الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل وخطأ السكين

مهدي النجار

2007 / 4 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على عكس ما هو حاصل في مجتمعاتنا (العربية الأسلامية) من أختناقات في الرأي وأنسدادت في المعرفة وعطالة في تطور الأجتماع، فقد تصاعد إيقاع الحداثة في أجتماع الآخر (الغرب) وأتسع معه مجال المسموح به (الحرية( بحيث تحولت الى ضرب من الفوضى الشاملة تستلب البشر وتسلع عقولهم (تحيل الثقافة الى سلعة

تنتزع المسؤوليات والتسامي من قلوب الناس وإراداتهم وتفتت بعدهم الروحي الخلاق وبذا تحقق بقدر مقلق قول سيمون دو بوفار: (إن حرية إنسان واحد يجب أن تكون أغلى شأنا من موسم القطن) أغلب المعارضين لهذا الموقف وصفوه بأنه (فردوي) محض لأن فقدان هذا الموسم يمكن ان يعني موت الجميع، هذا الموقف يأخذ الحرية خارج تأريخيتها البشرية ومشروطيتها الأجتماعية، أستند الى أساس الفعل الفردي للأنسان وليس الفعل الجماعي أو المسؤول، إن مسألة الفعل الفردي صحيحة في مجال التفلسف (وكذلك التنظير بكل أشكاله) بأعتباره أنتاج فرد وليس انتاج جماعة، الفعل الفردي بما فيه العقلي والبدني، صار له معنى وجودي (إن تفعل وبذلك تخلق نفسك، وبذلك لا تكون شيئا آخر إلا ما تفعله) هذا ما يؤكده جان بول سارتر في معظم آرائه (الوجود والعدم. ف2 ق1) ولكن ما الذي يدفع الناس الى التفلسف وأن يمضوا الى ابعد الحدود في تشغيل عقولهم، تستنتج فلسفة العصور القديمة بأن ما يدفع الناس الى التفلسف هو الدهشة، يقول ارسطو: (ان التعجب هو الذي يدفع الناس الى التفلسف، انهم يندهشون للوهلة الأولى أمام الأشياء الغريبة التي يصطدمون بها، ثم يذهبون شيئاً فشيئاً الى أبعد من ذلك فيطرحون على أنفسهم أسئلة تتعلق باوجه القمر وحركة الشمس والكواكب واخيراً بولادة الكون برمته) من هنا نلمس نتيجة مذهلة: الاسئلة التي تأتي من الاندهاش هي لب الفكر نواة الفلسفة، محرك العقل، بالأسئلة أنفصل البشر الأولون عن المملكة الحيوانية، لا نقع في شطط بالغ إذا عرفنا الأنسان أضافة الى كونه حيواناً سياسياً (أرسطو) حيوان صانع للأدوات (فرانكلين) حيوان أجتماعي (ماركس) نعرفه كحيوان أستفهامي (يجترح اسئلة ويثير إشكاليات) ولكن المعضلة الكبرى في هذا التحديد هو مسالة الحرية التي تطرف في تأجيجها الوجودي كير كجور وجعلها قراراً ذاتياً (الحرية ليست شيئا يحتاج الى برهان، بل هي قراري انا ان أكون حراً) ثم بالغت بها بوفار ـ كما ذكرنا ـ على مستوى آخر من التأجيج وبذلك ألغت الضرورة (قوانين الطبيعة والأجتماع) التي تشير الى إن البشر الأولين كانوا في سائر الشؤون الجوهرية منعدمي الحرية بقدر الحيوانات نفسها لكن كل خطوة الى الأمام في ميدان الحضارة كانت خطوة الى الأمام في أتجاه الحرية وبالعكس. لا يستطيع الأنسان أن يسأل كي يتجه الى الأمام في ميدان الحضارة ما لم تتح له الحرية، الحرية شرط أستظهار الأسئلة، في تراثنا العربي الأسلامي ألغي هذا الشرط وحذف منذ أكثر من عشرة قرون بحد السيف تحت طائلة أجتهاد عسفي لا يشتري العقل بفلس أحمر: من تمنطق فقد تزندق، إلغاء الحرية أدى الى إنهيار العقلانية العربية ـ الأسلامية الكلاسيكية (القرن الرابع الهجري) بعد ان كانت قد شهدت صعوداً رائعاً ومدهشاً حلت ظلامية العصور الوسطى بشكلها المرعب المخيف، عندئذ شلت دهشة الأنسان وأسكتت أسئلته، بات يجتر ثقافته ويكررها، يرقع ويلفق دون ملل أو ضجر عملت المفسدة الأستبدادية (النظم السلالية الشمولية) من خلال منظومتها الثقافية الواسعة، وعبر تاريخها الغابر والمعاصر، الى جعل العقل ضحية ألتباس جائر، أخذته الى اسوأ مسلخ، مسلخ الأكراهات والتكتيمات، مسلخ المستحيل التفكير به، ففي الحين الذي قطعت عنق العقل بسكين المحظور والممنوع، تتأسف قائلة: ولكن هذا ليس خطأي، انه خطأ السكين!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر