الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن أخوة

بولات جان

2007 / 4 / 11
القضية الكردية


نحنُ الشعب الكردي بكل أطيافه و لهجاته و أحزابه و مناطقه و أجزائه و اتجاهاته السياسية و الفكرية أخوة، نشارك نفس المصير و نفس الماضي، نحزن لألام بعضنا و نفرح لمسرات بعضنا البعض، نعود بعد كل الخصومات و المنازعات الداخلية و حتى المعارك الدموية نداوي جراحنا سوياً و ساخرين من الأيام الماضية و تلك العقلية التي دفعتنا للعراك فيما بيننا و الأعداء يتربصون بنا كل حين، نعود إلى بعضنا لأننا أخوة، إن شئنا أم أبينا، هذه الأخوة ليست حكراً على أحد و ليس بمستطاع أحد دحض أو نقض هذه الأخوة لفترة طويلة. فأخوتنا ضاربة بنياطها عمق التاريخ و الجغرافيا و قواسمنا المشتركة التي تجذبنا إلى البعض أقوى و أعظم بكثير من نقاط الاختلاف التي تشكل عوامل ابتعادنا و تفرقتنا. و أكثرية هذه العوامل السلبية من صنع القوى المسيطرة و المستعمرة لكردستان.
كنا أمة على دينٍ واحد، نعيش في جغرافية جبلية خصبة كانت الانطلاقة الأولى لسكنى البشر و الثورة الزراعية و تأليف الحيوان و تشكيل الكيانات الاجتماعية الأولى، الطبيعة كانت ديننا و الشمس تدفئنا و الأنهار تروي أراضينا و بساتيننا المثمرة. لم يكن مستبعداً أن تجذب هذه الأراضي الطامعين من الأقوام و الدول الأخرى و كل منها عملت على غرس التفرقة و إعادة تشكيلتنا بما يلاءم أهدافها و مآربها الآنية أو البعيدة. اختلفنا في الدين و المذاهب و الطرق، و أختلف أعدائنا و تجزأت بلادنا بين الدول المتحاربة حتى بتنا على حالتنا هذه.
نحنُ بالطبع هنا نزيد الطينة بله مع لجوؤنا إلى التحارب فيما بيننا بين الحين و الآخر، و لكن التعاضد و الإحساس بالوحدة و المحبة و التعاون كانت المسيطرة على أرواح الجميع، هذا لا يلغي حدوث بعض النزاعات في نهاية القرن الماضي و نشكر السماء إن الأكراد قد تركوا نزاعاتهم الداخلية أو على الأقل صراعاتهم الدموية مع القرن الماضي و هذاا الأمر يفرحنا و يزيد أمل الوحدة الحقيقية سطوعاً و رونقاً داخل نفوس هذه الأمة الجريحة أبداً.
ليس خافياً على أحد حدوث صراعات و معارك داخلية بين الأحزاب الجنوبية و الأحزاب الشرقية و كذلك بين الأحزاب الجنوبية نفسها و خاصة بين الإسلاميين و جماعة الطالباني و بين الطالباني و جماعة البارزاني و بين هذين الحزبين و حزب العمال الكردستاني. لقد وقع المئات بل الآلف من الشهداء في هذه الصراعات التي لم تخدم في جوهرها القضية الوطنية و الشعبية للأمة الكردية. استهلكت هذه الحروب الداخلية الكثير من قوى الكرد و كان العدو هو المستفيد الأول و الأخير من كل هذه المطاحنات الأليمة. و قد لا نسامح بعضنا البعض على كل هذه الآلام و الخسائر. و كثيراً ما كان العدو أو الأعداء على اختلافهم يدعمون طرفاً ضد طرف أو يستخدمون طرفاً ضد آخر قائلين: "و ليمت كلهم فهم أكراد و لا يستحقون سوى الموت".
قد يأتي اليوم الذي يطلب فيه كل القادة و الأحزاب الكردية -التي تورطت في هذه الحروب- العفو من الشعب الكردي و إجراء مصالحة حقيقية و مداواة الجروح. هذا لا يعني أن لا يكون هنالك اختلاف في الآراء السياسية و الأيديولوجية و الاجتماعية، و لكن هذا الاختلاف لن يتحول إلى خلافات و إلى منازعات و صراعات عسكرية بل سيتم حلها تحت ثقف المجلس أو الكونغرس أو البرلمان الكردستاني أو ضمن أي محفل أو عبر أية مرجعية كردستانية عليا. سيلجأ الكرد إلى التحكم للعقل و للضمير العام و الشعب في حل أي خلاف أو مشكلة داخلية دون العودة نهائياً إلى لغة السلاح للحل الداخلي. سيكون هنالك وحدة كردستانية مع الاحتفاظ على التنوع السياسي و الفكري و الديني. فالأكراد أخوة و لكن ليسوا بأخوة غلاظ و أفظاظ بحق بعضهم البعض و ستكون كلمتهم واحدة مع العالم الخارجي.
الأخوة الحقيقية سترمي بكل الألاعيب و التفرد الذي كان العدو يلجأ إليها لتشتيت الكرد و تفرقتهم و دق إسفين الصراع و النقمة فيما بينهم إلى البحر من غير رجعة.
هذه ليست تمنيات بعيدة عن المنال أو طوباوية كثيراً، بل هي حقائق بديهية يجب أن تكون و ستكون، فهنالك الكثير من المؤشرات الدالة على توجه الأكراد نحو التوحد و ليس العكس. هذا لا ينفي وجود بعض التيارات و الأحزاب و الشخصيات المنفعية التي تحاول إعاقة هذا الأمر ة لكنها شواذ عن القاعدة.
فمنذ سنوات عدة لم يحدث صدام جدي بين الأحزاب و الحركات الكردية التي كانت متصارعة فيما مضى، و لم ينجح القوى الإقليمية إلى جر أي طرف كردي بشكل جدي للوقوف أو أخذ موقف معادي أو سلبي من قوة أو طرف كردي آخر و اسطع مثال على ذلك التصريحات المتكررة من قِبل مسعود البارزاني بأنهم لن يحاربوا أي طرف كردي و خاصة حزب العمال الكردستاني و بأن زمن الاقتتال الكردي قد ولى بدون رجعة و كذلك تصريحات الطالباني التي أدلى بها معاتباً الدول الإقليمية على كونها تعمل على الوحدة فيما بينها و تعيب نفس الشيء بالنسبة إلى الأكراد و كذلك التصريحات المؤكدة من قِبل القائد أوجلان و القياديين الآخرين في الكونفدرالية الديمقراطية الكردستانية التي أكدوا فيها بأنهم سيدافعون عن أي جزء من كردستان و خاصة الجنوب لحماية المكتسبات الكردستانية الموجودة. و ليس خافياً على أحد العمليات الدفاعية و المقاومة النبيلة التي أبداها و يبديها أنصار حزب الحياة الحرة الكردستانية ضد الهجمات الإيرانية و تدخلاتها السافرة في شرقي كردستان و جنوبها و كلنا نعلم جيداً من هو حزب الحياة الحرة و لمن يدين بوجوده و ديمومته و ما هي الأيديولوجية التي يعتنقها.
هل ستكون الوحدة ممكنة بعد كل هذه الحروب و الصراعات و الدماء الكردية التي سالت بأيدي كردية؟ هل سيغفر الكرد لبعضهم البعض؟ نعم سوف يتحد الكرد رغم كل شيء و قد حدث نفس الشيء في العديد من البلدان الأخرى و خير مثال على ذلك نستطيع ذكر الدول الأوربية. فقد حدثت أفظع الحروب و أشرسها و التي استمرت لمئات الأعوام بين الإمارات و الممالك و الدول الأوربية و كان آخرها و أفظعها الحرب العالمية الثانية. و نعرف جيداً بأن الدول الأوربية مؤلفة من قوميات و لغات و مذاهب مختلفة و بعيدة جداً في بعض الأوقات و لكنها عادت بعد كل ذلك و عملت على مداواة جراحها سوياً و قد لعنت جميعها الحروب الداخلية فيما بينها و خطو خطوات جريئة بإقامتها للوحدة الأوربية و إزالة الحدود و توحيد العملة و الجمارك و العلم و الدستور و البرلمان و العشرات من المؤسسات الأخرى الموحدة. و بهذه الوحدة باتت أوربا متقدمة و في قمة الرفاهية.إذاً نحنُ الكرد من دمٍ واحد و لغة واحدة و جغرافيا واحدة و تاريخ واحد فكيف لن نتحد و ليست بيننا حروب كبيرة كما الحال في أوروبا، و لن نخسر بعضاً من صلاحياتنا في الوحدة لأننا لا نملك أية صلاحيات أو مكتسبات دون هذه الوحدة و إن كانت فهي معرضة للتهديد الدائم من قِبل الدول الإقليمية.
و ما يثير الاشمئزاز هو المهاترات التافهة التي يلجأ إليها بعض من يسمي أنفسهم بالمثقفين و المتاجرات الرخيصة بالوطنيات و التهجم ضد أطراف كردية أو قادة كرد ناضلوا لعقود و ضحوا بالكثير لأجل رفعة الأمة الكردية ووحدتها. فكما يقُال بأنهم ملكيين أكثر من الملك فإن بعض المثقفين أو أشباه المثقفين باتوا متحزبين أكثر من الحزبيين أنفسهم. و هذه المهاترات و الاتهامات الساذجة لا تنفع الكرد بمقدار ذرة غبار و لا تنفع إلا الذي يصيدون في المياه العكرة. فالزمن ليس بزمن المهاترات و التشجيع على التفرقة و التنافر بل هو وقت الوحدة و التقارب و ترك الخصام و الخلافات، كون الأمة الكردية مهددة بشكل لا يمكن معه الانشغال بالأمور الثانوية. خاصة أنه هنالك بعض النقاط التي قد يصرح بها الزعماء و القادة الكرد، هذا لا يعني أن يقلده البعض بهدف التملق أو التزلف لهذا أو ذاك الطرف. ولكنهم بذلك يتسببون في تعميق بقايا الخصومات الماضية. فالكرد باتوا ينفرون من هذه الخصومات و الصراعات الداخلية و هم يريدون الوحدة.
حقيقة أننا الكرد نشعر بالغبطة عندما تلوح لنا في الأفق كل ومضة للوحدة و التحالف و التقارب فيما بيننا نحنُ الكرد. نشعر بالأمل مع كل تصريحٍ ايجابي لقائد أو سياسي كردي بشأن القوى و الأطراف الكردية الأخرى. الشعب الكردي يريد الوحدة و ليس سواها، و التاريخ لن يغفر لنا بتاتاً إذا لم نلبي طموح هذا الشعب في الوحدة. و لتكن الوحدة قبل كل شيء لأننا أخوة، و لنكن أخوة متحابين... و لتقر أيعن الشجعان الذين ضحوا في سبيل هذه الوحدة و كلهم أمل بأنا أحفادهم سيحققون الحلم الذي دغدغهم وهم يتأرجحون على المشانق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحرك بالكنيست لمصادرة أموال وممتلكات -الأونروا- في إسرائيل و


.. ألمانيا.. اعتداء على متضامن مع فلسطين من ذوي الاحتياجات الخا




.. الكنيست يصادق على مشروع قانون يحظر عمل الأونروا في غزة والضف


.. كورنيش بيروت يتحول من مكان للتنزه إلى ملجأ لخيام النازحين




.. مصطفى البرغوثي: 7 أكتوبر لم يكن سببا بل نتيجة للاحتلال وللتط