الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسلام والديمقراطية :توافق أم تقاطع؟؟

عبد الرزاق السويراوي

2007 / 3 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثرت في السنوات الأخيرة , التنظيرات والكتابات التي تتناول الديمقراطية من منظور إسلامي , أو الإسلامية من منظور ديمقراطي . وما يمكن ملاحظته في مجمل هذه الكتابات التي يتبنّاها هذا الكاتب أو ذاك , أنّها تأتي في الغالب منسجمة مع رؤى كتّابها وتتركز كما قلنا على الوجه الديمقراطي في الأسلام , أو كما يسميها البعض بالاسلام الديمقراطي , وهذا الموضوع في الواقع ثري جدا في مضامينه تماما كثراء المفهوم الديمقراطي ذاته. فمن قائل , لا يرى أيّ تعارض أو تقاطع بين المفهوم الديمقراطي العام , وبين تعاليم الدين الإسلامي كتشريع سماوي . وقائل آخر يقف بالضد من هذا الراي أو هذا الخطاب , بحيث يرى هذا الطرح غريبا بل دخيلا على الاسلام , منطلقا في ذلك من أنّ الديمقراطية انما نِشأت في الغرب المسيحي , وما يصدر من الغرب المسيحي لا يصحّ الأخذ به , كونه يتقاطع في كثير من الجوانب مع بعض التشريعات الاسلامية , فضلا عن أنّ الدساتير الغربية في نظر هذه الشريحة هي دساتير وضعية تستند في روحيتها ومضامينها على مبتكرات الإنسان , ولأن الأنسان وفقا للرسالات السماوية , ليس معصوما من الخطأ , وعرضة لإرتكاب الاخطاء , فأن عدم العصمة هذه , تنسحب حتما على ما يقوم به من تشريعات من حيث خضوعها الى الخطأ والصواب , بخلاف ما يصدر من السماء من احكام وتشريعات معصومة عن الخطأ . وما بين هاتين الشريحتين , أي الشريحة التي تجد في الاسلام جوانب تلتقي من حيث المبدأ وفي اطرها العامة مع الافق الديمقراطي , والشريحة الأخرى التي ترى العكس من ذلك أو لا تجوّز المقاربة مع الدساتير والنظم الوضعية مهما اختلفت تسمياتها , هناك شريحة اخرى تحاول الذهاب الى أكثر مما تقول به الشريحة الاولى , حيث تسعى الى إيجاد جملة من المقاربات أو المشتركات ما بين المنظور الاسلامي لحرية وحقوق الانسان , وما بين النظم الديمقراطية .
في الواقع أنّ وقفة متأنية لبعض ما يطرح من رؤى في هذا المجال , نجد فيه خلطا واضحا في بعض المفاهيم لا يخلو من تعسف في التنظير سببه فيما اعتقد الرؤية السطحية التي صيّرها البعض معيارا يقيس به ليس التعاليم الاسلامية فحسب وانما يتعداها الى مجموع القيم والمفاهيم الديمقراطية كممارسة وسلوك حضاري .لكن هذا لا يعدم قوة الاستدلال والاستنتاج في بعض الطروحات القابلة للحوار والبحث , من قبيل الرأي الذي يذهب الى ان الاسلام سبق الغرب في تأكيده على أمر الشورى التي يعتبرها البعض , أنها من أرقى ما جاء به الاسلام في امور الرعية وبذلك يكون الاسلام قد سبق الغرب بمدى زمني كبير في مضمار الكشف والتأسيس لمبادئ الديمقراطية . رؤية اخرى لا تعتقد بصحة الربط بين الديمقراطية والاسلام كتشريع سماوي . ولكن في قبال هاتين الرؤيتين , هناك من يذهب بخطابه المتطرف بحيث لا يرى في الاسلام اكثرمن قائمة للممنوعات والمحظورات المتأتية من التأويلات الجامدة للنصوص التي هي , واعني النصوص , بالتأكيد بعيدة عن الجوهر الحقيقي لمضامين الاسلام كرسالة سماوية تدعو الى نبذ استعباد البشرية وقد ولدتهم امهاتهم احرارا . ونرى ايضا في هذه الشريحة , انها بدلا من أن تتجه بحربها ضد السلوك الاستبدادي لأنظمة الحكم الجائرة والتي تنتهك حرية الفرد وتتجاوز على حقوقه , لا ترى غريما لها تناصبه العداء غير الاسلام . وغير خاف بالطبع ان مثل هذه الخطابات التي تبحث عن فجوة بين التعاليم الاسلامية من جهة وبين السلوك الديمقراطي من جهة اخرى ليس من ورائها إلاّ فئة ارتبطت مصالحها الضيقة بهكذا توجهات وقد تكون هي ذاتها ضحية افكارها المنغلقة على ذاتها , وإلاّ فأن الاسلام هو اوسع من انْ يُؤدلج بأطر ضيقة تتحكم فيها مصالح حفنة من السياسيين فضلا عن عدم المنافاة بين تطلعات الانسان الى مجموعة من النظم التي تأخذ بيده الى الفضاء الارحب للحرية والعدل والمساواة وبين تعاليم سماوية لا يشوبها مكر الساسة وألاعيبهم والتي تأخذ هي الاخرى بيد الانسان ايضا جنبا الى جنب مع التوجه الديمقراطي الحقيقي لينهل من المشارب الروحية والاخلاقية الصافية , ولكن أنّى للطواغيت والمستبدين من أنْ يتركوا البشرية تبحث عن خلاصها من مخالب وانياب الوحوش المفترسة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية