الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حال المرأة العراقية في عيدها العالمي

ارا خاجادور

2007 / 3 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


دوت صرخة جبارة قبل أكثر من أربعة عشر قرنا في جزيرة العرب تقول: "ما أكرم النساء إلا كريم , وما أهانهن إلا لئيم". هذا القول قانون أخلاقي، يقف بوضوح الى جانب الطرف المضطهد والمهان من بني البشر، قول جاء في وقت كان العالم بأسره يتخذ موقفا من النساء غاية في الجهالة وعدم الانصاف.

وعلى أساس، أن النساء هن شقائق الرجال، نشأت حضارة عظيمة، خدمت نفسها، وخدمت الانسانية جمعاء قرونا طويلة. طبعا، ومن البداهة، أن تلك النهضة لا تخلو من ردات وانتهاكات أيضا، ولكن الثابت أنه في كل ردة اقترن الأمر بتراجع دور المراة، وفي كل نماء وتطور أقترن باحترامها، واتساع دورها في الحياة العلمية، والانتاجية، والسياسية، وفي العائلية أيضا، وأولا.

وجاء ذلك القول أو الصرخة في مجتمع؛ في طور المدينة الدولة، التي تعيش فيها انماط انتاج متنوعة: رعوية، وعبودية، وعلى قمتها التجارة الريعية؛ رحلة الشتاء والصيف.

وهنا لا نستهدف دراسة تاريخية، ولكننا نسير على خطى الفقراء العراقيين، عند كل حديث يقولون: الشيء بالشيء يذكر، لذ فأن وضع المرأة العراقية اليوم تحت ظل الاحتلال وعملائه، يذكرنا بتلك الصرخة، ويدفعنا الى التسأول: هل خدم الاحتلال اليوم ينتسبون الى تلك الصرخة الأولى عرقا، أو دينا، أو ثقافة؟!.

نرى أن مهمة هؤلاء اليوم هي تبيض صفحة الاحتلال السوداء جدا، اذ أصدار من يحاول التشبه بالرجال"رئيس حكومة المنطقة الخضراء" قرارات لتكريم الضباط الجبناء المعتدين على كرامة سيدة من بنات العراق "صابرين الجنابي" أو "زينب الشمري، أو الجميلي"، أو أي اسم آخر، وتم ذلك قبل وقت وجيز من صدور قرار لمحكمة أمريكية، يقضي بالحكم على أحد مجرميهم في حادثة اغتصاب وقتل طفلة عراقية، وقتل عائلتها، وحرق بيتها في المحمودية الشهيدة "عبير قاسم"، بالسجن مئة عام، ليرتبط بوعي أعداد من بسطاء الناس، أن أسياد "حكامـ"هم أرحم من "حكامـ"هم الذين يسخرون بحياة وكرامة أبناء جلدتهم، أية تضحية يقدم هؤلاء الى أسيادهم، ونسأل: الى أي درك من الخسة وصلتم أيها العملاء؟!؛ كل العملاء دون استثناء؛ من أقصى"اليسار" الكاذب، الى أقصى اليمين الديني البشع والجشع والدموي.

ويبدو من خلال هذه المؤشرات أن مراحل تطور العملاء المعروفة عالميا، تأخذ شكلها الكلاسيكي والنموذجي في العراق، حيث الخائن يبدأ عميلا، ويتحول الى مجرم برغبته أو تحت ضغط سيده، وأخيرا الى منحط شامل، يجمع في وقت واحد الصفات الثلاث معا.

في عيد المرأة نراجع الماضي، لأن هذا العيد مناسبة كبيرة لمراجعة الماضي، ولمقارنته بالحاضر، وفي الحالتين تظل العيون شاخصة نحو المستقبل، نحو بناء مجتمع راق، تحتل فيه المرأة المكانة التي تستحق، وعند هذا الأمل، نكون جميعا أحرارا في بلادنا.

وفي مسيرة مواجهة الظلم المنصب على النساء، أدرك المنظرون والمفكرون والمناضلون الثوريون في التاريخ الحديث، ومعهم نساء ثائرات، حقيقة الاضطهاد المزدوج، الذي تعاني منه المراة، والتي لم يشفع لها دورها، بأنها الأم، والأخت، والبنت، والحبيبة، فاقاموا لها المنظمات، والجمعيات، والأعياد، والأيام، والتشريعات، للحد من استغلال المرأة في الاسرة، والقبيلة، والطائفة، والدين، والعرق، وعلى نطاق كل دولة على حده، وعلى النطاق الاقليمي، وفي العالم أجمع، وحاولوا اسناد ودعم المرأة من خلال المنظومات، والمنظمات، بما فيها الأمم المتحدة، وغيرها من المؤسسات الدولية، وتحققت نجاحات كبيرة، ولكنها غير مكتملة، وغير متساوية في كل مكان ومجال حتى اليوم.

وكان لليسار عامة دورا مهما في هذا المجال، مجال الدفاع عن المرأة، حتى ظن البعض، أن (8) آذار/ مارس يوما أو عيدا خاصا بهم، الى درجة أن هذا العيد المبجل المعنى والهدف، قد ألغي في بعض الدول الشرقية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية الدولية، ولكنه عاد سريعا اليها، وفي كل مكان، حيث مازل الظلم على النساء قائما وواقعا، وبصيغ مختلفة ومتفاوتة من مكان الى آخر.

على الدوام، وفي طول التاريخ وعرضه، ينصب القهر الأصعب على النساء، ففي غزوات المجتمعات القديمة والمتخلفة، كان أول الضحايا النساء، وفي المجتمعات المتطورة علميا، كان النساء أيضا، وخير دليل على ذلك، الأفعال الشائنة والمجرمة للاحتلال الأمريكي في العراق عبر قواته ومؤسساته مباشرة، وليس عبر خدمه فقط، وفي الوطن الواحد كان التمييز على نطاق التعليم والأجور وفرص العمل والاستغلال النفسي والجسدي، وما الى ذلك. وفي كل العصور نحتت وتردد كلمات معبرة عن عمق المأساة مثل: السبية، الجارية، العبدة، المغتصبة، واسألوا فقيرات العراق، من زاخو الى الكويت، عن معنى كلمة – الخايبه -.

حاول اليساريون العراقيون، ومنهم الشيوعيون الحقيقيون، انهاض وضع النساء، وكان للنساء أيضا أدوار كبيرة في هذا المسعى المشرف والمشروع، وهنا لا نبخس حق الآخرين من الاتجاهات الأخرى، فقد كانت لهم أدوار مشرفة أيضا، هم أولى بالتعبير عنها.

وفي سجلنا مناضلات كثيرات يصعب حصرهن، ولكن هذا المقام لا يمنع من ذكر بعضهن:- زكية، وفية، سافرة، ألين، عميدة، سعيدة، عايده، ليلى، فاطمة، عائشة، هاسميك، تحرير، رقية، بروين، هناء، بخشان، فوزية، زينب، مادلين، هيفاء، بشرى.... وكل واحدة منهن سجلت ما يفوق رواية لأبرع الكتاب الموهوبين.

كما ان زميلاتهن ووريثاتهن وبناتهن وحفيداتهن لم يقصرن في تحمل ذات الأعباء، بل أعباء أقسى وأمر: كريمة، واعدة، ايمان، نادية، هوزان، ينار، وجيهة.... ففي كل يوم هنالك مثل الشهيدة التي قتلت في بيتها، وأمام أطفالها؛ سعاد "أم أحمد" بنت مدينة حديثة الباسلة، بنت الفرات العذب، التي قدمت درسا لكل نساء العالم، يفيد بأن المرأة قد تخلق ظروفا تتفوق فيها على قوة الاحتلال الغاشم، "أم أحمد" طعنت بسكين المطبخ أحد كلاب الاحتلال السائبة، دفاعا عن شرف العراق وشرفها الشخصي، بل وشرف كل نساء العالم، بمن فيهن الصابرات الطاهرات"واجدة" و"صابرين" ووو....وذهبت "أم أحمد" شهيدة برصاص الجبناء المرعوبين من شجاعة حفيدات البطلة العراقية المجهولة في كل ثورات وانتصارات ومآسي ومحن الشعب العراقي.

وبصدد الاعتداءات الوحشية على كرامات النساء العراقيات، أدعو كل انساني،ووطني، وويساري، ونحن نعيش مناسبة نبجل فيها يوم النساء العالمي، بأن يدافع عن كل من تداس، أو تهضم كرامتها، ولا ينجر الى الموقع المقصود، الى الفخ، وحيث توضع في فمه أسئلة مثل: من أين هي؟ ومن هي؟ وهل فعلا تعرضت لاعتداء أم لا؟ ووو... ينبغي على كل يساري، أن يرفض قانون الصمت المافيوي، المفروض عرفا على النساء، من أجل المزيد من استغلالهن، والمزيد من هدر كرامتهن، تحت منطق الحياء المعوج، الذي لا ينطوي على أي عدل أو حياء.

ليس هي المرأة المطالبة باثبات الحيف الذي لحق بها، لأن السؤال يطرح في مكانه الطبيعي، على كل من يملك سلطة أو يدعي ذلك، وعليه أن يثبت بطلان أي ادعاء.

وعلى النطاق الشخصي، أرى بأن من واجب كل تقدمي فرد، أن يقيم محاورة صادقة مع الذات لامتحانها حول وبصدد موقفه الحقيقي من حقوق النساء، ان هذه المحاورة النزيهة، مع الذات هي التي تقدم لك الجواب الحقيقي، حول معرفة أين تقف أنت بالذات، بالفعل وليس بالقول فقط، وتكتمل الحلقة عندما يتأكد الانسان، بأن المعيار الحقيقي والراسخ لامتحان النزعة والسلوك التقدميين، يكمن في الموقف العادل والشريف من المرأة، ومن اقرار، واحترام حقوقها، وارادتها، وكرامتها واختياراتها.

في ظل ظروف قاهرة اجتماعيا، ضم الرفيق فهد مؤسس حزبنا الشيوعي العراقي الحقيقي، المناضلة الرفيقة "أمينة الرحال" الى عضوية اللجنة المركزية للحزب، وفي ظل ظروف أكثر انفراجا نسبيا، ضم الرفيق سلام عادل الدكتورة المناضلة "نزيهة الدليمي" الى عضوية اللجنة المركزية، من أجل المساهمة المباشرة من جانب النساء أنفسهن في معركتهن العادلة، التي هي في الواقع معركة المجتمع بأسره، وهي معركة عادلة ومشرفة وبناءة.

وحفل تاريخنا بالكثير من المناضلات الرائعات في قيادة المظاهرات، وفي ادارة البيوت الحزبية، ونقل البريد والسلاح، والدفاع عن السجناء، وفي النضال النقابي، الى جانب المساهمات الجليلة في الثقافة والعلم والمعرفة والبحث والعمل, وكان أول ظهور للمراة العراقية العاملة، كان في معامل الشخاط "أعواد الثقاب"، وفي معامل النسيج والألبسة الجاهزة، خلال الحرب العالمية الثانية، وكان ظهورا رائعا لا يقل أهمية عن ظهور الجامعيات، وشغيلات العلم والبحث العلمي.

وبالمناسبة، وقبل هذا وذاك، كان للفلاحات ومربيات الجاموس والأغنام والجمال، من مصب شط العرب، الى ذروتي دجلة والفرات، وحتى بدايات روافدهما، وفي أحزمة البؤس والحرمان على حواف وهوامش المدن، كان لهن أمجادهن الخاصة والملهمة، هذا الى جانب دور ودعم الموظفات في المجال النفطي، وفي دوائر الدولة لشقيقاتهن المحرومات من فرص التعليم والعمل، من أجل تطوير دفاعهن عن الوطن، وعن الحقوق لهذه الفئة الاجتماعية أو تلك.

وفي كل الأحول، لم ينحدر وضع المرأة الى درك ومخاطر اليوم، حيث أضحت المرأة العراقية تحت ظل الاحتلال وعملائه، عرضة للاغتصاب، والتجهيل، والحرمان، والقتل، والتشريد، والبطالة، والخوف، والضياع، على أيدي حثالات المنافي والوطن، الذين وزعوا نذالاتهم على كل الأطياف؛ أطياف قومية كانت، أو دينية، أو طائفية، أو مذهبية؛ على العربية "صابرين" والتركمانية "واجدة"، والطفلة الشمرية في الديوانية، والقائمة لا تستثني أحدا، لا من العرب، ولا من الكرد، أو التركمان، أو الكلدوآشوريين، أو الأرمن، أو بقية الأطراف الاجتماعية، والدينية، والثقافية، العراقية.

بل ان أحدهم حمل الهزات الارتدادية لهذه الجريمة، جريمة اغتصاب صابرين، والاستثمار السياسي الأرعن لهذه الجريمة، من جانب عملاء الاحتلال الموزعين في كل جانب، للضحية نفسها، وألقى عليها المسؤولية كاملة، من خلال مقالته الفضيحة الموسومة بـ "صابرين أول الذين يقع عليهم وزر تيتم الأطفال"، وكأنه يريد من كل مغتصبة أن تصمت. انها ثقافة ارتداء ثوب الأخلاق، وليس ممارسة الأخلاق، أي ان لسان حال هذا الكاتب الاسلاموي يقول: ارتكب كل الجرائم بشرط الا يعلم بها أحد، وهذه طبعا وصية خاصة لطريقة التعامل مع النساء ضحايا معظم فترات التاريخ. هل هذا هو مفهوم "الستر" عندكم؟. لقد أثبتت كل الجوقة التي تعمل مع الاحتلال أن الشرف الوطني والشخصي لا يشكل قيمة عليا عندهم، بل لا يندرج ضمن سلم اهتماماتهم أصلا.

ان الانسان لم يعد يشكل قيمة عليا في عرف "الديمقراطية"؛ من موديل 9 نيسان/أبريل 2003، فأحكام الاعدام تصدرعن المحكمة الجنائية العراقية العليا، المنصبة من قبل الاحتلال بالجملة، ولا نعلم سر الرقم 13 عندهم، حيث أغلب وجبات الاعدام تضم 13 شخصا، ولكن الأخطر هو الاعدام، الذي يمكن أن نسميه بالسري، دون محاكمة حتى ولو كانت محاكمة شكلية، حيث تصل معدلاته الى المئة يوميا، ولما كانت حكومة الاحتلال "الديمقراطية" عادلة في توزيع "خيراتها" أي جرائمها على فئات الشعب، فقد اتسعت حملاتها لتشمل النساء أيضا، ولم يعد منظرا غريبا، أن تجد بين جثث الضايا الملقاة على قارعة الطريق نساء.

وقد تورطت الحكومة العميلة، باطلاق اعلان فريد من نوعه، في عرف حكومة الاعدام بالجملة، يشير الى عزمها اعدام ثلاث نساء شنقا حتى الموت، وجميعهن متهمات بـ "جرائم ضد الصالح العام"؟!. وهذا التورط أتاح امام النساء الثلاث فرصة معرفة الرأي العام بقضيتهن، مما حقق شكلا ما من التضامن معهن، وهن:- وسن طالب، 31 سنة؛ زينب فاضل، 25 سنة؛ و لقاء عمر محمد، 26 سنة. أدعو جميع الأحرارالى المساهمة في دحر جريمة اعدام النساء، وكف الشر عن بنات العراق، ليكون ذلك أساسا صلبا للنضال ضد أحكام الاعدام عامة.

ان ما يثير الحزن والمرارة، أن ينخدع أي مثقف بأوهام الطائفية، أو يغرى بالسحت الحرام من حطام بلده، خاصة اذا علم بأن الأمية قد بلغت في العراق نسبة ورقما مفزعين لكل انسان شريف: 68% المعدل الوطني، وبين النساء 80%، ولا أحد يتحدث عن وضع الريف، والنساء فيه بصفة خاصة، أنها كارثة مجلجلة ومرعبة، ولكن على أي حال، يبقى التردد في ادانة الاعتداء على النساء من أشد أنواع التعصب المعيب، والانحطاط المدوي والمخيف حقا، بغض النظر عن اللافتات والتبريرات. ان الاحتلال وعملاءه نشروا الموت على نطاق مرعب من أجل ترك مطلب واحد لكل عراقي، هو الحفاظ على الحياة، وليكون ذلك هو المبتدأ والخبر، انها جهنم، ولكن على وجه أرض العراق، وعلى رؤوس الأشهاد.

ما يجري في العراق من اغتصاب واعتداء على النساء، قد يكون حالة متكررة في أحداث مماثلة في الماضي والحاضر، حيث جرت في كل حروب التوسع، وفي حروب القبائل. وتجددت في حروب حديثة، كما في "البوسنة" و"رواندا" و"دارفور" ومناطق أخرى، وقد اتسع استخدام اغتصاب النساء في الحروب، وتم تحويله إلى أداة تمارسها الدول والجماعات ضد خصومهم في عصر العولمة الامبريالية المعادية للنساء، ولكن هذه ظاهرة غريبة على الثقافة الاجتماعية في العراق، وفي حدود محنتنا الراهنة، ينبغي زرع ثقافة اجتماعية، تدين هذه الجرائم دائما، وأبدا، وضد أي كان، وضد كل حالة منها، ودون النظر الى مصدرها أو أسبابها، وينبغي عدم التساهل في هذا المجال، تحت وطأة الدوافع الرخيصة والأنانية.

يكفي المرأة العراقية نبلا وشرفا ومجدا اليوم، أنها في ظل حرب الابادة "الديمقراطية" تحت رعاية زعيمة العالم الحر، أنها باتت تعيل ما يصل الى 10% من مجموع العوائل العراقية.. هذا اضافة الى أنها تشكل أغلبية ما يزيد عن أربعة ملايين لاجيء ومشرد في الداخل والخارج، هذا اذا أخذنا بالأرقام الدولية المتهاونة، او على الأقل نقول في تعبير بارد برودة المجتمع الدولي اليوم، أن الأرقام المعتمدة دوليا لم تصلها كل الحقيقة أو المعلومات كاملة، عن مجتمع بات أكثر من ثلثه تحت خط الفقر المميت.

ان مناسبة 8 آذار/مارس تمر وآلاف النساء في سجون الاحتلال، وفي سجون خدمه، يلقين ضيما في الزنزانات المظلمة والرطبة والكريهة، وفي غرف جلادي التحقيق، ومنهن المختطفات والأرامل والأيتام، في وطن غاب الأمن عن كل أرجائه، في كركوك والأنبار وكربلاء والبصرة في كل زاوية من العراق، وخاصة في تاج العراق كله "بغداد"نا جميعا.

وتظل نساء المقاومة الباسلة تاجا عظيما على رأس العراق، وملهمات لنساء العالم أجمع، في هذه المرحلة التي شهدت انطلاق الوحشية الصريحة للامبريالية العالمية، ولولا نضال المرأة العراقية، ودعمها للمقاتلين الأبطال، لما بدأت رحلة الهروب الكبرى لخدم وحلفاء الغزو الأمريكي لبلادنا المظلومة.

والنساء ليس فقط هدفا للضيم والاضطهاد في العراق وغيره، بل كان للنساءأدوار هامة في تنمية الديمقراطية في العراق وغيره، فمثلا عبر نضالهن استطعن الغاء حكم بالاعدام صدر بحق مناضلين في العراق، فعندما حكم نظام المرحوم عبد الكريم قاسم بالاعدام على الضابط الرفيق "مهدي حميد"، وعلى المحامي الرفيق"حمزة السلمان"، خرجت نساء بغداد متشحاة بالسواد، أمام وزارة الدفاع، وأقسمن على عدم مغادرة المكان الا بعد سماع قرار الغاء حكم الاعدام. وقدمت الحكومة تنازلا لنساء بغداد، من خلال الاعلان رسميا، عن ارجاء تنفيذ حكم الاعدام .

وقبل وبعد هذا، يوجد الكثير، حيث تظاهرات امهات السجناء في العهد السعيدي أمام سجن بغداد المركزي، وبعد هذا وفي ظل الاحتلال، جاء دور متظاهرات ساحة"الفردوس" ضد القوانين الجائرة، أو بالأحرى ضد سن قوانين أكثر جورا، سعى الى اصدارها عملاء الاحتلال، وعلى الرغم من الاحتلال والطائفية فان نضالهن لم يتوقف، الا أن الجديد في ظل الاحتلال و"ديمقراطيته" العتيدة هذه المرة، كان اتشاح السواد من جانب المتظاهرات، ليس للتعبير عن الحزن والغضب فقط، وانما بات يفرض اللون الأسود بالاكراه على النساء قدر المستطاع من جانب القوى الظلامية، وأخيرا ينبغي الاعتراف الصريح، بأن النضال لم ولن يكن ممكنا، دون مشاركة النساء فيه، انهن خميرة الصمود في كل الأيام السوداء، التي مر بها العراق عبر تاريخه الطويل، وهن حديقة الحياة الجميلة أيام النصر والعمل.

تقع على كل الثوريين، وقادة الفئات الاجتماعية المختلفة، وعلماء الدين الشرفاء، وعلى النساء أنفسهن، وبصفة خاصة، عشية الاستعداد للاعراب عن الاحترام ليوم المرأة العالمي مسؤولية نشر الوعي، الذي يؤكد على حقيقة أن المغتصبة هي أشرف بمليار مرة من كل مغتصب مجرم، ومن كل صامت على الاغتصاب، أو متستر عليه، أو داعم له، وعلى كل ضحية أن تعلم بأن صمتها سوف يدع المجرم ينجو بجريمته، بل تشجعه على مواصلة أفعاله الاجرامية الرعناء ضد أخواتهن الأخريات.

أقول بقناعة راسخة ان "صابرين" و"واجدة"وأختهما "سعاد" التي ربما استوعب درس أخواتها، فدافعت عن شرف العراق بسكين المطبخ حتى الموت، وهي بذلك أكثر بأسا، وأجدر شرفا، وأعمق شجاعة، من كل تلك الشواب الكثة، واللحى المتواطئة مع المحتل، والخادمة له، وكل بقية المأجورين والمأجورات في مكاتب ومؤسسات العدو الغازي، وليخسأ من يدعي بأن صرخاتهن – صرخات المنتهكات- أقل قيمة من دماء الشهداء، أو مداد العلماء، انكن يا بنات الرافدين وضعتن لبنة صلبة في سور حماية حرائر العراق، من موجة مغول حضارة التعذيب والكذب والسرقة.

علينا الا نغرق اليوم في معارك لا تعني المرأة كثيرا، أو لا تشكل الجزء الجوهري والأساسي من همومها، والتي يمكن حلها من خلال نشر الوعي، والثقافة، والدعوة الى الحقوق المتكافئة، على الأقل داخل الأسر حاليا، ونرى أن ما يرهق المرأة حاليا، هو تقلص فرص التعليم، والعمل، والخدمات الصحية، وغلاء الأسعار، وغياب الأمن في الذهاب والاياب الى أي مكان، وحرمانها من تقرير المصير حتى في شؤونها الشخصية الرئيسية، وكذلك القتل و الاعتداء الذي يقع على النساء وعلى ذويهن دون رادع قانوني أو أخلاقي.

وأخيرا، ليس أمامنا لوصف الحالة القائمة في وطننا المبتلى بالاحتلال، وبحكومة الاحتلال، واحزاب الاحتلال، وفايروساته المختلفة، الا أن نقول:
عيد بأي حال عدت ياعيد.
في الوقت ذاته نقول أيضا:
ان الثقة بالنصر المظفر لا ريب فيها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضجة في لبنان بعد الكشف عن عصابة -تيكتوكرز- تستدرج الأطفال لا


.. من بينهم مشاهير في تيك توك.. عصابة -اغتصاب الأطفال- في لبنان




.. كل الزوايا - سارة حازم: الرئيس السيسي أكد على دعم المرأة الم


.. المشاكل الأيكولوجية والحلول بوجهة نظر علم المرأة فيديو معدل




.. رئيسة الجمعية الدكتورة منجية اللبان