الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشراً: المادية التاريخية : المشاعة البدائية

عمر أبو رصاع

2007 / 3 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(Primitive Communism)
في البدء كانت المشاعة ، قبل أن يعرف المجتمع الإنساني التقسيم الطبقي كان النظام المشاعي هو النظام المهيمن.
المشاعة حيث لا ملكية ولا تقسيم للمجتمع على أساسها ، وإذ يحلو للبعض أن يجعل من الملكية جزء من الطبيعة البشرية الكامنة فإن ما يؤكده التاريخ الإنساني يتنافى تماماً مع هذا المعطى ؛ ذلك أن وجود المجتمع الطبقي يرجع على أكثر تقدير إلى عشرة آلاف سنة والتي لا تمثل في واقع الأمر أكثر من 1% فقط من تاريخ الوجود الإنساني على الأرض!

نعم إن 99% من تاريخ الإنسان قضاه في ظل المشاعية ، حيث لا ملكية ولا تقسيم طبقي.

ليس هذا لأن الإنسان الذي عاش في ظل المشاعة أنبل وأرقى وأسمى من الإنسان المعاصر بل لأن علاقات الإنتاج أوجدت نوع مختلفاً من المجتمعات ، وبالتالي طبيعة إنسانية مختلفة ، إن هذا مؤشر أساسي لكون رغبات الانسان المتصلة بالتملك ليست غرائزاً متأصلة كما تريد الطبقات المستحوذة على الملكيات والمستفيدة من قسمة العمل أن توحي للطبقة العظمى المحرومة من حقوقها بل هي نتاج هذه القسمة نفسها ، إن علاقات الإنتاج التي يقوم عليها النظام أو التشكيلة الإجتماعية الإقتصادية هي بحق المسؤولة عن تكوين الوعي حتى بجانبه المتمثل بالإمتلاك ورغبات الفرد أو الجماعة بالاستحواذ على عناصر الإنتاج ، إن الحكم بأن هذه طبيعة إنسانية متأصلة لا يعدو كونه تبريراً لسرقة حقوق الآخرين ؛ إنه تحويل لوعي سائد ناتج عن أسلوب الإنتاج إلا قانون مرفوع فوق الوجود المادي وإن كان نابع أصلاً منه ومن أساليب الانتاج فيه، إنما تجده متناسباً مع الرؤية المثالية للمجتمع والتي لا تتجاوز حدود إضفاء الشرعية على الوعي الناجم عن علاقات الإنتاج ، لكن ما دام الانسان قد قضى 99% من عمره الوجودي بدون ملكية فإنه من العبث الإفتراض بأن الملكية غريزة ، وما دام هذا الوعي يتحرك ويأخذ صفة الحقيقة الدائمة بتحرك وتغير علاقات الإنتاج فإن المطلوب من الإنسان المعاصر أن يعي تماماً أن العلة تكمن في علاقات الإنتاج نفسها وأن تغير هذا المنزع ممكناً إن تغيرت علاقات الإنتاج ، فالعلة ليست في النوع البشري فطرية كما يزعم المثاليون بل هي أسلوب الانتاج الذي يشكل وعي النوع البشري بوجوده.
في المشاعة كان الجمع والصيد تقسيم العمل الوحيد ، وكان بين الرجال والنساء لأسباب داخلية بيولوجية تتعلق بعلاقة المرأة البيولوجية بمسألة الولادة وحضانة الطفل لهذا اختصت المرأة بجمع الخضر والنبات وما يلتقط بينما اختص الرجال بالصيد.
الصيد عمل جماعي بطبيعته ولا غنى فيه عن التشارك في الحصيلة ، مادام العمل يمارس بشكل جماعي ولا يمكن ان يقوم به فرد ما وحيداً ، فهو يتطلب التنقل بجماعات والعمل كجماعات.

المرأة كان لها مكانة مهمة فقد طورت مفهوم السكن لارتباطها بالمكان وأيضاً طورت مهارات خاصة بها وافادتها مشاهداتها للطبيعة الزراعية في تكوين مدخل تجريبي أولي للزراعة.
لم يكن هناك حاجة لمؤسسة كالدولة حيث لا وجود لطبقات حائزة أو تناحر طبيقي أو حقوق ملكية ، النزعات الفردية تتخذ تعبيراً جماعياً من خلال القبيلة.
الكبار في السن كانوا يلعبون دوراً هاماً في صناعة قرار القبيلة كانوا رؤساء ، إلا أن سلطتهم لم تأخذ شكلاً مرتبطاً بالملكية فهي مستمدة من الحكمة او الخبرة الطويلة في الحياة.

بشح موارد الصيد والنمو السكاني حصل نوع من الخلل الطبيعي ، ناتج عن كون المتوفر من الصيد أقل من الاحتياج، أدى هذا تدريجياً لزيادة الإعتماد على الزراعة التي بدأتها المرأة حول الكهوف ، في ذات الوقت أدى تباين القدرات بين القبائل على الصعيدين لتفعيل قانون النمو غير المتكافئ [color=#00FF00]law of combined and uneven development [/color]بالتالي أسهم عمل هذا القانون في تطوير التنافس والنزاع .
لقد كانت الجماعات البشرية في الشرق الأدنى اول من أضطر إلى تطوير الزراعة قبل انتقالها إلى بلاد الرافدين والنيل.
واتخذت بداية الزراعة شكل القطع والحرق ثم الانتقال[color=#00FF00] slash and burn cultivation [/color]إذ كانت الجماعة البشرية تتخير الأرض وفيرة العطاء فتقطنها تقطع ما تجود به الطبيعة من غذاء وصيد وتستهلك بمعدل عالي عطاءها ثم تغادرها إلى مكان آخر كان هذا يستغرق وقتاً قياسياً سنتين ثم راح هذا الوقت يتزايد مع تعقد أشكال الحياة فقد تسبب النمط الزراعي عبر الحاجة في تطوير اعمال ارفع تقنية كأعمال الفخار والمعدن وكذلك تطوير اشكال وعمليات التخزين في إطالة مدة الانتقال ثم التحول للاستقرار الدائم ، فإذا كانت طبيعة الصيد قد انتجت تقنيات التخزين الاولية للحوم والأسماك فإن الزراعة طورتها للمزروعات بل وانتجت معها آلات زراعية وفخارية وأيضا طورت ونوعت مصادر الغذاء وزادت تداخله، كذلك استئناس وتربية والحيوان.
التخزين جعل التنقل أمراً متعذراً باستمرار بالتالي نشأت القرى قرب مصادر المياه
وظهر التبادل المادي (المقايضة) بين القبائل القروية.
انتقال القبيلة إلى الزراعة وتطلب الزراعة للحماية بسبب النهب من القبائل الأخرى أنتج مفاهيم القتال بين الجنس البشري في هذه المرحلة بدأت المرأة تفقد حقوقها، وتعمقت سلطة رئيس القبيلة واصبح شبه ملك ومجلس الحرب أو المقاتلين المميزين صاروا يتمتعون بمنزلة ارفع في القبيلة.

هل كان الانسان متوحشاً بطبيعته؟
علماء انسانيات مثل ليكي بينوا ان الانسان ليس عدوانيا بطبعه لكنه يجد نفسه مرغم على ذلك عندما يكون هناك ما يقاتل من اجله النزاع من اجل البقاء جاء مع شح الصيد أولاً والرغبة بالحماية ضد ضواري الطبيعة قبل ان ينشأ الصراع على الموارد الطبيعية بين القبائل المختلفة مع الشح النسبي لتلك الموارد ، ودخول الزراعة كطريقة انتاج للغذاء بحيث لم يعد الحصول على الغذاء عمل صيد او إلتقاط بل صار عمل انتاجي فيه اسلوب في انتاج الغذاء.إن الصراع كان صراعاً من أجل البقاء قبل أن يتطور إلى صراع على الانتاج .
بدأ المعدن يحتل مكانة مرموقة امام الحاجة له وأخذ البرونز والحديد الأهمية تباعاً كأكثر شيء له قيمة مقبولة عالمياً وقابلة للاستعمال في تحقيق المبادلات والحصول على ما يريده الانسان بالتبادل .
عند هذا الحد من التطور تتوقف المشاعة حاملة معها وفي رحمها بذور فنائها ، كان لاضطرار الانسان للزراعة دور محوري في التحول الجذري في نمط حياته وبدأت الجماعة البشرية تأخذ شكلاً أكثر استقراراً وارتباطاً بالجغرافياً وتحديداً بالأرض كذلك تعقدت وسائل الانتاج بتقدم الزراعة نفسها وما يتصل بها من أدوات انتاج وحيوانات مستأنسة.
يتبع


لمتابعة الحلقات الكاملة للماديتين

http://www.mi3raj.com/vb/
أو
http://www.rezgar.com/m.asp?i=479








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا