري- شهداء الطبقة العاملة المصرية

إلهامي الميرغنى

2004 / 6 / 25
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


 نحتفل في أغسطس من كل عام بذكرى إعدام بطلين من أبطال الطبقة العاملة المصرية فرسان كفرالدوار الشهيد مصطفى خميس والشهيد محمد البقرى.وقد أعدمتهم ثورة يوليو " المباركة " بعد أقل من شهر على قيامها ليكونوا عبرة لمجمل الطبقة العاملة المصرية.
تتلخص وقائع الحادث في إضراب عمال احد مصانع كفر الدوار التى يملكها احد البشوات الذين كانوا يحكمون مصر قبل 23 يوليو ، ونتيجة أن العمال كانت لهم مطالب اقتصادية وان الثورة أعلنت أنها جاءت لتقضى على مجتمع النصف في المائة وأنها تستهدف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، فقد صدق العمال ما سمعوه عبر أجهزة الراديو وخرجوا يطالبون بحقوقهم المشروعة من سارقى قوتهم وخرجوا في مظاهرة يعلنون فيها مطالبهم ، وفجأة انطلقت رصاصة من الضفة المواجهة للمصنع لتصيب أحد رجال الشرطة وتهاجم بعدها الشرطة جموع العمال وتعتقل قادتهم وعلى رأسهم الشهيدين خميس والبقرى وتجرى لهم محاكمة صورية وتصدر حكمها بالإعدام في نفس موقع الحادث ( أمام المصنع ) وينفذ الحكم ليدشن مرحلة جديدة من تاريخ الطبقة العاملة المصرية ومرحلة جديدة من الفاشية والاستبداد السياسى.وقد كان وزير داخلية مصر في هذه الفترة هو البكباشى جمال عبد الناصر ( الرئيس فيما بعد 1954 ) .
يهمنا أن نتوقف هنا عند بعض الوقائع منها :ـ إن الإضراب والتظاهر السلمى من الحقوق المتعارف عليها ولا يوجد شئ مستحدث لم يمارسه العمال في ظل حكم الملك الفاسد والاستعمار الإنجليزي وبدؤه في مواجهة الثورة وضباطها " الأحرار".ـ إن صاحب المصنع احد رموز العهد البائد ومعروف بعلاقته بالحكم السابق .ـ لم يعرف في تاريخ الطبقة العاملة المصرية قبل وبعد يوليو 1952 أنها حملت السلاح أو استخدمت العنف أو التخريب في حركتها من إضراب لفافي السجاير في نهاية القرن التاسع عشر وحتى إضراب عمال شركة دايو منذ شهرين.ـ إن الشهيد مصطفى خميس كان ينتمى للحركة الشيوعية المصرية ولكن الشهيد محمد البقرى لم ينتمى للحركة الشيوعية وكان عمره لم يتجاوز السابعة عشر وحتى تاريخ الإضراب كانت عدة فصائل شيوعية تؤيد حركة الجيش .ـ لم تقدم الحكومة أى دليل يفيد بأن السلاح المستخدم كان بحوزة أى من عمال المصنع بل أن الرصاصة الغادرة انطلقت من الضفة الأخرى للترعة بما يؤيد احتمال أن الشرطة هى التى أطلقت هذه الرصاصة.ـ ذكر الجنرال محمد نجيب في مذكراته انه كان غير مقتنع بحكم الإعدام وانه طلب مقابلة مصطفى خميس وشعر بعد المقابلة أنه برئ وأراد أن يرفض الحكم لولا المناقشة التى تمت بينه وبين وزير داخليته عبد الناصر والذى أقنعه فيها بأهمية الحكم وضرورة أن يكون العقاب قاسى حتى يوقف رد فعل الطبقة العاملة المصرية على حركة الجيش.
تذكرنا وقائع الحادث بما جرى في شيكاغو والذى تحول بعد ذلك إلى يوم العمال العالمى في الأول من مايو حيث حدث إضراب في أحد مصانع شيكاغو وخرج المضربين في مظاهرة وواجهتهم الشرطة وانطلقت رصاصات باتجاه الشرطة أعقبتها مذبحة واعتقال عدد من قيادات العمال وإعدام ستة منهم . وبعد سنوات من هذا الحادث فجر أحد رجال الدين المسيحى قنبلة هزت الولايات المتحدة والعالم أجمع حين اعترف رئيس شرطة شيكاغو وهو على فراش الموت للقس الذى حضر أليه بأن الشرطة هى التى دبرت هذا الحادث وان الرصاصات التى انطلقت كانت من رجال الشرطة وأعلن القس ذلك فأعيدت محاكمة العمال وصدر حكم بتبرئتهم بل وصار يوم الحادث ذكرى يحتفل بها كل عمال العالم .
ولقد تعرض كثير من المؤرخين والقادة النقابين والعماليين لأحداث كفر الدوار وطالبوا بإعادة محاكمة عمال كفر الدوار ولكن دون مجيب وتحولت الذكرى السنوية لاستشهادهم إلى مبارزة كلامية بين الناصريين والشيوعيين حول إعدام خميس والبقرى.
الآن وبعد مرور أكثر من نصف قرن على الواقعة وبعد أن قضى أغلب المتهمين نحبهم أصبح من المهم علينا أن نحتفل بذكرى خميس والبقرى بشكل مختلف ، ولا اعرف من الناحية القانونية هل يمكن إعادة المحاكمة وماهو حكم القانون في ذلك ؟!فذلك أمر يحسمه المحامين ورجال القانون .
لكن ما أفكر فيه هو إغلاق هذا الملف بصورة كاملة من خلال أجراء محاكمة شعبية لمصطفى خميس ومحمد البقرى ، محاكمة عادلة نسترجع فيها كل وقائع القضية ويشارك فيها عدد من رموز القانون والقضاء المصرى نستعيد الوقائع ونقرأ شهادات الشهود . ويمكن أن نستعين ببعض قضاة مصر المشهود لهم مثل المستشار يحى الرفاعى والمستشار عوض المر والمستشار طارق البشرى ، كما أن نقيب المحامين في مصر ينتمى للتيار الناصرى ومن ثم يمكن أن لا نجد أفضل منه للدفاع عن عبد الناصر إضافة إلى بعض المؤرخين والقادة العماليين .
إن المحاكمة الشعبية هى أفضل شئ يمكن أن نفعله لإحياء ذكرى شهداء كفر الدوار وهى أفضل شكل للاحتفال ، لقد مضى نصف قرن على الواقعة وأكثر من ربع قرن على وفاة عبد الناصر ومن المهم لنا وللأجيال القادمة أن تتضح الحقيقة فنعيد الاعتبار لرموز الطبقة العاملة المصرية .ومن المهم لنا أن نغلق هذا الملف .
قد يدعى البعض أن مثل هذه المحاكمة نوع من نبش القبور وإنها قد تسئ للرئيس عبد الناصر وتصب في طاحونة أعداء الثورة ، ولكن الحقيقة هو أن استمرار هذه الجريمة والسكوت عليها هو اكبر إساءة لعبد الناصر ولكل نظام ثورة يوليو ، وان حسم هذه القضية وإغلاق هذا الملف أشرف ألف مرة للقوى الناصرية من بقاؤه جرح ينزف كل عام وسبة دائمة في جبينهم.
 إن عبد الناصر رحل عن عالمنا منذ سنوات ولن يضيره حتى لو أدين في هذه القضية فهو الآن بين يدى الحاكم العدل يلقى جزاءه بمثقال الذرة وليس بعدد الرؤؤس التى أطيح بها . ولكن ما يهمنا هو إعادة الاعتبار لرموز الطبقة العاملة المصرية وإحقاق الحقيقة التى هى أساس صنع المستقبل وملك للأجيال القادمة . فهل نحن مستعدين للاحتفال هذا العام بشكل مختلف ، وهل توجد جهة محايدة يمكنها أن تتبنى التجهيز لهذه المحاكمة ؟! هذا هو السؤال .
إلهامي الميرغنى 3/8/2003  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”


.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و