الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفداء المسيحى..هل يستوجب عدل الله موت المسيح ؟

ماريو أنور

2007 / 4 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفداء المسيحى ...
فى كثير من الأحيان ينتابنى شعور عميق بخطورة ما أكتبه فى شأن عقيدة معينة ... أو تفكير دينى لآهوتى ... لأنه على حد علمى قد اقتل أو اتهم بالكفر عند المساس بهذه الأفكار أو الأعمدة الرئيسية للدين ... مع ذلك أصر على طرح كل الأفكار ... ورفضى القاطع بتشويه التسلسل الطبيعى للفكر الإنسانى الدينى على حساب إيمانيات تدمر الإيمان نفسه ...
نظرية الفداء المسيحى .. من أسس الإيمان والدين المسيحى على مختلف طوائفه ومراتبه .... ولا يوجد أختلاف بين أثنين على هذه النظرية الشهيرة التى تعبر على نظرة المسيحى لفكرة الفداء الإلهى للبشرية ...
لنستعرض هذه النظرية من جديد .. لتوضيح ما بها من خلل ... أعذرونى أن استمعلة كلمة (( خلل )) مبكراً , لأنى بهذا افصح ما بداخلى باكراً , لكن أسمحوا لى بعرض فكرتى أولاً ...
النظرية تتلخص , بأن الله قد تجسد فى صورة إنسان ليفدى البشرية من الخطيئة الأصلية التى أرتكبها آدم وحواء فى حق البشرية ... و أنابوا بها عن البشرية أجمعين ...!! ....
ومع عدم أستحقاق الإنسان , للكفارة عن ذنبه لمحدوديته ... لأن الله غير محدود , والإنسان محدود , فكيف يكفر المحدد إلى غير المحدود , لذلك وجب على الله فداء البشرية كفارة عنها للإستحقاقية ...
وأسمحوا لى أن أقتبس بعض الجمل من المقالات المسيحية فى هذا الشأن ....
- ((الهدف من فداء الإنسانية هو توحيد العلاقة التي كسرت بالخطيئة....الله يريدنا أن نكون شعبه وأن لا يكون عندنا خطية في حياتنا. خلال الأربع آلاف سنة الأولى أو العهد القديم, الله وفر ضحية مؤقتة للشعب للحصول على مغفرة الخطايا. مرة واحدة في السنة كل خطايا الشعب تكوم رمزيا على معزاة تجر خارج المجموعة. هذه العملية يجب أن تعاد كل سنة. يستمع الكاهن للشعب وهو يعترف بخطاياه. وبعد ذلك يضحي بحيوان ويقدم الدم ككفارة عن خطايا الناس.
المسيح, حمل الله, هو الضحية الدائمة عن خطايانا. دم المسيح يوفر الغفران عن كل خطايانا.
عن طريق إرساله ابنه, المسيح, الله عمل وعدا أو عهدا جديدا مع الإنسانية. فقط إنسان كامل ممكن أن يكون الضحية. يسوع هو الشخص الوحيد الذي توافق مع هذه المؤهلات؛ لقد ولد من غير الخطيئة الأصلية....الله أعاد علاقته مع الإنسان))
..................................
- ((ان المعنى الاعمق في هذا يكمن في انه دون كفارة الله لاجل خطايا البشر,كان لا يمكن لله ان يعمل في محبته ورحمته وعدله في آنٍ لهذا الانسان المخلوق على صورته ومثاله. وقد سقط بسبب او بآخر. وفي رأس هذه القائمة الحرية التي أساء استعمالها فاقتنصها الشيطان لارادته. أي ان آدم الاول مع زوجته أمنا حواء في سقطتهما هذه, قد باعا بكوريتهما وذريتهما للشيطان الرجيم.كما فعل بعده عيسو اخو يعقوب. إذ باع بكوريته هو ايضا. بأكلة عدس. من ثم عاد وطلبها بدموع فلم تعطى له .
لكن في تجسد الكلمة وصيرورته بديلاً عن آدم , فقد سوا القضية بتمامها. إذ نقل الى جسده الكامل بركة النسل الآدمي, وسار بها تلك المرحلة الصعبة وهي حفظ الوصية, التي عجز آدم ونسله عن حفظها, من مياه الاردن الى صليب الجلجثة.)) ... والكثير ... والكثير من هذه المقالات الممتلئة على الشبكة العنكبوتية (( الأنترنت )) .... بعد هذا العرض لنظرية الفداء هلما نستطلع ما بها ....
فى نظر العديد من المسيحيين , ولا سيما الذين لم يطلعوا على الايمان إلا من بعيد , يبدو الصليب وجهاً من وجوه قضية الحق المهضوم و المعاد . فيكون الصليب تلك الطريقة التى تمت بها مصالحة عدل الله المهان اهانة لا حد لها , بتكفير لا حد له ... وهناك نصوص عبادة توحى , على ما يبدو , بأن الايمان المسيحى بالصليب يتصور إلهاً استوجب عدله الذى لا يرحم ذبيحة بشرية , ذبيحة ابنه نفسه . هذه الصورة خاطئة بقدر ما هى منتشرة . فالكتاب المقدس لا يفهم الصليب و كأنه وجه من وجوه قضية الحق المهضوم .
واليك ما كتبه البابا الحالى ( بندكتس ) : (( تأثر الشعور المسيحى من هذه الناحية الى حد بعيد بالعرض الأولى جداً للاهوت التكفير , الذى قام به أنسلمس الكنتربرى ( 1033 – 1109 ) )) . أسألكم ان تنتبهوا الى الكلمات التى استعملها البابا : إنه لاهوتى سيد قلمه . وهو لا يعيد الى بساط البحث نظرية أنسلمس فى حد ذاتها , بل يستعمل عبارة (( عرض أولى جداً للاهوت أنسلمس )) حرصت على الاستناد الى حجة فى علم اللاهوت
هل يستوجب عدل الله موت المسيح ؟
الفكرة واضحة : يقال ان المسيح حل محل البشرية الخاطئة و اخذ على عاتقه العقاب المعد لتلك البشرية , فجعل من حياته ذبيحة تكفيرية . انتبهوا الى جميع هذه الكلمات التى يخشى ان نستعملها من دون ان نكسرها . لابد أن تعاقب البشرية الخاطئة : فنحن امام إله يعاقب . وان كان الله يعاقب , فمن الاكيد أنه لا يعمل ذلك بكل طيبة خاطر , ولا يمكن ان يكون عمله إجراءً اعتباطياً , لأن الاجراءات الاعتباطية هى ميزة من ميزات الطغاة , وليس الله بطاغية . فإن كان يعاقب , فلأن (( عليه )) ان يعاقب , فلأن عدله يستوجب ذلك . والحال ان المسيح حل محل البشرية لتحمل العقاب , اخذ على عاتقه العقاب . و اذا مات , فلا يكون موته من جراء خطاياه هو ( إنه برىء ) , بل من جراء خطايانا . إنه يكفر مكاننا .
وكثيراً ما تستعمل أيضاً كلمة (( تعويض )) . فيقال : لابد من التعويض عن الإهانة التى نزلت بالله . والإكرام الذى رفض الناس بخطاياهم تأديته الى الله , قدمه المسيح البرىء من الخطيئة تعويضاً . تلك هى أهم المفردات التي كانت شائعة فى كتب التعليم المسيحي و كتب العبادة . أراجعها : العدل و العقاب و الاستبدال و التكفير و التعويض .
وكانوا يبررون استعمال جميع هذه الكلمات على الطريقة الآتية : لابد ان يأتى العقاب على قدر الخطيئة . ذلك بأن الله لا يستطيع ان يسكن غضبه إلا إن أنزل العقاب الذى استوجبته المخالفة . ولكن , بما ان المهان هو الله نفسه , فلا يستطيع الانسان ان يعوض تعويضاً وافياً , فإن الله لا متناه و الانسان محدود . فمن المستحيل اذاً ان يلبي عدل الله . ولذلك , جاء المسيح – إنه انسان و لكنه إله – يحل محل الناس ليقدم لله تكفيراً لائقاً به , اى له قيمة لا متناهية . فالمحبة التى يكنها الله للبشر تظهر اذاً فى الحلول محل البشر , الذى ابتكر لتلبية عدل الله .
فالجوهر هو التكفير , و لا يمكن ان يتم التكفير إلا بتعويض يقدم لعدل الله . وهذا التعويض يتخذ شكل العقاب ترضى به الضحية نفسها , ولذلك يدل عليه بكلمة تكفير . انتم ترون ما أصوب قول البابا بندكتس بأن مثل هذا العرض لمعنى موت المسيح هو (( إولى الى حد بعيد )) . وهذا القول غير واف , ولذلك يضيف البابا (( نحول وجوهنا مرتاعين عن عدل إلهى يجرد غضبه القائم رسالة المحبة من كل مصداقية )) .
فكروا : يقال لنا إن الله لا يستطيع ان يغفر للانسان , ما لم يلب عدله أولاً . نستنتج من هذا القول أن الله ليس متناهياً فى المجانية . إنهم يلجأون , فى مرحلة متداخلة من مراحل الغفران , الى (( عدل )) يظهر حتماً بمظهر حد للمحبة . يجعلون فى الله محبة يحدها العدل . ان كان عدل الله يقتضى تعويضاً عن الخطيئة , فهل يبقى مجال للكلام على الغفران بحصر المعنى ؟ فقد يعنى ذلك ان الله لا يستطيع ان يطلق العنان لرحمته , ما لم (( يتأثر )) أولاً . وبذلك نكون قد جعلنا فى الله نوعاً من التنازع بين عدل يميل الى الثأر و محبة ابوية , وتكون المحبة الأبوية محدودة بسبب مقتضى العدل الميال الى الثأر . ويكون دم المسيح الذى أريق فى الجلجثة ثمن دين يقتضيه الله تعويضاً عن الاهانة التى أنزلتها خطيئة البشر فى كرامته .
المراجع

بهجة الحياة وغرخ الإيمان













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سي إن إن تكشف عن فظائع مروعة بحق فلسطينيين في سجن إسرائيلي غ


.. نائب فرنسي: -الإخوان- قامت بتمويل الدعاية ضدنا في أفريقيا




.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي