الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إهداء لرئيس عنصري حاقد يتجاهل تاريخ بلاده - تاريخ الأمازيغ المنسي: شيشنق أمزوار: الأمازيغي الليبي الذي حكم مصر

عبداللطيف هسوف

2007 / 3 / 28
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



تحدث الأنتروبولوجيون اعتمادا على كتابات وجدت بمنطقة الكرنك المصرية عن غزوة كبيرة، أرضا وبحرا، وجهت ضد مصر، أيام حكم منفتان الأول (Menephtan 1er). وقد كان يشترك في هذا التحالف الهجومي الإغريق من الجهة الشرقية والأمازيغ من الجهة الغربية لوادي النيل، وكان الزعيم القائد للأمازيغ هو مارمايون (Marmaion)، إلا أن هذا الغزو باء بالفشل ليحتفل الفرعون بنصره. لكن الأمازيغ الليبيون لم يتوقفوا عن تهديد مصر السفلى، ما جعل المصريين يسجلون معلومات عن هؤلاء الجيران الخطرين (الليبيون أو المشوش) طيلة حكم العائلة التاسعة عشر والعائلة العشرون.
بعد وفاة بزوسينيس الثاني (Psossenes II) سنة 950 ق. م، استولى شيشنق (Cicnnaq) على الحكم بمصر الفرعونية وأسس لملك الأسرة الثانية والعشرين. وقد أعطى الشرعية لملكه بتزويج ابنه أسورقون (Osorkon) من الأميرة ماكار (Makare) ابنة بزوسينيس الثاني المتوفى، كما جعل من ابن ثان له قسيسا أكبر لمعبد آمون بالتيبيس، وأسس عاصمته بوباستيس وثبت دعائم ملكه بإقطاع أراضي دلتا النيل لرجال من قبيلته. وبذلك بدأ عهد فيودالية جديد بمصر، وبدأ بذلك العام الأول للسنة الأمازيغية سنة 950 ق. م. الذي يوافق اعتلاء البربر لعرش مصر الفرعونية.
يعود أصل شيشنق إلى قبيلة المشوش الأمازيغية. ويرجح الباحثون أن المشوش، وهم من أصول بربرية، سكنوا المناطق الشمالية من الصحراء الليبية، وأن ديارهم كانت تمتد غربا حتى المناطق التي تمثل تونس الحالية. وقد أشار إليهم هيرودوت، مؤرخ اليونان الكبير، بأنهم يقيمون إلى الغرب من بحيرة تريتونيس. لكن، مع بداية الأسرة الثامنة عشرة المصرية، بدأ المشوش يتجمعون حول حدود مصر الغربية طلباً للإقامة الدائمة حول دلتا وادي النيل. ومن خلال الرجوع إلى الوثائق التي تشير إلى الحروب التي دارت بينهم وبين المصريين، يتضح أن المشوش كانوا يرغبون في الاستيطان بمصر، ذلك أن الزحف الأمازيغي من تونس وليبيا لم يتوقف لسنوات متتالية، واستمر النزوح دون أن يستطيع الفراعنة كبح هذه الهجرة. ورغم أنهم فشلوا في الوصول إلى دلتا النيل عن طريق الحرب، إلا أنهم استطاعوا الاستقرار في الكثير من مناطق مصر سواء في حاميات الحدود أو بانضمامهم إلى الجيش كجنود مرتزقة. لذا أصبح الجيش المصري ابتداءً من الأسرة العشرين يتكون من الأمازيغيين دون سواهم. وكان ملوك مصر في ذلك الوقت يقدمون لهؤلاء الجنود هبات من الأرض كأجور لهم، مما أدى إلى تكون Diaspora عسكرية أمازيغية بمصر. وقد وصل بعض العناصر من المشوش إلى مناصب هامة في البلاط الملكي، وإلى مراكز القيادة في الجيش. ونتيجة لتعاظم سلطان كهنة طيبة المصريين، استدعى الفراعنة جيوشهم من الأمازيغ ضد هؤلاء الكهنة وأعطوهم أراضي إضافية مقابل ذلك، سيؤدي إلى نماء جاههم وتعاظمت مراتبهم، فكانت الفرصة سانحة لشيشنق ليستولي على نظام الحكم، خاصة بعد زواج ابنه بإحدى الأميرات المصريات.
إذن، فبمجرد وفاة آخر ملوك الأســرة الفرعونية الواحدة والعشرين، استطاع المشوش بقيادة الملك شيشنق الأمازيغي تكوين الأسرة الثانية والعشرون التي حكمت مصر قرابة قرنين من الزمان. وقد ميز الأمازيغ المشوش أنفسهم عن الفراعنة المصريين من ناحية المظهر، فتركوا لحيهم على خلاف المصريين وارتدوا ملابس غير مصرية، وتزينوا بريشتين وبذيول الحيوانات جعلوها أحزمة لهم، كما يظهر من الرسومات المصرية... ولكنهم سرعان ما أقلموا أنفسهم مع النظام الثيوقراطي، فسيطروا على السلطة الدينية والدنيوية على غرار الفراعنة...
لا يعتبر ملوك الأسرة الثانية والعشرين غزاة جدد، حيث أن أكثر النظريات شيوعا تقضي بأنهم سلالة الأسرى، وأحيانا مستوطنين متطوعين أعطوا حق الإقامة مقابل خدمتهم في الجندية. وربما يكون ما دفع القبائل الأمازيغية للنزوح نحو وادي النيل مجاعة عمت موطنهم الأصلي. ومعظم ما نعرفه عن هذه القبائل نستمده من النقوش التي وجدت في معبد سرابيوم منف الذي اكتشفه أوجوست مارْيِت عام 1850م. وعلى غير المتوقع، لم يُعثر في معبد سِراپيوم منف على نقش واحد لملوك الأسرة الحادية والعشرين، بينما كانت آثار الأسرة الثانية والعشرين هي الغالبة، من ضمنها لوح حجري منسوب إلى شخص اسمه حَارْپْسون يتتبع فيها نسبه عبر ستة عشر جيلا إلى جد أمازيغي يسمى بويو واوا . وبالرغم من أن حَارْپْسون الذي عاش في نهاية حكم الملك شُشِنْقْ الرابع كان يعتبر نفسه مجرد كاهن للإلهة تانيث، إلا أنه يَعُّد في أسلافه أربعة ملوك متعاقبين، كل منهم ابن لمن سبقه، أولهم هو شُشِنْقْ الأول، مؤسس الأسرة الثانية والعشرين وأهم أفراد عشيرته، فهو أول من ذُكر في نقش طويل وُجد في أبيدوس عندما كان لا يزال يعرف بلقب زعيم المِشْوِشْ العظيم ، أمير الأمراء جاء في النقش أن أبوه نِمْرَات ابن السيدة مِحِتْمِوَاسْكْهِ - كلاهما ذكرهما حَارْپْسون - قد مات فطلب ابنه شُشِنْقْ إلى الملك الحاكم وقتذاك أن يسمح له بأن يقيم في أبيدوس طقسا جنائزيا يليق به، وأن الملك والإله (مؤكد أنه أمون) قد منحاه موافقته. وفي الغالب أن الملك المذكور هو سوسينيس الثاني سابع وآخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين.
عدد من أبناء الملك شيشنق معروفون، و يبدو أنه أسند إليهم مناصب تثبت من أركان حكمه. يتحدث لوح حَارْپْسون عن كَارَعْ ومَاع باعتبارها زوجة شُشِنْقْ وأم أُسُورقون الأول، إلا أنها أحيانا ما يشار إليها بأنها مُحبة الإله. أما الإبن الثاني فهو نِمْرَات الذي عرف بكونه رأس الجيوش كلها وزعيما عظيما للأجانب، وأيضا بأنه ذو أصل نبيل، كانت أمه پِنْرِشْنَاس بنت زعيم عظيم للأرض الأمازيغية.
كان إيوبوت الابن الثالث لشُشِنْقْ الأول الذي أسند إليه كهانة أمون رَع في الكرنك مخالفا بذلك تقاليد تولي هذا المنصب بالوراثة، وكانت هذه خطوة حكيمة وضعت هذا المنصب الهام تحت تحكم الملك الأمازيغي. كما أن احتفاظ حامل هذا المنصب بلقب قائد الجيوش يوضح لنا أن هذا المنصب كان محفوفا بالمخاطر، حيث لم يعد كبار الكهنة مجرد كهنة، بل أصبحوا عسكريين أيضا.
لا نعرف عن أُسُورقون الأول وخليفته تَكِلوت الأول الكثير، بخلاف أن الأول حكم مصر ستة وثلاثين عاما على الأقل، و أن الأخير حكم ثلاثة وعشرين عاما تقريبا. وتبدأ قصة أُسُورقون في العام الحادي عشر من حكم أبيه عندما كان يعيش في بلدة الهيبة لا تشغله أي طموحات كما يدعي، ولكن، بصفته حاكم مصر العليا ناداه واجبه ليقمع تمردا اندلع في طيبة، فتوقف وهو في طريقه إلى هناك في شمون (الأشمونين) ليزور إلهها تحوت وأمر بإصلاح بعض الهياكل المخربة، وعندما وصل إلى العاصمة الجنوبية استقبلته المدينة بكاملها بالبِشر وخصوصا الكهنة، فاستثب له النظام سريعا وأحرق المذنبين الذين سيقوا إليه، وعيَّن أبناء المسؤولين السابقين في مناصب آبائهم وأصدرت خمس مراسيم تخص معبد الكرنك.
- حكاية الملك شيشنق الأمازيغي واليهود
تولى النبي سليمان عليه السلام المُلك والحكم بعد وفاة أبيه النبي داود عليه السلام حوالي العام 970 ق.م، وفي عهده بدأ تفتت عمل أبيه في وحدة الأسباط الإسرائيلية. وبمجرد اعتلاء النبي سليمان العرش، أمر بقتل "يوآب" أكثر قواد داود خبرة ومهارة. إن ما كسبه سليمان لم يكن بالحرب كما فعل أبوه، بل بسياسته الخارجية المرتكزة على المداهنة والمصاهرة، فنجده قد استنجد بفرعون مصر - شيشنق- وتزوج من ابنته كما تزعم التوراة التي ذكرت الملك الليبي شيشنق. وكانت هدية الزواج التي قدمها الأمازيغي شيشنق لابنته تتمثل في مساعدته لسليمان علـى الانتقام من الكنعانيين وحرق مدينة جـازر.
أدت كثرة الضرائب التي فرضها سليمان على شعبه إلى قيامهم بالثورة ضده بقيادة "يربعام بن نباط" الذي طمع في الحكم. وعندما فشل هذا الأخير في مسعاه، لجأ إلى ملك مصر "شيشنق" الذي رحب به، فكان ذلك سبباً لانقسام بني إسرائيل فيما بعد وبداية لأفول مجدهم وعزهم. عاد يربعام لاحقا إلى فلسطين ملكا على القبائل العشر، بينما كان على سليمان أن يكتفي في نهاية حياته بحكم مملكة يهودا.
كان اليهود يسخرون من مصر التي يسمونها "الهضبة المهشة" ويناوشونها باستمرار بمنطقة البحر الأحمر. إزاء هذا الوضع، أعد شيشنق جيشا من قبائل الليبو والتحمو والمشواش وزحف به نحو سيناء والنقب وكان هدفه ردع اليهود ثم خلع سلطانهم من أرض كنعان المغتصبة. التقي شيشنق في سهول فلسطين بالقائد احاب خليفة سليمان في معركة حاسمة لم يشهد اليهود مثيلا لها في تاريخيهم الحافل بالإنتصارات علي جيرانهم. وفي اليوم التالي شن اليهود هجمة عنيفة مستخدمين حوالي 1400 عربة قتال وعشرات الآلاف من المقاتلين بغية سحق شيشنق الأمازيغي، غير أن الهجوم لم يلبث أن باء بالفشل ليحمل خيالة شيشنق علي ذلك الجيش العتيد حملة مضادة اخترقت صفوفه وبددت شمله في معركة أجبرت فلول اليهود علي التقهقر. وانسحب آحاب خليفة الملك سليمان فارا من ضربات شيشنق العنيفة المتواصلة نحو شمال شرق فلسطين، وما هي إلا أيام معدودات حتى ضرب شيشنق حصاره علي مدينة القدس.
وقد جاء في سفر الملوك الأول أن شيشنق استولي علي مدينة أورشليم "القدس" بعد أن أنزل الهزيمة الساحقة بجيش اليهود وأزال مملكة سليمان وأخذ كل التروس الذهبية. كما احتل شيشنق مملكة يهودا واستولي على كنوز بيت الرب الذي كدس فيه الملك داود ثم ابنه الملك سليمان من بعده كنوزا لا تحصي. إذ تروي التوراة: "وفي السنة الخامسة للملك يربعام، صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها سليمان قبل وفاته، فعمل الملك يربعام عوضا عنها أتراس نحاس وسلمها ليد رؤساء السعاة الحافظين باب بيت الملك".
وقد كانت الغنيمة التي جلبها شيشنق من مملكة بني إسرائيل المهزومة كبيرة جعلت مصر تعيش ما يقرب من قرنين (أي خلال فترة حكم الأسرة الأمازيغية) في ازدهار لم يسبق له مثيل.

===============================
المراجع:
• أندري جوليان، تاريخ إفريقيا الشمالية: تعريب محمد مزالي وبشير بن سلامة ـ الدار التونسية للنشر، النشرة الثالثة تونس 1978 ج1
• أهريشي محمد، بحث في الأصول المشتركة للحضارة الأمازيغية والحضارة المصرية القديمة، منتديات ستار تايمز على الأنترنيت.
• البرغوثي عبد اللطيف محمد، التاريخ الليبي القديم من أقدم العصور حتى الفتح الإسلامي، منشورات الجامعة الليبية، الطبعة الأولى، 1971.
• شفيق محمد، لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغن، دار الكلام للنشر والتوزيع ـ المحمدية ـ المغرب 1989.
• الصديق محمود أبو حامد، مظاهر الحضارة الفينيقية في طرابلس، ليبيا في التاريخ ، الجامعة الليبية ، كلية الآداب 1968 .
• علي يحيى معمر، تاريخ المغرب الكبير ، يناير 1964، مكتبة الأزهر.
• الغرباوي محمد المختار، في مواجهة النزعة البربريّة وأخطارها الانقساميّة، دراسة ـ من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق – 2005
• القشاط محمد سعيد: التوارق عرب الصحراء الكبرى ـ مركز الدراسات وأبحاث شؤون الصحراء ـ الطبعة الثانية (اديتار) كاليري ـ إيطاليا 1989 ص 28
• الكعاك عثمان: البربر ـ سلسلة كتاب البعث ص 101 تونس 1956.
• موقع الإليكتروني ل Wikipedia).


• BENABOU, Marcel - La résistance africaine à la romanisation, Paris, Maspéro, 1976.
• BERTHIER, André - La Numidie, Rome et le Maghreb, Paris, Picard, 1981.
• Bousquet, G. H., Les Berbères ; Paris 1974.
• Brett Michael and Fentress Elizabeth, The Berbers, Collection: The Peoples of Africa, Blackwell Publishers, USA 1996.
• Camps G., Berbères aux marges de l’histoire, Toulouse, 1980.
• Camps G., Les Berbères, mémoire et identité, Paris, Errances 1987.
• Desqnges, J., L’Afrique romaine et Libyco-berbère, in Cl. Nicolet, Rome et la conquête du monde méditerranéen, Vol 2, Paris 1978.
• Encyclopédie Berbère - Aix-en-Provence : EDISUD, 1987, Volume IV.
• LEFEBVRE, Saint Augustin, 354 - 430 : Une africanité en question, in Les Africains, Paris, Ed. Jeune-Afrique, 1978, pp. 73-
• SAINT-QUENTIN, Louis de. 3000 ans avec les Berbères - Paris, Delagrave, 1949.
• SAUMAGNE (Ch.), La Numidie et Rome, Massinissa et Jugurtha, Paris, 1966.
• SIMON M. A., Le Judaïsme berbère dans l Afrique ancienne, in Rev. Hist. et Philos. Fac.; P. Flamand, Un Mellah en pays berbère: Demnate, Paris 1952;
• SLOUSCHZ, Hebraeo-Phéniciens et Judéo-Berbères, Paris 1909.
• TLATLI, Salah-Eddine. - La Carthage punique - Paris, Librairie d’Amérique et d’Orient, Maisonneuve, 1978.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض