الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرحكم أبكاني فرحا

فرات المحسن

2007 / 4 / 3
المجتمع المدني


بين الق الألوان المنبعثة كشعاع قوس قزح بحثت عن مقعدي، عن وجهي، عن قلبي الذي يخفق، بهرتني صورة ذاك الجمع. أشعلت في قلبي نار مواقد العالم جميعها.شفيفا كان يومي عذبا، ولكن الصورة أحيت داخلي شيء أخر. هدير وحشد من صبا وشباب يضيء روحي بسحر حارق، يحي مشاعري البعيدة المتضاربة الجذلة.
أعترف أن لهذا السحر الأخاذ طعم أخر جديد يلسع العين بجدته، ليس هو شذا أو عبير بل هو هذا وذاك وروح تفيض بين جوانحي.روح صبي يطلق ضحكاته المجلجلة في شوارع صاخبة. تتلقفه الأيادي فرحة برقصاته الموزونة المتناغمة مع لحن فياض بريقه يسد عين الشمس.قواي الخبيئة تتملكها نوبة هياج من فرح وثاب لا حدود له.فرح خرافي يملأ قلبي.تتلقفني شقائق وفراشات كبيرات بأجنحة ملونة.أسير بين ربوات يصطخب فيها غضب الخضرة يخالطه دوي القلوب.صوتي يطلق أكثر صرخاته فرحا.أرش الجمع بدياجير من زهر.ليس من شيء يجتاح قلبي الآن غير هياج بعيد يتسرب من شفاف موجة تتلقفني... ترجني فأنثر سعادتي فوق الحشد.
أنا هناك في الصورة.ثوبي يحشد ألوان الجمع.خطاي شرعت تتسارع فوق المدرجات.قبلاتي العاصفة تتسور الجموع.أنا هناك بين طيات أخاديد الوجوه وتورد الوجنات وتسارع دقات القلوب.أنا قرب الشيخ الواقف في مقدمة الصورة.أنا اتكأ على سياج السلم.أنا من يرفع اللافتة.أنا من كان يحتضن الطفلة بلون ثوبها الأحمر القاني.أنا الطفل المقعد الذي يجلس فوق الكرسي المتحرك في مقدمة الصورة.
أنا ابكي....أنا الأخر أبكي ...أنهم يبكون جذلا بالفرحة.. أني أحلم...أفرح .. يا ألهي ما هذا الحشد الذي أحيا ليلة العرس الجديدة والمتجددة.
لا أكذب أني أفضح دمعتي الآن. أسكبها فوق الوجوه مثل رذاذ ندى.دمعتي السخية الرقراقة.أكشفها مثل قصيدة معلنة صاخبة وأدعو الحشد للملمتها.فرحا كنت، قلب طفل وجنح فراشة وأغنية مسكونة بدندنة مكنوزة لشوق أبدي لا يعترف بزمان ومكان.
تطرز أحشاء الصورة وحوافها وجوه كالزبرجد البراق، تطالعني رضية منتشية، راحت تبهر ناظري تشاغلني، تمتعني وتستفزني. تمعنت حوافها وجلت بين تجاويف ودقات قلبها.صورة مبهرة تأسرني فأراها فجر يسطع فوق نباتات برية مشعة. ترقرقت دموعي وهي تتمعن صورة ذاك الحشد.
كل هؤلاء هم شيوعيون ؟.
كل تلك الوجوه الشابة النظرة المحلقة مثل عصافير الرب والضاجة بالزهو والتراتيل هم من الشيوعيين؟.
كيف تسنى لهم التجمع تحت ضلال الموت اليومي اللئيم.
ما الذي يجعلهم يتشحون بروح البسالة ويغذون السير من كل فج عميق في بغداد الملتهبة بالنار وصليل الحراب ليقفوا بشموخ وأنفة يرددون أناشيدهم.
ما الذي دعاهم لخرق كل هذا الخوف واللؤم والحقد ليتدرعوا بمهرجان الشجاعة، يختالوا بألوانه البراقة.
أي قلب من قرميد يحمله هذا الطفل وهو يردد بعذوبة صوته السماوي نشيد الخلود، فرح بعيد يضج بالنجوم ويرسم الكركرات بسخاء ألوانه.
هذا البحر المتلاطم يفك طلاسمه من جديد.يعلن أن لا بوار وأن النخلة ما زالت شامخة سامقة.
عشبة مورقة هي كل آذار زاوية ومنعرج وسطوع.هي لآذار برعم الدلالة لحلول ربيع الخصب الخالد.
فضاءة مفضضة تلتمع عارمة.
مزمار الساحر المعلن تنبلج كلماته مثل الأناشيد المقدسة ويتعمق شذاه في القلوب برونق متوهج.

تلك الصورة كانت لحشد الحزب الشيوعي في قاعة ملعب الشعب الرياضي في بغداد.صورة مفزعة لمن ظن الظنون بفناء الوعد.مرعبة لمن أسرف في ظنونه بترمل وترهل من بقي.صورة ملجمة لمن أعتقد بأن الضرع قد جف وبارت الكلمات....صورة عاصفة تفقأ عيون الأعمى على عماها...
صورة ومنظر الحشد المبهر كان وسوف يكون جديرا بأن يذكره ويتذكره الجميع دائما.

لقد أبكاني فرحكم فرحا يا سادة البهجة ويا قلوب الصناديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن يكرم عشرة أشخاص ساهموا في مكافحة الاتجار بالبشر حول ا


.. تقرير للخارجية الأميركية يكشف تفشي ظاهرة الاتجار بالبشر في ل




.. أميركا.. بلينكن يقدم تقرير جهود مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2


.. ترمب: تعرضت للتعذيب في سجن جورجيا




.. المغرب: منظمات حقوقية تطالب بفتح تحقيق دولي في -مأساة- مليلي