الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السَماورْ... وتأثيرهُا الثقافي في العراق

طاهر فرج الله

2007 / 3 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مثلما كان لإبريق الشاي دور مهم في اختراع القاطرات في بريطانيا, وذلك من خلال انتباه ( جيمس واط ) للقوة الدافعة لغطاء الإبريق والمتمثلة ببخار الماء, كان للسماور في العراق دورهُ الهام في تطوير الثقافة وحركة التربية والتعليم في العراق.

فما أن دخلت المدارس الحديثة في عام (1861) العراق الذي كان يعتمد على الكتاتيب في تعليم أبنائهِ, حتى أنتفض معظم العراقيين ينددون بها باعتبارها مفسدة للأخلاق والدين على حدٍ سواء, والذي ساعد على خلق هذا الشعور الشعبي المعادي الفتاوى التي صدرت من المراجع الدينية بحقها, ألا أن حدثاً مُهماً تطلب بسببهِ العمل الجاد على إبطال فتاوى التحريم وقبول العراقيين الدخول في المدارس الحديثة, وحقيقة السبب ذاك هو أن تاجراً معروفاً يُدعى ( سلمان أبو التمن) كان قد عَين يهودياً على أعمالهِ الكتابية, وصادف أنهً أستورد في حينها نوعاً مميزاً وجميلاً من ( السماور) من روسيا, وقد لاقت هذه الكمية من السماور رواجاً كبيراً في بغداد ما دفعهُ إلى استيراد كمية كبيرة أخرى من تلك البظاعة, إلا أن الكاتب اليهودي أحتفظ بذلك الكتاب وأبلغ فيما بعد أحد التُجار اليُهود بحقيقة الآمر, وبعد فترة من الزمن شاهد التاجر ( سلمان أبو التمن) كميات كبيرة من ذات النوع من السماور الذي كان ينوي استيراده من روسيا يغطي أسواق بغداد التجارية كافة, عندها علم بالآمر المُريب الذي أرتابهُ كاتبهِ اليهودي فما كان منهُ إلا أن يأمر بطردهِ في ذاك الوقت أدرك إن عليهِ أن يعمل جاداً وجاهداً على إدخال العراقيين إلى المدارس الحديثة وذلك من خلال العمل على إبطال الفتاوى الصادرة بحقها فتحرك تجاه رجال الدين وكان أول من تحرك أليهِ وناشدهُ لتحقيق مُبتغاه صديقهُ رجل الدين ( علي البزركاني) فما كان من الآخر إلا أن يذكره بجوابهِ عندما طلب منهُ في يوم ما الطلب نفسهُ وهو ( أسكت يا علي ليسمعوك الناس ويعتبروك من الكفرة والفجرة).
وبعد حوار بسيط بين الاثنين عملا على أن يبذلا الجُهد على فتح مدارس حديثة ببرامج تعليمية خاصة, وصادف أن جاء السيد ( محمد سعيد الحبو بي) بصحبة ( علي البزركاني ) يوماً لزيارة الحاج
( سلمان أبو التمن ) في دارهِ فسألهُ الاثنان أن كانت المدارس الحديثة حلال أم حرام فأجابهُما بأنها حلال وتبنى ( السيد الحبو بي) الفكرة على عاتقهِ وأخذ يتصل بالوجهاء والعُقلاء من قومهِ يحرضهم على ضرورة فتح المدارس الحديثة وجاء لهم بالأدلة العقلية و النقلية في الرد على من يقول بتحريمها حتى تمكن أخيراً من فتح المدارس الحديثة في بغداد بعد أن أدخل عليها بعض البرامج والعلوم الخاصة وفتحت أول مدرسة من هذا النوع في عام ( 1908) فكان لهم ما أرادوهُ وقد ساندهم في هذا بعض رجال الدين, وساعدوهم وذلك بتقديم الكثير من الأموال الشرعية لهم.
وبهذا الحدث الهام أضُيفت إلى السماور تلك الآلة الجميلة التي لعبت دوراً هاماً في لم شمل الآسرة و التسامر فيما بينهم دوراً أخر تميز برفع المُستوى العلمي والثقافي في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب إسرائيليون يهاجمون داعمين لفلسطين بالألعاب النارية في ج


.. -قرار بايدن- يغضب إسرائيل.. مفاوضات الرهائن في خطر




.. هل الميناء العائم للمساعدات الإنسانية سيسكت جوع سكان غزة؟


.. اتحاد القبائل العربية في سيناء برئاسة العرجاني يثير جدلاً في




.. مراسل الجزيرة: استشهاد ثمانية فلسطينيين نصفهم أطفال في قصف ع