الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انطولوجيا مدينة السور

غسان سالم

2007 / 3 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المأزق، المدينة الصنم.. تلك المدينة التي كان أباطرتها آلهة، يحكمون الأرض بلغة الحديد والدم والأجساد المعلقة على أسوارها، والتماثيل الخرافية كعقول سكانها التي تخيف زوارها.
المحيط! ومحيطها المعدم المتلاشي، المفقود بين ثنايا أحجارها التي بنيت بدم العبيد والرقيق، أحرار الأرض، المقيدة أياديهم بلغة الحجر والحديد، المحيط المفعم بالحياة الطفولية، الساذجة..
مدينة الصنم.. تلك النظرة الفوقية التي كانت تتجسد إنكارا لذلك المحيط الذي يشكل عالما مفتوحا على عزلة مدينة السور، المؤمنة بذاتها، المتوحدة بلغة الـ(أنا) التي كانت تحاول دائما ان تسحق، تدمر، تنفي الــ(نحن)، المحيط الذي يزرع، الـ(نحن) التي تشقى، لتحصد المدينة الصنم! ليسعد الــ(أنا)، هذه العلاقة التي استمرت أكثر من أربعة الاف سنة والتي كان يتخللها بين فترة وأخرى قدرة الـ(نحن) على كسر طوق الــ(أنا) وتحطيم أسوار مدينة الصنم، ولكن ليس بلغة الطغيان وإنما بروح الديمقراطية المغروسة بين ثنايا الـ(نحن)، وها نحن نشهد قدرة الـ(نحن) على الخروج من الحقل والدخول عالم المدينة والتي بدأ كبرياءها يتحطم أمام إرادة الديمقراطية المنبثقة من خلال التربة الرطبة والمملوء بطنها بالخير الذي استقى من عرق وليل الـ(نحن)، اليوم نشهد قدرة المحيط على تحطيم كبرياء مدينة السور حيث استطاع ان يقنعها بان "الكبرياء هو الوجه الثاني للخجل" والخجل صفة الضعفاء الخائفين من اعتناق الحياة مذهبا والحرية إلها.
لقد استطاع المحيط، الـ(نحن)، مرة أخرى ان يحطم جدارية فنان السلطة، فنان المال، الفنان الخاضع إلى لغة القوة الكاذبة، نعم استطاع المحيط ان يحطم تلك الجدارية التي تصور الـ(أنا) وهي تركب عربتها بصورة الملك الإله وهو يصطاد الأسود التي ترمز للمحيط المؤمن بالحرية غير القادر على ان يكون داخل مدينة مسورة، تلك الجدارية التي تصور الملك الجبروت وهو يصطاد الأسود الخائفة، لكنه خوف السلطة الهارب تحت عنف اللحظة التي حاول فيها فنان السلطة ان يصور فيها عكس الحقيقة والتي يتأكد منها خوف الـ(أنا)، مدينة السور، إنها حقا تمثل خوف المدينة الأبدي من المحيط المرتبط بالحياة والذي يصنع الحياة على الرغم من شقائه الدائم والمستمر فالمدينة تخشى ثورة المحيط، وانهيار السور الذي يمنع الـ(نحن) من القدوم كالطوفان، على الرغم من قدرة فنان السلطة، فنان نفي المحيط، ان يجسد الأسد وهو خائف، لكنه لم يستطيع ان يخفي قوة الأسد والذي يرمز للتمرد على حالة الظلم، المغروسة برغبة تلك الـ(أنا)، التي كانت وما زالت تحاول القضاء على الـ(نحن)، لتبقى جدلية المدينة السور والتي تستقطب الضد من الأرض، الزرع، الثمر، ذلك الضد المرتبط بسحق الأرض وعدم احترامها لأنها لا تمثل سوى وسيلة، ووسيلة يحتقرها! الضد الذي تجعله ملكا على المحيط المرتبط بالأرض، الزرع، النهر، الجبل، والخوف، الخوف الذي بدا اليوم ينهار مع تدفق إرادة الديمقراطية الأصيلة في روح الـ(نحن)، المتجسدة بإرادة الحياة البسيطة غير المعقدة، والمجموع المتكاتف.
واليوم، عندما نشهد احتدام الصراع بين المحيط ومدينة السور الخائفة حد الموت والمتسارعة في طلب الموت وبكل الطرق الممكنة، الراغبة بتدمير انجازات الـ(نحن)، هل سنشهد مرة أخرى انتصار المحيط، الـ(نحن)، على الـ(أنا)؟ هل تستطيع إرادة الزرع والحياة النقية ان تصمد أمام عجلات جبروت اله الموت؟ هل يلفظ أنفاسه الأخيرة؟ هل ستسقط سلطة الإله المزروعة بلغة الحجر في صومعة الملك الكاهن أمام لغة الزرع المسقي بعرق، دم، الجياع الذين كانت تحصد أياديهم الخير لتتخم بطن الملك الجبروت؟ هل ستنتصر لغة الـ(نحن) المفقودة، الحاضرة، والمتجسدة في الماضي، الحاضر؟ هل ستنتصر شهوة جسد الحياة الاصيلة، ومنطق الديمقراطية الجديد؟ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني