الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابـد من إصـلاح شـامل في سوريا يعالج المسألة الكردية كقضية رئيسة ....!!

فيصل يوسف

2003 / 8 / 10
القضية الكردية


لابـد من إصـلاح شـامل في سوريا يعالج
المسألة الكردية كقضية رئيسة ....!!
منذ أن تسلم الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم في سوريا ، والأنظار تتجه صوب مشروعه الإصلاحي ، حيث بدت معالمه في خطاب القسم والذي ألقاه أمام مجلس الشعب في بداية ولايته قبل نحو ثلاثة أعوام, حيث تتأرجح الآراء حول مدى إمكان نجاحه على ضوء الظروف والإمكانيات المتاحة في تحقيق تغييرات شاملة لإصلاح الوضع الداخلي المتأزم ، وبشكل خاص تحسين الأوضاع المعاشية لأكثرية المواطنين ممن أصبحوا دون مستوى خط الفقر, بالإضافة إلى إطلاق الحريات الديمقراطية وتوسيع هامش حرية الرأي والتعبير وقوننة الحياة العامة وإلغاء الأحكام العرفية ، ووضع حد لحالة الفساد والإفساد المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها ، وإلغاء السياسات التمييزية المتبعة بحق المواطنين الأكراد ، وتمكينهم من التمتع بحقوقهم الوطنية والديمقراطية ، إلا أنه ومن الواضح ونحن في بداية السنة الرابعة من حكم الرئيس الدكتور بشار الأسد ، نجد أن ما كان يتمناه ويأمل تحقيقه المواطن العادي من خلال إصلاح شامل ينعكس على حياته اليومية نحو الأفضل ، بات غير ملموس وحتى هذه اللحظة .. ! الأمر الذي يثير العديد من الأسئلة بهذا الصدد .
والآن ، على ضوء المستجدات الإقليمية ، والعالمية بعد سقوط نظام صدام حسين الدموي على أيدي القوات الأمريكية وحلفائها ، ومن ثم شرعنة سلطتهم على العراق بموجب قرار دولي ، فإن أفضل الخيارات للتعامل مع الوضع الجديد هو بناء جبهة داخلية متماسكة من خلال تفعيل عملية الإصلاح المنشود ، ودون أي إبطاء ، أو تأخير ، أو تقديم هذا الجانب على ذاك فالإصلاح كلٌ لا يتجزأ إلا من الناحية النظرية لأنه مترابط بشكل جدلي محكم ...
انه أمر طبيعي أن تهتم وسائل الإعلام في الداخل والخارج بقضايا الإصلاح في البلاد ، لكن اللافت أنها تحذو حذو بعض من القوى السياسية العربية في تجاهل الحالة الكردية السورية فهي (( أي وسائل الإعلام العربية )) واللبنانية منها تستطلع آراء المهتمين بالشأن العام السوري ، وتسلط الأضواء على قضايا سورية عديدة ، لكنها تغمض أعينها عن واقع المواطنين الأكراد الذين يشكلون نسبة 12 % من المجتمع السوري ، ولهم معاناتهم الإضافية عن باقي المواطنين ، فهم محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية ، والديمقراطية ، كثاني أكبر قومية في البلاد ...
إننا نعتقد بأن أبرز المسائل الداخلية المرتبطة بالإصلاح والتي تتطلب حلاً ديمقراطياً عادلاً وعاجلاً هي المسألة الكردية ، فالأكراد الذين يناهز تعدادهم أكثر من مليوني نسمة ، لا تعترف الدولة بهم دستوريا ، ولا تقر بحقوقهم, بل تمارس عليهم سياسات تمييزية ، منها على سبيل المثال لا الحصر الإبقاء على مئات الآلاف منهم منـزوعي الجنسية منذ عام 1962م بعد أن جردت منهم بموجب إحصاء خاص جرى في محافظة الحسكة حصراً، وترتب عليه حرمانهم من كل الحقوق التي يتمتع بها باقي المواطنون السوريون ، كما استقدمت السلطة آلالاف من العوائل العربية من مناطق أخرى ومنحتهم الأراضي الزراعية التي كان يمتلكها المواطنون الأكراد على طول الحدود التركية وبعمق /15/ كم ...
 
لعله من الإنصاف الإشارة للانفراج النسبي الذي حصل على وضع الأكراد بعد استلام الرئيس الراحل حافظ الأسد لمقاليد الحكم في عام 1970م فقد بدء بالسماح الآلاف من المواطنين الأكراد للعمل في الشركات والمؤسسات الحكومية وتم وقف متابعة ترحيل المواطنين الأكراد من منطقة الحزام العربي المنوه عنه أعلاه وتم تداول بعض الكتب الكردية في المكتبات بشكل غير رسمي ( غض النظر عنها ) وأفسح المجال للاحتفال بعيد نوروز واعتبر عطلة رسمية تحت اسم( عيد الأم ) منذ عام 1986 (( بعد مسيرة للأكراد معروفة في مدينة دمشق )) .. لكن المنطلقات الشوفينية في سياسة الدولة بقيت مستمرة في التعامل مع أبناء الشعب الكردي في سوريا ويتم تنشيطها حسب الظروف والمصالح .
لقد أجمع الأكراد بإرسال برقيات التعزية للرئيس بشار الأسد بعد وفاة والده ، وتوجهوا بمذكرة للمؤتمر القطري التاسع عام 2000م ضمنوها جميع المطالب الوطنية بما في ذلك ، إيجاد حل منصف لقضية الشعب الكردي في سوريا ، واتبعوا ذلك بالعديد من الرسائل( المغلقة والمفتوحة) بالمطالب نفسها مؤيدين لمشروعه الإصلاحي ،وإنهم في كل ذلك لم يستهدفوا سوى تعزيز الجبهة الداخلية وتمتينها من خلال إجراءات عملية وملموسة ، إلا أن منظري السياسات الشوفينية حاولوا دوماً إشعار الأكراد بأنهم عنصر غريب ، ونظروا إليهم بعين الشك والريبة لتبرير سياساتهم الخاطئة وهو أمر لا يتوافق مطلقاً مع أدنى متطلبات الوحدة الوطنية – تحت أي ظرف كان – وأن مثل هذه التصورات هي التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد ، وما يؤسف له أن جميع هذه الأمور تجري تحت يافطة الإخلاص للعروبة وعلى حساب المصلحة الوطنية ..
ويمكن الإشارة إلى أنه أعطيت وعود كثيرة ومن قبل أبرز المسؤولين في الدولة خلال الأعوام السابقة بإيجاد حل لمعاناة المواطنين الأكراد ، لكن أياً منها لم ينفذ, ومع زيارة الرئيس بشار الأسد لمحافظة الحسكة في 18 آب عام 2002م تفاءل الأكراد بما نقل عنه من أنه يحق للأكراد ما يحق لغيرهم من المواطنين وأن مسألة المجردين من الجنسية بموجب الإحصاء الاستثنائي في عام 1962م خطأ يجب أن لا يستمر بل يجب أن يوضع له حل عاجل فالأكراد والعرب أبناء حضارة واحدة ، ... إلا أن الأوضاع مازالت على حالها بعد مضي عام كامل على هذه الزيارة, ودون أن يترجم على الواقع أي إجراء بنتيجتها يبشر بوضع حد للمعاناة المزمنة لهؤلاء المواطنين السوريين ،لا بل زاد عدد المعتقلين الأكراد في السجون بسبب مطالبتهم بوضع حد للمظالم التي يتعرضون لها ...
ويمكن القول : انه الآن ثمة أجواء جديدة يستشعر بها المواطن ، من خلال الحوارات التي تجري على الصعيدين الرسمي والشعبي ، بل ومن خلال الأقنية الإعلامية ، وصدور قرار القيادة القطرية رقم /408/ الذي يؤشر برأينا كمقدمة بوجوب تجاوز هيمنة حزب البعث على الدولة والمجتمع دستورياً وإفساح المجال للأحزاب الأخرى أيضاً ، وصدور العديد من المراسيم بغية إنعاش الاقتصاد و تحسين فرص الاستثمار والعفو عن بعض المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي داخل البلاد ، (( وإن بشكل رمزي )) وأملنا أن تستمر الإجراءات الانفتاحية وإزالة كل ما من شأنه كبح الإصلاح مرة أخرى .. وليس سراً, أن الجماهير الشعبية ، مازال يدور حولها الكثير من الشكوك حول مدى وشمولية الإصلاح ، وفي هذه المنحى فان الحركة الكردية السورية قد دعت لأوسع حوار وطني لمعالجة مختلف القضايا ومنها الوضع الكردي وتأطير هذه الحوارات بمؤتمر وطني تحضره كل القوى والفصائل الوطنية .
 إننا نؤمن جازمين بأن القضية الكردية تشكل جزءاً لا يتجزأ من القضايا العامة في البلاد, وأن حلها يمكن أن يتم من خلال حل مجمل القضايا في البلاد ، كما ان الحركة الوطنية الكردية تشكل بدورها جزءا من الحركة الديمقراطية، ومن الخطأ الفادح اعتبار القضية الكردية منفصلة عن قضايا البلاد العامة ، فانه ووفق هذه القناعة ، لم يتقدم الأكراد بأي مطلب خاص بأوضاعهم دون القضايا العامة ، وقد شارك الأكراد في مختلف الوثائق المطلبية التي صدرت من أجل إصلاح الأحوال في البلاد في صيغة بيانات وعرائض ورسائل بالمشاركة مع مختلف القوى الديمقراطية في البلاد وكان آخرها الرسالة التي توجه بها /287/ مثقفاً للرئيس بشار الأسد حيث كنت والأستاذ عبد الحميد درويش النائب السابق في مجلس الشعب السوري وسكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا من عداد الموقعين عليها ...
ان إبقاء الجزء الكردي من الشعب السوري مهمشاً وممنوعاً من المشاركة والمساهمة في بناء الوطن على الصعد الاقتصادية والسياسية والإدارية وعدم إيجاد حل عادل وديمقراطي للمسألة الكردية من خلال إجراءات ملموسة سيبقي أي إصلاح داخلي منقوصاً ومبتوراً لا يشمل المجتمع عموماً ويراكم مزيداً من السلبيات والعوائق أمام تعزيز الوحدة الوطنية (( الخيار الأفضل والأوحد لتجاوز الأوضاع الراهنة )). إن استجلاء الحقيقة وتوخي الدقة والموضوعية في تناول الشأن الوطني الداخلي السوري يقتضي عدم تجاهل الحالة الكردية السورية في إطار عملية الإصلاح المنشود وبالتالي الأخذ في الاعتبار آراء الحركة الكردية السورية ، وهنا لابد من تسجيل العتاب على القائمين على الصحافة اللبنانية ، لما نرتبط وإياهم بوشائج شتى جغرافية – تاريخية – ومصالح مشتركة .. إلخ والتي تجعل من هؤلاء دون غيرهم  أن يكونوا في موقع العناية الفائقة بالقضايا والمشاكل التي تخص الأكراد السوريين لا سيما وان الصحافة اللبنانية معروفة بانفتاحها الكبير على القضايا العالمية والإقليمية والمحلية, والأكراد السوريون بلا شك جديرون ببعض من اهتمامهم .
فيصل يوسف –عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقالات وإعفاءات في تونس بسبب العلم التونسي


.. تونس– اعتقالات وتوقيف بحق محامين وإعلاميين




.. العالم الليلة | قصف إسرائيلي على شمال غزة.. وترمب يتعهد بطرد


.. ترمب يواصل تصريحاته الصادمة بشأن المهاجرين غير الشرعيين




.. تصريحات ترمب السلبية ضد المهاجرين غير الشرعيين تجذب أصواتا ا