الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصلاة شفاء من كل داء

بشار السبيعي

2007 / 3 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعيش اليوم العالم العربي بشكل عام و الإسلامي بشكل خاص في غيبوبة من الجهل والخرافة التي تقتل عقول أفراد المجتمع و تميت مابقي من حياة تنبض في خلايا جسمه وأعضائه. فقد أصبح الفقه و الإعجاز الزائف في الدين الإسلامي الشغل الشاغل لكل من أراد أن يتألق بين أفراد المجتمع و يعرض ماعنده من روائع الفكر ليحظى بالإعجاب و التقدير و التهنئة من قبل قومه. ولم يقتصر هذا التفاخر و التباهي الخالي من معنى أو علم عند أفراد المجتمع فقط، بل أن العدوى أصابت كل طبقات المجتمع العربي و مؤسساته إن كانت خاصة أو رسمية.

كلنا نعرف أن العالم اليوم أصبح كالقرية الصغيرة، فنحن نعيش اليوم في زمن العولمة و التقدم التكنولوجي في كل مجالات الحياة. فالمعرفة عن أي شيء نريد أن نتعلم تفاصيله و قوانينه أصبحت متوفرة لنا بسهولة لم نكن نحلم بها من قبل بضع عقود من الزمن. فهاهي الشبكة الإلكترونية (الإنترنت) تجلب لنا ماطابه الفؤاد والعقل عندنا بأقل جهد أو تعب. كل ماعلينا هو التمني ومن ثم كتابة بضع كلمات لتحديد البحث على موقع (غوغل) على الكمبيوتر و بأقل من ثوان معدودة تظهر أمام أعيننا ماهب و دب من أنواع المعرفة متمثلة بأبحاث علمية و مواقع إلكترونية تفيض علينا من علم لم يحلم أجدادنا به من قبل. ولو أنني وصفت هذا العمل لجدي رحمه الله قبل عقدين من الزمن لكان ليتهمني أني أخفي عنه أنني وجدت مصباح علاء الدين السحري.

خلال رحلتي اليومية لقراءة الأخبار العربية على مواقع الإنترت، أجد ما يجعلني أضحك وأبكي، أحزن وأفرح، أغضب وأسامح، وفي النهاية لابد أن أتأمل. فأنا مازلت عربياً ذو قلب ينبض حباً لوطني ودماً في عروقي يحمل أمالاً لرؤية أُمَتي وهي في طليعة العلم و المعرفة بين حضارات العالم. لكن عندما أجد خبراً كالذي قرأته منذ بضعة أيام على إحدى صفحات هذه المواقع يُرَوِجُ الجهل و يحاول تغلِيفهُ في إطار العلم و الطب الحديث، ليرفع من شأن الدّينْ الإسلامي و يُظهِرُ إعجازٌ زائِفْ بعيداً عن الحقائق العلمية و الطبية، أتعجب كيف لعقول تُؤمِنُ و تُصِدقُ خرافات و أكاذيب من هذا النوع أن ترتقي إلى مستوى النقد الموضوعي البَنّاء لتعرف الصواب من الخطأ!!

ذلك هو الخبر بعنوان " أداء المسلم لصلاة الفجر يقيه من أمراض القلب" ، أورده بكامله هنا ليتسنى للقارىء إستيعاب الطرح لأعود لكم بما يشغل فكري عنه:

" ظهرت نتائج دراسة علمية حول أمراض القلب و تصلب الشرايين أجرتها جمعية أطباء القلب في الأردن أن أداء صلاة الفجر في موعدها المحدد يومياً، خير و سيلة للوقاية من أمراض القلب و تصلب الشرايين، بما في ذلك إحتشاء عضلة القلب المسببة للجلطة القلبية و تصلب الشرايين المسببة للسكتة الدماغية.
وأكدت الأبحاث العلمية و الطبية أن مرض إحتشاء القلب، وهو من أخطر الأمراض، ومرض تصلب الشرايين وإنسداد الشريان التاجي، سببها الرئيسي هو النوم الطويل لعدة ساعات سواء في النهار أو الليل.
حيث أن الإنسان إذا نام طويلاً قلت نبضات قلبه إلى درجة قليلة جداً لاتتجاوز 50 نبضة في الدقيقة. و حينما تقل نبضات القلب يجري الدم في الأوعية والشرايين والأوردة ببطء شديد، الأمر الذي يؤدي إلى ترسب الأملاح و الدهنيات على جدران الأوردة و الشرايين، و بخاصة الشريان التاجي و إنسداده. و نتيجة لذلك يصاب الإنسان بتصلب الشرايين أو إنسدادها مما يؤدي إلى ضعف عضلة القلب و إنسداد الشرايين و الأوردة الناقلة للدم، من القلب وإليه، حيث تحدث الجلطة القلبية.
و شددت نتائج الدراسة على ضرورة الإمتناع عن النوم لفترات طويلة بحيث لاتزيد فترة النوم على أربع ساعات، حيث يجب النهوض من النوم وأداء جهد حركي لمدة 15 دقيقة على الأقل، و هو الأمر الذي يوفره أداء صلاة الفجر بصورة يومية في الساعات الأولى من فجر كل يوم. !! "

طبعاً كالعادة المتبعة في صحافة الإعجاز الإسلامية، كاتب الخبر لم يرى من الضرورة ذكر أسماء الأطباء الذين أشرفوا على هذه الدراسة الفاخرة ولم يكترث إلى سرد التفاصيل العلمية المتبعة في الصحف الغربية لنشر خبر علمي من هذا النوع. فعدد المرضى الذين شاركوا بالدراسة، أو النسب المئوية التي أوصلت إلى هذه النتيجة المذهلة لاتهمنا من شيء، فنحن لسنا من الضرورة لمعرفة تلك الحقائق العلمية ولابحاجة لنا أن نقرأ البحث العلمي الكامل عن هذه المعجزة الإلهية لنعرف الحق من الباطل. كل مايريده منا صاحب الخبر أن نعرف ماهي فوائد صلاة الفجر لقلوبنا المصابة بتصلب الشرايين!!

سألت صديقي الطبيب الذي يعمل في إحدى مستشفيات جنوب فلوريدا عن مصداقية خبر من هذا النوع بعد أن أطلعته عليه، فضحك ثم قال " هذا بعيد عن الصواب. فكل العاملين في المجال الطبي يعرفون أن الأشخاص المصابون في أمراض القلب يوصف لهم أدوية معينة لتخفيف نبضة القلب في حالات الجلطة القلبية تدعى (Beta- Blockers)، ومهمة هذة الأدوية هي المساعدة على تخفيف نبضات القلب وحاجته للأوكسجين"!!!

فكيف لجمعية أطباء القلب في الأردن أن تربط الوقاية من مرض القلب بتأدية صلاة الفجر؟ أليس من الأفضل لو أصدرت تلك الجمعية دراسة علمية تقول أن التمارين الرياضية اليومية بشكل عام يساعد على الحماية الكاملة للإنسان من جميع الأمراض و خصوصاً أمراض القلب و تصلب الشرايين و بما أن الصلاة في الإسلام بشكل عام تتطلب جهد بدني في تأديتها و ذلك يعتبر نوع من التمرين الجسدي فهي أيضاً تساعد على الوقاية من تلك الأمراض!

ولكن كيف لصاحب الخبر أن يُعظِّمَ من شأن الإسلام وعظمة ذلك الدين إلا بإشاعة أكاذيب من ماهب و دب من فوائد تأدية الطقوس في الدين الإسلامي ومعجزات تلك الطقوس التي تعود بمنافع علينا لم نكن نعرفها من قبل!!

يقول الكاتب و المفكر الأمريكي دانيل دينيت في كتابه " كسر السحر" ( Breaking the Spell )، أن "الإنسان عبر التاريخ إنتقل من ديانة الأجداد إلى الديانة الوثنية و من ثم إلى الديانة التوحيدية، وأصبح يستعمل معظم قدراته العقلية لتطوير و تجديد هذه الديانة لتلائم الفكر العصري" مايقصده دانيل أن الإنسان مع مر الزمان والعصور يبقى متشبثاً بخرافاته الدينية و يعمل على صَقلِها و إعادة صِياغَتِها لتواكِبُ العصر الذي يعيش فيه. هكذا أصبحت عقول المسلمين تغفو في غيبوبة الجهل و الخرافة و تعيش لتصنع من ديانتها إعجازًُ تلو الأخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah