الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمرد ضد / التمرد مع : كلنا مُتمردون

هشام السامعي

2007 / 3 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو المُبرر مقنعاً حين يكون الدستور / الثورة / الوطن / الشرعية / الوحدة / وكل هذه الدلالات وربطها بسياج منيع واعتبارها من الثوابت التي يتكفل نظام الحكم بحمايتها .
أعلاه تسميات تفقد أهميتها وتأخذ تحولاً من الجُمل الفعلية إلى الجُمل الاسمية " الشعارات " عندما لا يكون الثابت الأساسي هو الإنسان ذاته , فليس من المُمكن وضع كلمة " الوحدة " في جُملة مُفيدة لايكون المواطن هو الفعل والفاعل والمفعول لأجله .
مايحدث في صعدة حالياً " أو ماحدث سابقاً في الجنوب تحديداً عام 1994م " هو استلاب لقدرة الإنسان على تمييز الأبيض من الأسود واعتبار المواطن اليمني غير راشد ومعاملته على هذا الأساس تحديداً , وفق هذا المبدأ يحاول الحاكم أن يسقط كل تلك الثوابت على شخصه بإعتباره حامي الحِمى ويقفز بطريقة بهلوانية على كل الحواجز التي يمكن أن تعيقه في الوصول إلى درجة التقديس وأعتبار شخصه من ضمن الثوابت التي يُحرم تجاوزها .
يرافق ذلك تسخير بشع لكل وسائل الإعلام , وبطريقة بسيطة جداً لاتكلف سلطة الأمن القومي سوى تعميم بيان على كل وسائل الإعلام تفيد بأن الوطن سيسقط بتآمر بعض المُتمردين والخارجين على القانون , حينها لاتتخيل قط أن تنام وكل خلاياك تفرز الوطنية كأقصى مايمكن ثم تكشتف في الصباح أن اسمك قد أدرج ضمن أعداء الوطن والمتآمرين عليه يساعدهم في ذلك تناقض مُفزع بين مواطن غلبان لايدرك شيئاً مما يحدث ونُخب تخشى أكثر ماتخشاه أن تحاول البحث والتأكد من صحة ذلك الخبر أو كشف الحقائق في حالة وجود حقائق تنفي صحة ذلك الخبر .
لقد آثر رجل وطني مثل علي سالم البيض إلتزام الصمت وهو الرجل الثاني في تاريخ الدولة اليمنية الموحدة كما كانت تردد وسائل الإعلام حينها عندما كانت القوة تتوزع بنسب متساوية بين نظام مدني يمتلك ترسانة عسكرية كونها النظام في الجنوب بعد عقود من الإستعمار وسنين من الحروب وبين نظام قبلي يمتلك إرث يعتبر السلاح قرين الرجل في حله وترحاله , لكنه أكتفى بالصمت بعد أن أكتشف أن كل وسائل الدفاع عن نفسه تسقط من بين يديه الواحدة تلو الأخرى وآمن بأن الصمت هو الخيار الوحيد في واقع لايكلف نفسه طرح أكثر من خيار وفقاً لقاعدة " خياران لاثالث لهما فإما الموت أو الموت أيضاً "
يقال أن " التاريخ لايكتبه سوى الأقوياء " ولذلك نجد أن معظم مانُقل إلينا من تاريخ وموروث ثقافي كانت نبرة القوة هي النبرة الأعلى التي تستطيع أن تُمسك القلم في حالةِ ثورةٍ عارمةٍ لتُسطِر في كُتب التاريخ أن المهزوم هو الشر ذاته حتى وإن كان هو المُعتدى عليه والمقهور في هذه الأرض , قريباً من هذا كان النظام في صنعاء يبني تحالفاته العسكرية تارةً تحت مسمى توفير الحماية للدولة وتارةً أخرى بمسمى القضاء على المتمردين والإنفصاليين والإرهابيين , تسانده سلطات غير مدنية تحمل الطابع القبلي أو الديني التي تشترك معه في مصالح خاصة لاينتابها الخوفّ من رقابة السلطة أو محاسبة القانون فالجميع يتواجد في نفس هذه الدائرة .
هذا التعامل أسس لذهنية الفوضى واستبدال القانون بالقوة في ظل غياب لسلطات الدولة التي يتوجب عليها تطبيق القانون , وهذا ما اعطى الضوء الأخضر لبعض الجماعات أن تُشكل أيضاً تحالفات خاصة بها في وجه النظام ذاته لكي توفر ضمانة لابأس بها في حالة إذا ما أراد النظام التخلي عنها أو تجاهلها لفترة مُعينة ولكي يتوجب عليه أن يُبقي خزانة البنك المركزي مفتوحة بكل خيراتها لهذه الجماعات .
صعدة /الحوثية كانت نتاج ذهنية الفوضى التي أسس لها نظام صنعاء وكما يُقال " انقلب السحر على الساحر " فالجميع يعلم أن تشجيع فرق الزيدية في صعدة إنما كان لغرض الحد من إنتشار " التيار السلفي " الذي كانت تدعمه الجارة السعودية بدافع نشر المذهب " الوهابي " كانت هذه الفرق المذهبية تتصارع بإسلوب الحرب الباردة ووفق مفهوم ضرب الحديد بالحديد كانت النتيجة أن الفرقتين تمردتا على السلطة لكن الحوثية هي التي إستطاعت أن تتوحد تحت جماعة واحدة / راية واحدة / وتُحرج النظام في صنعاء , بينما اِكتفت السلفية بتصدير جماعات صغيرة كان الهدف منها هو ضرب مصالح مُعينة تحت مسوغ محاربة الكُفر وأعداء الإسلام .
هذا مايعطينا تصور يحمل واقعية لابأس بها أن نظام علي عبدالله صالح استغل هذه الجماعات في ضرب أعدائه بسلاحين الأول يحمل طابع ديني وهو جماعات المذاهب " السلفي : الزيدي " والآخر طابع قبلي أيضاً قريب من هذه الجماعات , لكن هذا لايعطينا تصوراً أنه يحمل قدراً لابأس به من الذكاء إذا ماعلمنا أن القاتل والمقتول كلاهما يمنيين , وأن هذه الحرب ينتج عنها خسائر في البُنى التحتية للدولة والدخل القومي وبطريقة همجية يستطيع كبار المسئولين الهروب من شبح هذه الخسائر وتصديرها للطبقات الكادحة التي تعتمد على دخل محدود يتأثر سريعاً بارتفاع الأسعار ويزيد فجوة الفقر إتساعاً .
إذاً ينتج عن ذلك كله أن مفهوم أن النظام الذي يتاجر بأرواح المواطنين يكون من الصعب عليه أن يفكر بتوفير الأمن والأمان لهم أيضاً , وأن الحرب تعني أن الخاسر الأول هو الوطن والمواطن .
لله ثم لما تبقى من كرامة لهذا المواطن قفوا ضد هذه الحرب الهمجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah