الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تكتشف ذكاء ابنك ؟

فتحى سيد فرج

2007 / 3 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


اتساقا مع المفاهيم التي تم طرحها في المقالة السابقة عن " كيفية التعامل مع أطفال ما قبل المدرسة " يمكننا اكتشاف ذكاء الأطفال من خلال سلوكهم اليومي والحياتي
· فإذا كانت القرارات التي يتخذها طفلك تسمح له بمواصلة نشاطه بشكل تلقائي وذاتي فهو ينمو معرفيا ويتشكل لديه القدر المناسب من الذكاء .
· إذا كان القرار يولد معرفة جديدة فهو تعبير عن ذكاء.
· القرار الذي يتميز بالإبداع والابتكار يعبر عن ذكاء .
· ليس هناك ما يسمى "العمر العقلي أو العمر الزمني" الذي تعتمد عليه اختبارات الذكاء ، ولكن هناك "مقاييس للنمو المعرفي" من خلال خصائص كل مرحلة .
أن أساليب التربية تتعامل مع الأطفال باعتبارهم راشدين في كل الأعمار وقادرين على التفكير بنفس الطريقة منذ الطفولة ، بينما الحقيقة العلمية تقول بأن الطفل ليس رجلا صغيرا بل هو كيان بشرى مختلف تماما في تفكيره وقدراته ، وهو ينمو ويتطور خلال مراحل نموه المعرفي ولا يكتمل نضجه إلا إذا توفرت له شروط النمو المعرف بشكل سليم .
كما أن الاختبارات التربوية تركز فقط على قياس النواحي المعرفية وعلى قدرة التذكر والاسترجاع دون الاهتمام بقياس الفهم والتحليل والقدرة على حل المشكلات ، ولم ينجح التربويون في وضع مقاييس محكمة للاتجاهات أو القيم بنفس الدرجة التي نجحوا فيها بوضع مقاييس للنواحي المعرفية .
أول من وضع اختبارات لمقاييس الذكاء كان العالم الفرنسي " الفرد بينيه" عام 1904 بغرض2 التمييز بين الأطفال الذين يقدرون على التعلم وأولئك الذين لا يقدرون ، وقام لويس ترومان بجامعة استانفورد بتنقيح هذا الاختبار وعرف بمقياس " ستانفورد – بينيه " ولقد قام د . إسماعيل القباني بتعريب هذا الاختبار و أجرى بعض التعديلات عليه .
أما عن منظور التكوين المعرفي فالأمر يتوقف على التعرف على سمات وخصائص التفكير ومدى ملاءمته لمرحلة النمو المعرفي ، ويعتقد بياجيه بأن الطفل لا يمكن أن يقوم بالعمل الذهني إلا إذا كان في وضعية عفوية طبيعية تنسجم مع ميوله وتعتمد على اللعب والتسلية في المراحل المبكرة ، وهو من المدافعين عن الطريقة العيادية في سيكولوجيا الطفل وفى الاختبارات النفسية آتى تختلف عن مقاييس الذكاء لأنها لا ترمى إلى قياس الذكاء بل إلى دراسة العمليات الذهنية التي يتم بها تفكير الطفل ، وهو لا يهتم بالمعطيات الكمية للذكاء بل الكيفية أي كيف يتم تفكير الطفل وكيف تحدث العمليات الذهنية ، ويعتقد في وجود عوامل أساسية لاكتمال النضج المعرفي .
حيث يتضح أن هناك أهمية كبيرة لعملية نضج الخلايا العصبية كشرط لظهور بعض أنواع السلوك ، كما يزداد النضج بالتدريب والممارسة والتجارب والخبرات المكتسبة خلال المراحل المعرفية ، وتلعب التفاعلات والعلاقات الاجتماعية دورا هاما في تطور العمليات المعرفية خاصة من خلال اللغة ، ولكن اللغة في ذاتها ليست المصدر الأساسي باعتبار أن العمليات الذهنية موجودة أيضا عند الصم والبكم ، ويتخلق من تجمع العوامل السابقة توازن ينتقل من البسيط إلى المركب ومن المحسوس إلى المجرد يعود إليه الفضل في تكوين البنيات العليا .
وهذه العوامل تعتبر المفتاح لكل تطور فكرى ، ذلك أن ما نعرفه ينمو فيعلو بنا من مرحلة تكيف حسي مع الوجود الماد إلى مرحلة تنظيم عقلاني ، وذلك عبر أطوار متدرجة ومراحل متكاملة ومتوالية لا تلغى أي مرحلة منها مرحلة أخرى ولكن تستوعبها في نمو مطرد .
التعليم لمصلحة من ؟
قدم د . محمد جواد رضا أستاذ التربية المقارنة في جامعة الكويت إجابة عن هذا السؤال من وجهة نظر الصغار أصحاب الشأن الأصلي في هذه الإجابة . هل المصلحة التعليمية تشتق من حقائق النماء الطبيعي التي لا يجب تجاوزها بأحلام اجتماعية مبررة أو غير مبررة ؟ بعبارة أخرى هل ينبغي أن يكون ولاء المؤسسة التربوية للثقافة السائدة ؟ أم للإنسان الذي يولد في هذه الثقافة ؟
لم يضع العلم بين أيدينا بنية قاطعة على وجود " طبيعة إنسانية " ثابتة أو مشتركة بين كل البشر ، غي أنه من الناحية الأخرى اثبت العلم أن هناك قوانين طبيعية لعملية تفتح الذات عند البشر أجمعين ، وأن فعل هذه القوانين في الناس يعزو إلى كيفية الإدراك الذي يتعامل به الراشدون مع هذه القوانين .
أن هذه القوانين الطبيعية تؤدى وظائفها في البيئة الثقافية التي يوجد فيها الطفل ، وتمثل العملية التربوية الإعاقة الكبرى حيث أنها مرهونة بالولاء للوضع الثقافي وليس للقانون الطبيعي ، وكانت "د. ماريا مونتسيورى " أول من نبه إلى خطر تغليب الولاء الثقافي على الولاء للحقيقة العلمية أو القانون الطبيعي الفاعل في عملية نمو الأطفال ، وقد أفلحت في تأهيل مجموعة من الأطفال المعاقين عقليا وعصبيا إلى اجتياز امتحانات حكومية في اللغة ، وقد صدمها أن بعض الأطفال الأسوياء بدنيا كانوا يفشلون في اجتياز هذه الامتحانات ، لقد راعها كيف تستطيع الثقافة الموروثة أن تفسد عمل الطبيعة ، وكيف يمكن للتلقين الاجتماعي أن يخرب القدرات والابتكارات في كل قادم جديد إلى هذا العالم .
أن التربية التي تقوم على التعليم المباشر غالبا ما تعوق ، بدلا من أن تساعد النمو الإنساني السوي ، فالسنوات الأولى من الحياة تعتبر عديمة الجدوى بالنسبة لنقل الثقافة وعملية التربية ، ولكنها في الوقت ذاته السنوات الأكثر جوهرية لحياة الفرد ، فخلال هذه الحقبة يقع شئ مدهش ومذهل تماما ، تتخلق الذات الإنسانية ويتبلور سلوك الفرد ، فى هذه السنوات يستطيع الطفل أن يتعلم استقلالية التصرف 00 استعمال الأشياء الموجودة فى بيئته المباشرة 00يتعلم أن يمشى 00أن يتكلم 00 أن يفكر وأن يوجه نفسه وبإرادته الخاصة ، كل هذا النمو يتحقق لا لأن الكبار يعلمونه للطفل بل لأن الطفل يخلق قدراته 00 ويخرج هذه القدرات من القوة إلى الفعل .
وكان أول ما استخلصته ووجهت الأنظار إليه هو وجوب فهم ما وقع داخل الطفل من فعل قوانين النماء والتفتح فى الشخصية الإنسانية وضرورة عدم التدخل فى هذه القوانين ، قالت ماريا مونتسيورى : أن كل ما نستطيع فعله هو أن نوفر محفزات النمو ومستلزماته للجنين وإزاحة العوائق التي تمنع من الوصول إلى النتيجة النهائية ، وهى النمو والتفتح الذين هما المهمة البايوفسيولوجية للطفل نفسه 00 مهمته أن يتكون من خلال عمليتي النمو والتفتح إنسانا موجها نحو بيئته متكيفا لزمانه ومكانه وثقافته .
إن كل طفل يولد ولديه عقلا خاصا 00 أي قدرة عقلية خاصة على الاستيعاب والتمثل ، وقد تساءلت مونتسيورى فى كتابها " العقل المستوعب " هل يستطيع راشد أن يقيم بين قوم غير قومه سنة أو سنتين يظل فيها صامتا متأملا ثم يتكلم فجأة لغة أولئك القوم بنطق محكم وتنغيم مضبوط 000أن هذا ما يفعله كل الأطفال فى العالم عندما يتمون عامهم الثاني .
إذا كنا سنعين قوانين الحياة على الفعل فى الطفل فإنه يتوجب علينا أن ندرس الحياة وقوانينها ، وهذا لا يعنى أن نعلمها فقط ولكن لكي نتعلم منها ، أننا يجب أن نتعلم مما يقع لأطفالنا وهم يكونون ميولهم وسلوكهم ، فقط عندما نتعلم هذه الحاجات والميول نستطيع أن نلبيها ، فالأطفال فى مراحل النمو المعرف لا ينسخون ما يقابلهم فى الحياة 000أى لا يقلدون 00 وإنما هم يعيدون بناء الحقيقة فى عقولهم اعتمادا على خبراتهم الخاصة من خلال تفاعلهم مع البيئة .
إن الحقائق الحياتية المعاد بناؤها من قبل الأطفال هي فى بعض معانيها سلسلة فاعليات تصاعدية موجهة لمقاربة حقائق عالم الراشدين ، ولهذا فهي لا تتطابق بالضرورة مع الراشدين ، وبذلك يكون الهدف الأساسي لعملية التعلم والتعليم من المنظور التكويني هو تعلم التفكير وأسلوب حل المشاكل ويكون اللعب كنشاط حر دور رئيسي فى مراحل الطفولة المبكرة حيث يمكن الأطفال من أن يلاحظوا ويفكروا ويكتسبوا المهارات أدراك خواص الأشياء والتدريب عل كيفية التعامل والتفاعل معها .
يجب أن يترك الطفل لكي يكتشف عالمه ويخترع العلم بدلا من قبول نتائجه بشكل سلبي ، ودور المعلم ليس فرض الإجابات الصحيحة ، ولكن دعم سياق التفكير الذاتي وإتاحة الفرص اللازمة حتى يبنى الطفل معرفته ومعاييره بواسطة نشاطه الذهني ، من هنا يكمن الفرق بين نظرية بياجيه والنظريات التي تركز عليها التربية بمفهومها السائد حاليا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة