الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرافعة اثينا الفصل الاول مغامرة اوربا ونهاية مرحلة 1-1

عبدالله اوجلان

2007 / 3 / 30
القضية الكردية



الفصـل الأول




مغامـرة أوروبـا ونهايـة مرحلـة


يُعبِّر مضمون حادثة خروجي إلى أوروبا عبر أثينا في 9 تشرين الأول 1998 وما بعدها، إفلاساً لوجهة النظر البراديغمائية (paradigma أي النظرية المثلى أوالمثالية) المعاصرة لديّ. ومن الجلي أن عجزي عن تحويل ساحة الوطن إلى قوة تحررية بكل معنى الكلمة رغم كل محاولاتي، وبنيتي الذهنية المحدودة الآفاق والمليئة بالشكوك، والعوائق التي تعترض طريقي في هذا المجال؛ كل ذلك أرغمني على الخروج إلى أوروبا، ممثلة القوة الحضارية المؤثرة. هذه الحقيقة، بمعنى من المعاني، انعكاسٌ لضعف الثقة بالقوة الذاتية. فالتاريخ المعاش، كان يعبّر عن مأزق غائر عميق، سواء ببُعده الزماني أم المكاني. ورغم التطورات الهامة للغاية، والتي حصلت في الشرق الأوسط نتيجة جهودي طيلة قرابة عقدين من الرمن (1979- 1999)، إلا أنها لم تكفِ للمجيء بالحل الدائم لهذه العقدة الكأداء المتعاظمة، تماماً مثلما هي حال المجتمع الشرق أوسطي.

الطريق الأخرى التي تبدت أمامي من الطريقين المرسومتين، هي التوجه نحو "الحرب في الجبال". ولكن، دع جانباً كوني تأخرت في ذلك كثيراً وكون القوات العسكرية مقدسة ونبيلة، عندما رأيتُ كيف يؤدي تَرَدّي وضعها إلى انقلابها لوضع مضاد لما هي عليه، أصبحتْ هذه الساحة وكأنها تنخر في أملي في الوصول إلى حل سهل المنال وقصير المدى. هذا وناهيك عن أنْ تُشكِّلَ القواتُ الموجودة حلاً بتموقعها، بل إن صنارة "مت واقتل" التي تسمَّرتْ فيها الحياة لتنخر في الضمائر وتُعميها، دلَّت مع الزمن على أن الأشخاص يسيرون في وجهة خاطئة أخلاقياً وفلسفياً. ربما كان توجهي إلى الجبال سيسفر عن بعض الإجراءات والترتيبات على الصعيدين التكنيكي- التكتيكي، ولكني كنت أشك في فتحه المجال لإيجاد حل استراتيجي نهائي. كنت أثق بحكمتي المنيعة أكثر، بحيث يختلجني حس وإلهام دائم في ضرورة لعب دوري التاريخي على هذه الشاكلة. ولم تتناقص قناعتي البتة في حاجة المجتمعين الكردي والشرق أوسطي إلى انطلاقات حكيمة شاملة وجذرية، عوضاً عن حل المشاكل بإراقة المزيد من الدماء في هذه الظاهرة. وكنت أتأرجح بين هذين الميلين، وكأن مقاييس الدم، ومقاييس الانفتاح الكبير تتصارع وتتعارك في ذاتي. ولكن لم يراودني أدنى شك في أني كنت سأنهال بالأرجح على القيام بانطلاقة فكرية سياسية شاملة النطاق عندما أرى فرصة ذلك، مهما كانت صغيرة. وأخص بالذكر هنا الانسدادات الحاصلة في القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، والتي كنت أرى من خلالها بوضوح أكبر، عدم جدوى سياسة العنف الأعمى. مما دفعني إلى تحليل "فلسفة العنف" ثانية كضرورة لا مناص منها. كما أن المفهوم العصاتي البليد الذي عانى منه PKK لدرجة صَعُب فيها عرقلته تقريباً، كان يعزز لدي ميولي بهذا الصدد. أما ما كان يتوارى خلف هذه الحقيقة، فهو قناعتي بأن منبع كل المشاكل المعاصرة وسبل حلها هو أوروبا، وأنه لا بد من البحث عن ذلك عن طريقها. وكأنني كنت أنقسم إلى قسمين. وفي نهاية المطاف، فإن إفساح المجال للذهاب إلى أثينا من جهة أخرى، أدّيا إلى الخروج المعروف.

كان من الساطع تماماً أن تلك المجازفة الرهيبة التي بدأت بأثينا ومن ثم موسكو، روما، وأثينا مجدداً، لتنتهي في نيروبي عاصمة كينيا؛ قد تركتني وجهاً لوجه أمام ميلاد جديد. لا يحظى الدفاع عن جوهري ونواياي الحسنة ومساعيّ الحثيثة بأية أهمية هنا بالنسبة لي شخصياً. والمحصلة البارزة للعيان ليست عملية إعدام فحسب، بل وتصليب أيضاً. مثلما بينتُ أعلاه، إن تحميل الذنب على الإدارة التركية فوراً، والعجز عن تحليل الدور الذي أناطه النظام العالمي بتركيا بكل أبعاده التاريخية وبعمق شديد؛ سيتضمن- بلا شك- إخفاء القوى المتآمرة لذاتها مثلما خططتْ له، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة. لهذه العلة عملتُ على شرح ماهية النظام العالمي السائد في مرافعتي التي قدمتها إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية. وقد استهدفتْ مرافعتي تلك كشفَ النقاب كلياً عن واقع الظاهرة أو الكيان الكردي الذي يكاد ينصهر داخل حضارة المجتمع الهرمي والسياق التاريخي. بذلتُ جهودي هذه وأنا على علم ودراية بأن التحليل السليم لقضية ما يشكل نصف الحل. ومثلما لوحظ في عملية غزو العراق مؤخراً، لم تصدِّق محاولاتي تلك على تنبؤاتي المستقبلية بأروع الأشكال فحسب، بل وزادت من فرص الحل وفتحت السبيل أمامها أيضاً. أما أساليب النظام القائم بالصلب أو بالتسمير على صخرة عاتية على غرار طراز بروماتوس، فلم تَكن شبيهة لما جرى في العهود الكلاسيكية أو الميثيولوجية من حيث النتيجة النهائية. فتكريس الشعوب لتطلعاتها في "الديمقراطية العالمية" تجاه "الاعتداء العالمي" للنظام الرأسمالي العالمي، والوصول إلى سبل حل القضية الكردية، قد أصبح أمراً ممكناً.

وتؤكد فترة "السجن الانفرادي في إمرالي" على وجه الخصوص، أنه يمكن حدوث انطلاقة الحل الفلسفي والعلمي التطبيقي تجاه ممارسات التفسخ المعهودة طيلة التاريخ. وذلك ليس لأجل شخصيتي أو الشعب الكردي فحسب، بل وللإنسانية جمعاء. هذا ما معناه أن إلقاء الذنب على ماضيّ برمته أمر خاطئ، وأن حفاظي على المضمون حياً نابضاً ومُحِقّاً إنما يشكل الوجه الآخر للحقيقة. إذن، والحال هذه، يتسم شرحي لبعض الخواص الهامة التي تُكمِل تصريحاتي ومرافعاتي السابقة، بأهمية قصوى. وستكون تجربة فرضياتي النظرية على الظواهر الهيلينية، التركية، الكردية أمراً أكثر إنارة للأمور:








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار