الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الجديدة والدور الديمقراطي للمجتمع المدني

محسن أبو رمضان

2007 / 3 / 19
المجتمع المدني


هناك تخوفات تبديها أوساط من شعبنا ، رغم ترحيبها بتشكيل أول حكومة وحدة وطنية والتي حصلت على الثقة من المجلس التشريعي بأغلبية كاسحة ، وتكمن تلك التخوفات في نمط المحاصصة والتقاسم الذي تم بين الحزبين الكبيرين وانعكاس ذلك على المبنى الإداري والوظيفي في الوزارات والأجهزة وكذلك احتمالية سحب هذا النمط من المحاصصة على تركيبة منظمة التحرير الفلسطينية والتي سيتم فتح ملف إصلاحها وتحديثها وتطويرها في المرحلة القادمة وذلك انعكاساً لتوازنات القوى السياسية بين الحزبين الكبيرين الذين صاغوا اتفاق مكة .
وتكمن شرعية تلك التخوفات في غياب حالة المعارضة الديمقراطية في بنية النظام السياسي الفلسطيني فالمرحلة القادمة ستشهد حالة من التماهي ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بالاستناد إلى التوافق بين الكتلتين الكبيرتين ، حيث حجب الثقة عن الحكومة ثلاثة أعضاء فقط من أصل 86 عضواً حضروا جلسة منح الثقة، الأمر الذي سيعكس نفسه على التوازن فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات وتعطيل آليات الرقابة أو الحد منها ، تلك الرقابة المطلوبة كأحد آليات الإصلاح ومن أجل تعزيز الحكم الصالح وتطوير ديناميات المسائلة والمحاسبة .
وإذا كان العنوان السياسي وهو الأبرز في تعددية الآراء والرؤى والتوجهات بين القوى والفاعليات المختلفة ليس حاسماً وذلك استناداً لغياب التوجه الإسرائيلي باتجاه التسوية ورغبته في تعزيز منطق اللاشريك بهدف تنفيذ الدولة ذات الحدود المؤمنة من جانب واحد في إطار من المعازل والكنتونات وعلى قاعدة تقويض مرتكزات الشرعية الدولية والقانون الدولي ،الأمر الذي لن يبرز خلافات بين الأوساط الفلسطينية استناداً إلى إمعان إسرائيل في سياسة الانفراد والخطوات أحادية الجانب ، خاصة أن الحكومة الجديدة أمامها تحديات أساسية تكمن في كسر الحصار ، وإعادة صياغة العلاقة مع المجتمع الدولي الأمر الذي يبعد إمكانية الخلاف حول تسوية غير مطروحة على طاولة البحث راهناً.
وعليه ومن أجل التأسيس لأسس صحيحة في تركيبة وبنية النظام السياسي الفلسطيني ، ولما كان من الصعوبة بمكان تفعيل دور عمل المؤسسة التشريعية التي ستكون في حالة من التناغم والانسجام مع المؤسسة التنفيذية ، فإن آليات المعارضة بالمعنى الديمقراطي والاجتماعي والحقوقي ستكون هي الأكثر بروزاً والمطلوب بنائها وتعزيزها داخل بنية المجتمع الفلسطيني أساساً ، المعارضة المسئولة والمعنية برقابة ومسائلة صناع القرار بالسلطتين التشريعية والوزارات المختلفة في إطار السلطة التنفيذية ، تلك المعارضة الصحية التي من الهام وجودها من أجل تصويب الاختلالات وسد الثغرات وإصلاح المسار وبعقلية عصرية ديمقراطية سلمية ، تحقق التراكم بالرأي العام الهادف إلى الإصلاح والبناء بالأدوات الديمقراطية وبوسائل الضغط والتأثير .
من المناسب البدء بالتفكير الهادف إلى خلق اصطفاف بالمعنى الاجتماعي والحقوقي ، يضم القوى الاجتماعية والإعلامية والأهلية والأكاديمية وبعض القوى السياسية المعنية بالالتفاف حول برنامج يرمي إلى الإصلاح والتصويب عبر الدفاع عن حقوق الفئات الاجتماعية المهمشة ومن أجل ضمان عدم النكوص عن التشريعات والقوانين المناصرة لحقوق تلك الفئات وبهدف صياغة الأبعاد الديمقراطية بالحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية وعلى قاعدة احترام الرأي والرأي الآخر وتعزيز ثقافة التسامح وإدارة الاختلاف بصورة عصرية وحضارية ، ومن أجل محاربة الفئوية والزبائنية وترسيخ معايير وأسس سيادة القانون وبناء جهاز القضاء العادل والنزيه والمستقل وتعميق قيم المواطنة الحرة المتساوية والمتكافئة .
إن المعارضة والحالة هذه ستكون عنصر قوة وبناء في بنية النظام السياسي الفلسطيني وهي تهدف إلى التأثير بالسلطة الاجتماعية ( الحيز العام ) وليس بالضرورة بالسلطة السياسية أي بهدف المشاركة بالحكومة .
أن تلك المهمات تقع في صلب إستراتيجية المجتمع المدني والذي يضم كافة القوى الاجتماعية والسياسية التي تقع خارج دائرة " الحكم " والمؤثرة بالحيز العام لصالح المتضررين والمهمشين والفقراء ومن أجل قيم العدالة والديمقراطية ، وعلى قاعدة من المواطنة .
هناك تحديات كبيرة تقع على عاتق المجتمع المدني بمكوناته السياسية والاجتماعية المختلفة من أجل بناء المعارضة الديمقراطية المطلبية السلمية والهادفة ، البنائة ، فهل تستطيع تلك القوى التي لديها رؤية مشتركة تجاه المجتمع الفلسطيني تقوم على بناء مجتمع مدني ديمقراطي حداثي ومتنور أن تستجيب لتلك التحديات علماً بأن المعارضة المقترحة ستشكل مصدر قوة للحكومة وللسلطة ذاتها لأنها ستساعد على إدراك مواطن الضعف ومظاهر الخلل وبالتالي سيعمل صناع القرار على الاستجابة لصوت المتضررين باتجاه صياغة سياسات مفصلية تعمل على تجاوز تلك المظاهر وبالتالي تصويب المسار .
إن المعارضة الديمقراطية المقترحة يجب أن لا تلغي أهمية وقوفها إلى جانب الحكومة في مواجهة محاولات استمرارية فرض الحصار الظالم وغير الشرعي على شعبنا ، كما بالضرورة أن تقف لتثمين أية خطوات إيجابية لصالح قضية شعبنا أو باتجاه الإصلاح والديمقراطية والعدالة واحترام الحريات وتعزيز أسس سيادة القانون ، وهنا تكن معاني المعارضة البنائة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار