الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف والاسئلة المقلقة .

أمياي عبد المجيد

2007 / 4 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



لعل مجمل ما يجب أن يخص للمراجعة والتفكير فيه بجدية خصوصا في هذه الفترة التي نتهم فيها بالجمود المعرفي، هو هذا الجانب الدقيق من المسالة الثقافية في حياتنا، والمثقف بالخصوص بصفته النائب الأقرب من غيره إلى تمثلات التراكمات المتعاقبة للإنتاجية الإنسانية الثقافية ، أو ما يسمى" بتخليد الإنسان" ، فهل نستطيع أن نجزم بان مثقفنا استطاع أن يخلد إنسانيته بشكل دقيق يقوم على قوة هذا التصور للتخليد ؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن تفسير واقع الثقافة والتراجع المستمر لقوة عقل هذا المثقف المتجلية بالأساس كأنماط روتينية مملة إلى درجة الرفض، ولماذا اكتسب مثقفنا صفة الكسل ؟! هل هو حقا مثقف كسول لا يحب الاجتهاد؟ أم أن إلحاحه على الاستكانة وتهذيب النفس له دلالة المستريح من حرب فكرية طاحنة جرت أحداثها منذ قرون، وبالتالي بعد اكتشاف ربما هزيمته أمام التيار الجارف الذي تخطاه بسنوات عديدة فضل الصمت بدل المجازفة باقتراف جريمة اسمها التجديد والاستدراك ؟!
إنها بالفعل أسئلة مصيرية تحوم حول الذات المثقفة دون أن نلمس بصيص أمل يؤشر على النهوض بثقافتنا باستثناء بعض المحاولات الفردية التي يشهد لها التاريخ وان كانت للأسف هي محاولات لا تتلقى ما يجب أن تتلقاه من رعاية وأخذها على أساس التعامل، والاستغلال الايجابي بل الأكثر من ذلك هناك أطراف تسعى دائما إلى وأد أي محاولة من هذا النوع .
بين التجديد والتكرار
لعل أبرز ما يتفاعل معه المتفحص ولو بجهد قليل للوضع العام لثقافتنا ، يلاحظ نوعا من التكرار في طرح القضايا وان تغيرت الأساليب التي تصاغ بها مسودات هذه القضايا، والأكثر من ذلك هناك تراجع حتى في أسلوب التكرار هذا ، بمعنى أن المكرر لا يناقش على أساس تنويع الأفكار وإنما إخضاعها لنمطية مقيتة تبعث عن التشاؤم . وفي وسعنا أن نتصور حجم الحيف الذي ستؤدي إليه هذه العشوائية ن وحتى أن البعض كان يعتبر هذا الإسهال في تكرار المواضيع رافدا من روافد تعميق النقاش ، ولكن الواقع يبين عكس ذلك تماما، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن ما قدمه المثقف العربي بشكل خاص لتحديد الأسلوب والمنهجية التي يستجيب بها للقضايا التي نطلق عليها صفة المصيرية . وما جدوى أن نعيد تكرار المعالجة على نسق النمطية التي سبق الإشارة إليها إن لم تقدنا إلى صياغة أرضية جديدة، ومغايرة وان كانت على الأقل محايثة للأرضية السابقة ؟ بلا شك هذا يحيلنا إلى حقيقة واحدة هي تتلخص في استمرارية التخبط في التأويل والطرح .
رداءة الإنتاج
قد تكون الأولوية التي يوليها الناقد إلى إصدار أحكامه بخصوص الإبداع هو جودة المطروح، وتكيفه مع النص على أساس إعادة الصياغة وتبرير الحكم الذي يصدره، وهذه خاصية العمل النقدي الذي يجدي الفهم ويطرح القضايا على أساس معرفة حجم المسؤولية . بيد أن تردي الإنتاج يبعث عن أكثر من تساؤل ولا شيء يحيل في ذلك على أن النقد في العقود الثلاثة الماضية انه أفضى إلى شيء عملي . وفي حوار أجريته مع الشاعر والكاتب السوري الدكتور محمد شادي كسكين العام الماضي كان من ضمن الأسئلة التي وجهتها إليه سؤال يتعلق بحالة الإبداع وتراجع المعارك الفكرية في الوطن العربي وكان جوابه على السؤال معبرا لحد انه لخص في إيجاز عوامل التي تساهم في الإنتاج المتردي وقال بالحرف الواحد : " هناك أسباب عديدة اكتفي بالإشارة إلى أهمها وهي ما يمكن أن نطلق عليه ظاهرة النفاق الثقافي والمحسوبية الثقافية ونفاق النقد وهي ظواهر وسع أفاقها التقارب الإعلامي بين المثقفين فطغت المجاملات على النقد .. وأصبحت العلاقات الشخصية في كثير من الأحيان تحدد نوع الإقرار بالجودة أو الرداءة لنص أو لأخر.. "
طرفين وخطاب واحد
ربما ربط الخطاب الذي يروج في المجتمع من قبل المثقفين مقتصر على تفسير جزئية واحدة تتعلق بدور المثقف في الحياة العامة ، وما يجب على هذا الأخير أن يقدمه وبالتالي دوره ربط بسؤال اعتبر لسنوات انه السؤال المفصلي بين الإنسان العادي أو القارئ الغير متخصص عن باقي المثقفين والذي يكمن في شرح هذه العلاقة بين الطرفين ، ونادرا ما كانت هناك إشارات ولو من حيث الإقرار بأهمية مشاركة المثقف في النهوض بالوضع الثقافي بشكل عام دون الاقتصار على التنظير، واحتكاكه بكل شرائح المجتمع .
في تقديري أن هذا الكبرياء التي أصابت المثقف جعلت من علاقته بالقراء علاقة تحكمها مجموعة من الشروط تتجلى في كيفية التواصل بين هذا المثقف وقارئه ففي دول كثيرة والمغرب واحدة من هذه الدول إذا أراد القارئ أن يحظى بفرصة تواصل بغض النظر عن ماهية هذا اللقاء بينه وبين المثقف يلزمه تقديم جهد جهيد وربما يأخذ منه الأمر أسابيع، حتى يكسر كبرياء المثقف وينتزع منه الموافقة !! أليس هذا غرور مفرط ؟!! وفي حالة إذا تم اللقاء دائما يتمسك هذا المثقف بهيبته كمالك للمعرفة المطلقة والذي يجالسه ويتواصل معه في تلك اللحظة محكوم بتلقي المعرفة منه أو من خاصة مثله ، وبالتالي يبقى المثقف رهين خطاب واحد لا يفهمه إلا المحيط المعرفي الذي يحتك به ( مجالس المعرفة ) بالرغم من وجود طرفين .
إن المنطق الذي لم يجرب لحد الساعة في مقارعة الخطاب الأحادي وتحرير المثقف من عقده التي تمنعه من التحرر الفكري إلى الانفتاح الكلي على مكونات المجتمع ، هو ذلك المنطق الذي يرجع الخطاب إلى ملامسة جوهر الأشياء وحتى يستطيع أن يضع القارئ في صورة واقعية تتيح له التفاعل بايجابية .
*كاتب مغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24


.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع




.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة


.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو




.. حزب الله: مقاتلونا استهدفوا آليات إسرائيلية لدى وصولها لموقع