الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤسسه العسكريه العراقيه بين ماض معتم وحاضر مشوه 1من 5

جمال حامد الناصري

2007 / 3 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تحت ضل الاحتلال وغبار دروعه والياته وبين ازيز طائراته وجعجعة جيوشه التي تجوب العراق من شماله الى جنوبه نحاول تسليط الضوء على ملامح مبتسره من تاريخ هذه المؤسسه وافاق مستقبلها ابتداء من نشاءتها لحين حلها بقرار من بريمر الحاكم العسكري الامريكي لدول الاحتلال الى محاولة لملمتها بشكلها المهلهل الفضفاض الذي هي عليه
الان. فلو استقراءنا سفر هذه المؤسسه لوجدنا على صفحاتها علامات مضيئه تؤطر سحنتها وصفاء معدنها ووشائج من الالفه والانسجام تشدها لوطنها ولشعبها وثمة بقع داكنة السواد تلوث سمعتها وشرفها وواجبها العسكري المقدس حين سخرها السا سه والمتسلطون لارضاء نوازعهم ومصالحهم واصطراعاتهم السياسيه..
ففي السادس من كانون الثاني لسنة 1921وضعت اللبنات الاولى لهذا الوليد بعد مخاضات من المفاوضات والصراعات والضغوطات العسيره التي مارسها ابناء شعبنا (بالتعاون مع الضباط الشريفين الذين صاحبو الملك فيصل الاول ابان تتويجه مالكا على العراق) على حكومة الاحتلال البريطاني لتاسيس جيشا وطنيا يتولى مهام الامن الداخلي والدفاع عن حياض الوطن من التدخل الخارجي اسوة باءي دولة فتيه قامت على انقاض عهود غابرة من التمزق والاحتلال البغيض الذي كابدت ضله الثقيل بعناء ولتطفئ لضى شعبها المتطلع للحرية والسياده والاستقلال ..
وافقت حكومة الاحتلال على تاسيس النواة الاولى لهذا الجيش من 15 الف جندي أي ما يعادل 24 فوج مسلحين تسليحا بدائيا يحدد نوعه وطبيعته من قبلها بحيث لايتناسب وما تملكه من قوة ومنعه والية عسكرية متطوره بغية حفاظها على التفاوت بين القوى حتى تضمن تفوقها وسيطرتها وتوازنها وتؤمن جانبها خشية من أي تمرد ونفوذ عسكري وطني .الا ان طموح العراقين وتشبثهم لم يقف عند هذا الحد بل تعداه الى المطالبه بفرض التجنيد الاجباري وتطوير السلاح المستخدم لكن اغلب طلباتهم كانت تجابه بالرفض والتعنت من الجانب البريطاني رغم كل المعاهدات والاتفاقيات التي قطعها الانكليز مع كل الحكومات المتعاقبه من معاهدة 922-926-927-928-929) والتي كانت تقيد العراقين وتحجب مطالبهم في ان يكون لهم جيشا قوي منظم وبتسليح متطور قادر على الدفاع وحفظ الامن وحتى معاهدة 1935حيث سمحت بموجبها الحكومه البريطانبه على اصدار قانون التجنيد الاجباري ليصبح ساري المفعول من حزيران 1935.
اتصف نظام الخدمه العسكريه العراقيه بالتشكيل الهرمي المبني على النظام الصارم والضبط العسكري المنظم باحترام المافوق واطاعة وتنفيذ اوامره دون ابداء أي راءي او مناقشه او ابداء أي مرونه والذي منحه الرصانة والتماسك والثبات ووحدة الاداء مقتديا بالمبادئ والمعتقدات العسكريه ومفاهيمها التي جبلت عليها اغلب جيوش العالم ذلك قبل ان تخترقه وتدخل مفاصله وعروقه السياسه والتحزب والو لاءات باشكالها وتنوعها فتنخره وتهش متانته وصلابته فيفقد قوته واتزانه وصرامته وتماسكه وتحل الدرجه الحزبيه والموقع السياسي والمحسوبيه محل الانضباط والاحترام والطاعه والقدم العسكري .
اتسم الجيش العراقي في بدايات تشكيله ومقتبل عمره بالاستقلاليه والحياد من خلال الولاء للوطن وتغليب مصلحة الشعب فوق كل اعتبار حيث التزم بالمثل والتربيه الصحيه المحافظه على شرف الجنديه وتحديد المهام والواجبات المناط بها والتي لا تتعدى البناء والاعمار والتهبئه والتدريب للدفاع عن حدود الوطن والحفاظ على امنه واستقراره والتي اكسبته حب الشعب والتعلق به الا ان يد العبث والتخريب امتدت اليه لتوظفه لاغراضها ومراميها فتحيله من حامي حمى الشعب والوطن وحافظ امنه واستقلاله الى الة قمع وارهاب وتسلط تكتم به افواه الشعب وتقتص من ارادتهم وتطلعاتهم وتتلاعب به على اهوائها ورغباتها فكان تاريخه مع شعبه اعرج مشوه تكتنفه المساؤ والمثالب والهنات حيث استعان به السلطويون بلجم افواه الاحرار والمتنورون من ابناء الشعب وتحطيم شوكتهم وكتم انفاسهم ولو استعرضنا بعض الامثله التاريخيه من مساؤ جيشنا مع ابناء شعبه.
في عام 1933 قمعت ثورة الاشورين بكل فوة وعنف من قبل الجيش العراقي عندما كان الملك فيصل يتعالج من مرض الم به في خارج الوطن وذلك من قبل ولي عهده الملك غازي وقد انتهى التمرد الاشوري بمجزرة مروعه لازال صداها يرن في سمع تاريخ العراق .
وفي سنة 1935اعلنت الاحكام العرفيه على منطقة الفرات الاوسط اثر انتفاضتها الباسله بوجه الظلم الذي لحقها
فلم يتوانى جيشنا بصب جام غضبه من اجل اخمادهذه الانتفاضه وسحق مطالب المنتفضين وحقوقهم المشروعه والذي تلاها انتفاضة سوق الشيوخ التي اصطلح عليها ثورة الفلاحين حيث اخمدت هي الاخرى بكل ضراوه وعنف بسلاح الجيش العراقي وسطوته وتمحق طلبات الفلاحين الذين رفظو السركله التي فرضها عليهم الانكليز باعطائهم خمس الحاصل الزراعي من اتعابهم وشقاهم ولم تشفع لهم ثوراتهم وانتفاضاتهم المناهضه للانكليز والتي ارست دعائم الحكم الوطني في ثورة العشرين .
كما قمعت ثورات الشعب الكردي التي كان يتوخى منها نيل حقوقه القوميه المشروعه في سنوات 943-945-947 وامتدت الى الستينات والسبعينات من القرن الماضي. ولايمكن لعراقي قراءه تاريخ وطنه ان يتسنى له اغفال انتفاضة الشعب العراقي ضد معاهدة بورتسموث 1948 ومحق ارادة الشعب المطالب بالغائها حيث قتل المئات من المنتفضين برصاص الجيش العراقي وبمدافعه وغرق العشرات منهم في نهر دجله عند محاصرتهم فوق جسر الشهداء.كما استخدم سلاح هذا الجيش لسحق انتفاضة عمال النفط في كركوك 1948 والداعين لتحقيق مطالبهم النقابيه وتحسين اوضاعهم المعاشيه حيث حوصرو في حديقة كاور باغي وهم عزل من السلاح لينهال عليهم رصاص الغدر ويحصد منهم العشرات ويساق الباقون الى السجون والمعتقلات .وتلاها انتفاضة الشعب 1952والتي كانت امتدادا لوثبة كانون ولتعزيز مطالب الشعب المشروعه بالغاء المعاهدات التي ربطتها بريطانيا بشعبنا لتجعل منه تابعا ذيليا يدور في فلكها سياسيا واقتصاديا وعسكريا فكانت صدور العراقين عرضة لاسلحة وبنادق اخوتهم من افراد الجيش والتي اعقبها نهضت الشعب العارمه والمتظامنه والمستنكره للعدوان الثلاثي الذي تعرضت له الشقيقه مصر في 1956 حيث عمت المظاهرات كل مدن العراق وكانت مواجهات حاميه بين المتظاهرين العزل وقوات الجيش المدجج بالسلاح .
كما اسيئ استخدام الجيش العراقي من قبل السياسين والقاده الفرقاء لتحقيق مأربهم وطموحاتهم الشخصيه وليسخرو الجيش ويوظفوه لصراعاتهم ومصالحهم الذاتيه حيث استعان حكمت سليمان بالفريق بكر صدقي قائد الفرقه الثانيه وبالتعاون مع عبد اللطيف نوري قائد الفرقه الاولى لتنحية ياسين الهاشمي من رئاسة الوزاره ومحاصرة بغداد وقذفها بالطائرات ودخول الجيش اليها ليستولي على السلطه وليكن فاتحة عهد جديد باول الانقلابات العسكريه في تاريخ المنطقه العربيه .وتم تعين حكمت سليمان رئيسا للوزاره وبكر صدقي رئيسا لاركان الجيش وتضحى السلطه الفعليه بيد العسكر ويهرب نوري السعيد وياسين الهاشمي ورشيد عالي الى السفاره البريطانيه ومنها الى خارج العراق ويتم تصفية وزير الدفاع حعفر العسكري صهر نوري السعيد . الا ان الحال لم يدم طويلا فبغتيال بكر صدقي في حامية الموصل وبتكليف المدفعي بتشكيل الوزاره وبزوغ نجم العقداء الاربعه فهمي سعيد ونوري الدين الصباغ ومحمود سلمان وكامل شبيب الذين اصطلح عليهم بالمربع الذهبي حيث لعبو دورا فاعلا ومؤثرا وضاغطا على الملك في تحريك سياسة البلد وكان يرفدهم دهاء نوري السعيد وحنكته السياسيه والذي حركهم بتوجيه انذار الى الملك لاقالة المدفعي وتوزير نوري السعيد مكانه والذي استطاع اقصاء خصومه وتفرده بالسلطه .وفي سنة 1941 استعان خصومه ومناؤيه بالعقداء الاربعه للاطاحه به واقصائه وهروبه مع الوصي عبدالاله خارج العراق في حركة مايس والتي باءت بالفشل الذريع وادت الى عودت الانكليز ليحكمو العراق حكما مباشرا .
غير ان التوسع والتضخم في الجيش العراقي سمح بدخول ابناء الطبقات الفقيره والمسحوقه من المجتمع العراقي بعد ان كان الجيش حكرا في قيادته وضباطه على ابناء الارستقراطين والاقطاعين والذوات واعتماد ذلك حصرا على مناطق معينه ومذهب محدد مما حدى بان تتلون وتتغذى قطعاته وافراده بطعم ومذاق جديد يعكس طبيعة هذه الطبقات وفهمها وتوجهها ومستوى تفكيرها ويخلق حاله نسبيه من التوازن الطبقي والاجتماعي داخل القوات المسلحه .وكان للانقلابات العسكريه في سوريا ومصر وتبؤ مركز الصداره والمسؤليه في هذه الدول للعسكر تاثيره المباشر على ادراك ووعي الضباط العراقين وتحفيزهم على ان ياخذو موقعهم الريادي وانقاذ العراق من التبعيه والسيطره الاجنبيه وقيام وتاسيس حكم وطني مستقل خالي من الاحلاف والمعاهدات التي ربطت العراقين ومصيرهم الساسي بالحكم البريطاني حيث استطاعو ان ينشؤ نواة لحركة الضباط الاحرارالتي تمكنت ولفترة محدوده من ان يلتف حولهااغلب الضباط الوطنين الاحرار في الجيش العراقي واستطاعت ان توثق عرى الارتباط والهدف مع جبهة الاتحاد الوطني السياسيه العامله على نفس النهج والخطى في اسقاط النظام الملكي والغاء التبعيه للاجنبي وكانت ثمرة الجهد والنضال انبثاق ثورة 14 تموز واعلان الحكم الوطني وفك الارتباط والتبعيه التي اوثقت العراقين بمعاهدات ومواثيق رزحو تحت نيرها لسنين .الا ان الفتن والنعرات الحزبيه والفؤيه الضيقه بداءت بالتغلغل الى داخل هذه المؤسسه لتعكس الانقسامات الحزبيه والسياسيه في الشارع العراقي كما انها تمكنت من الولوج الى جسد حركة الضباط الاحرار لتفتيت وحدتها ونخر نسيجها وقد كان لليد العابثه من خارج الحدود دورا مغذيا ورائدا في فصم عرى المحبه والالفه بين اعضاء هذه الحركه فبرزت شعارات دعاة الوحده العربيه الفوريه مع سوريا ومصر والتي لم تجد لها مكاننا واذنا في الشارع السياسي العراقي والمسيطر عليه من قبل الحزب الشيوعي العراقي والرافض اساسا لفكرة الوحده ورافعا شعار ا بديلا لها هو الاتحاد الفدرالي والمؤيد والمساند من قائد الثوره وزعيمها المرحوم عبد الكريم قاسم .وكان اولى بوادر الفتن حركة اللواء عبد الوهاب الشواف واعلانه العصيان في مدينة الموصل والتي ازرته وتعاونت معه اليد الاجنبيه الحاقده على ثورة العراق واستقلالها وزعامتها فبداءت ببث روح التامر والفرقه بين قيادتها محاولة الاطاحه بزعيمها الوطني عبد الكريم قاسم الذي لم يعرف تاريخنا الساسي الوطني الى يومنا هذا وطنيا شريفا غيورا مخلصا محبا لشعبه ومتفانيا في سبيل انقاذه واستقلاله .حيث استبيحت المدينه ووقعت تحت حمام دم رهيب ازهق الاف الابرياء من ابنائها اثر حرب اهلية طاحنه .واعقبها مسلسل العنف والتامر على وحدة العراق وسيادته واجهاض تطلعاته وصموده واستقراره حيث تمكنت ثلة البعث وبالتعاون مع المخابرات الاجنبيه وشركات النفط الاحتكاريه التي اصيبت في مقتل اثر تاميم اراضي العراق النفطيه غير المستثمره بالقرار الذي وقعه الزعيم الشجاع عبد الكريم قاسم والذي انتزع بموجبه ثروات العراق النفطيه من ايدي الاحتكار الاجنبي حيث وقع وكما قيل على ورقة اعدامه وفعلا كان لها ذلك والذي توج بالانقلاب الدموي الاسود صبيحة الثامن من شباط 1963 والذي اغرق العراق وشعبه بسيل من الدماء والخراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يمكن قراءة تصريحات بايدن حول اعترافه لأول مرة بقتل قنابل


.. بايدن: القنابل التي قدمتها أمريكا وأوقفتها الآن استخدمت في ق




.. الشعلة الأولمبية.. الرئيس ماكرون يرغب في حقه من النجاح • فرا


.. بايدن: أعمل مع الدول العربية المستعدة للمساعدة في الانتقال ل




.. مشاهد من حريق ضخم اندلع في مصنع لمحطات شحن السيارات الكهربائ