الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لكم ثقافتكم و لنا ثقافتنا
عبدالله المدني
2007 / 3 / 21العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من لم يقرأ في حياته نصا روائيا راقيا أو قصيدة حب حالمة، و انشغل بقراءة الكتب الصفراء وقصص أهل الكهوف و المغارات و أساطير القرون الغابرة، فحتما ستكون ثقافته الأدبية مختلفة.
ومن لم يحضر في حياته عملا مسرحيا إبداعيا، و اكتفى بعروض مجالس النميمة و القيل و القال و الخوض في أعراض الناس و أنسابهم، فمن الطبيعي أن تكون ثقافته المسرحية مختلفة.
ومن لم يشاهد في حياته من الأفلام السينمائية سوى أفلام الغزوات التاريخية المليئة بقعقعة السيوف و نحر الرقاب و سبي النساء، فمن الغريب ألا تكون ثقافته السينمائية مختلفة.
ومن يحرم الغناء و العزف و ترديد قصائد الحب الملحنة، مكتفيا في أحسن الأحوال بسماع أناشيد الجهاد و الغزو، فمن المستحيل ألا تكون ثقافته الغنائية مختلفة
و من لم يسطر في حياته مقالا علميا أو أدبيا أو سياسيا رصينا ، و حصر قلمه في كتابة مقالات البذاءة و الشتم و التحريض و الإقصاء، فلا بد أن تكون ثقافته القلمية مختلفة.
ومن لم يزر من الأماكن الفسيحة في العالم سوى بيت جدته أو خالته، فلا بد أن تكون ثقافته الجغرافية و معرفته بالشعوب و الأقوام و البلدان و الثقافات مختلفة.
ومن لم ينجز في حياته أي عمل أو بحث أو مشروع إنساني و اكتفى بمراقبة الناس و التدخل في خصوصياتهم و تكفيرهم، و الانشغال "بمثنى و ثلاث و رباع" فلا بد أن تكون ثقافته الاجتماعية مختلفة.
ومن لم يعرف من ثورة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات سوى إرسال رسائل التهديد و التكفير والتشنيع الالكترونية و الدخول إلى مواقع الفتاوي المهدرة للدماء، فلا بد أن تكون ثقافته الانترنتية مختلفة.
ومن لم يكن يتخيل يوما أن يجلس على مقعد المشرع، و ينعم بالتالي بمزايا الجواز الخاص والراتب العالي و السيارة الفارهة و الحصانة البرلمانية، فمن الطبيعي أن تكون ثقافته القانونية والتشريعية مختلفة.
و هكذا فانه ليس من المستغرب على هؤلاء إن اعترضوا مسيرة الثقافة و الإبداع الأدبي و الفكري و الثقافي و الفني و النقدي في البحرين بهجمة عمياء و ثورة شرسة على الحب و الجمال و الخير و القيم الإنسانية الرفيعة التي يهدف المبدعون، كل في مجاله، إلى نشرها ارتقاء بالذائقة الفنية وتنمية للحس الجمالي و إشاعة للفرح و الحبور. فثقافتهم كما قلنا مختلفة، حدودها أزقة "الفرجان" الضيقة و صفحات الكتب العتيقة و مجالس النميمة و مواقع الجهاد و المسيار الالكترونية، و بالتالي لا يمكنهم أن يفهموا نتاج المبدعين أو يقدروا أعمال المفكرين أو يدركوا مرامي الفنانين أو يستوعبوا جهود الأكاديميين إلا من خلال نظارة سوداء حالكة هي نظارة الخصوصية و الموروث.
و بطبيعة الحال، فانه لا اعتراض إطلاقا على ما ارتضوه لأنفسهم من خيارات. فهذا شأنهم، بل حقهم المكفول في الدستور و الميثاق. لكن حينما يصل الأمر إلى محاولة فرضهم لتلك الثقافة الضيقة على المجتمع بأسره و خاصة في بلد متميز كالبحرين، و مصادرتهم لحريات و حقوق الآخر المشترك في الوطن و المختلف فكرا و ثقافة و رؤية، و تحريضهم ضد ما ارتضاه هذا الآخر لنفسه، باستغلال المشروع و غير المشروع من الآليات، فان المسألة يجب ألا تمر مرور الكرام. فهناك دستور وميثاق يحرسه عاهل البلاد و يكفل حق الأفراد و الجماعات في التعبير و الإبداع والاختيار دون تعسف أو إقصاء أو حجر أو هيمنة.
و من هنا قلنا "فلتكن لكم ثقافتكم و لنا ثقافتنا"، و كفى المؤمنين شر القتال، إلا إذا كنتم تعتبرون أنفسكم أوصياء على البشر أو تمنحون أنفسكم صلاحيات لا يملكها سوى جلالة الملك.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال
.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟
.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى
.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت
.. 143-An-Nisa